في حزيران/يونيو 2025، أصدرت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان (NDMA) تحذيرات بشأن مخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية الناجمة عن أمطار رعدية غزيرة ضربت عدة مناطق في البلاد. واستمرت الفيضانات حتى وقت إعداد هذا التقرير، بينما كانت السلطات تعمل على إجلاء المجتمعات الأكثر عرضة للخطر.
ووفقاً لتقارير الهيئة ووكالات الأمم المتحدة، فقد تسببت الكارثة حتى الخميس 21 آب/أغسطس بإصابة 978 شخصاً، وتدمير أو تضرر أكثر من 2400 منزل، ونفوق ما يزيد عن ألف رأس من الماشية، إضافة إلى مقتل أكثر من 700 شخص.
في المقابل، انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي صور ومقاطع قديمة أو مضللة، جرى تداولها على أنها مرتبطة بهذه الفيضانات أو بأحداث مشابهة حول العالم. ففي 28 آب/أغسطس 2025، نشر حساب باسم “hoo1991.02” على منصة “تيك توك” – ويتابعه أكثر من 65 ألف مستخدم – مقطع فيديو يزعم أنه يصوّر فيضانات في مدينة “شانلي أورفا” التركية، مروجاً لفكرة أن الفيضانات تضرب تركيا وتتجه نحو العراق. ومنذ نهاية آب/أغسطس وحتى أيلول/سبتمبر 2025، واصل الحساب نشر مقاطع مشابهة حصدت ملايين المشاهدات وتفاعلات واسعة.
لقطة شاشة من الحساب
لكن بالرجوع إلى المصادر الرسمية التركية، تبيّن أن آخر فيضانات شهدتها “شانلي أورفا” وقعت عام 2023، ولم تسجل أي فيضانات خلال الفترة المشار إليها، بل على العكس شهدت تلك الأيام ارتفاعاً في درجات الحرارة بحسب بيانات الأرصاد الجوية التركية.
بالتدقيق في فيديو الادعاء، تبيّن أنه مؤلف من خمسة مقاطع دمجها الناشر لتبدو وكأنها حدث واحد، لكنها تعود لأحداث ودول مختلفة. وباستخدام البحث العكسي عبر “عدسة جوجل” والكلمات المفتاحية، جرى التوصل إلى ما يلي:
صورة تبين توزيع الفيديوهات ال5
المقطع الأول:يظهر انجراف سيارات في شوارع كراتشي بباكستان خلال الفيضانات الأخيرة. أقدم نشر له كان على “تيك توك” بتاريخ 19 آب/أغسطس 2025، وتأكّد الموقع عبر مطابقة المباني واللافتات في شارع “شهره فيصل”، إضافة إلى ظهور أسماء مناطق مثل “قائد آباد” و”ملير”.
صورة توضيحية لتحديد موقع المقطع الأول
المقطع الثاني: يصور تدفقاً قوياً للمياه. أقدم ظهور له كان في 19 حزيران/يونيو 2025 على “تيك توك”، ورجّح معلقون أنه يعود إلى أحد السدود في الصين، لكن لم نستطع الوصول إلى مصدره بدقة.
المقطع الثالث: يظهر أشخاصاً محاصرين بالفيضانات في كراتشي. ورغم تعذّر الوصول إلى الناشر الأول، فإن تحليل المعالم كشف أنه صوّر أمام كلية العلوم الإسلامية الحكومية في شارع “نيو إيم إيه جناح رود”، وتطابقت هذه المشاهد مع مقاطع أخرى موثقة من المكان نفسه.
صورة توضيحية لتحديد موقع المقطع الثالث
المقطع الرابع:أقدم من نشره كان بتاريخ 21 حزيران/يونيو 2025 دون وصف، وكذلك وجدنا أن الصوت مركب وهو من مقطع آخر لا علاقة له بالفيضانات. أحد الحسابات شاركت الفيديو وذكرت أنه بالصين، وبالبحث عن مقاطع فيديو أكثر ومقارنة المعالم الجغرافية تبين أنه صوّر في الصين في مدينة تشانغجياجيه على نهر ليشوي.
صورة توضيحية لتحديد موقع المقطع الرابع
المقطع الخامس والأخير: يعود إلى فيضانات اجتاحت مدينة فالينسيا الإسبانية في تشرين الأول/أكتوبر 2024، وحدد موقعه عبر لافتة “Fabrica De Harinas San Jose” التي ظهرت في الفيديو، وهي مطحنة تاريخية قديمة في مدينة فالينسيا.، وهو ما أكدته وسائل إعلام إسبانية في حينه عبر مقاطع مشابهة نشرتها في التوقيت نفسه.
صورة توضيحية لتحديد موقع المقطع الخامس