close
لبنان

 تقرير جديد يستكشف «الأزمة المستمرة» لحقوق الإنسان

15/12/2025

يفيد العاملون في وسائل الإعلام والمحامون وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في لبنان بوجود حالة من الأزمة المستمرة خلال عام 2025، مع تعدّد التهديدات التي تتحدّى عملهم، وذلك بحسب تقريرٍ جديدٍ صادرٍ عن مركز الخليج لحقوق الإنسان، نُشرَ بدعمٍ من مؤسسة مهارات وآيفكس.

يستند التقرير أزمة مستمرة: حقوق الإنسان في لبنان عام 2025، إلى بحثٍ داخل البلد أجراه بريان دولي، عضو المجلس الاستشاري لمركز الخليج لحقوق الإنسان. يقول، “في الأشهر الاثني عشر الماضية، تحمّل المدافعون عن حقوق الإنسان في لبنان توقّعاً دائماً لاندلاع حرب شاملة أخرى. يُوجَّه جزء كبير من عملهم نحو الاستعداد للبقاء والتعامل مع نزاع آخر. بالرغم من هذا السياق، فإنهم يحقّقون أموراً لافتة في تعزيز حقوق الإنسان للآخرين.”

على الرغم من التوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار مع إسرائيل في أواخر عام 2024 لإنهاء الصراع الذي استمر 13 شهراً، فقد تمَّ الإبلاغ عن انتهاكاتٍ واسعةٍ للهدنة خلال أيام، ومنذ ذلك الحين وقعت هجماتٌ صاروخيةٌ إسرائيليةٌ منتظمةٌ وهجماتٌ إسرائيليةٌ أخرى على لبنان. في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2025 قصفت إسرائيل العاصمة بيروت، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة عشراتٍ آخرين.

يخشى الصحفيون المحليون وغيرهم من النشطاء أن يكون الاتفاق هشًّاً إلى درجةٍ تجعله مهدَّداً بالانهيار الكامل والمفاجئ، مما سيُعيد البلد إلى نزاعٍ واسعِ النطاق. يفترض كثيرون أن مثل هذا النزاع قادم، إمّا وشيكاً أو في وقتٍ قريبٍ جداً. أشار كثيرون إلى أنه في حال نشوب نزاعٍ شاملٍ مع إسرائيل، سيعود جزءٌ كبيرٌ من عملهم مرةً أخرى إلى تقديم الخدمات الطارئة والاستجابة للأزمات.

يفيدون أيضاً بأنَّ الوضعَ الاقتصاديَّ المتدهورَ يهدِّد لبنان، وأنَّ التخفيضاتِ الحادَّةَ في التمويلِ الدوليِّ لمنظّماتِ حقوقِ الإنسان قد أضرَّت بشدّةٍ بعملِهم.

قال أحد الصحفيين المخضرمين، “نحن عالقون في أزمة مستمرة ودورية من الحرب والكساد الاقتصادي.”

يفيدُ كثيرٌ من الصحفيين بنقصٍ في الحماية من الآليات الدولية المفترَض أن تدعمهم، ويستشهدون بالأضرار التي لحقت بصحتهم البدنية والنفسية. يفيدون أيضاً بإحباطاتٍ مستمرةٍ في الوصول إلى المعلومات التي ينبغي أن تكون متاحةً للعموم.

لا يزالُ كثيرٌ من العاملين في وسائلِ الإعلامِ وغيرِهم من المدافعين عن حقوقِ الإنسان يواجهون صعوباتٍ ماليّةً مزمنةً ونقصاً في التأمينِ ومعدّاتِ الحماية. توجد آمالٌ بأن مشروعَ قانونٍ إعلاميٍّ جديدٍ، طالَ إعدادُه وتوقّفَ تقدّمُه بسببِ الحرب، قد يجلبُ بعضَ الوضوحِ والتقدّمِ الضروريَّين إلى المشهدِ الإعلامي.

يفيدُ ناشطون ووكالاتٌ دوليّةٌ أخرى بأنّ الحكومةَ اللبنانيّةَ الجديدة، التي شُكِّلت في فبراير/شباط 2025، تعيقُها قلّةُ الموارد، ويُشكِّك بعضُهم في إرادتِها السياسيّة لإحرازِ تقدّمٍ كبيرٍ في مجالِ حقوق الإنسان. تُلحقُ الأزمةُ الاقتصاديّةُ الآخذةُ في التفاقم ضرراً بحقوق الإنسان المختلفة، بما في ذلك الحقُّ في بيئةٍ نظيفة، حيث يقولُ ناشطون إنّ مياهاً قذرةً تُضخُّ إلى البحر، ومعظمُ النفايات تُحرَق الآن فحسب.

على الرغم من هذه التحدّيات الجسيمة، يواصل العاملون في وسائل الإعلام وغيرُهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في لبنان تقديمَ خدماتٍ حيوية، سواء خلال صراعٍ شامل أو خلال أزماتٍ اقتصادية.

في يناير/كانون الثاني 2026، من المقرّر أن يخضع سجلّ لبنان في مجال حقوق الإنسان للتدقيق في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إذ يحين دور البلد لأن يُفحَص من قبل آلية الاستعراض الدوري الشامل. في عام 2025، قدَّم مركزُ الخليج لحقوق الإنسان ومؤسسةُ مهارات، بالشراكة مع آيفكس والمنظمةِ العالميةِ لمناهضة التعذيب، تقريراً مشتركاً إلى الاستعراض الدوري الشامل الخاصِّ بلبنان.

تقدّم الانتخاباتُ البرلمانيةُ المقرَّرةُ في مايو/أيار 2026 أيضاً بعضَ الفرص للتغيير، وربما للتقدّم، مع أنّ ناشطين محليين في حقوق الإنسان يلاحظون أنّ الحملاتِ الانتخابية غالباً ما تكون فتراتٍ تصل فيها خطاباتُ الكراهيةِ والمعلوماتُ المضلِّلة إلى ذروتها.

أُعِدَّ هذا التقريرُ بدعمٍ من مؤسسة مهارات وآيفكس في إطار مشروعٍ مشترك نُفِّذ معهم بشأن الوقاية من الأزمات، وتحقيق الاستقرار، وبناء السلام في لبنان من خلال حقوق حرية التعبير، وبتمويلٍ من وزارة الخارجية الاتحادية الألمانية قدّمه المعهدُ الألماني للعلاقات الخارجية عبر برنامج زيفيك للتمويل.

اقرأ التقرير الكامل (أزمة مستمرة) هنا على الإنترنت.

التوصيات

يقدّم مركز الخليج لحقوق الإنسان ومؤسسة مهارات وآيفكس التوصيات التالية:

إلى الحكومة اللبنانية:

  1. ضمانُ امتثال قانون الإعلام الجديد للمعايير الدولية وللإصلاحات التي أيّدها المجتمع المدني، بما في ذلك إلغاءُ تجريم جرائم النشر والتعبير، وشفافيةُ ملكية وسائل الإعلام، ومجلسٌ وطنيٌّ مستقلٌّ للإعلام.
  2. توفيرُ حمايةٍ واضحة للصحفيين في إطار قانون الإعلام الجديد، مع التأكيد على وجوب السماح لهم بممارسة مهنتهم من دون ترهيب أو ضغط.
  3. إنهاءُ محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ورفعُ جميع القيود القانونية والعملية المتبقية المفروضة على حرية التعبير وحرية الإعلام.
  4. تعزيزُ الصحافة القائمة على الحقائق والثقافة الإعلامية من أجل التصدي للمعلومات الخاطئة والمعلومات المضلِّلة.
  5. منحُ الصحفيين في لبنان وضعاً خاصاً نظراً لطبيعة عملهم الذي يُعدّ حيوياً للصالح العام. وينبغي أن يوفّر هذا الوضع حمايةً إضافيةً في القانون.
  6.  قبولُ جميع التوصيات المقدَّمة لدعم حرية الإعلام، وحريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل في يناير/كانون الثاني 2026.

إلى المجتمع الدولي:

  1. ينبغي للمانحين تخصيص موارد عاجلة للمنظمات اللبنانية غير الحكومية العاملة على حرية الإعلام، وكذلك لدعم وسائل الإعلام المستقلة.
  2. ينبغي للمنظمات الدولية غير الحكومية والدول الأعضاء في الأمم المتحدة استثمار الفرص التي يتيحها الاستعراض الدوري الشامل للبنان لعام 2026 للضغط من أجل الإصلاح لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم العاملون في وسائل الإعلام.
  3. ينبغي للخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهم المقرّرون الخاصّون للأمم المتحدة الذين تشمل ولاياتهم حريات التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمساءلة، أن يزوروا لبنان وأن يقدّموا تقارير عن التقدّم والإخفاقات.