تعريف أصول الفقه ( 2 )

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد النبي الأمي الكريم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد: فقد تكلمنا في الدرس السابق عن : تعريف أصول الفقه بالمعنى اللقبي .
وسنتكلم في هذا الدرس عن : تتمة تعريف أصول الفقه .
يرجى لك عزيزي الطالب بعد دراستك لهذا الدرس أن: [1] تذكر التعريف الثاني لأصول الفقه عند الإمام السبكي .
[2] تذكر المعنى اللقبي لأصول الفقه .
[3] تذكر المعنى الإضافي لأصول الفقه .
[ 4 ] توضح الفرق بين أصول الفقه و الفقه .
[ 5 ] تبين موضوع أصول الفقه .
[ 5 ] تبين فائدة أصول الفقه .
التعريف الثاني لأصول الفقه
وقيل: معرفتها
الثاني: معرفة دلائل الفقه الإجمالية، أي معرفة أحوالها.
ويلاحظ أن تاج الدين السبكي رحمه الله حين أراد ذكر التعريف الثاني قال: « وقيل: معرفتها ».
ولم يُرد التاج بقوله: « وقيل » إلا مجرد بيان أولوية التعريف الأول، وكثيرًا ما يراد مثل ذلك من هذه الصيغة، فالتعريفان كل منهما صواب إلا أن الأول أولى .
هذا: ويقتضي المقام أن أقول: إن لفظ « أصول الفقه » له معنيان: (أحدهما): معناه الإضافي : وهو ما يفهم من مفرديه عند تقييد الأول بإضافته للثاني.
(وثانيهما) معناه اللقبي : وهو العلم الذي جُعل هذا المركب الإضافي لقبًا له، ونُقل عن معناه الأول إليه.
فمن حيث المعنى الأول : نجد أن لفظ أصول الفقه في أصل اللغة قبل أن يُسمى به هذا العلم مركب إضافي، يدل جزؤه على جزء معناه، لكن بعد أن سُمِّي هذا العلم ولُقب به صار مفردًا لا يدل جزؤه على جزء معناه، وصار المضاف والمضاف إليه كالزا ي من زيد، لا معنى له .
التعريف الإضافي لأصول الفقه

حريّ بمن يعرِّف أصول الفقه بمعناه الإضافي أن يذكر تعريف المضاف وهو « أصول » ، والمضاف إليه وهو « الفقه »، وكذلك تعريف الإضافة ؛ وذلك لأن تعريف المركب يتوقف على تعريف مفرداته ضرورة توقف الكل على معرفة أجزائه.
أولا: تعريف كلمة « أصول» : جمع أصل .

الأصل في اللغة : ما يُبنى عليه غيره، سواء أكان البناء حسيًّا أم عقليًّا أم عرفيًّا.
قال الشيخ العمريطى رحمه الله :
فالأصل ما عليه بُني *** والفرع ما على سواه يَنبني
قال الشيخ أبو عبد الله محمد الرعين ي المعروف بالحطاب شارحًا ورقات إمام الحرمين رحمهما الله : (« فالأصل ما بني عليه غيره »؛ أي: فالأصل الذي هو مفرد الجزء الأول ما بُني عليه غيره، كأصل الجدار، أي: أساسه، وأصل الشجرة، أي: طرفها الثابت في الأرض، وهذا أقرب تعريف للأصل، فإن الحس يشهد له كما في أصل الجدار والشجرة، فأصول الفقه : أدلته التي يُبنى عليها.
وهذا أحسن من قولهم: الأصل هو المحتاج إليه، فإن الشجرة محتاجة إلى الثمرة من حيث كمالها، وليست الثمرة أصلًا للشجرة. ومن قولهم -أي: وأحسن من قولهم- أصل الشيء ما منه الشيء، فإن الواحد من العشرة، وليست العشرة أصلًا له.
ولما عرَّف الأصل عرف مقابله -وهو الفرع- على سبيل الاستطراد فقال: « الفرع ما ينبني على غيره » كفروع الشج رة لأصولها، وفروع الفقه لأصوله ).

البناء الحسي بناء الحائط على ا لأساس .

البنا ء العقلي بناء الحكم على الدليل .

البناء العرفي بناء المجاز على الحقيقة .
فكل من الأساس والدليل والحقيقة أصل؛ لأنه بُني عليه غيره من الحائط والحكم والمجاز.

الأصل في الاصطلاح : يلاحظ أن له خمسة معان هي: [ 1 ] الدليل : وهو المراد هنا .

يقال: الأصل في وجوب الصلاة؛ أي الدليل، قوله تعالى: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الحج - 78] ، والأصل في تحريم الزنى: قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء - 32]؛ أي الدليل على تحريمه.
[ 2 ] الراجح .

يقال: الأصل في الكلام الحقيقة؛ أي: الراجح عند السامع هو المعنى الحقيقي لا المعنى المجازي؛ وذلك عند عدم وجود قرينة صارفة .
[ 3 ] القاعدة الكلية .

قوله صلى الله عليه وسلم : « لا ضرر ولا ضرار » ، فهذا القول أصل من أصول الشريعة، أي: قاعدة من قواعدها.
وكما يقال: إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل؛ أي: على خلاف القاعدة الكلية في الشريعة.
[ 4 ] الصورة المقيس عليها .

قولنا: التأفف للوالدين أصل يقاس عليه الضرب في الحرمة بجامع الإيذاء في كل.
وكما يقال: الخمر أصل النبيذ، بمعنى الخمر مقيس عليها النبيذ في الحرمة، والنبيذ مقيس.
[ 5 ] الأصل بمعنى المستصحب .

يقال: الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل في الإنسان البراءة، على معنى أنه تثبت للإنسان براءته، ولا يكون متهمًا حتى تثبت إدانته بدليل.

و يلاحظ أن المعنى الاصطلاحي الأول للأصل -وهو الدليل -: هو المراد هنا عند الإضافة، فيقال: أصول الفقه ؛ أي: أدلته. وهذا هو المتعارف عليه عند الفقهاء والظاهر في قولهم: أصل هذا الحكم من الكتاب: آية كذا، ومن السنة: حديث كذا؛ أي: الدليل.
قال شرف الدين العمريطي رحمه الله :
هاك أصول الفقه لفظًا لقبًا *** للفن من جزأين قد تركبا الأول الأصول ثم الثاني *** الفقه والجزآن مفردان

وجدير بالذكر التنبيه على أن الجزأين اللذين هما « أصول ، و فقه » مفردان من الإفراد المقابل للتركيب لا المقابل للتثنية والجمع، فإن الإفراد يطلق على مقابلة كل منهما، ولا تصح إرادة الثاني هنا لأن أحد الجزأين اللذين وصفهما الشيخ العمريطي وغيره بالإفراد لفظ « أصول » وهو جمع.
ثانيا: تعريف كلمة « فقه » :

الفقه في اللغة : هو الفهم مطلقًا، سواء أكان المفهوم دقيقًا أم لا، وسواء أكان غرضًا لمتكلم أم لغيره.
وهذا هو المعنى الراجح لتعريفه الفقه لغة، قال تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء - 44]، وقال سبحانه: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ} [هود – 91]، وقال جل شأنه: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء – 78] .
وقال الإمام الرازي رحمه الله : هو فهم غرض المتكلم من كلامه، وعليه: فلا يصح أن يسمى فهم لغة الطير فقهًا.
وبمثل ما قال الإمام الرازي قال الإمام أبو الحسين البصري رحمه الله .
وهذا قول مردود بقوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء – 44]، فهذه الآية الكريمة ظاهرة في تسمية فهم ما ليس غرضًا لمتكلم فقهًا.
وقيل : الفقه هو فهم الأشياء الدقيقة فقط ، ومن هنا فلا يجوز أن تقول: فقهت أن السماء فوقنا.
وهذا القول أيضًا مردود للآيات السابقة، ولما قاله أئمة اللغة.

الفقه في الاصطلاح هو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
التعريف اللقبي لأصول الفقه

ينبغي التنبيه على مسألة مهمة وهي: من المعلوم عند أهل العلم أن أي علم من العلوم كعلم أصول الفقه وعلم الفقه ونحوهما قد يطلق على المسائل الكلية التي يُبحث فيها عن أحوال موضوعه، وقد يطلق على إدراك هذه القواعد؛ يعني: معرفتها والتصديق بها، وقد يطلق على ملكة الاستحضار الحاصلة من مزاولة هذه القواعد نفسها، والناشئة عن كثر دراستها، وقد سميت بذلك لاستحضارها القواعد عند غيبتها عن الذهن واستحضارها لأحكام الجزئيات من القواعد، وهذه الملكة تسمّى علمًا.
ولا شك أن كل من يريد أن يعرِّف علمًا من العلوم له أن يختار في تعريفه أي معنى من هذه المعاني الثلاثة ويعرِّف به. وهذا هو السر في أن
أصول الفقه عُرِّف بعدة تعريفات.
فالإمام فخر الدين الرازي رحمه الله اختار المعنى الأول ح ين أراد أن يعرف أصول الفقه قال: أصول الفقه : عبارة عن مجموع طرق الفقه على سبيل الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وكيفية حال المستدل بها.
وكذلك فعل الآمدي رحمه الله حيث قال: أصول الفقه : هي أدلة الفقه وجهات دلالاتها على الأحكام الشرعية، وكيفية حال المستدل بها من جهة الجملة لا من جهة التفصيل.
وقد اختار بعض الأصوليين المعنى الثاني أو الثالث.
قال ابن الحاجب رحمه الله : أما حده لقبًا: فالعلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.
وقال البيضاوي رحمه الله : أصول الفقه : معرفة دلائل الفقه إجمالًا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد.
والدليل على أن تعريف ابن الحاجب والبيضاوي على أساس اختيارهما للمعنين الثاني والثالث : أن لفظي العلم- في تعريف ابن الحاجب ، والمعرفة- في تعريف البيضاوي - يطلقان على كل من التصديق والملكة المذكورة.

وعلى هذا فالاختلاف في تعريف أصول الفقه بالمعنى اللقبي ناشئ عن اختيار من عرَّفه بمعنى من المعاني الثلاثة المتقدمة، وكل من قام بتعريفه، له وجهة سليمة يجب أن تُحترم.
وجدير بالذكر التنبيه على أن هناك من الأصوليين من راعى الاختصار عند تعريف أصول الفقه، فاقتصر على تعريفه بالمعنى اللقبي فقط دون التعرض لبيان معناه الإضافي، فلم يشرح معنى كلمتي « أصول ، وفقه »؛ وذلك لأنهما بالنظر إلى هذا المعنى اللقبي صارتا مهملتين، ولا يدل شيء منهما على جزء هذا المعنى اللقبي .
وقد نهج هذا النهج الإمام البيضاوي رحمه الله .
وفي الوقت نفسه نجد بعض الأصوليين قد راعى الإطالة، وتعرض لبيان معنى أصول الفقه الإضافي، فشرح لفظي « أصول ، وفقه » باعتبارهما جزأين من أجزاء هذا المعنى المركب، والذي تتوقف معرفته على معرفة أجزائه، فلكل من الفريقين نظرة سديدة، ووجهة طيبة، وكلهم والحمد لله مصيب.

الفرق بين اللقبي والإضافي من وجهين: أحدهما : أن اللقبي هو العلم، والإضافي موصل إلى العلم.
الثاني : اللقبي لا بد فيه من ثلاثة أشياء: [ أ ] معرفة الدلائل.
[ ب ] وكيفية الاستفادة.
[ جـ ] وحال المستفيد.
وأما الإضافي فهو الدلائل الخاصة.

هذا: ويجب التنبيه على خمسة أمور: ( الأول ): أن التاج رحمه الله في تعريفه أصول الفقه راعى المعنى اللقبي ، لكنه لاحظ المعنى الإضافي أيضًا، حيث عرف الفقه بعد ذلك تتميمًا للفائدة.
( الثاني ): الفرق بين العلم والمعرفة: الكثير في لفظ العلم : أن يتعلق بالنسب، ومن ثم يتعدى إلى مفعولين، ويكون معناه التصديق فيقال: علمت أن الله واحد ، أي صدقت بوحدانيته .
وقد تتعلق المعرفة بالنسب فتتعدى إلى مفعولين، ويكون معناها التصديق فيقال: عرفت أن الله واحد؛ أي: صدقت، ويتعلق العلم بالمفرد، ويكون معناه التصور فيقال: علمت محمدًا؛ أي: تصورته.
أما المعرفة فالكثير فيها أنها تتعلق بالمفرد، فتتعدّى إلى مفعول واحد، ويكون معناها التصور، فيقال: عرفت المسألة، أي: تصورتها.
ولعل السر في أن الإمام البيضاوي رحمه الله عبَّر في التعريف بلفظ « المعرفة » دون لفظ « العلم » : هو أن المسائل الأصلية نوعان: أحدهما : ما يُقصد لذاته كمسائل علم الكلام ، وهذه يجب أن يكون دليلها قطعيًّا فيكون التصديق بها على سبيل القطع لا الظن.
ثانيهما : ما يكون وسيلة للمسائل العلمية كمسائل علم الأصول ، وهذه يكفي فيها -على الصحيح- الدليل الظني، فيكون التصديق بها أعمّ من أن يكون قطعيًّا أو ظنيًّا.
ولما كان لفظ العلم عند البيضاوي لا يطلق إلا على القطع، ولفظ المعرفة يطلق على التصديق الشامل للقطع والظن، عبَّر بلفظ المعرفة المناسب للمسائل الأصولية التي لا يشترط فيها عنده أن تكون قطعية.
أما من يرى أن المسائل الأصولية لابد أن تكون قطعية فهو يُعبِّر بلفظ « العلم ».
والمراد من المعرفة: مطلق الإدراك الشامل للتصور والتصديق، لكن بعد إضافتها إلى الدلائل -المراد منها: المسائل والقواعد الكلية- يخرج التصور، لأن المعرفة تعلقت بالنسبة ولم تتعلق بالمفرد.
الثالث: « دلائل » جمع دليل .

الدليل في اللغة : يطلق على ما يستدل به، فهو بمعنى المرشد عن الشيء والكاشف عنه، كما يُطلق على الدالّ نفسه الذي نصب الدليل.
ويلاحظ أن التقي السبكي في كتاب « الإبهاج » قال: (لو قال « البيضاوي » أدلة، لكان أحسن؛ لأن «فعيلًا» لا يجمع على «فعائل» إلا شاذًّا) اهـ .
وأقول: في كتاب « تاج العروس »: (دلائل جمع دليل أو دلالة) اهـ.
وقال ابن مالك في « شرح الكافية »: (وأما « فعائل » جمع « فعيل » من هذا القبيل، فلم يأت في اسم جنس فيما أعلم، لكنه بمقتضى القياس لعَلَمٍ مؤنث كـ « سعائد » جمع « سعيد » عَلَم على امرأة). اهـ.

الدليل في الاصطلاح هو: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
وبناء على هذا التعريف يكون الدليل شاملًا القطعي المفيد للقطع، والظني المفيد للظن.

الأول: قولنا في الدلالة على حدوث العالم: العالم متغير، وكل متغير حادث، فالنتيجة: العالم حادث.

الثاني: الغيم الرطب الموصل بصحيح ال نظر في حاله إلى ظنّ وقوع المطر.
على أن هناك بعضًا من الأصوليين كالآمدي والإسنوي ذهبوا إلى القول بتخصيص القطعي باسم الدليل، والظني باسم الأمارة.
(الرابع): قوله « دلائل الفقه » هو جمع مضاف، وهو يفيد العموم، فيعم الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، وح ينئذٍ فيحترز به عن ثلاثة أشياء: أحدها : معرفة غير الأدلة، كمعرفة الفقه ونحوه.
الثاني : معرفة أدلة غير الفقه ، كأدلة النحو والكلام .
الثالث : معرفة بعض أدلة الفقه ، كالباب الواحد من أصول الفقه ، فإنه جزء من أصول الفقه ، ولا يكون أصول الفقه ، ولا يسمى العارف به أصوليًّا ؛ لأن بعض الشيء لا يكون نفس الشيء.
فدلائل وهو جمع مضاف إلى الفقه، وقد أفاد العموم، يكون المعنى: جميع أدلة الفقه ، وعليه فيكون شاملًا للأدلة المتفق عليها كالكتاب والسنة، والمختلف فيها كقول الصحابي، وشرع من قبلنا .
(الخامس) المراد من الأدلة الإجمالية: الأدلة الكلية، وإنما سُمّيت إجمالية لأنها تُعرف على وجه الإجمال دون التفصيل.
وبالجملة: فالأدلة نوعان: [ 1 ] أدلة كلية : و هي التي لا تدلّ على حكمٍ معيّن .

مطلق أمر ومطلق نهي.
[ 2 ] أدلة جزئية : وهي التي تدل على حكم معين .

قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة -43] وقوله تعالى: {وَلَا تَق ْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء:32] .
ولما كانت الأدلة الجزئية غير محصورة وداخلة تحت الأدلة الكلية كان البحث عنها في غير علم الأصول الذي لا يُبحث فيه إلا عن أحوال الأدلة الكلية فقط.
الفرق بين أصول الفقه والفقه
[ 1 ] أصول الفقه : عبارة عن المناهج والأسس التي تبين الطريق وتوضحه للفقيه الذي يجب عليه أن يلتزمه في استخراج الأحكام من أدلتها، ويرتب الأدلة من حيث قوتها فيقدِّم القرآن على السنة ، والسنة على غيرها، ونحو ذلك.
أما الفقه : فهو استخراج الأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية مع التقيد بهذه المناهج، وأن مثل علم الأصول بالنسبة للفقه كمثل علم المنطق بالنسبة لسائر العلوم الفلسفية ، فهو ميزان يضبط العقل ويمنعه من الخطأ في الفكر.
[ 2 ] موضوع أصول الفقه هو: الأدلة الإجمالية من حيث ما يثبت بها من الأحكام الكلية.
فالأصولي يبحث في القياس وحجيته، والعام وما يقيده، والأمر وما يدل عليه وهكذا، بينما موضوع الفقه هو: فعل المكلف من حيث ما يثبت له من أحكام شرعية.
فالفقيه يبحث في بيع المكلف وإجارته ورهنه وصلاته وصومه ونحوها؛ وذلك لمعرفة الحكم الشرعي في كل فعل من هذه الأفعال.
[ 3 ] أصول الفقه يستمد مباحثه مما يلي: [أ] اللغة العربية ؛ حيث إن كتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قد وردا باللغة العربية ؛ لذا فإن الأصولي يعمد إلى بعض القواعد اللغوية ، ويتناولها بالبحث؛ لأن معرفة دلالات الأدلة اللفظية من الكتاب ، والسنة ، وأقوال أهل الحلّ والعقد من الأمة تتوقف على معرفة موضوعاتها لغة من جهة الحقيقة والمجاز ، والعموم والخصوص ، والإطلاق والتقييد ، والمنطوق والمفهوم ، وغير ذلك، مما لا يعرف في غير علم العربية .
[ب] القواعد الشرعية التي توضح مسالك الشريعة ومقاصدها بعد استقراء نصوصها ومراعاة أنواع المصال ح التي اعتبرها الشارع في تشريعه .
[ج] علم الكلام وذلك لأن بعض المسائل الكلامية لها صلة بالأدلة الشرعية ، كإثبات أن ما بين دفتي المصحف كلام الله تعالى ، وكإقامة البراهين على كون القرآن الكريم منزلًا على النبي صلى الله عليه وسلم لكي يقوم بتبليغه إلى الناس حتى لا يكون لهم حجة بعد البلاغ.
أما الفقه فإنه يستمد مباحثه من الأدلة الشرعية كالكتاب والسنة والإجماع والقياس .
[4] الغاية من أصول الفقه تطبيق القواعد الكلية على الأدلة التفصيلية لاستنباط الأحكام الشرعية العملية منها، أو الموازنة والترجيح بين آراء الفقهاء في المسائل الاجتهادية.
أما الفقه فالغاية من دراسته هي الفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة، والذي لا يكون إلا بامتثال الأوامر واجتناب النواهي.

من هذه الفوارق يتضح لنا الفرق بين الأصولي والفقيه : فالأصولي : ينظر إلى الأدلة التفصيلية لا ليستنبط منها الأحكام الشرعية، بل ليضم بعضها إلى ا لبعض الآخر الذي يجانسه ويماثله .
فيجمع الآيات التي ورد فيها أمر من الشارع -مثلًا- ويضم بعضها إلى بعض، وينظر فيها نظرة إجمالية، فيرى أن الأمر إذا ورد مجردًا عن القرائن أفا د الوجوب، وإلا فعلى حسب القرينة ، ومن ثم فيُقعِّد قاعدة يقول فيها: أمر الشارع إذا خلا عن القرينة أفاد الوجوب.
وهكذا في جانب النواهي، والعموم والخصوص وغيرها.
أما الفقيه : فينظر في الأدلة التفصيلية نظرة تفصيلية لا إجمالية، فينظر في كل دليل على حدة، ويستخرج منه الحكم الشرعي الذي يدل عليه بمعاونة القواعد التي وضعه ا الأصولي .
فينظر -مثلًا- في قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة:43] فيجد أنه أمر مجرد من القرائن قد ورد من الشارع، وينظر في القواعد الأصولية، فيجد الأصوليين قد قرروا أن أمر الشارع المجرد عن القرينة يفيد الوجوب، فيستدل الفقيه على وجوب الصلاة بهذه الآية فيقول: قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أمر من الشارع مجرد عن القرينة، وكل أمر ورد من الشارع مجردًا عن القرينة يفيد الوجوب، فقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} يفيد الوجوب، ونحو ذلك.
موضوع أصول الفقه
اختلف العلماء في موضوع أصول الفقه: [1] فقيل: إن موضوعه الأحكام الشرعية من حيث ثبوتها بالأدلة، وهي الأحكام التكليفية من الوجوب والحرمة والندب والكراهة والإباحة ، والأحكام الوضعية من السببية والشرطية والمانعية ، والصحة والفساد .
و نُسب هذا القول إلى بعض الحنفية .
وهذا القول ضعيف؛ لأن الأدلة أكثر وأهم، وهي المقصود من علم الأصول ، ولا شك أن الأدلة هي أصل الأحكام، ومن ثم وجب أن تكون هي موضوع الأصول .
[2] وقيل: إن موضوعه الأدلة والترجيح والاجتهاد ، وإليه ذهب ابن قاسم العبادي رحمه الله .
وهو قول مردود أيضًا حيث إن البحث عن الترجيح بحث عن أعراض الأدلة في حالة وقوع تعارض ظاهري بينهما، وكذلك البحث في الاجتهاد إنما هو باعتبار أن الأدلة الشرعية يقوم المجتهد فقط باستنباط الأحكام منها، وعليه فلا يصلح كل من الترجيح والاجتهاد ليكون داخلًا في موضوع الأصول.
[3] وقيل: إن موضوعه: الأدلة والأحكام ، ونُسب هذا القول إلى الإمام صدر الشريعة من الحنفية ، والإمام الشوكاني رحمهما الله ، وهو قول ضعيف كسابقيه.
والراجح : أن موضوع أصول الفقه هو: الأدلة الإجمالية من حيث إثبات الأحكام الكلية لها، ليتوصل بذلك إلى كيفية استنباط الأحكام الفقهية من أدلتها التفصيلية ، وهذا هو رأي الجمهور .

فعلم أصول الفقه لا يُبحث فيه عن الأحكام ، وإنما يبحث عنها ويحتاج إلى تصورها لإمكان إثباتها أو نفيها؛ ذلك لأن الأدلة الشرعية الكلية هي المقصودة بالبحث من حيث إثباتها للأحكام .
أما البحث في الأحكام وكونها تكليفية أو وضعية ، والبحث عن متعلقاتها وهي الحاكم والمحكوم عليه -وهو المكلف- والمحكوم فيه -وهو فعل المكلف- فيكون من باب الاستطراد، ويكون ذكرها على أنها توابع لمسائل العلم، لا أنها من موضوعه، حيث إن الأحكام ثمرة الدليل ، وثمرة الشيء تكون تابعة له، وواضح أن تابع الشيء لا يكون له من الأصالة مثل المتبوع.
فائدة أصول الفقه
يلاحظ أن تدوين أصول الفقه جاء نتيجة الحاجة إلى تنظيم الاجتهاد ، ورسم الطرق السليمة الصحيحة للاستنباط ، وذلك أنه حين ضعفت المدارك وفسد الاجتهاد ، وادعى الاجتهاد من ليس له أهل ، أخذ التدوين في هذا الفن طريقه، وتمت له العناية الكافية حتى صار من العلوم ذات المكانة العظيمة، وما يزال العلماء جيلًا بعد جيل يواصلون الاشتغال به حتى بلغ الذروة.
وإنما اهتم العلماء به كل هذا الاهتمام لأن له فوائد عظيمة هي: [ 1 ] أنه يعطينا القدرة على استنباط ال أ حكام الفقهية من أدلتها التفصيلية، وذلك لأن الشخص الذي لا يعلم القواعد الأصولية يكون غير قادر على استنباط الأحكام من الأدلة.
وهذه الفائدة خاصة بالمجتهد ؛ لأنه متى كان عالمًا بأحوال الأدلة الكلية مثل علمه بأن الأمر المجرد عن القرائن الصارفة يفيد الوجوب، وأن النهي كذلك يفيد التحريم، استطاع أن يستنبط وجوب الصلاة -مثلًا- من قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ، وتحريم الزنا كذلك من قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى} .
وأنا أبين كيفية استنباط المجتهد للحكمين السابقين من الآيتين المذكورتين فأقول وبالله التوفيق: حينما يريد المجتهد أن يستنبط حكم وجوب الصلاة من الآية السابقة يأتي بالدليل الجزئي الدال على شيء معين وهو وجوب الصلاة ، ويجعله مقدمة صغرى لقياس من الشكل الأول، وكبرى هذا القياس القاعدة الأصولية فيقول: أقيموا الصلاة أمر: (دليل جزئي).
والأمر للوجوب: (قاعدة أصولية).
أقيموا الصلاة للوجوب: (النتيجة).
وكذلك الأمر بالنسبة لتحريم الزنا : لا تقربوا الزنا نهي: (دليل جزئي).
والنه ي يفيد التحريم: (قاعدة أصولية).
لا ت قربوا الزنا للتحريم: (النتيجة).
[ 2 ] هذا العلم يعطينا القدرة على الموازنة بين أدلة الأئمة لتطمئن النفوس إلى ما قلدت فيه من الأحكام.
فهذا العلم يجعل المقلد الذي درسه : على بينة مما فعله إمامه عند استنباط الأحكام، فإن المقلد متى وقف على طرق الأئمة وما ذهب إليه كل منهم بالنسبة لتلك القواعد الأصولية اطمأنت نفسه إلى مدرك إمامه بالنسبة للحكم الذي قلده فيه، فيدعوه ذلك إلى الطاعة والامتثال، وتكون عنده القدرة التي تمكنه من الدفاع عن وجهة إمامه فيما استنبطه من الأحكام .
[ 3 ] أنه يعطينا القدرة على استنباط الأحكام الشرعية بواسطة القياس ، أو الاستحسان ، أو الاستصحاب ، أو المصالح المرسلة ، أو غيرها، للوقائع التي لم يرد نص بحكمها استنباطًا صحيحًا.
[ 4 ] أنه يعتبر وسيلة كبيرة لحفظ الدين ، وصون أدلته وحججه عن طعن الطاعنين، وتشكيك المخالفين، وتضليل الملحدين، ويمكّن من الرد على قول بعض المعتزلة : « لا حجة في أخبار الآحاد »، وقول النظام : «الإجماع والقياس ليسا بحجة»، وقول بعض الحشوية : « إن في القرآن ألفاظًا مهملة لا دلالة لها على شيء بالكلي ة»، وقول الهشامية : « لا دلالة في القرآن على حلال ولا حرام ».
فهذا الكلام الباطل لا يمكن لأحد أن يرد عليه إلا إذا كان على دراية كاملة بهذا العلم الذي ليس له نظير عند أمم الأرض قاطبة.
وبعد: فهذه فوائد علم أصول الفقه ، ولا يماري فيها أحد.

وإن قيل: إنه لم تعد هناك حاجة إلى دراسة علم الأصول بعد القول بإغلاق باب الاجتهاد ، بمعنى أن علم أصول الفقه يفيد قطعًا حيث يوجد الاجتهاد ، فإذا ذهب الاجتهاد لا تبقى لهذا العلم فائدة، ويكون الاشتغال به عبثًا لا ثمرة من وراء دراسته.

فالجواب: أن القول بإغلاق باب الاجتهاد قولٌ غير صحيح، فالاجتهاد بابه مفتوح، ولا يمكن لأحد أن يغلقه، والمهم هو توافر شروط الاجتهاد ، فإذا لم تتوافر في أحد لا يقال إن باب الاجتهاد أغلق، ولكن يقال إن الباب مفتوح لكن لم يدخل منه أحد؛ لعدم توافر الشروط فيه.
والظاهر أن القول بإغلاق باب الاجتهاد انتشر نتيجة ادعاء بعض الناس درجة الاجتهاد وهم ليسوا أهلًا لها.
فقال بعض العلماء: إن باب الاجتهاد مغلق؛ لكي يسدّ الطريق على كل من يدّعي هذه الرتبة، وهو ليس أهلا لأن ينال شرفها.
على أن دعوى سدّ باب الاجتهاد لم تُحقق الغرض المقصود منها، بل إنها فتحت على الفقه الإسلامي بابًا ينفذ منه أعداؤه للطعن فيه؛ مرة بالجمود، ومرة أخرى بعدم صلاحيته لتنظيم شئون الحياة، ومن ثم استبدل الناس به قوانين من صنع البشر، وارتضوا حكم غير الله ، وقدموه على حكم الله .

تاريخ الفقه يحدثنا الحديث الصادق بوجود المجتهدين من حين إلى آخر في أماكن متفرقة من العالم الإسلامي ، يحاربون هذه الدعوى ببيان بطلانها مرة، وباستنباط الأحكام الملائمة لعصرهم وبيئاتهم مرة أخرى.
ولو سلمنا جدلًا بأن هذه الدعوى عملت عملها، وكان لها صداها، وأن الأرض خلت من المجتهدين اجتهادًا مطلقًا، فإن فائدة علم أصول الفقه غير قاصرة على هذه الطائفة، أعني: طائفة المجتهدين اجتهادًا مطلقًا.
فهناك ما يطلق عليه مجتهد المذهب الذي يُخَرِّجُ أحكام المسائل على أصول إمامه ، وهناك أصحاب التخريج ، والترجيح ، وهناك الباحثون في الفقه الإسلامي بحثًا مقارنًا ، يذكرون الآراء، ويناقشون أدلتها؛ لتقديم الرأي الراجح على غيره.
وهؤلاء جميعًا لا غنى لهم عن معرفة أصول الفقه ؛ لأنه ينير الطريق أمامهم، وعلى ضوئه يفهمون ما استنبطه الأئمة المجتهدون ، ويوازنون بين مذاهبهم، ويتعرفون طرائقهم في الاجتهاد ؛ ليتم لهم اختيار أسلم المذاهب وأقواها.
وأقول: إن دارس القانون ذاته بجميع فروعه لا يمكن أبدًا أن يستغني عن أصول الفقه ، وكيف يستغني عنه والقوانين على اختلاف ألوانها واتجاهاتها مشتملة على نصوص متنوعة؛ منها: العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، وواضح الدلالة وخفي الدلالة ، وما يفيد الحكم بعبارته ، أو إشارته ، أو منطوقه أو مفهومه ؟! .
لهذا كان ضروريًّا لمطبِّق القانون أن يكون على علم بأصول الفقه ، ولا طريق إلى علمه إلا بدراسته، والإحاطة بقواعده.
لأنه إذا لم يكن ملمًّا بقواعد الاجتهاد ، وطرق أخذ الأحكام من النصوص -وهي من صميم أصول الفقه ، ولا يوجد لها نظير في علوم القانون باعتراف فقهاء القانون أنفسهم – فكيف يستطيع تقييد المطلق ، وتخصيص العام ، والجمع بين النصوص المتعارضة أو الترجيح بينها ؟ وكيف يميز بين المنطوق والمفهوم ؟ .
ثم ماذا يفعل عندما يحتاج إلى إعمال القياس لضرورة اقتضته، والقياس الصحيح له شروطه المميزة له؟ وكيف يفعل في النص الاستثنائي من القواعد؟ هل يقصره على موضعه، أو يتوسع فيه فيعدي حكمه إلى غير موضعه؟ .
وكل ذلك - بحمد الله - مبين بيانًا شافيًا في علم أصول الفقه ، فإذا لم يكن شارح القانون أو مطبقه ملمًّا بتلك القواعد، فلا يأمن على نفسه الزلل أو السير على غير هدى.
وقصارى القول في هذه المسألة: أن دراسة علم الأصول ضرورية في كل وقت وحين؛ إذ عن طريقه يتكون العقل الفقهي السليم ، والحاجة إليه من أجل معرفة أمور الشرع لا ينكرها إلا مكابر .
[أ] التعريف الثاني لأصول الفقه : معرفة دلائل الفقه الإجمالية، أي معرفة أحوالها.
[ب] حريّ بمن يعرِّف أصول الفقه بمعناه الإضافي أن يذكر تعريف المضاف وهو « أصول » ، والمضاف إليه وهو « الفقه » .
[ج] الأصل في اللغة : ما يُبنى عليه غيره، سواء أكان البنا ء حسيًّا أم عقليًّا أم عرفيًّا ، و في الاصطلاح : له خمسة معان: الدليل : وهو المراد هنا ، و الراجح ، و القاعدة الكلية ، و الصورة المقيس عليها ، و المستصحب .
[د] الفقه في اللغة : هو الفهم مطلقًا، سواء أكان المفهوم دقيقًا أم لا، وسواء أكان غرضًا لمتكلم أم لغيره ، و في الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
[هـ] من الفروق بين اللقبي والإضافي : أن اللقبي هو العلم، والإضافي موصل إلى العلم.
[و] الدليل في اللغة : يطلق على ما يستدل به، فهو بمعنى ، و في الاصطلاح : ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
الأدلة نوعان: [1] أدلة كلية : وهي التي لا تدلّ على حكمٍ معيّن.
[2] أدلة جزئية : وهي التي تدل على حكم معين.
[ز] من الفر و ق بين أصول الفقه و الفقه : [1] أصول الفقه : عبارة عن المناهج والأسس التي تبين الطريق وتوضحه للفقيه ، أما الفقه : فهو استخراج الأحكام الشرعية العملية من الأدلة ال تفصيلية مع التقيد بهذه المناهج .
[2] موضوع أصول الفقه هو: الأدلة الإجمالية من حيث ما يثبت بها من الأحكام الكلية ، بينما موضوع الفقه هو: فعل المكلف من حيث ما يثبت له من أحكام شرعية.
[ 3 ] الغاية من أصول الفقه تطبيق القواعد الكلية على الأدلة التفصيلية لاستنباط الأحكام الشرعية العملية منها، أما الفقه فالغاية من دراسته هي الفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة، والذي لا يكون إلا بامتثال الأوامر واجتناب النواهي.
[ح] اختلف العلماء في موضوع أصول الفقه: [1] الأحكام الشرعية من حيث ثبوتها بالأدلة .
[2] الأدلة والترجيح والاجتهاد .
[3] الأدلة والأحكام .
[ط] الراجح: أن موضوع أصول الفقه هو: الأدلة الإجمالية من حيث إثبات الأحكام الكلية لها، ليتوصل بذلك إلى كيفية استنباط الأحكام الفقهية من أدلتها التفصيلية .
[ي] فائدة أصول الفقه : [1] يعطينا القدرة على استنباط الأحكام الفقهية من أدلتها التفصيلية .
[2] يعطينا القدرة على الموازنة بين أدلة الأئمة .
[3] يعطينا القدرة على استنباط الأحكام الشرعية بواسطة القياس ، أو الاستحسان ، أو غيرها، للوقائع التي لم يرد نص بحكمها استنباطًا صحيحًا.
[4] يعتبر وسيلة كبيرة لحفظ الدين ، وصون أدلته وحججه عن طعن الطاعنين، وتش كيك المخالفين، وتضليل الملحدين .
[ك] دارس القانون ذاته بجميع فروعه لا يمكن أبدًا أن يستغني عن أصول الفقه ، وكيف يستغني عنه والقوانين على اختلاف ألوانها وا تجاهاتها مشتملة على نصوص متنوعة .