English

*بقلم: عشتار
الصور: قمر الدوعاجي

الاستمناء / الإمتاع الذاتي أو ما يعرف اجتماعياً “بالعادة السرية “هي الاستثارة الذاتية الناتجة عن مداعبة الشخص لأعضائه/ها الجنسية بهدف الحصول على المتعة الجنسية والتي قد تصل إلى مرحلة النشوة (الأورجازم). هذه المتعة تتم بوسائل كثيرة ووسائط متعددة مثل الحك أو التدليك أو العصر أو الإهتزاز، كل هذا للأعضاء الجنسية بالطبع، ولكن من الممكن أن تحدث الإثارة عن طريق مثل هذه الوسائل لأعضاء أخرى غير الأعضاء الجنسية مثل الثديين والجانب الداخلي للفخذ أو في بعض الأحيان الشرج.1 

غير أن الاستمناء يشكل هاجس للكثير من الأشخاص فهو دائما ما يحضر في التساؤلات حول الجنس والجسد سواءً كانت تلك التي نخوضوها مع أنفسنا أم التي نتشاركها مع أصدقائنا أم تلك الموجهة للموجهين والدعاة والداعيات ورجال الدين وأخيراً تلك الموجهة إلى الأطباء وخبراء ومدربي الصحة الجنسية ومنصات التوعية الجنسية.

في هذا المقال نحاول الإجابة على أبرز ما التقطناه من تساؤلات وحقائق وأكاذيب في الخطاب السائد حول الاستمناء.

ما الذي يدفعنا للاستمناء ؟
يوجد في الخطاب الشائع ربط  سببي بين الاستمناء من جهة والفراغ وغياب الأهداف والتعرض للمحتوى الإباحي من الجهة الأخرى، في الحقيقة تختلف وتتنوع الأسباب التي تدفعنا لممارسة الأستمناء، كتحقيق المتعة الجنسية والاسترخاء وتفريغ الرغبة الجنسية غير المحققة وتخفيف التوتر الناتج عن التحديات اليومية، وتحسين نوعية النوم، كما أن الاستمناء قد يخفف من آلام الدورة الشهرية وغيرها.

ولا يرتبط الاستمناء بالتعرض للمحتوى الجنسي/ الإباحي بالضرورة بالرغم من أنه قد يصاحبه، حيث يستكشف العديد الأشخاص ممارسة الاستمناء عن طريق الصدفة فيما يلمسون/ن أنفسهم/ن حتى قبل سن البلوغ، كما تشكل الخيالات الجنسية مادة محفزة للاستمناء.

وقد يستمني البعض تبديداً للشعور بالملل لكن كأي ممارسة جنسية أخرى لا يوجد علاقة بينها وبين الأهداف الشخصية للإنسان فيستطيع الإنسان أن يمتلك ما شاء من الأهداف فيما يستمتع بجسده، غير أن مثل هذه الخرافات تصور هذه المتعة كفعل  أدنى يحط من قيمة الإنسان ويسلبه ميزات عقله وهو ما سنتكلم عنه لاحقا في هذا المقال

هل يسبب الاستمناء أمراض ومشكلات صحية؟
العقم والجفاف ودوالي الخصية وضعف النظر وتساقط الشعر وضعف العضلات وضعف الذاكرة والتركيز والجاثوم وغيرها من الأمراض والمشكلات التي تتردد على ألسنة معلمي المدارس ورجال الدين وبعض الأطباء الذين يفتقرون إلى الأمانة المهنية ، في الحقيقة لا يوجد أي دليل علمي على أن الاستمناء يسبب أي مما سبق، بل لا توجد أي أضرار معروفة للاستمناء، كل ما يتم تناقله يعود إلى خرافات وجدت لتخويف الأفراد من ممارسة إمتاع الذات، فتستند خرافة تسبب الاستمناء بالعقم للرجال مثلاً إلى مغالطة تقول بأن الحيوانات المنوية محدودة وتنفذ في حين لا يتوقف إنتاج الحيوانات المنوية على طول عمر الذكر، أما ما يعرف ب”الجاثوم”- شلل النوم المؤقت وهو حالة يشعر خلالها الإنسان  غير قادر على الحركة أو الكلام لثوان معدودة أو حتى دقائق، و قد يشعر بضغط على جسمه أو بالاختناق، وتحدث عند الانتقال بين المراحل اليقظة والنوم،- فهو يحدث لأسباب مختلفة غير أن الاستمناء ليس أحدها وعلى الرغم من ذلك يستخدم شلل النوم المؤقت ” الجاثوم” لترهيب وتخويف المراهقين من الاستمناء وعلى العكس من الإدعاءات السابقة يعتبر الاستمناء أكثر ممارسة جنسية آمنة ، فيكفي مراعاة النظافة (نظافة اليدين والألعاب الجنسية) لتجنب الالتهابات والعدوات المنقولة جنسياً.

ما هو المعدل/ التكرار “الطبيعي” لممارسة الاستمناء؟
يشيع ايضاً التحذير من ممارسة الاستمناء بحجة أنه يسبب الإدمان إذا ما زادت ممارسته عن حد معين، يذكر البعض صراحةً أن الاستمناء مقبول وصحي فقط عند ممارسته لأجل الحاجة (أي الحاجة لتفريغ الرغبة الجنسية) وعلى فترات متباعدة، فهل يوجد فعلا حد معين لعدد المرات التي نستمني فيها؟

يمارس الاشخاص الاستمناء بمعدلات مختلفة تتراوح بين أشخاص يمارسونه عدة مرات في اليوم أو مرة في اليوم إلى أشخاص يمارسونه على فترات متباعدة أو لا يمارسونه أبداً، يختلف أيضاً معدل ممارسة الاستمناء لدى نفس الاشخاص من فترة إلى أخرى ، كل ذلك طبيعي وصحي ما دام لا يؤثر أو يعيق سير حياتنا اليومية، فقط عندما نلاحظ تأثير سلبي على حياتنا اليومية قد نحتاج لمراجعة ترتيب حياتنا و أولوياتنا وطلب المساعدة من مختص إذا شعرنا بالحاجة لذلك.

الصور: قمر الدوعاجي

هل يوجد شكل / طريقة واحدة للاستمناء ؟
تتنوع الممارسات الجنسية التي تندرج تحت مسمى استمناء، فتختلف الأدوات المستخدمة من أصابع ،أيدي، ألعاب جنسية ،مزلقات الحميمة وغيرها، كما تختلف الوضعيات والتقنيات المستخدمة والجو العام الذي يختار فيه الأفراد ممارسة الاستمناء (المكان والمؤثرات الحسية المحيطة؛ اضاءة، روائح، أصوات، صور وفيديوهات)، كما يمكن أن يكون الاستمناء ممارسة فردية أو مع شريك/ة/اء ، لكن من المهم الاشارة هنا إلى أن الاستمناء في مكان عام وأمام الأخرين دون موافقتهن/م يعد شكل من أشكال التحرش والعنف الجنسي ، وهو يزداد فداحة إذا ما تم استغلال الأطفال فيه أو تعريضهم/ن له، فأياً كانت تفضيلاتنا الجنسية علينا أخذ مفهوم التراضي بعين الاعتبار عند نقلها لتصبح ممارسات 

كيف يؤثر الاستمناء على العلاقات الجنسية مع الشركاء والشريكات ؟
يشكل تأثير الاستمناء على العلاقات الحالية والمستقبلية هاجساً لكثير من الأشخاص، كما يستخدم في الخطاب السائد للتحذير باعتبار الاستمناء خطر يهدد العلاقات مع الشركاء، فيما قد يغضب البعض لممارسة شركائهمن وشريكاتهمن للاستمناء معتبرين ذلك دليلا على عدم رضى هؤلاء الشركاء عن علاقتهمن الجنسية بهمن، فما هي العلاقة بين الاستمناء والعلاقات الجنسية مع الشركاء؟

في البداية علينا الفصل والتفريق، حيث تختلف هاتين الممارستين عن بعضهما البعض، فقد يحب الأفراد المتعة والاسترخاء الناتجين عن ممارسة إمتاع الذات، ويساعد إمتاع الذات على استكشاف مناطق اللذة ما يحسن من تجارب الأفراد الجنسية بمفردهمن أو مع شركاء، كما يعزز الاستمناء مفهوم المسؤولية الفردية عن المتعة واحترام مساحة الشريك/ الشركاء بالقبول والرفض دون ضغط أو ابتزاز عاطفي.

وعلى الجهة الأخرى تتصف العلاقة الجنسية مع شريك / شركاء بشكل مختلف من الحميمة تتطلب معه قدر من التواصل والتركيز لضمان بقائها صحية وخالية من العنف الجنسي وهي ليست بالضرورة سهلة وبسيطة وسلسة كما تصورها المواد الإباحية لاختلاف رغبات وتفضيلات الأشخاص وحضورهم/ن في اللحظة وعليه فهي قد تتطلب مجهود للتحسين وبناء تجربة أفضل. وللاختلافات بين هاتين التجربتين قد تتحقق متع مختلفة في كل من الممارسات المختلفة، وبالاضافة لما سبق، يفضل بعض الشركاء ممارسة الاستمناء المتبادل من وقت إلى آخر لأسباب متنوعة ؛ فهناك شركاء بعيدون مكانياً عن بعضهم البعض، أخرين يبحثون عن ممارسة آمنة دون احتمالات لنقل العدوات الجنسية أو الحمل، البعض يمارسها لكسر الروتين أو لفهم جسد الأخر ومناطق المتعة واللذة وشكل التقنيات المفضلة كما قد تسمح هذه التجربة براحة  ومساحة أكبر للحديث عن الجنس ومشاركة التفضيلات وغيرها من الأسباب.

لماذا يُجرم ويشيطن الاستمناء؟
في ما سبق تحدثنا عن العديد من الأكاذيب المستخدمة لشيطنة الاستمناء فضلا عن تحريمه في ديانات عدة ففي الإسلام مثلا يحرم العدد الأكبر من الفقهاء الاستمناء مع غياب وجود دليل شرعي على هذا التحريم وبالاستناد إلى أحاديث ضعيفة وموضوعة أو آيات وأحاديث لا تدل صراحة على تحريمه ما يدفعنا للتساؤل لماذا كل هذا الرفض والشيطنة؟ 

لا يجرم ويشيطن الاستمناء وحده بالخطاب العام، بل تشيطين جميع الممارسات الجنسية الهادفة للمتعة وغير المنتجة وعادة ما يحذر الخطاب العام من القيام بهذه الممارسات المختلفة خوفاً وحماية للطريقة الوحيدة الصحيحة والمطلوبة لممارسة الجنس والتي تقود بالضرورة لإنجاب الأطفال، يرافق ذلك تحقير لتلك الممارسات باعتبارها ممارسات حيوانية قذرة لا تليق بالإنسان العاقل المنتج الذي يجب عليه ان يكون زاهداً في شهواته وأن يؤدي الدور المطلوب منه لخدمة المجتمع والدولة والمنظومة الاقتصادية. ومن هنا فإن هذا التجريم وهذه الشيطنة ينبعان من رغبة بالسيطرة على أجسادنا وامتلاكها واخضاعها، عبر التحكم بأكثر الممارسات شخصية وحميمية وتحويلنا لآلات و تجريدنا من انسانيتنا.

إسم الكاتب مستعار *

  1. الإستمتاع الجنسي الذاتي (العادة السرية) Masturbation