إطلاق سراح اثنين من المدافعين عن حقوق الإنسان، فيما اختفى آخرون قسراً وحُكم عليهم بالسجن لمددٍ طويلة
4/02/2023
تستمر السلطات السعودية في سياساتها القمعية الممنهجة التي تهدف من ورائها إلى القضاء التام على حركة حقوق الإنسان، ومن ضمن ذلك إبقاء مدافعي حقوق الإنسان السجناء من الذين أكملوا محكومياتهم في غياهيب السجون من أجل منعهم من القيام بعملهم الحقوقي السلمي والشرعي. يرحب مركز الخليج لحقوق الإنسان بنبأ الإفراج عن عضويْن من أعضاء جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم)، لكنه يدعو السلطات إلى الإفراج عن جميع المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان المحتجزين.
مدافع حقوق الإنسان عيسى النخيفي المغيب قسرياً
أكدت تقارير محلية استلمها مركز الخليح لحقوق الإنسان، أن مدافع حقوق الإنسان عيسى النخيفي قد تم نقله بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2022، من سجن إصلاحية الحائر في الرياض إلى جهة مجهولة، ولاتوجد أية معلومات عن مكان تواجده الحالي. كان من المؤمل الإفراج عنه حيث أكمل مدة محكوميته في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022.
بذلك يمكن القول أن النخيفي يتعرض الآن للإخفاء القسري من قبل السلطات السعودية، وهو نفس ماتعرض له مدافع حقوق الإنسان البارز الدكتور محمد القحطاني في التاريخ نفسه. لقد أمضيا محكوميتهما في الجناح (8أ) من السجن نفسه، وخاضا معاً عدة إضرابات عن الطعام للمطالبة بحقوقها وللاحتجاج على سوء المعاملة التي كانوا يتعرضون لها.
بتاريخ 28 فبراير/شباط 2018، حكمت المحكمة الجنائية المتخصصة عليه بالسجن لمدة ست سنوات، تتبعها ست سنوات أخرى من حظر السفر بعد الإفراج عنه بالأضافة إلى منعه من الكتابة أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد وُجهت ضد عيسى النخيفي تهمة “إهانة” السلطات وتحريض الرأي العام ضد الحكام، فضلاً عن كونه على اتصال مع شخصيات معارضة مشبوهة. كما أُتهم بالمطالبة بالإفراج عن أعضاء المنظمة غير الحكومية المحظورة – وهي جمعية حسم. وقد تم توجيه التهم بموجب قانون مكافحة جرائم الإنترنت، وتشمل التهم أنشطته على الإنترنت وعلى شبكات التواصل الاجتماعي مثل رفضه للحرب في اليمن، ودعمه لوسم البرلمان الشعبي.
إن النخيفي هو ناشط اجتماعي احتج على سياسة الحكومة بتشريد العائلات من الحدود السعودية اليمنية من أجل اتخاذ تدابير أمنية دون تعويض مناسب. في 18 ديسمبر/كانون الأول 2016، اعتقلته قوات الأمن في منطقة جيزان بعد أن قام بالتغريد بتاريخ 06 ديسمبر/كانون الأول 2016، “لم أسرق تريليونات، ولم أشتري يختاً ولم أشتر طائرة. ليس لدي بيت لأطفالي. لا أملك وظيفة بعد أن أُخذت وظيفتي مني، وحتى أني تأخرت عن دفع ايجار المنزل فلماذا الاستدعاء.”
لقد أفرج عنه سابقاً بتاريخ 06 نيسان/أبريل 2016 بعد أن قضى ثلاث سنوات وثمانية أشهر في السجن. وتعرض زعماً للتعذيب و وُضع في الحبس الانفرادي بعد أن بدأ إضراباً عن الطعام من أجل المطالبة بالعدالة. لقد تم إتهامه بعدة تهم ٍمن بينها، الطعن في السلطة القضائية، اتهام مؤسسات الدولة بالتقصير في أداء واجباتها، المشاركة في الفتنة بالتحريض على المظاهرات وتنظيمها، وتخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام.
مدافع حقوق الإنسان محمد الربيعة المحكوم عليه بالسجن 17 سنة أخرى
في ديسمبر/كانون الأول 2022، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمها بالسجن لمدة 17 سنة ضد الكاتب والمدافع عن حقوق الإنسان محمد الربيعة، بعد أن تمت إعادة محاكمته.
لقد كان يأمل في إطلاق سراحه بعد أن أكمل فترة الحكم الأولي والبالغة 4 سنوات ونصف السنة في نهاية سبتمبر/أيلول 2022، لكن المحكمة العليا نقضت الحكم الصادر ضده وأعادت القضية إلى المحكمة الجزائية المتخصصة.
بتاريخ 15 مايو/أيار 2018، تم اعتقاله، مع أكثر من 12 من الناشطين في مجال حقوق النساء. بعد احتجاز تعسفي تجاوز الثلاث سنوات تم توجيه تهم فضفاضة له تضمنت، “السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي وإضعاف اللحمة الوطنية وتماسك المجتمع” و “التواصل مع الآخرين بقصد الإخلال بأمن الوطن واستقراره” و “تأليف ونشر كتاب يحوي توجيهات مشبوهة”. لقد طالبت النيابة العامة بسجنه لمدة 25 سنة بدلالة المادة (6) من نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية والمادتين (53) و (55) من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله. ساهم الذباب الإلكتروني في تهديده والتحريض على التهم الموجهة ضده.
في 21 مارس/آذار2021، تم تحويل قضيته إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، التي حكمت عليه بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2021، بالسجن لمدة ست سنوات، وبمنعه من السفر لمدة مماثلة بعد انتهاء محكوميته. أعقب ذلك قيام محكمة الاستئناف بتخفيف الحكم إلى أربع سنوات ونصف و وقف تنفيذ المتبقي من الحكم الابتدائي وهو سنة ونصف، غير أن المحكمة العليا نقضت هذا الحكم برمته، و وافقت على طلب الادعاء العام بإعادة محاكمته.
لقد أكدت تقارير موثوقة تعرضه للتعذيب خلال السنة الأولى من احتجازه، والذي شمل التعذيب بالصدمات الكهربائية، الإيهام بالغرق، منعه من الجلوس أو النوم، تعليقه من القدمين، وضربه حتى فقدانه الوعي. كل هذا بالرغم من كونه يعاني من أمراضٍ عديدة منها انزلاق غضروفي، السكر، والربو.
تتصدر حسابه على تويتر تغريدة ورد فيها ما يلي، “فلسطين هي مركز تتشكل عليه وحوله خياراتك في المنطقة والعالم، بدون دعمها لا يمكن بناء استراتيجية أمن قومي مستقلة مثلًا.” كتب قبل اعتقاله بيوم ٍواحد تغريدة جاء فيها، “يكرهون الضحيّة، ويبرّئون الجاني؛ فقط لأن موت الضحية مزعج ويُحدث جلبة.”
إن الإضراب عن الطعام هي وسيلة احتجاج استخدمها المدافعون الثلاث، القحطاني، النخيفي، والربيعة، مطالبين بإطلاق سراحهم بعد أن أنهوا مدة محكومياتهم الأصلية.
مداخلة من قبل بعض آليات الأمم المتحدة
قامت ولايات المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقرر الخاص المعني بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، بنشر مراسلة مفصلة أرسلتها في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 للسلطات في المملكة العربية السعودية والتي تضمنت العديد من المطالب مثل، “تقديم معلومات بشأن الأسس القانونية لنقض الأحكام وبدء محاكمة جديدة قبل انتهاء عقوبة السيد الربيعة. رفض الإفراج عنه، وكذلك الإفراج عن السيد النخيفي والسيد القحطاني في نهاية عقوبتهما وما ورد عن نقص المعلومات أو الاستشارة القانونية المقدمة لهما.”
اطلاق سراح مدافعيْن عن حقوق الإنسان
بتاريخ 07 يناير/كانون الثاني 2023، تم إطلاق سراح مدافع حقوق الإنسان وأحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم)، الدكتور عبدالكريم الخضر بعد إكماله مدة محكوميته البالغة عشر سنوات. كذلك، في 10 يناير/كانون الثاني 2023، تم إطلاق سراح المدافع عن حقوق الإنسان وأحد مؤسسي حسم الدكتور عبدالرحمن الحامد بعد إكماله لمدة محكوميته البالغة تسع سنوات. تضمن الحكم على المدافعيْن منعهما من السفر لفترة مساوية لفترة محكوميتهما التي قضوها للتو.
التوصيات
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في المملكة العربية السعودية إلى:
1 – الإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد الربيعة والدكتور محمد القحطاني وعيسى النخيفي وجميع أعضاء حسم وجميع معتقلي الرأي؛
2. أثناء احتجازهم، الالتزام بقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا)، وتوفير الرعاية المناسبة للحفاظ على صحتهم ، والسماح لهم بالوصول الكامل إلى أسرهم؛
3. السماح للسجناء بتقديم شكاوى عن سوء المعاملة في السجن وضمان محاسبة من يهاجمهم؛ و
4. ضمان وفي جميع الظروف أن يكون جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية قادرين على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام.