
وثق مركز الخليج لحقوق الإنسان العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن خلال الشهرين الماضيين، والتي نفذتها جميع أطراف النزاع، بما في ذلك اعتقال أكثر من 60 موظفًا يعملون لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، فضلاً عن الاحتجاز المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان والمواطنين في انتهاكٍ لحقوقهم.
استهداف الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني
بتاريخ 15 أغسطس/آب 2024، نشرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة مدافعي حقوق الإنسان ماري لولر تغريدة ورد فيها ما يلي، “منزعجون بشدة من استمرار احتجاز موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في اليمن والمداهمات على مكاتب مفوضية الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان في صنعاء هذا الشهر. يعمل زملاؤنا لدى المفوضية باليمن في أصعب الظروف لتعزيز وحماية حقوق الإنسان للجميع، ويجب احترام هذا العمل الحيوي.”
في 31 مايو/أيار 2024 وفي الأيام اللاحقة، قامت قوات أمنية تابعة لحكومة الأمر الواقع في صنعاء، جماعة الحوثيين، باعتقال العشرات من المواطنين اليمنيين العاملين لدى الأمم المتحدة وعدد من المنظمات غير الحكومية المحلية. تميزت هذه الاعتقالات بكونها تعسفية فقد جرت دون أي أمرٍ قضائي.
بتاريخ 03 أغسطس/آب 2024، اقتحم مسلحون حوثيون مكتب مفوضية الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان في صنعاء. أدان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء بشدة هذا الاقتحام وقال في بيانٍ تم نشره على موقع المفوضية الرسمي ما يلي، “أن دخول مكتبٍ تابع للأمم المتحدة من دون إذن والاستيلاءَ بالقوّة على وثائق وممتلكات يتعارضان بشكل كامل مع اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة.” أكد البيان إن على المسلحين المقتحمين، “مغادرة المبنى فوراً وإعادة جميع الأصول والممتلكات.”
كذلك ورد في البيان ما يلي، “في 06 و07 يونيو/حزيران 2024، احتجزت سلطات الأمر الواقع 13 من موظفي الأمم المتحدة، من بينهم 6 يعملون في مكتب المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أكثر من 50 عاملاً في منظمات غير حكومية مختلفة وشخص يعمل في إحدى السفارات. كما أنّها تحتجز اثنين آخرين من موظفي مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وآب/أغسطس 2023، بالإضافة إلى موظفين أمميين اثنين آخرين احتجزا في وقت سابق. وجميعهم محتجزون في الحبس الانفرادي مع منع الاتّصال.”
في 19 أغسطس/آب 2024، أعلن ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، في بيانٍ نُشر على موقع الأمم المتحدة، أن، “الحوثيين سلموا المكتب اليوم إلى المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن.”
أكدت مصادر محلية مطلعة لمركز الخليج لحقوق الإنسان، أن عدد المعتقلين الذين تم توثيق اعتقالهم حتى تاريخ كتابة هذا النداء قد بلغ 33 معتقلاً، في حين أن العدد الكلي للمعتقلين قد بلغ 70 معتقلاً.
أضافت هذه المصادر، أنه يجري احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي بسجن ٍسري تابع لجهاز الأمن والمخابرات. لم يُسمح لهم منذ اعتقالهم ولحد الآن بالتواصل مع أسرهم أو محاميهم، مما يمكن اعتباره اخفاءً قسرياً متعمداً تقوم به السلطات في صنعاء.
تقول التقارير الأخيرة الواردة أنه لم يتم توجيه أية تهم محددة لهم لحد الآن، لكن يخشى المراقبون، وكما حصل مراراً وتكرارا في قضايا سابقة، أن توجه لهم تهمة مزعومة وهي التجسس بسبب طبيعة عملهم الذي يتطلب غالباً العمل مع بعض المؤسسات والأفراد الغربيين.
يربط بعض ناشطي المجتمع المدني، الذين تحدث إليهم مركز الخليج لحقوق الإنسان، بين هذه الاعتقالات والقرار الذي أصدره البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحكومة، التي يعترف بها المجتمع الدولي، في 30 أيار/مايو 2024، وقف التعامل مع ستة بنوك كبيرة تعمل داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بعد أن رفضت هذه البنوك نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن، التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي.
أكد ناشطو المجتمع المدني الآخرون، أن ما حصل هو نمط شائع، وقمع ممنهج ومستمر تتبعه جماعة الحوثيين للقضاء المبرم على المجتمع المدني، والسيطرة التامة على كافة نواحي الحياة، وبضمنها قضايا الإغاثة والتعليم والصحة.
لاتزال بعض أسر المعتقلين تتحفظ على نشر أسماء أبنائها، يحدوها الأمل في أن يتم أطلاق سراحهم من خلال الجهود المباشرة التي يبذلونها مع بعض قياديي جماعة الحوثيين. يمتلك مركز الخليج لحقوق الإنسان قائمة موثقة بأسماء عدد من المعتقلين، ولكنه لن ينشرها مشاركاً الأمل مع أسرهم في أن يتم إطلاق سراحهم قريباً.
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان الأمم المتحدة، والحكومات التي لها نفوذ في اليمن، ببذل جهود حقيقية أكبر لضمان أطلاق سراح جميع المعتقلين الفوري وبدون قيد أو شرط وتعويضهم عن جميع الأضرار التي تكبدوها جراء استهدافهم التعسفي هذا.
اعتقال الصحفي المتقاعد عبد القادر السقاف

بتاريخ 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تم اعتقال المواطن عبدالقادر السقاف، 74 سنة، وهو صحفي وموظف سابق في السفارة الأمريكية، بينما كان داخل سيارته برفقة زوجته قرب منزله في صنعاء، وذلك من قبل مجموعة منالمسلحين التابعين لجماعة الحوثيين. في اليوم نفسه داهمت مجموعة مسلحة مكونة من 14 شخصاً بينهم امرأتين من عناصر الشرطة النسائية منزله، وصادرت أجهزة إلكترونية بينها حواسيب وكاميرات، بالإضافة إلى وثائق شخصية كجوازات السفر. لم تتمكن أسرته من رؤيته بانتظام وتم السماح له بإجراء مكالمات قليلة طيلة سنين احتجازه.
عمل السقاف في تلفزيون عدن كمصور ومنسق انتاج منذ يناير/كانون الثاني 1983 حتى أبريل/نيسان 1990، ثم انتقل للعمل في التلفزيون بصنعاء كمنسق للأخبار والبرامج، ومترجم للأخبار من وإلى الإنكليزية، حتى أبريل/نيسان 1994، عندما انتقل للعمل في السفارة الأمريكية بصنعاء بالملحقية الثقافية الإعلامية فيها ومن ثم في يناير/كانون الثاني 1998، تم تعيينه فيها اختصاصياً للشؤون السياسية حتى تقاعده في سبتمبر/أيلول 2014.
بتاريخ 10 يونيو/حزيران 2024، بثت جماعة الحوثيين مقاطع مصورة لمجموعة من المواطنين اليمنيين العاملين كموظفين أمميين زاعمةً أنها حصلت منهم على اعترافات بقيامهم بالتجسس في اليمن. إن من بين هذه التسجيلات هذا الفيديو الذي نشره حساب الشرطة اليمنية التابعة لجماعة الحوثيين لما أسمته زعماً اعترافات، “الجاسوس عبدالقادر السقاف”، تحدث فيه عن طبيعة عمله في السفارة الأمريكية في تلك الفترة.
إن العمل كملحق محلي في السفارات الأجنبية هو عمل معروف في كافة أنحاء العالم، وهو من ضمن سياقات العمل المألوفة أن تستعين البعثات الأجنبية بخبراء محليين يستطيعون أن يقدموا لها المعلومات العامة اللازمة عن البلد والطبيعية الجيوسياسية له، وهذا لا يعتبر تجسساً بأي شكلٍ من الأشكال. يطالب مركز الخليج لحقوق الإنسان، حكومة الأمر الواقع في صنعاء، جماعة الحوثيين، بإطلاق سراح الصحفي عبدالقادر السقاف فوراً ودون أية قيود وكافة المواطنين الآخرين الذين اتهموا بالتجسس، وتعويضهم عن المشقات التي واجهوها.
رفع قضية مدافعة حقوق الإنسان فاطمة العرولي إلى المحكمة العليا

لقد تم خلال شهر يوليو/تموز 2024، تم إحضار مدافعة حقوق الإنسان فاطمة صالح العرولي، أمام النيابة الجزائية المختصة في صنعاء، حيث أكدت على موقفها السابق المثبت في جلسة النطق بحكم الإعدام ضدها، والمتضمن عدم رغبتها في استئناف الحكم.
أكدت مصادر محلية مطلعة لمركز الخليج لحقوق الإنسان، بأن ملف القضية، بعد هذه التطورات، سيتم إحالته إلى مكتب النيابة العامة التي ستقوم بدورها برفعه إلى المحكمة العليا التي ستقوم بتقييم الحكم الابتدائي من جديد.
بتاريخ 05 ديسمبر/كانون الأول 2023، أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بصنعاء حكمها بالإعدام تعزيراً على العرولي، استناداً إلى اتهامات تعسفية انتقاماً منها على ما يبدو بسبب عملها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الدفاع عن حقوق النساء والأطفال.
لمزيدٍ من المعلومات عن تفاصيل قضيتها، أنظر هنا.
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان حكومة الأمر الواقع في صنعاء، جماعة الحوثيين، إلى إطلاق سراح مدافعة حقوق الإنسان فاطمة صالح العرولي فوراً وبدون اية شروط حيث أن استهدافها يرتبط بعملها السلمي والشرعي في مجال حقوق الإنسان.
استمرار استهداف القاضي عبدالوهاب قطران

بتاريخ 30 يوليو/تموز 2024، نشر القاضي المتقاعد عبدالوهاب قطران على حسابه في الفيسبوك ما يلي، “عدنا بعد تغييب قسري لمدة سبعة اشهر….اليوم بكرت للنيابة الجزائية، لأخذ المضبوطات الإلكترونية من اجهزة شخصيه فقد نهبوا جميع هواتفي وهواتف افراد اسرتي المحمولة الصالح منها والعاطب، الحواسيب…واذا بي اتفاجأ بأن جهاز الأمن والمخابرات لم يرسلها للنيابة الجزائية بعد… انتظرت شهر كامل دون جدوى ولم يرجعوا شيء مما نهبوه من بيتي… جميع حساباتي الإلكترونية وصفحاتي في الفيسبوك وتويتر وجميع شرائحي المرتبطة بها معهم وكل دفاتري ومذكراتي وكلمات السر المدونة لا زالت معهم ويرفضوا إعطائها لي لكي لا اتمكن من الوصول الى أي من حساباتي. اليوم تمكنت وبعد جهد ومشقة وعناء طويل من استرجاع هذا الحساب فقط…لقد طال سكوتنا ولا بد من الدفاع عن كرامتنا والسعي لأخذ حقوقنا.”
بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2024، تم إطلاق سراح القاضي قطران، وأغلقت القضية المرفوعة ضده.
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان حكومة الأمر الواقع في صنعاء، جماعة الحوثيين، إلى إعادة المقتنيات الشخصية العائدة إلى القاضي عبدالوهاب قطران بالسرعة الممكنة والتوقف عن استهدافه.
تشديد الحكم على الصحفي نبيل السداوي

بتاريخ 18 أغسطس/آب 2024، قررت المحكمة (الشعبة) الجزائية الاستئنافية المتخصصة في صنعاء تشديد الحكم الابتدائي بالسجن الصادر ضد الصحفي نبيل محمد السداوي وجعله 9 سنوات بدلاً من 8 سنوات.
كان السداوي قد أنهى بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2023، الحكم الصادر ضده، بالرغم من ذلك استمرت جماعة الحوثيين في احتجازه.
اعتقل في 21 سبتمبر/أيلول 2015، وتم إخفاؤه قسرياً لمدة خمسة أشهر حيث منعت عنه الزيارة، وتعرض خلالها للتعذيب وتدهورت حالته الصحية.
صدر ضده بتاريخ 22 فبراير/شباط 2022، حمكاً بالسجن لمدة ثمان سنوات بعد إدانته بارتكاب جرائم مختلفة بضمنها العمل لصالح السعودية. افتقدت محاكته المعايير الدولية الدنيا للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية وتم منعه من التواصل مع محام ٍ.
أكدت تقارير محلية موثوقة تعرضه خلال فترة سجنه للعديد من الانتهاكات الجسيمة بضمنها سوء المعاملة، وإجباره من قبل عناصر الأمن على الاعتراف بتهم ٍ ملفقة لم يرتكبها.
مرة أخرى، يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان حكومة الأمر الواقع في صنعاء، إلى الإفراج الفوري ودون قيدٍ أو شرط عن الصحفي نبيل محمد السداوي الذي كان يجب ألا يتم سجنه ابتداءً حيث أنه فقط قام بعمله الصحفي بكل مهنية.
الصحفي فهمي العليمي

بتاريخ 18 يوليو/تموز 2024 صباحا، قامت قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتقال الصحفي فهمي أحمد العليمي بعد خروجه من منزله بمدينة عدن، حيث انقطع الاتصال به تماماً حسب ما أعلنته الاسرة التي أكدت احتجازه في مبنىً تابع لهذه القوات. بتاريخ 22 يوليو/تموز 2024، قامت هذه القوات بإطلاق سراحه دون توجيه أية تهمة ضده، بعد حملة تضامن كبيرة قام بها زملائه ومنظمات المجتمع المدني وبضمنها نقابة الصحفيين اليمنيين التي أصدرت بياناً أدانت فيه اعتقاله وطالبت بإطلاق سراحه بسرعة ومعاقبة المتورطين في عملية الاعتقال.
التوصيات
يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان جميع أطراف النزاع في اليمن على:
1. الإفراج الفوري عن، جميع الذين تم اعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي أو محاكمتكم على تهم ٍ مفبركة؛
2. احترام الحريات العامة بما في ذلك حرية الصحافة والحق في التجمع السلمي؛ و
3. التأكد من أن المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون والأكاديميون ونشطاء الإنترنت، قادرون على القيام بعملهم المشروع والتعبير عن أنفسهم بحرية دون خوف من الانتقام وبطريقة خالية من جميع القيود، بما في ذلك المضايقة القضائية.