
في الوقت الذي تقترب فيه مسابقة كأس العالم (فيفا) 2022 من نهايتها حيث ستجرى المباراة النهائية بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، تستمر السلطات الرسمية القطرية في انتهاكاتها الجسيمة والسافرة لحقوق المواطنين القطريين والوافدين. في اليوم العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان، يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات إلى وقف إصدار أحكام بالسجن المؤبد أو الإعدام على المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين بسبب أنشطتهم السلمية، وإنهاء حظر السفر والمضايقات الأخرى.
المدعي العام يطالب بإعدام مدافع عن حقوق الإنسان
بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، قام المدعي العام القطري، بعد أوامر مباشرة صادرة إليه من جهاز أمن الدولة، باستئناف الحكم الابتدائي بالسجن المؤبد الصادر ضد المدافع عن حقوق الإنسان عبدالله المالكي، مصراً على استبداله بعقوبة الإعدام رمياً بالرصاص أو شنقاً حتى الموت.
كانت محكمة الجنايات قد أصدرت في 26 أيار/مايو 2022، حكمها عليه بالسجن مدى الحياة في القضية المرفوعة ضده، والتي تتضمن اتهامات مزعومة خطيرة، بعد عقدها جلستيْن فقط ودون إعلامه، وفي محاكمة افتقدت أدنى المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية.
واجه المالكي غيابياً في هذه المحاكمة الصورية، التهم المزعومة التالية، “طعن علني في ممارسة الأمير لصلاحياته والعيب في ذاته”، “التحريض على قلب نظام الحكم”، و “محاولة قلب نظام الحكم”.
بالإضافة إلى استهدافه قضائياً، فقد تعرض المالكي إلى صورٍ عديدة أخرى من الاستهداف المباشر. بتاريخ 13 يوليو/تموز 2022، تعرض تجمع سلمي نظمه عدد من ناشطي حقوق الإنسان وشاركهم المالكي، في ساحة مارين بلاتز الشعبية بمدينة ميونيخ الألمانية إلى اعتداءات متكررة قامت بها مجموعات من المواطنين القطريين، الذين كان عددهم أكثر من 15 شخصاً، من الذين تم حشدهم من قبل جهاز أمن الدولة وإرسالهم إلى ألمانيا للقيام بمهمة محددة، وهي تخريب هذا النشاط الحقوقي السلمي الذي يدعو للحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، وإطلاق سراح المعتقلين في قطر.
لقد رفضت السفارة القطرية في برلين والقنصلية القطرية في ميونخ، خلافاً للقوانين المحلية الواجبة، كل طلبات تجديد جواز سفره وبطاقته الشخصية التي تقدم بها مرات عديده منذ يناير/كانون الثاني 2021 ولحد الآن.
من جهة أخرى أكدت تقارير محلية موثوقة سعي الحكومة القطرية إلى مصادرة أملاكه وأمواله وأملاك وأموال أبناءه في قطر، حيث قام كلٍ من رئاسة مجلس الوزراء، ديوان الحكومة، ووكالة الانباء القطرية برفع قضايا مدنية عديدة كيديه ملفقة ضده، منها الادعاء بكونه منقطع عن العمل منذ ابريل/نيسان 2019، بعد أن ادعوا أولاً أنه منقطع منذ أغسطس/آب 2021. كذلك رفضت وزارة الداخلية طلباً قدمه أحد زملائه داخل قطر من أجل تجديد بطاقته الشخصية، الأمر الذي تسبب بمشاكل عديدة له ولأبنائه.
إن كل القضايا الجنائية والمدنية الكيدية التي رفعت عليه في داخل قطر قد حصلت خلال هذه السنة 2022، بالرغم من كونه قد غادر بلاده منذ 28 سبتمبر/أيلول 2016 مما يؤكد فقدانها المصداقية وكونها استهداف لعمله الحقوقي.
الجدير بالذكر أن الحكومة القطرية قد رفضت توفير ضمانات لسلامته بتاريخ 05 يونيو/حزيران 2020 عندما كان ينوي العودة إلى قطر لنقل والدته لتلقي العلاج في أوربا على نفقته الخاصة، وهكذا لم يستطع فعل أي شيء وأدى ذلك لانهيار وضعها الصحي ووفاتها في 26 يونيو/حزيران 2020.
في تصريحٍ له لمركز الخليج لحقوق الإنسان، قال المالكي، “أن ما تقوم به السلطات في قطر وفي مقدمتها جهاز أمن الدولة هو استهداف واضح لي بسبب نشاطاتي السلمية والشرعية في مجال حقوق الإنسان.” مضيفاً بقوله، “أن كل هذه الأعمال العدائية والاستهداف المستمر والأحكام المسيسة الصادرة من القضاء القطري، الذي فقد استقلاله، لن تزيدني إلا إصراراً للقيام بواجبي في الدفاع عن حقوق الإنسان بحماسٍ منقطع النظير.”
السجن المؤبد بحق أثنين من مدافعي حقوق الإنسان
بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022، صادقت محكمة الاستئناف الجنائية في قطر على أحكام السجن المؤبد الصادرة على اثنين من محامي حقوق الإنسان.
كانت محكمة الجنايات، الدائرة الثانية، قد أصدرت بتاريخ 10 أيار/مايو 2022، حكمها بالسجن المؤبد ضد كلٍ من، المحامي الدكتور هزاع بن علي أبو شريدة المري الذي تم اعتقاله يوم 10 أغسطس/آب 2021، وشقيقه المحامي راشد بن علي أبو شريدة المري الذي تم اعتقاله في اليوم التالي.
لمزيدٍ من المعلومات عن قضيتهم، أنظر:
فرض حظر سفر تعسفي بحق مواطنين
يواصل جهاز أمن الدولة منعه تعسفياً لعددٍ من المواطنين الأبرياء من السفر دون أية إجراءات قضائية، وخارج نطاق القانون. إن من بين هؤلاء الذين يجري منعهم من السفر محامي حقوق الإنسان البارز، الدكتور نجيب محمد النعيمي الذي شغل منصب وزير العدل من 1995 إلى 1997. أنه ممنوع من السفر منذ يناير/كانون الثاني 2017. لقد صدر أمر قضائي لصالحه في يونيو/حزيران 2017 يقضي بأن “أسباب المنع من السفر انتهت،” وبالتالي “يُلغى منع السفر الصادر بحق المستأنِف.” ومع ذلك، تستمر السلطات في منعه من مغادرة البلاد.
كذلك تضم قائمة الممنوعين من السفر، ناشط الإنترنت محمد بن يوسف السليطي الممنوع من السفر منذ 2018، والمحتجز من قبل السلطات الرسمية القطرية في أكتوبر/تشرين الأول 2020. أكدت تقارير محلية صدور حكمٍ بالسجن المؤبد ضده بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2021، وأنه يتواجد في السجن المركزي بمدينة الدوحة، بعد أن وُجهت له اتهامات خطيرة منها التجسس وقلب نظام الحكم.
إطلاق سراح أعضاء الحملة الوطنية للمنوعين عن السفر
أكدت التقارير قيام السلطات بإطلاق سراح جميع أعضاء الحملة الوطنية للممنوعين عن السفر ومن بينهم الناشط على الإنترنت عيسى بن مرضي جهيم الشمري، الذي شغل مهام المنسق الإعلامي لهذه الحملة. أضافت هذه التقارير أن الشمري قد حصل على بطاقته الشخصية فقط بعد فترة من إطلاق سراحه، ولكنه لم يحصل على جواز سفره لحد الآن. لايزال جميع أعضاء هذه الحملة ممنوعين من السفر ومن التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة.
لمزيدٍ من المعلومات، أنظر:
انتهاكات مستمرة ضد العمال الأجانب
بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على صدور التقرير الذي أعدته بعثة مركز الخليج لحقوق الإنسان في قطر حيث قامت بتوثيق الانتهاكات الجسيمة للحقوق المدنية والإنسانية للعمال الأجانب، والتي أكدت البعثة بدئها في بلدانهم الأصلية عندما يتم اختيارهم للسفر والعمل في قطر، وتستمر عند وصولهم وأثناء العمل هناك، تبقى الحكومة القطرية في صمتها التاريخي عندما يتعلق الأمر بحماية الحقوق المدنية والإنسانية لهم. ترفض الحكومة القطرية احترام حقوق العمال وتعويضهم خاصة الذين قتلوا منهم أثناء تشييد ملاعب كأس العالم لكرة القدم (فيفا) 2022 في قطر.
التوصيات
على حكومة قطر الكف عن استهداف مدافع حقوق الإنسان البارز عبد الله المالكي فوراً ودون شروط وإلغاء الحكم الصادر ضده بالسجن المؤبد، والتوقف عن المطالبة بإعدامه. يعتقد مركز الخليج لحقوق الإنسان أنه يتم استهدافه بسبب نشاطاته السلمية والشرعية في مجال حقوق الإنسان. على السلطات في قطر تجديد كافة وثائقه الرسمية القطرية وبضمنها جواز سفره وبطاقته الشخصية والامتناع عن استهداف أفراد أسرته داخل قطر.
يناشد مركز الخليج لحقوق الإنسان حكومات الدول الغربية التي يمارس المالكي نشاطاته الحقوقية السلمية على أراضيها منحه الحماية الكاملة التي هو بأمس الحاجة لها في الوقت الحاضر.
كذلك يناشد مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة القطرية إطلاق سراح محامييْ حقوق الإنسان هزاع بن علي أبو شريدة المري، وشقيقه المحامي راشد بن علي أبو شريدة المري. لا يجب أن تكون المطالبة السلمية بالمشاركة السياسية سبباً لصدور هذه الأحكام الصادمة.
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السطات المختصة العمل على رفع منع السفر عن كافة المواطنين وبضمنهم محامي حقوق الإنسان البارز الدكتور نجيب محمد النعيمي وناشط الإنترنت محمد بن يوسف السليطي الذي يجب أن يطلق سراحه فوراً وبدون شروط.
على الحكومة في قطر احترام الحقوق الأساسية للمواطنين، والمقيمين وخاصة أن الحكومة القطرية وقعت وصادقت في سنة 2018 على العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدينة والسياسية والحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما في ذلك حرية التعبير على الإنترنت وخارجه، وحرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات والنقابات المستقلة عن الحكومة، وحرية الحركة داخل وخارج البلاد.