close
الكويت

استمرار الاستهداف الممنهج لأفراد مجتمع البدون

9/09/2025

يتابع مركز الخليج لحقوق الإنسان عن كثبٍ تدهور أوضاع مجتمع البدون (عديمي الجنسية) في الكويت. لقد حُرموا من حقوقهم الإنسانية الأساسية لفترة طويلة منذ استقلال البلاد عام ١٩٦١. إنهم مستقرون في الكويت، التي يعرفونها جيداً كبلدهم الوحيد، ومع ذلك تُصنفهم الدولة الكويتية على أنهم “مقيمين غير شرعيين”.

في أوائل عام ٢٠٢٤، نشرت صحيفة القبس خبراً عن نية الحكومة حل موضوع البدون وتسهيل مسارٍ قانوني لتجنيسهم إن أمكن. بالرغم من ذلك، فقد تلقينا مؤخراً، نحن في مركز الخليج لحقوق الإنسان تقارير موثوقة، تفيد بأن السلطات الكويتية تستهدف حالياً البدون بشكل متزايد بإجراءاتٍ تسببت لهم في معاناة أكبر.

يواجه مجتمع البدون أزمة إنسانية بسبب إصرار السلطات العليا على حرمانهم من حقهم في الجنسية، وأي شكل سليم من أشكال الهوية الشخصية ووثائق السفر، والحصول على الرعاية الطبية والتعليم والوظائف، بالإضافة إلى الوثائق المدنية مثل شهادات الميلاد والزواج والوفاة.

من جهة أخرى، أجمع الخبراء القانونيون المستقلون على فشل الجهاز المركزي لمعالجة اوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في تحقيق الأهداف التي تم إنشائه من أجلها بموجب مرسوم ٍ أميري في سنة 2010، حيث أخفق بشكلٍ واضح وصريح في معالجة أوضاع الآلاف من أعضاء مجتمع البدون الذين لازالوا يعانون من مصادرة السلطات لحقوقهم المدنية والإنسانية الأساسية.

تُركت مشكلة المواطنين البدون المزمنة دون حل، ويعيش أكثر من 110,000 منهم الآن بدون جنسية حسب تقديرات عام 2014 الصادرة عن إدارة البحوث بمجلس الأمة الكويتي. إن الأرقام صادمة بالنظر إلى أن إجمالي عدد سكان الكويت يبلغ حوالي 1,500,000 مواطن معترف به. كما تفاقمت مشكلة انعدام الجنسية بسبب التجريد المستمر من الجنسية الكويتية لآلاف المواطنين المجنسين منذ العام الماضي. تُشير المادة 17 من قانون جوازات السفر الكويتي رقم 11/1962 إلى إجراءٍ خاص لمنح وثائق سفر مؤقتة للبدون عديمي الجنسية في الكويت. في يونيو/حزيران 2024، علقت السلطات الكويتية إصدار وتجديد هذه الجوازات، باستثناء الحالات الإنسانية المحدودة مثل العلاج الطبي أو التعليم.

كما تخضع جماعة البدون لمراقبة كاملة من قبل الدولة فيما يتعلق بحقوقهم الإنسانية الأخرى مثل حرية التعبير على الإنترنت وخارجه. وثّق مركز الخليج لحقوق الإنسان مؤخراً الحكم الجائر على المدافع البارز عن حقوق الإنسان من البدون، محمد البرغش، بالسجن ثلاث سنوات. يستمر هذا الوضع منذ عام ٢٠١٣، حيث يحتجّ نشطاء حقوق الإنسان من مجتمع البدون سلمياً على الفراغ القانوني الذي يعيشون فيه دون وجود أي حل أو سبيل لمعالجة حرمانهم من الحقوق الأساسية. لقد استُهدف العديد من النشطاء البدون لنشرهم مطالب على شبكات التواصل الاجتماعي لحل قضاياهم، أو لكتابتهم عن الظلم المستمر الذي يواجهونه.

يتابع مركز الخليج لحقوق الإنسان قضية شابٍ من البدون، أُُلغي جواز سفره ووثائقه الأمنية. لقد وُلد ونشأ في الكويت، وكان والده قد خدم الكويت خلال الغزو العراقي. بعد وفاة والده، أخذت الحكومة الكويتية المنزل الذي منحته له وزارة الداخلية سابقاً مقابل خدمته. يواجه هذا الشاب الآن عواقب وخيمة تتمثل في عدم امتلاكه وثائق هوية، وحرمانه من حرية التنقل، وفقدانه السكن الحكومي، وحرمانه من الحصول على الاحتياجات الأساسية، كالرعاية الصحية والتعليم.

إن حرمان أجيالٍ من البدون في الكويت من حقوقهم الاساسية، رغم مساهماتهم الفعالة في خدمة البلاد، وشعورهم الصادق في الإنتماء إليها، أمرٌ مُحبطٌ للذات. كذلك، فإن كل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تُضعف الروح الوطنية، وتضع شرخاً بين شرائح المجتمع المختلفة، وتُعيق بناء مستقبل زاهر لجميع المواطنين والمقيمين بدون أي تمييز يُذكر.

التوصيات

يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة الكويتية إلى:

  1. إعادة النظر في معاملة مجتمع البدون وتسهيل المسار القانوني لتجنيسهم كما وعد المسؤولون سابقاً؛
  2. ضمان حصول كل فرد من أفراد مجتمع البدون على الوثائق والخدمات الأساسية في الصحة والتعليم والتوظيف؛
  3. إطلاق سراح النشطاء المنخرطين في دعم حقوق البدون، وضمان قدرتهم على التعبير عن مظالمهم والطعن لدى المسؤولين دون أي انتقام.