
وثّق مركز الخليج لحقوق الإنسان انتهاكاتٍ عديدة لحقوق الإنسان في اليمن خلال الشهرين الماضيين، ارتكبتها أطرافٌ مختلفةٌ في النزاع الدائر. تشمل هذه الانتهاكات استمرار استهداف الصحفيين والإعلاميين وبقية الناشطين، وتوجيه التهم المفبركة ضدهم، وفرض القيود الشديدة على حرية التعبير وحرية الصحافة. يُعرب مركز الخليج لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء التقارير التي تُفيد باستمرار الاحتجاز التعسفي لمجموعةٍ من الصحفيين والإعلاميين الأبرياء، في محافظة الحديدة.
الحكم بسجن الصحفي والكاتب محمد المياحي

بتاريخ 24 مايو/أيار 2025/ أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، وهي محكمة ابتدائية، حكمها بالسجن لمدة سنة ونصف ضد الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي، بعد أن أدانته بالتهم الموجهة ضده في لائحة الاتهام، وهي “المساس بأمن الدولة” و “إذاعة الأخبار التي من شأنها تكدير الأمن العام.”
ألزمته المحكمة كذلك بتوقيع تعهد مكتوب بعدم الكتابة مرة أخرى، وتقديم ضمان مالي مقداره 5 خمسة ملايين ريال يمني لتأكيد تعهده. تضمن الحكم أيضاً مصادره أجهزته الإلكترونية وفرض الرقابة عليه لمدة ثلاث سنوات بعد إكماله لمدة محكوميته. قام فريق الدفاع باستئناف الحكم فور صدوره.
ترتبط التهم التي وُجهت بانتقاداته اللاذعة لجماعة الحوثيين من خلال كتاباته التي دأب على نشرها من على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي كانت السبب في اعتقاله.
لقد ورد في لائحة الاتهام المؤرخة في24 أبريل/نيسان 2025، الصادرة عن النيابة العامة المتخصصة، والتي اطلع على نسخة منها مركز الخليج لحقوق الإنسان، اتهامه زعماً بما يلي، “أذاع ونشر علناً وبسوء قصد اخبار وبيانات كاذبة بقصد تكدير الأمن والسلم العام والإضرار بالصالح العام بأن اذاع في قناة يمن شباب…. وموقع الفيسبوك تصريحات ومقالات تحريضية ضد الدولة ونظامها السياسي.” قررت النيابة العامة، إحالته إلى المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بالرغم من كونه صحفياً وكاتباً كان قد عبر عن آرائه بكل سلمية، وإن كانت هناك شكوى ضده فيجب أن يتم النظر فيها من قبل نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات.
في صباح يوم 20 سبتمبر/أيلول 2024، قامت قوة مسلحة تابعة لحكومة الأمر الواقع، جماعة الحوثيين، باعتقاله من منزله وسط صنعاء واقتادته إلى جهة مجهولة. أكدت تقارير محلية موثوقة أنه كان معتقلاً لعدة أشهر بمعزل عن العالم الخارجي في أحد السجون التابعة لجهاز الأمن والمخابرات. لم يتم الإفصاح عن التهم الموجهة ضده وتم منعه من التواصل مع أسرته أو محاميه. لقد تم نقله إلى سجن هبرة سيء الصيت في صنعاء بتاريخ 28 ابريل/نيسان 2025.
إن اعتقاله يمثل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير، ويمكن اعتبار الانتهاكات الجسيمة التي واجهها هي أسلوب ممنهج تتبعه جماعة الحوثيين مع كافة الأصوات التي لها آراء أخرى لا تتوافق مع تلك التي تروج لها السلطات في صنعاء. لقد واجه ظروف الإخفاء القسري القاسية بعد أن تم اعتقاله بدون أمر قضائي، محاكمته أمام محكمة جنائية غير متخصصة بقضايا النشر، بالرغم من أنه في 13 يناير/كانون الثاني 2025 تمت إحالة قضيته إلى نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات لكونه صحفي. لقد تم النطق بالحكم من شاشة هاتف نقال، والتنكيل به بعد إحضاره مقيد اليدين وسط حراسة مشددة.
إن المياحي صحفي وكاتب معروف في اليمن وقد أعلنت منظمات المجتمع المدني وزملائه من الصحفيين والكتاب والعديد من المواطنين تضامنها معه. في يونيو/حزيران 2022، احتفل بصدور كتاب، يتضمن روايته الأولى والتي تحمل عنوان، الفيلسوف الصغير.
اعتقالات تعسفية للصحفيين والإعلاميين في الحديدة

قامت مجموعة مسلحة تابعة للحوثيين مساء يوم 21 مايو/أيار 2025، واليوم التالي بالاعتقال التعسفي ودون أمر قضائي لمجموعة من الصحفيين والإعلاميين بلغ عددهم ما يقارب 13 شخصاً، في محافظة الحديدة، الواقعة غرب اليمن. أكدت مصادر محلية موثوقة، إن من بين الذين تم اعتقالهم، الصحفي ونائب رئيس فرع نقابة الصحفيين اليمنيين في الحديدة وليد علي غالب، مصور وكالة رويترز للأنباء سابقاً عبد الجبار علي زياد، المصور الصحفي ومدير مركز صورة للإنتاج الاعلامي عبدالعزيز علي النوم، الصحفي عاصم محمد، الصحفي هيثم داود الريمي، مراسل الموقع الإخباري العربي الجديد حسن زياد، الصحفي و مسؤول الإعلام في مركز الأمل للأورام السرطانية عبدالمجيد الزيلعي، والمصور الصحفي محمد الهتاري.
اضافت المصادر نفسها أنهم محتجزون لدي جهاز الأمن والمخابرات في محافظة الحديدة، وأنه لم توجه لهم اية تهمة محددة لحد الآن.
أدانت نقابة الصحفيين اليمنيين بشدة هذه الاعتقالات في بيانٍ لها صدر في 25 مايو/أيار 2025، ووصفتها بالحملة التعسفية التي، “تستهدف الصحفيين وحرية الراي والتعبير.”
استدعاء الصحفي عبدالرحن محمد الحميدي

في 24 /ايو/أيار 2025، تم استدعاء الصحفي عبدالرحن محمد الحميدي إلى مقر المنطقة الأمنية الثالثة في محافظة مأرب الواقعة إلى الشمال الشرقي من العاصمة صنعاء، بعد نشره على صفحته في الفيسبوك منشوراً وثق فيه اعتداء عدد من المسلحين على زميله الصحفي نجم الدين الصبري. لقد تعرض لسوء المعاملة والاحتجاز لعدة ساعات والاستجواب من قبل مدير المنطقة الذي أخبره على حذف منشوره. لقد تم أطلاق سراحه بكفالة ضامنة.
في اليوم التالي تم استدعائه مجدداً حيث أجبر على توقيع تعهد أمام القادة الأمنيين يتضمن عدم قيامه بنشر ما يحصل في المحافظة من أحداث قبل الرجوع المسبق إلى الأجهزة الأمنية.
نشرالحميدي على صفحته في الفيسبوك صورة عن التعهد الذي وقعه والكفالة الضامنة، بالإضافة إلى العديد من منشورات التضامن التي تلقاها من زملائه.
إن المنطقة الأمنية الثالثة تشمل قوات عسكرية تنتشر في محافظتي مأرب وشبوة، ويقع مركز قيادتها في مدينة مأرب، وتخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
يجب إطلاق سراح الممثلة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي

بالرغم من قضائها مدة تقارب على 4 سنوات و4 أشهر من مدة الحكم الصادر عليها بالسجن لمدة خمس سنوات، فأن الممثلة وعارضة الأزياء انتصار عبدالرحمن الحمادي ما تزال في السجن. أكدت تقارير موثوقة أنها لازالت تقبع في السجن المركزي وقد تحسنت حالتها النفسية بعد نقلها من القسم الخارجي السيء الصيت إلى القسم الداخلي المريح نسبياً. كذلك تحظى بزيارات منتظمة من قبل والدتها التي تحث السلطات على إطلاق سراحها.
علم مركز الخليج لحقوق الإنسان من مصادر مطلعة أن النائب العام في العاصمة صنعاء استلم في 12 أغسطس/آب 2024، طلباً لإطلاق سراحها حسب نص المادة (506) من قانون الإجراءات الجزائية لسنة 1994، التي تُجيز الإفراج عن المحكوم عليه بعد قضائه ثلاثة أرباع المدة المحكوم بها، ولم يصدر عنه قراراً بهذا الشأن لحد الآن.
لقد سبق أن وثق مركز الخليج لحقوق الإنسان، تعرضها بتاريخ 21 يوليو/تموز 2022، للضرب المبرح من قبل رئيسة العنبر التي تقبع فيه وسجانتها.
لمزيدٍ من المعلومات اضغط هنا.
#الحرية_لانتصار_الحمادي
اعتقال الصحفي مزاحم باجابر

بتاريخ 18 يونيو/حزيران 2025، قامت قوة عسكرية باعتقال الصحفي ورئيس تحرير وناشر منصة الأحقاف الإعلامية مزاحم باجابر (الصورة على اليسار)، واقتادته إلى إدارة البحث الجنائي بمدينة المكلا حيث يجري احتجازه فيها، بناءً على الأمر الصادر من النيابة الجزائية الابتدائية المتخصصة المتضمنة إحضاره قسراً. إن المكلا هي عاصمة محافظة حضرموت.
في 21 يونيو/حزيران 2025، كتب زميله الصحفي صبري سالمين بن مخاشن (الصورة في الوسط) على صفحته في الفيسبوك مؤكداً أن محافظ حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي يعارض إطلاق سراحه بالرغم من صدور توجيهات صريحة من وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان بأطلاق سراحه بكفالة.
بتاريخ 08 ابريل/نيسان 2025، أصدرت النيابة الجزائية الابتدائية المتخصصة في محافظة حضرموت أمراً بإحضار الصحفيين مزاحم باجابر، صبري سالمين بن مخاشن، وعبدالجبار باجبير (الصورة على اليمين)، قسراً لعدم امتثالهم لأوامرها بالحضور أمامها.
أعقب ذلك أمراً صادراً من مدير شرطة محافظة حضرموت بتاريخ 10 أبريل/نيسان 2025، بإلقاء القبض عليهم لكونهم مطلوبين للتحقيق لدى النيابة الجزائية المتخصصة وعدم حضورهم تلقائياً.
بتاريخ 03 يونيو/حزيران 2025، نشر مخاشن نداءً في صفحته على الفيسبوك موجهاً إلى نقابة الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان، وأرفقه بصور للأوامر الصادرة من النيابة الجزائية الابتدائية المتخصصة ومدير شرطة محافظة حضرموت بإحضاره وزميليه الآخرين.
لقد ورد في النداء ما يلي، “لقد حملت قلمي مع زملائي الصحفيين عبدالجبار باجبير ومزاحم باجابر وتبنت صفحاتنا قضايا المظلومين والمقهورين ونشرنا قضايا فساد كبيرة ومرعبة تدمر الاقتصاد الوطني.” أضاف بقوله، “بدلا من اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة والعاجلة ضد المخالفين من قبل النائب العام والنيابات المتخصصة نفاجئ بإصدار أوامر قهرية ضدنا في صور تعكس الخلل في التعامل مع منظومة الدولة وقوانينها.” لقد ختم ندائه بمناشدة جميع منظمات المجتمع المدني للتضامن معهم.
تقع محافظة حضرموت تحت سيطرة الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي.
التوصيات
مرة أخرى، يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان أطراف النزاع في اليمن:
1. الإفراج الفوري عن، جميع الذين تم اعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي أو محاكمتهم على تهم ٍ مفبركة؛
2. احترام الحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير وحرية الصحافة والحق في التجمع السلمي وحرية الحركة؛ و
3. التأكد من أن المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون والأكاديميون ونشطاء الإنترنت، قادرون على القيام بعملهم المشروع والتعبير عن أنفسهم بحرية دون خوف من الانتقام وبطريقة خالية من جميع القيود، بما في ذلك المضايقة القضائية.