
تتجمع النساء الأردنيات احتجاجاً على التعديلات الأخيرة التي تم إدخالها على قانون حقوق الطفل، التي تنطوي على مزيد من التمييز ضد النساء فيما يتعلق بقوانين الحضانة. يتعرض الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى القرصنة بواسطة برمجيات بيغاسوس للتجسس، الأمر الذي يعرضهم ومصادرَهم إلى الخطر. كما أُطلق أخيراً سراح عدنان الروسان بكفالة، بعد أن كان سُجن بسبب نشره تصريحات تنتقد الحكومة في يوليو/ تموز.
احتجاج على تعديلات قانون حقوق الطفل
لا تزال قوانين الحضانة الأردنية تمييزية ضد الأمهات، إذ يحتفظ الآباء بممارسة حقوقهم كاملةً على الطفل. لقد أدى تعديل أُدخل مؤخراً على المادة 7 ، القسم 1، من قانون حماية الطفل لعام 2022، إلى احتجاجات أمام مبنى البرلمان في عمَّان في 27 سبتمبر/ أيلول. احتجت مجموعة من النساء على قرار البرلمان القاضي بتعديل صيغة “الوالدين” في المادة إلى “الأب أو الولي” فيما يتعلق باتخاذ القرارات المتعلقة بتعليم الطفل. وتُعرِّف وزارة العدل “الولي” بأنه الأب أو جد الطفل لأبيه.
قوانين الحضانة الأردنية
إنَّ قوانين الحضانة الأردنية تتضمن بالفعل إجراءات تمييزية ضد النساء، حيث يمنح قانون الأحوال الشخصية الآباء السلطة القانونية على الطفل (الولاية)، بينما أُنيطت بالأمهات مسؤولية الرعاية البدنية للطفل (الحضانة). غير أنَّ من الممكن أن يتم تجريد الأم من الحضانة دون كثير صعوبة، إذا تبين أنها “غير لائقة” أو إذا ما تزوجت مرة أخرى. وتمنح المادة 223 من قانون الأحوال الشخصية الأب سلطة اتخاذ القرار فيما يتعلق بتعليم الطفل، وبلد الإقامة، وتلقي العلاج، والتنشئة الدينية، وتحصر الحق في استصدار جوازات السفر والسماح للطفل بالسفر الدولي في الأب دون سواه.
النشطاء يجهرون بالقول
إن إجراء هذا التعديل على قانون حقوق الطفل يحد من حقوق الأمهات في حضانة أطفالهن. ولا يجد الناشطون والمحتجون على القانون مسوِّغاً لتغيير صيغة المقال، ومن بينهم حنين عساف، عضو حملة “رعاية مشتركة” التي تصدَّرت الاحتجاج. وقد صرَّحت عساف لصحيفة جوردان تايمز بالقول “إنَّ استبعاد الأمهات من اتخاذ القرارات يقوض دورهن كمربيات، ولا سيما بالنظر إلى أنَّ مسؤولية رعاية الأطفال في مجتمعنا تقع على عاتق الأمهات بشكل غير متناسب”. بيد أن الأمر لا يقتصر على هذا، إذ يمكن استخدام التعديل ضد النساء كوسيلة ضغط عليهن من قبل الآباء، وبخاصة في حالات الطلاق.
عاشت فرح شاهين (اسم مستعار)، وهي ناشطة أردنية تعمل في مجال حقوق المرأة وأمًّ عزباء، هذه التجربة عندما كانت تناضل من أجل نيل الحق في حضانة طفلها طوال السنوات الثلاث الماضية بعد طلاقها من زوجها السابق. وقد صرَّحت لمنصة وجهات نظر بأنَّ “معارك الحضانة والطلاق تدمر عقليات النساء هنا. عندما يتم الطلاق، يجعل الرجال حياة النساء بائسة، لكني ما زلت ألوم القانون لأنه يشجع الرجال على القيام بذلك. ما لا يدركه الناس هو أن القوانين لها عواقب مباشرة على المجتمع. لذلك عندما توجد قوانين متحيزة ضد المرأة في بلد ما، فإن التمييز على أساس الجنس سيكون سائدًا داخل هذا المجتمع”.
لا بد لقوانين الحضانة الأردنية من أن تتخذ خطوات تقدمية في حماية الأمهات بدلاً من اتخاذ خطوات قانونية تعود بها إلى الوراء على نحو يضر بالنساء ولا يصب في مصلحة الطفل.
استهداف صحفيين أردنيين ببرمجيات بيغاسوس للتجسس
برمجية التجسس بيغاسوس برنامج مراقبة قادر على اختراق الهواتف الذكية للأفراد والوصول إلى رسائلهم الخاصة ومكالماتهم الهاتفية والصور والمعلومات المحفوظة. لقد غدا بيغاسوس الآن قادراً على اختراق المستخدمين حتى على التطبيقات المشفرة مثل واتساب وسيكنال. فيما مضى، كان من الممكن استهداف المستخدمين بواسطة بيغاسوس دون علمهم بواسطة النقر على رابط أو تحميل ملف مرفق، وأما الآن، فقد أصبح ممكناً اختراق أجهزة الأفراد من خلال مكالمات هاتفية لا يتم الرد عليها أو بوساطة رسالة نصية غير مرئية. إنَّ هذا يزيد من الصعوبة التي يلقاها الصحفيون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حماية أنفسهم من برمجيات التجسس.
استهداف صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان
في أبريل/ نيسان 2022، ذكرت تقارير أن الصحفية سهير جرادات، استهدفتها أيضاً برمجيات بيغاسوس، وتبيَّن أنهما تعرّضا إلى الاختراق ست مرات في عام 2021. تعتقد جرادات أن الجهات التي عملت على اختراق جهازها أرادوا معرفة هويات مصادرها للمقالات السياسية التي كانت تكتبها. غير أن السلطات الأردنية نفت استخدامها بيغاسوس، وزعمت أن أشخاصاً يعملون في الديوان الملكي تعرضوا إلى الاختراق بدورهم. إلا أنَّ جرادات تتساءل عمّن عساه يكون وراء مثل هذه الهجمات إن لم تكن السلطات.
بالإضافة إلى جرادات، تم استهداف المدافعَين عن حقوق الإنسان أحمد النعيمات ومالك أبو عرابي باستخدام برمجية بيغاسوس للتجسس في وقت سابق من هذا العام. أشار أندرو أندرسون، المدير التنفيذي لفرونت لاين ديفندرز، إلى أن “… المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقومون بعمل مشروع وسلمي ما يزالون مستهدفين من قبل السلطات المحلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ببرمجيات تجسس تدخلية إلى حدٍّ كبير، وإنَّ لها تأثيراً بالغ السوء لا على الأفراد المعنيين وحسب، بل على أصدقائهم وأفراد عائلاتهم كذلك.” ويدعو هذا إلى القلق بنحوٍ خاص فيما يتعلق بالصحفيين الأردنيين الذين يخضعون إلى التمحيص المشدَّد بسبب قانون الجرائم الإلكترونية وتـزايد الاعتقالات في صفوفهم من قبل السلطات بسبب انتقادهم الحكومة.
الإفراج عن عدنان الروسان
في 13 سبتمبر/ أيلول، أفرجت السلطات عن الصحفي الأردني عدنان الروسان بعد أن كان اعتُقل في يوليو/ تموز بسبب منشورات على فيسبوك تنتقد بشكل مباشر المسؤولين الحكوميين لتقصيرهم في إجراء الإصلاحات. وجاء في إحدى منشوراته أن الأردنيين “صامتون ويخنقهم الغضب، ينتظرون من الملك أن يقوم بإصلاح نفسه ويتخلى عن المهرجانات والأفلام والرحلات والمؤتمرات ويهتم بشؤون الوطن”.
ووجهت إلى الروسان بموجب قانون الجرائم الإلكترونية تهم ٍ شملت، “التحريض وإثارة النعرات” و “إذاعة أنباء كاذبة من شأنها النيل من هيبة الدولة، وذم هيئة رسمية وإهانة موظف عام.” وأُفرج عن الروسان الشهر الماضي بكفالة قدرها ألف دينار (1400 دولار أمريكي) بعد محاكمته في شهر أغسطس/ آب.
تتواصل حملة القمع التي تشنها السلطات الأردنية على الصحفيين والناشطين، حيث خلص تقرير صدر مؤخراً عن هيومن رايتس ووتش إلى أن السنوات الأربع الماضية شهدت تـصاعداً في التنكيل بالمعارضين والمواطنين ومضايقتهم، مقترناً باستخدام قوانين مبهمة لإسكات الصحفيين والناشطين السياسيين وأعضاء الأحزاب السياسية والنقابات العمالية المستقلة، واستجوابهم ومضايقتهم.
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في الأردن، بما في ذلك الحكومة، إلى:
- إبطال التعديل الذي تم إدخاله مؤخراً على قانون حقوق الطفل لعام 2022 وتعديل قانون الأحوال الشخصية/قوانين الحضانة من أجل حماية حقوق الأم وتعزيز المصالح الفضلى للطفل؛
- تغيير جميع بنود قانون الأحوال الشخصية التي تميز ضد النساء فيما يتعلق بالحضانة، والزواج، والميراث، ونحو ذلك؛
- التحقيق في اختراق أجهزة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان واتخاذ إجراءات قانونية لتجريم استخدام برمجيات التجسس مثل بيغاسوس؛
- الإفراج الفوري عن الصحفيين والناشطين الذين تم تجريمهم وسجنهم باطلاً بموجب قانون الجرائم الإلكترونية والمادة 225؛
- وضع حد لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والناشطون على الإنترنت وكل من يشارك في النشاطات السلمية أو الكتابة أو الخطابات ذات الصلة بحقوق الإنسان؛
- إبطال الأحكام التي تقضي بدفع الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان رسوم الكفالة لا لشيء إلا لممارستهم حرية التعبير عن آرائهم.