close
اليمن

التقرير الدوري عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة

28/01/2025

وثق مركز الخليج لحقوق الإنسان انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان في اليمن خلال الشهرين الماضيين، قامت بها الأطراف المختلفة المساهمة في النزاع الحالي، من بينها الاعتقالات التعسفية لعددٍ من الموظفين الأمميين، فضلاً عن استمرار انتهاكات الحقوق المدنية والإنسانية لمواطنين وبضمنهم صحفيين. يعرب مركز الخليج لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بإعدام صحفي ووفاة خبير تربوي في السجن.

احتجاز موظفي الأمم المتحدة في اليمن

أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة الاحتجاز التعسفي الذي قامت به حكومة الأمر الواقع في صنعاء، جماعة الحوثيين، في 23 يناير/كانون الثاني 2025 لسبعة موظفين إضافيين من الأمم المتحدة الذين يعملون في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

جاء ذلك في بيانٍ أصدره الأمين العام في اليوم التالي لاعتقالهم وجاء فيه أيضاً، “أُطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الذين تم احتجازهم يوم الخميس، وكذلك عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية المحتجزين تعسفيًا منذ يونيو/حزيران 2024، بالإضافة إلى موظفي الأمم المتحدة المحتجزين منذ عامي 2021 و2023. إن استمرار احتجازهم التعسفي أمر غير مقبول.”

لقد أعلنت الأمم المتحدة عقب ذلك تعليق جميع التحركات الرسمية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة سلطات الأمر الواقع في صنعاء وداخلها حتى إشعار آخر.

في يونيو/حزيران 2024، اعتقل الحوثيون 13 موظفا من الأمم المتحدة، من بينهم 6 يعملون في المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أكثر من 50 عاملاً في منظمات غير حكومية مختلفة وشخص يعمل في إحدى السفارات. كما أنّها تحتجز اثنين آخرين من موظفي مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وأغسطس/آب 2023، بالإضافة إلى موظفين أمميين اثنين آخرين احتجزا في وقت سابق.

لقد أتهمتهم جماعة الحوثيين بأنهم جزء من شبكة تجسس، وهو أمر نفته الأمم المتحدة.

الناشط على الإنترنت فوزي أحمد عبيد لايزال مختفياً قسرياً

تم اعتقال الناشط على الإنترنت فوزي أحمد عبيد تعسفياً بتاريخ 07 سبتمبر/أيلول 2015، في العاصمة صنعاء، من قبل مجموعة مسلحة تابعة لجماعة الحوثيين، التي اقتادته إلى جهة مجهولة. حاولت أسرته البحث عنه لدى القوات الأمنية وبضمنها مكتب المباحث الجنائية ولكن بلا جدوى.

بعد مرور 6 أشهر من اعتقاله اتصل بأسرته من رقم ٍ خاص بجهاز الأمن والمخابرات مخبراً إياهم أنه محتجز لديهم، ولا يعلم ماهي التهمة الموجهة ضده حيث أن التحقيق لم يبدأ بعد.

في شهر أغسطس/آب 2016، تواصلوا مع مسؤولين في جهاز الأمن والمخابرات، وبعد توكليهم لأحد المحامين، تم إعطائهم الموافقة على قيامهم بالزيارة، ولكن عند وصولهم إلى مقر الجهاز في صنعاء، تم إلغاء الزيارة مما ترك أثراً نفسياً سيئاً لديهم.

منذ ذلك الحين ولحد الآن وبعد مرور ما يقارب 10 سنوات على احتجازه، لم يسمحوا لأفراد أسرته وبضمنهم والدته المسنة بزيارته، بالرغم من صدور أوامر من قبل النيابة العامة والمحكمة الجزائية المتخصصة بالسماح لهم بذلك، وجوبهت كل طلبات الأسرة المتكررة والمقدمة إلى الجهات المختصة بالسماح لهم بزيارته أو إحالة قضيته إلى المحكمة بالرفض.

لقد أكد بعض المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم مؤخراً وجوده في أحد السراديب في طابقِ تحت الأرض ضمن سجن تابع إلى جهاز الأمن والمخابرات بصنعاء.

ذكرت تقارير محلية مؤكدة أن سبب اعتقاله كان بسبب كتاباتٍ قام بنشرها على حسابه في الفيسبوك، والذي تم حذفه بعد اعتقاله ومصادره جهاز هاتفه.

إطلاق سراح الصحفي أحمد ماهر

بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2025، نشر الصحفي أحمد ماهر ما يلي على صفحته في الفيسبوك، “عامين ونصف من الظلم! بفضلٍ من اللّه عز وجل غادرت صباح اليوم سجن الحزام الأمني في عدن “سجن بئر أحمد” ومعي حكم براءتي بعد عامين ونصف من الظلم! اختطفت، عذبت، أكرهت على أقوال كاذبة، هددت بأسرتي، أساؤوا لي بقنواتهم وصفحاتهم، سرقت أموالي وأجهزتي الإلكترونية، لفقت لي تهمة جنائية مزيفة، صدر بحقي حكماً جائراً…. وأظهر اللّه براءتي في محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة بمدينة عدن.”

في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، قضت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصِّصة في عدن ببراءته. قبل ذلك، كانت المحكمة الجزائية المتخصِّصة قد حكمت عليه خلال محاكمة غير عادلة بالسجن أربع سنوات، بعد ادانته بالتهم التي وجهتها ضده النيابة الجزائية المتخصصة، وهي تهمتي نشر أخبار كاذبة ومضللة، وتزوير وثائق رسمية.

لمزيدٍ من المعلومات عن قضيته، انظر هنا.

إعدام الصحفي محمد المقري

يدين مركز الخليج لحقوق الإنسان بأقوى العبارات قيام ما يُسمى، “قاعدة تنظيم الجهاد في جزيرة العرب” بإعدام الصحفي محمد قائد المقري، والذي أكدته في بيانٍ نشرته بتاريخ 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، ضمن 11 شخصاً آخرين اتهمتم زعماً بالتجسس.

بالرغم من ذلك، فأن عائلته رفضت هذه الادعاءات في بيانٍ توضيحي صدر بتاريخ 02 يناير/كانون الثاني 2025، وقالت إن لديها شكوكاً جدية حول صحة الإعلان، بما في ذلك أنه تم إعدامه.

كان المقري قد تم اختطافه في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، أثناء تغطيته لمسيرة طالبت حينها برحيل هذا التنظيم الإرهابي عن مدينة المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت التي تخضع حالياً لسيطرة الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي.

صحفيون خلف القضبان

لايزال هناك عدد من الصحفيين خلف القضبان بالرغم من مرور سنوات ثقيلة على اعتقال بعضهم. إن من بينهم خمسة من الصحفيين المفصلة قضاياهم أدناه والتي سبق لمركز الخليج لحقوق الإنسان أن وثقها في الماضي.

الصحفي وحيد الصوفي

 هناك صحفي آخر اختطف منذ ما يقارب من عشر سنوات وما زال مفقوداً. بتاريخ 06 ابريل/نيسان 2015، قام اثنان من المسلحين يرتدون زياً مدنياً باختطاف الصحفي وحيد محمد حيدر ناجي الصوفي، بينما كان ينتظر دوره لتسديد فاتورة إنترنت في طابورٍ بمركز بريد التحرير في وسط العاصمة صنعاء، وأركبوه بالقوة في سيارة بيضاء نوع لاندكروز وذهبوا به إلى جهة مجهولة.

لقد ترك خلفه اسرة متكونة من زوجة وبنتين وقد بذلوا كل الجهود لمعرفة مكان احتجازه حيث بحثوا عنه في إدارة المباحث الجنائية، الجهات الأمنية، النيابة العامة، وزارة حقوق الإنسان وكذلك فقد استعانوا بالمنظمات الدولية ومنها الصليب الأحمر الدولي ولكن بلا جدوى.

قام الصوفي بتأسيس موقع اخباري يومي أطلق عليه أسم “العربية أون لاين”، وكذلك فقد استخرج تصريحاً رسمياً من وزارة الإعلام بإصدار صحيفة باسم “العربية” ولكنها لم تر النور بسبب اختطافه.

 قام قريبه فهمي الصوفي، الذي كان برفقته أثناء عملية الاختطاف، بتقديم بلاغ إلى قسم شرطة العلفي في صنعاء بخصوص حادثة اختطاف قريبه وحيد الصوفي، إلا أنه لم يحصل على أي معلومات عن مكانه أو عن الجهة التي قامت الاختطاف.

الصحفي نبيل السداوي

بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2015، قامت عناصر تابعة لجهاز الأمن والمخابرات في صنعاء بالاعتقال التعسفي للصحفي نبيل السداوي، 46 سنة، من أحد الشوارع القريبة من منزله في صنعاء، والذي كان يعمل لدى وكالة الأنباء اليمنية (سبأ). لقد تعرض للإخفاء القسري والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 5 أشهر ونصف الشهر، وجرى استجوابه ثلاث مرات وهو معصوب العينين ودون وجود محام ٍ، وتم إجباره على التوقيع على اعترافات مكتوبة مسبقاً من قبل القوات الأمنية بعد تهديده باستمرار التعذيب.

في شهر يوليو/تموز 2019، وبعد مرور ما يقارب الأربع سنوات على احتجازه التعسفي تمت إحالته إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بتهم ٍشملت، “العمل مع العدوان السعودي”، و “تشكيل عصابة مسلحة للقيام بأعمال إجرامية ضد افراد الجيش والأمن.” في 23 فبراير/شباط 2022، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمها ضده بالسجن لمدة 8 سنوات. كان من المقرر إطلاق سراحه في 21 سبتمبر/أيلول 2023، لكن محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في صنعاء أصدرت حكماً في 18 أغسطس/آب 2024، بتشديد الحكم الصادر ضده ليصبح السجن لمدة 9 سنوات.

الصحفي فهد الأرحبي

 بتاريخ 21 أغسطس/آب 2024، تم اعتقال الصحفي فهد يحيى الأرحبي، وجرى احتجازه في سجنٍ تابع إلى جهاز الامن والمخابرات في محافظة عمران. يرتبط استهدافه بمنشورات له على شبكات التواصل الاجتماعي رفض فيها قيام مجموعة متنفذة على الاستيلاء على أراضي تتبع مصنع عمران للأسمنت، الذي كان يشغل فيه منصب المسؤول الإعلامي قبل أن يجري استبعاده ووقف صرف مستحقاته المالية من قبل جماعة الحوثيين التي تسيطر على هذه المحافظة.

لقد سبق وأن تم اعتقاله سابقاً مرتين. بتاريخ 05 يونيو/حزيران 2023، قام جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثيين باعتقاله بعد اقتحام منزله بمدينة عمران، الواقعة على بعد 50 كم شمال العاصمة صنعاء. أكدت مصادر محلية أنه كان محتجزاً في سحن تابعٍ لجهاز الأمن والمخابرات.  لقد تم إطلاق سراحه بعد مرور شهرين ونصف على احتجازه وذلك في 20 أغسطس/آب 2023.

كذلك، تم اعتقاله بتاريخ 12 يوليو/تموز 2021، ولم يُطلق سراحه إلا بعد مرور 25 يوماً على احتجازه. كان سبب اعتقاله آرائه التي نشرها على صفحته في الفيسبوك.

الصحفي محمد المياحي

في 13 يناير/كانون الثاني 2025، تمت إحالة قضية الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي، إلى نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات.

في  اليوم نفسه، نشر محامي حقوق الإنسان البارز عبدالمجيد صبره على صفحته في الفيسبوك ما يلي، “حضرنا التحقيق يومنا هذا مع الصحفي محمد المياحي …في النيابة الجزائية المتخصصة بصنعاء وقرر العضو المحقق إحالة قضيته إلى نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات باعتباره صحفي والتهمه المنسوبة له تتعلق بعمله كصحفي وهي حسب ما ورد من الإدارة العامة لاستخبارات الشرطة، نشر مقالات تحريضية ضد الدولة ونظامها السياسي.”

في صباح يوم 20 سبتمبر/أيلول 2024، قامت قوة مسلحة تابعة لحكومة الأمر الواقع، جماعة الحوثيين، باعتقال من منزله وسط صنعاء واقتادته إلى جهة مجهولة. أكدت تقارير محلية موثوقة أنه معتقل بمعزلٍ عن العالم الخارجي في أحد السجون التابعة لجهاز الأمن والمخابرات. لم يتم الإفصاح حينذاك عن التهم الموجهة ضده وتم منعه من التواصل مع أسرته أو محاميه.

عُرف المياحي بانتقاداته اللاذعة لجماعة الحوثيين من خلال كتاباته التي دأب على نشرها من على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي أكدت مصادر محلية مطلعة على أنها السبب في اعتقاله. في يونيو/حزيران 2022، احتفل بصدور كتاب، يتضمن روايته الأولى والتي تحمل عنوان، الفيلسوف الصغير.

الصحفي ناصح شاكر

بتاريخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اختفى الصحفي ناصح شاكر أثناء مروره بمدينة عدن، وهو في طريقه للسفر عبر مطار عدن الدولي للمشاركة في دروة تدريبية تُقام خارج البلاد.

أكدت مصادر مطلعة لمركز الخليج لحقوق الإنسان أن آخر اتصال بينه وبين أسرته قد تم صباح يوم اختفائه، وبعدها انقطع الاتصال به.

إن ناصح شاكر، هو صحفي مستقل يُقيم في العاصمة اليمنية صنعاء. ساهم بانتظام من خلال نشر كتاباته الصحفية في الكثير من الوسائل الإخبارية الدولية مع تركيزه على التكاليف الإنسانية للحرب على الأطفال والمدنيين الأبرياء في اليمن.

يُعبر مركز الخليج لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ لاختفاء الصحفي ناصح شاكر لفترة تجاوزت السنة. إن مركز الخليج لحقوق الإنسان يُحَمِّلُ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من قبل الإمارات، والذي يسيطر أمنياً على مدينة عدن، مسؤولية إعلان مكان احتجازه وكذلك المحافظة على حياته.

استهداف الكوادر التربوية

بتاريخ 11يناير/كانون الثاني 2025، تم إطلاق سراح الكادر التربوي فهد عبدالله محمد السلامي بعد اعتقالٍ دام ما يقرب من 10 سنوات، فقد تم اعتقاله في 06 أكتوبر/تشرين الأول 2015. لقد كان ذلك ضمن عملية تبادل سجناء حيث وصل مدينة مأرب التي تخضع لسيطرة الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي قادماً من صنعاء. كان يعمل مديراً لمدارس النهضة قبل اعتقاله.

بتاريخ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تلقت أسرة الخبير التربوي محمد خماش اتصالاً من مسؤولي سجن جهاز الأمن والمخابرات طلبوا فيه منهم الحضور لاستلام جسده دون أن يفصحوا عن ملابسات وفاته. في 06 يونيو/حزيران 2024، تم اعتقاله مع عددٍ من زملائه من العاملين على تطوير المناهج التعليمية بتهمة “التخابر مع جهات أجنبية”.

التوصيات

مرة أخرى، يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان أطراف النزاع في اليمن:

 1. الإفراج الفوري عن، جميع الذين تم اعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي أو محاكمتهم على تهم ٍ مفبركة؛

  2. احترام الحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير وحرية الصحافة والحق في التجمع السلمي وحرية الحركة؛ و

3. التأكد من أن المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون والأكاديميون ونشطاء الإنترنت، قادرون على القيام بعملهم المشروع والتعبير عن أنفسهم بحرية دون خوف من الانتقام وبطريقة خالية من جميع القيود، بما في ذلك المضايقة القضائية.