close

انتهاكات جسيمة مستمرة لحقوق الإنسان من قبل السلطات

6/10/2025

كانت ذكرى يوم 25 يوليو/ تموز، المقترنة بإعلان الجمهورية سنة 1957، تُذًًًَّكًّرُنا بحجم انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتكبتها الحكومة الحالية بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها وعطلت بها عدة مؤسسات دستورية، وذلك بعد إعلانها في اليوم نفسه سنة 2021 الجمهورية الثالثة.

منذ ذلك الحين تستمر السلطات في رفع شعارات السيادة والإصلاح، في حين تتصاعد في المقابل مخاوف حقيقية متزايدة من قبل حركة حقوق الإنسان الوطنية والعالمية بشأن تراجع الحريات العامة، وعلى رأسها حرية التعبير عبر الإنترنت وخارجه التي تواجه تقييدات ملموسة وواسعة، وكذلك استهداف ناشطي المجتمع المدني، الصحفيين، والناشطين السياسيين بملاحقات قضائية على تهم ٍ مفبركة. يُضاف إلى ذلك انكماش الفضاء المدني ومحاولة القضاء على الصوت الآخر المعارض بالرغم من أن أبرز مكاسب الانتقال الديمقراطي كان هو حمايتهما.

تجمع حاشد للتضامن مع الاتحاد العام التونسي للشغل

بتاريخ 21 أغسطس/آب 2025، شارك أكثر من الفي مواطن من أعضاء الاتحاد العام التونسي للشغل، الحاصل على جائزة نوبل لسنة 2015، في تظاهرة تضامنية وسط العاصمة تونس، دعماً له وتضامناً معه بعد انتقادات وجهها ضده الرئيس قيس سعيد. كانت الحكومة قد قررت بتاريخ 14 أغسطس/آب 2025، بناءً على توجيهاتٍ من الرئيس سعيد إنهاء التفرغ النقابي، والاقتطاع الآلي من أجور موظفي الدولة من المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل (الصورة الرئيسية).

اعتداءات ضد الصحفيين

بتاريخ 17 يوليو/تموز 2025، نشرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تقريراً على موقعها الإلكتروني أوضحت فيه أن وحدة الرصد التابعة لها قد سجلت 8 اعتداءات بحق الصحفيين من أصل 10 إشعارات عن حالات وردت إلى الوحدة عبر مراقبة محيط عمل الصحفيين ومتابعة المستجدات على شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الوطنية.

لقد توزعت الاعتداءات منذ بداية سنة 2025 وحسب التقرير نفسه كما يلي:

الشهر يناير/كانون الثاني 2025فبراير/شباط 2025مارس/آذار 2025أبريل/نيسان 2025مايو/أيار 2025يونيو/حزيران  2025
عدد الاعتداءات1191016188

كان قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء في فبراير/شباط 2022، الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سيعد، والذي أعقبه الاستخدام المسيس للقضاء التونسي في السنوات اللاحقة، وبقراراتٍ سريعة لملاحقة نشطاء المجتمع المدني وبضمنهم الصحفيين والمدونين والنشطاء السياسيين من المعارضين، أحد الأسباب الرئيسية لهذا التدهور الخطير في مستوى الحريات العامة وبضمنها حرية الصحافة.

قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وسيلة لخنق حرية التعبير

من جهة أخرى، منذ صدور المرسوم (54) الخاص بالجرائم الإلكترونية في سبتمبر/أيلول 2022، فقد جرى استخدامه من  قبل السلطات لتخويف وترهيب المواطنين عموماً والناشطين الذين يعبرون عن آراءٍ مناوئة لتوجهات الحكومة، التي قامت باستهدافهم ومحاكمتهم على ٍتهم مفبركة ومبهمة،.وفق الفصل (24) الوارد في المرسوم والمتعلّق بالإشاعة والأخبار الزائفة، حيث جرى استخدامه لفرض أحكام بالسجن مشددة وغرامات مالية باهظة.

بالرغم من الدعوات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان ونواب الشعب لإلغاء المرسوم (54) أو تعديله لضمان عدم استخدامه لقمع حرية التعبير، بعد أن جرى استخدامه بفعالية كأداةٍ لقمع المعارضين، إلا أن هذه الدعوات لم تلق آذاناً صاغية من قبل السلطات.

قائمة بالناشطين الذين تم استهدافهم وفقاً لمرسوم (54)

أدناه قائمة غير حصرية لأبرز مدافعي حقوق الإنسان، الصحفيين، الإعلاميين، من الذين تعرضوا للاعتقال والتبعات القضائية بسبب عملهم الإعلامي تحت طائلة المرسوم (54)، وذلك خلال الفترة من عام 2023 حتى صيف 2025:

 الصحفيون والإعلاميون

رشاد طمبورة: صادقت محكمة الاستئناف على الحكم الابتدائي الصادر بحق الرسام رشاد طمبورة بالسجن لمدة سنتين في 31 يناير/كانون الثاني 2025، بعد إدانته بعدة تهم من بينها ترويج أخبار كاذبة بهدف الإضرار بالأمن العامّ حسب الفصل (24) من المرسوم (54). ترتبط قضيته برسمة كرافيك انتَقدَ فيها عنصرية الحكومة ضد المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء. تم أطلاق سراحه في 17 يوليو/تموز 2025.

نصرالدين حليمي: في 07 مارس/آذار 2025، حكمت المحكمة العسكرية ببنزرت على المدون نصر الدين حليمي بالسجن لمدة 7 سنوات حسب المرسوم (54) حيث تمت إدانته بتهمتين إحداهما هي استخدام شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج وتوزيع ونشر واعداد أخبار وبيانات كاذبة. لقد خُفض الحكم إلى سنتين، وأُفرج عنه في 06 يونيو/حزيران 2025.

خليفة القاسمي: بتاريخ 09 يونيو/حزيران 2025، قضت الدائرة الجنائية في محكمة الاستئناف بتونس، بعدم سماع الدعوى في قضية الصحفي ومراسل إذاعة موزاييك في القيروان خليفة القاسمي. قبل ذلك، كان قد تم إطلاق سراحه بعد أن قررت محكمة التعقيب بتاريخ 06 مارس/آذار 2024، النقض والإحالة إلى محكمة الاستئناف التي كانت قد أصدرت حكماً نهائياً بتشديد الحكم النهائي الصادر ضده بالسجن من سنة واحدة إلى ست سنوات في جلسةٍ عقدتها بتاريخ 15 مايو/أيار 2023. ترتبط القضية التي تم رفعها ضده لنشره خبراً صحفياً دقيقاً استقاه من مصدر أمني رسمي حول عملية إرهابية لتستهدفه السلطات بسبب رفضه البوح عن مصادره. لقد تم اعتقاله في 03 سبتمبر/أيلول 2023.

محمد بوغالب: بتاريخ 10 يوليو/تموز 2025، حكمت الدائرة الجنائية في المحكمة الابتدائية بتونس على الصحفي البارز محمد بوغلاب بالسجن لمدة عامين بموجب المادة (24) من المرسوم (50) المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية. لقد تمت إدانته بعد شكوى قدمتها ضده أستاذة جامعية ترتبط بقضية نشر اعتبرته تشهيرياً بالرغم من ثبوت ان بوغالب لم يكن هو مؤلفها. في قضية أخرى رفعتها ضده موظفة بوزارة الشؤون الدينية على خلفية تعليقاته في الإذاعة والتلفزيون حول الزيارات الخارجية وسياسات الوزارة، أصدرت محكمة الاستئناف في تونس حكمها ضده بالسجن لمدة ثمانية أشهر. لقد أمضى سابقا 11 إحدى عشر شهراً في السجن حيث تم اعتقاله في 22 مارس/آذار 2024، وأطلق سراحه في 20 فبراير/شباط 2025.

سنية الدهماني: بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2025، أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس حكمها ضد الصحفية والإعلامية سنية الدهماني بالسجن لمدة سنتين، بعد إدانتها في قضية ترتبط بتصريحٍ إعلامي انتقدت فيه الممارسات العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة. إن الدهماني معروفة بانتقاداتها لسياسات رئيس البلاد الحالي.

تواجه الدهماني مضايقات قضائية مستمرة منذ اعتقالها التعسفي في 11 مايو/أيار 2024، عندما اقتحم أفراد ملثمون من القوات الأمنية، يرتدون ملابس مدنية، مقر نقابة المحامين في تونس. جاء اعتقالها بعد إدلائها بتصريحاتٍ خلال ظهور تلفزيوني، شككت فيها من موقف الحكومة تجاه المهاجرين في تونس.

تم رفع خمسة قضايا منفصلة ضدها، وفق الفصل (24) من المرسوم (54) فيما يتعلق بما تمت تسميته “الأخبار الزائفة”. في 10 سبتمبر/أيلول 2024، قررت محكمة الاستئناف تخفيض الحكم الابتدائي الصادر ضدها في تموز/يوليو 2024، من السجن لمدة سنة إلى السجن لمدة ثمانية أشهر في محاكمة سريعة لم تُمنح فيها الفرصة للدفاع عن نفسها. ترتبط هذه القضية بظهورها في برنامج تلفزيوني على قناة قرطاج المحلية ناقش موضوع المهاجرين الأفارقة حيث ذكرت أثناء حديثها عبارة “شوف البلاد الهايلة” أو “ما هذه البلاد العظيمة” رداً على اتهام المهاجرين برغبتهم في الاستيطان في تونس. لقد اعتبرت السلطات هذه العبارة “مهينة” بحق البلاد.

بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني 2025، قررت محكمة الاستئناف بتونس إدانتها بتهمة، “استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج وترويج ونشر وإرسال وإعداد إشاعات كاذبة،” وتخفيف الحكم الابتدائي الصادر ضدها في أكتوبر/تشرين الأول 2024 من سنتين إلى سنة وستة أشهر.

في تصريحاتٍ صحفية بتاريخ 16 يوليو/تموز 2025، أعلن فريق الدفاع عنها، أن مجموع أحكام السجن التي عليها قضائها تبلغ سنتين وشهرين فيما يرتبط بقضيتين تم حسمهما، أما القضية الثالثة والمذكورة أعلاه فقد صدر فيها الحكم الابتدائي فقط بالسجن لمدة سنتين وهي في طور الاستئناف حالياً. أكد فريق الدفاع وجود قضية رابعة أمام الدائرة الجنائية في المحكمة الابتدائية بتونس وتم تأجيل انعقادها حتى 30 سبتمبر/أيلول 2025، في حين لاتزال القضية الخامسة عالقة في مكتب قاضي التحقيق.

أكد بعض الخبراء القانونيين المحليين وجود خروقات قانونية عديدة في هذه المحاكمات وفي مقدمتها صدور عدة أحكام تتعلق بنفس التهمة المرتبطة بتصريحاتها حول المهاجرين.

حمدي التليلي: قام الملثمون باعتقال الصحفي ومراسل قناة فرنسا 24 حمدي التليلي، أثناء البث المباشر لتوثيق حادثة اعتقال سنية الدهماني، وتمت مصادرة معداته وبضمنها الكاميرا التي وثقت اقتحام مقر نقابة المحامين. لقد أطلق سراحه في وقت متأخر من ليلة 11 مايو/أيار 2025.

  ياسين محجوب: بتاريخ 13 مايو/أيار 2025، اعتقلت القوات الأمنية المصوّر الصحفي ياسين محجوب أثناء قيامه بتغطية التجمع الاحتجاجي للمحامين في مبنى نقابة المحامين بتونس الذي تم اقتحامه. تم تنظيم هذا التجمع احتجاجاً على اقتحام القوات الأمنية لمقر النقابة واعتقالها التعسفي للصحفية الدهماني. لقد تم إطلاق سراحه في اليوم التالي بعد أن قامت القوات الأمنية بمسح جميع صوره.

مهدي زقروبة: بتاريخ 11 يوليو/تموز 2024، أفرجت السلطات عن المحامي مهدي زقروبة، غير أن قاضي التحقيق قرر استمرار التحقيق معه في القضية المرتبطة حسب ما زعمته وزارة الداخلية في بيانٍ لها بعد اعتقاله، “الاعتداء بالعنف المادي واللفظي،” على اثنين من منتسبي القوات الأمنية.

أكدت مصادر محلية مطلعة أن القضية تتعلق بقيام المحامين وبضمنهم زقروبة بالاحتجاج بعد أن قررت المحكمة الابتدائية صباح يوم 13 مايو/أيار 2024، إيداع الدهماني بالسجن من دون استجوابها. لقد جرى اعتقال زقروبة في مساء اليوم نفسه.

أصدرت الهيئة الوطنية للمحامين بياناً مساء يوم 15 مايو/أيار 2024، أعلنت فيه أن زقروبة قد تعرض للتعذيب وانه، ” يحمل أثار عنف مادي بأجزاء مختلفة بجسده عاينها قاضي التحقيق المتعهد ما يؤكّد تعرضه للتعذيب أثناء فترة الإيقاف.” كذلك أعلنت في بيانها إضراباً عن العمل في أرجاء البلاد في اليوم التالي لصدور البيان.

سبق وأن صدر ضده حكم بالسجن في 20 يناير/كانون الثاني 2023، من قبل محكمة الاستئناف العسكرية مع إيقافه عن ممارسة مهنة المحاماة لمدة خمس سنوات.

مراد الزغيدي و برهان بسيّس: بتاريخ 27 أغسطس/آب 2025، قررت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس إحالة الإعلامييْن،  المحلل السياسي مراد الزغيدي ومقدم البرامج التلفزيونية برهان  بسيّس إلى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس ورفضت الافراج عنهما. لم تتوفر تفاصيل عن طبيعة التهم الموجهة ضدهما لكن بعض التقارير الصحفية قالت إن التهم هي ذات صبغة مالية.

في 22 مايو/أيار 2024، قررت المحكمة الابتدائية بتونس سجنهما لمدة سنة لكلٍ منها وفق المرسوم (54) بسبب تصريحاتٍ لهما على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها السلطات. لقد قررت المحكمة سجنهما 6 أشهر بعد إدانتهما بتهمة، “استعمال شبكة وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج وترويج وإرسال وإعداد أخبار وإشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير والإضرار بالأمن العام.” كذلك فقد حكمت عليهما بالسجن 6 أشهر إضافية بعد إدانتهما بتهمة ثانية هي، “استغلال أنظمة معلومات لإشاعة أخبار تتضمن نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير وتشويه سمعة والإضرار مادياً ومعنوياً.”

بتاريخ 26 يوليو/تموز 2024، أصدرت محكمة الاستئناف بتونس حكمها بتخفيض الحكم الصادر ضد بسيّس إلى السجن لمدة 8 ثمانية أشهر مع النفاذ، وفي 30 يوليو/تموز 2024، قررت المحكمة نفسها تخفيض محكومية الزغيدي إلى السجن لمدة 8 ثمانية أشهر مع النفاذ ايضاً.

كان بسيّس يقدم برنامج “العرض المستحيل” لدى إذاعة “إي أف أم” الخاصة ويشاركه الزغيدي والدهماني كمحللَين سياسيَّين.

استهداف الأصوات الحرة المناوئة للحكومة

أصبح واضحاً للمراقبين داخل تونس وخارجها أن الحكومة تتبع نمطاً ممنهجاً من السياسات القمعية الهادفة إلى القضاء على حركة حقوق الأنسان والمعارضة السياسية بأكملها كما يتضح من الأمثلة التي وثقها مركز الخليج لحقوق الإنسان.

محامي حقوق الإنسان البارز أحمد صواب

في خضم ذلك يستمر التنديد بكل السياسات القمعية والمطالبة بإطلاق سراح جميع سجناء الراي وبضمنهم محامي حقوق الإنسان البارز أحمد صواب، الذي أكد من وراء القضبان أن محاكمته هي، “سياسية بحتة،” وأن “القضاء شريك في الطغيان.”

على ذات النمط من القمع الممنهج، قامت مجموعة أمنية تابعة لفرقة مكافحة الإرهاب في بوشوشة صباح يوم 21 أبريل/نيسان 2025، بمداهمة منزل محامي حقوق الإنسان البارز، أحمد صواب، وهو قاضي سابق وعضو هيئة الدفاع في قضية “التآمر على أمن الدولة.”

يُعتبر صواب أحد أبرز الأصوات القانونية المناهضة للسياسات الحالية وذلك منذ حلّ البرلمان عام 2021. لقد شارك صواب في الدفاع عن المعارضين في قضية التآمر على أمن الدولة.

يرتبط ملف القضية بتهم إرهاب مفترضة حسب ما تدعيه السلطات لكن عدد كبير من ناشطي حقوق الإنسان والخبراء القانونيين أكدوا أن ما يجري هو إساءة ممنهجة لقوانين مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضة بكل أنواعها.

الصحفي زهير الجيس

بتاريخ 23 يوليو/تموز 2025، قامت إدارة إذاعة جوهرة أف أم بحذف الفقرة السياسية من حلقة برنامج “بوليتيكا” الذي يقدمه الصحفي زهير الجيس من صفحتها على الفيسبوك. لقد تناولت هذه الفقرة حواراً مع الناشط السياسي والاقتصادي المستقل والوزير السابق فوزي عبدالرحمن، وتناول الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد حيث قامت الإدارة بحذفه مباشرةً بعد انتهاء البث المباشر ودون إعلام مقدم البرنامج.

أصدرت نقابة الصحفيين التونسيين بياناً اعتبرت ما قامت به الإذاعة بأنه، “حالة رقابة خطيرة وتدخلاً غير مشروع في التحرير، ُتعيد إلى الأذهان ممارسات تمس من جوهر حرية التعبير ووضع قيود عليها وهي ممارسات تضرب معايير التنوع والتعدد في وسائل الإعلام.”

بتاريخ 01 أغسطس/آب 2025، أعلن الجيس عن التوقف النهائي لبرنامج “بوليتيكا” بعد مسيرة استمرت 11 سنة بدأت في سنة 2014. كذلك، أكد في رسالة وداع بعثها على إثر توقف البرنامج تعرضه إلى ضغوطات متعددة من جهات متعددة من بينها سياسيين ورجال أعمال.

الصحفي غسان بن خليفة

بتاريخ 15 يوليو/تموز 2025، قررت محكمة الاستئناف المصادقة على الحكم الابتدائي القاضي بسجن الصحفي ورئيس تحرير موقع انحياز غسان بن خليفة لمدة ستة أشهر بعد إدانته بتهمة الإساءة إلى الغير عبرمواقع التواصل الاجتماعي ضمن القضية التي تم فبركتها ضده منذ سبتمبر/أيلول 2022.

في 24 يوليو/تموز 2025، نشر موقع انحياز نداءً تحت عنوان “دعوة لإسناد غسان بن خليفة” جاء فيه أن، “أن الملف القضائي الذي يحاكم على أساسه مصطنع تماما، بهدف تشويه غسان الصحفي الاجتماعي مناصر قضايا الطبقات الشعبية وصاحب الآراء الوطنية المزعجة،” للحكومة الحالية. كذلك دعا النداء المدافعين عن حرية التعبير إلى، “اتخاذ جملة من الخطوات العملية لإسناده والاحتجاج على حكم السجن الجائر الذي صدر في حقه وإنهاء التبعات الباطلة التي تطاله.”

مدافعة حقوق الإنسان سهام بن صدرين

بتاريخ 19 فبراير 2025، قررت محكمة الاستئناف بتونس إطلاق سراح مدافعة حقوق الإنسان البارزة والرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين مع فرض حظر السفر عليها على ذمة القضية المرفوعة ضدها.

كان قد تم اعتقالها في 01 أغسطس/آب 2024، بعد أن تقدمت موظفة في الهيئة نفسها شكوى ضدها حول “تزييف التقرير النهائي للهيئة”.

تشكلت هيئة الحقيقة والكرامة سنة 2014، للتحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في تونس لحقوق الإنسان منذ 1955، وأعدت تقريرا نهائيا نُشر في الجريدة الرسمية سنة 2020.

بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت بن سدرين على صفحتها في الفيسبوك أنها بدأت إضراباً عن الطعام لأنها حسب ما ذكرته، “ليس لدي القدرة لتحمل الظلم الي سُلّط عليّ.”

في 31 يناير/كانون الثاني 2025، نشرت أسرتها على نفس الصفحة جاء فيه، “تمكنا بعد ظهر اليوم الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2025 وبعد خمسة ايام من فرض عزلة كاملة عليها من زيارتها في قسم الإنعاش بمستشفى الرابطة حيث تم إيوائها مساء السبت 25 يناير/كانون الثاني 2025.” كذلك أوضح البيان أنها قررت إنهاء إضرابها عن الطعام، “إن سدرين قررت وضع حد إضرابها الطعام، معربة عن إصرارها الكامل للحصول على انتصار الحقيقة والعدل.”

قضية شركة أنستالينغو

بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2021، داهمت القوات الأمنية مقر شركة أسنتالينغو في ولاية سوسة، وهي شركة متخصصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي ونشر المواد الإعلامية عبر الإنترنت، ومن أجل القيام بمهمتها قامت بتوظيف صحفيين وتقنيين وإداريين وعمال. جاءت هذه المداهمة، التي أعقبتها اعتقالات للعشرات من المرتبطين بعمل الشركة، بعد أسابيع من إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد التدابير الاستثنائية في البلاد في 25 يوليو/تموز 2021.

شملت القضية أمنيين ومدونين وصحفيين ورجال أعمال وسياسيين، وُجهت له تهمة، “التآمر على أمن الدولة وتغيير هيئة الدولة والإساءة لرئيس الجمهورية،” حسب المواد (61) و(62 مكرر) و (67) من القانون الجزائي التونسي. لقد اصطلح على تسمية هذه القضية بقضية “المؤامرة”.

بتاريخ 05 فبراير/ شباط 2025، أصدرت الدائرة الجنائيّة الثانية في المحكمة الابتدائيّة بتونس، أحكامها القاسية في القضية والتي تراوحت بين 5 سنوات و54 سنة من السجن بالإضافة إلى مصادرة الأملاك والأموال بحق 41 متهماً، بعضهم استطاعوا الخروج خارج البلاد.

تضمن ذلك الحكم على رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، الذي رفض المثول أمام القضاء، بالسجن لمدة 22 سنة وغرامة قدرها 80 ثمانين ألف درهم، بالإضافة الى الحكم على ابنه معاذ الغنوشي بالسجن 25 سنة، وابنته سمية الغنوشي 35 سنة، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق بوشلاكة 34 سنة، وعلى رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي 35 سنة.  

أكدت مصادر محلية على أن الحكومة الحالية تستخدم القضاء لتصفيها خصومها السياسيين ومنتقديها من ناشطي حقوق الإنسان وبضمنهم الصحفيين والمدونين في حملة مستمرة من التنكيل والقمع بسبب معارضتهم ونشاطاتهم السلمية.

تضمنت القضية نفسها صدور أحكام ٍ بالسجن على عددٍ من الصحفيين بينهم:

شذى حاج مبارك: بتاريخ 05 أكتوبر/تشرسن الأول 2021، تم اعتقال الصحفية شذى الحاج مبارك وإيداعها السجن ضمن حمله الاعتقالات التي ارتبطت بقضية شركة أنستالينغو. بعد تحقيقاتٍ مطولة تم إطلاق سراحها في 19 يونيو/حزيران 2021، ثم جرى اعتقالها مجدداً في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2023. تم الحكم عليها بالسجن لمدة 5 سنوات.

في 15 مايو/أيار 2025، أعلنت مبارك عن قيامها بالإضراب عن الطعام، “احتجاجاً على حرمانها من حقها في العلاج والدواء بعد تفاقم آلامها على مستوى العمود الفقري واليد.” لقد أوقفت أضرابها في 20 مايو/أيار 2025، بعد أن جرى تمكينها من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

شهرزاد أكاشة: صدر الحكم ضد الصحفية شهرزاد أكاشة بالسجن لمدة 27 عاماً، واضطرت لمغادرة البلاد لتتفادى السجن. أكملت دراستها في معهد الصحافة وعلوم الأخبار بالجامعة التونسية، وزاولت مهنة الصحافة فكتبت عدة تحقيقات صحفية محلية.

نورالدين البحيري: بتاريخ 03 يونيو/حزيران 2025، أصدرت الدائرة الجنائية في محكمة الاستئناف بتونس حكمها ضد نائب رئيس حركة النهضة ووزير العدل الأسبق المتضمن تأييد الحكم الابتدائي الصادر ضده بالسجن لمدة عشر سنوات، والذي يرتبط بمنشور له على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، نسبته السلطات إليه بالرغم من نفيه كتابته. لقد ُوجهت إلى نور الدين البحيري تهمة السعي لـ “تبديل هيئة الدولة” و “حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً” بموجب الفصل 72 من المجلة الجزائية التونسية. إن قضيته بالرغم من عدم ارتباطها بقضية شركة أنستالينغو، لكنها تمثل دليلاً آخر على استخدام الحكومة للقضاء لتصفية السياسيين المناوئين.

استهداف المحامين والصحفيين

بتاريخ 14 يوليو/تموز 2025، أعرب خبراء الأمم المتحدة في بيانٍ أصدروه هن قلقهم إزاء وضع المحامين في تونس وقالوا، “إن استهداف المهنيين القانونيين لمجرد أدائهم دورهم في النظام القضائي أو ممارسة حريتهم في التعبير يُشكل تهديدًا مباشرًا لنزاهة الإجراءات القانونية في تونس ونزاهتها، وقد يُعرّض الحق في محاكمة عادلة للخطر.”

كما أعرب الخبراء عن، “أسفهم لحالات أخرى تم الإبلاغ عنها لمحترفين قانونيين في البلاد اتُهموا جنائياً، بل وحُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة، لمجرد الدفاع عن موكليهم والتعبير عن رأيهم علناً، مثل دليلة بن مبارك مصدق، وإسلام حمزة، وعيّاشي حمامي، وغازي الشواشي، ومهدي زقروبة، والأزهر أكرمي.”

  قامت السلطات بوضع القيود على التغطية الصحفية والإعلامية لجلسات قضية “المؤامرة” المزعومة وتم منع العديد من الصحفيين من حضورها ومن بينهم بشرى سلامي، مراسلة إذاعة موزائيك إف إم، ومنية بن حمادي، مراسلة صحيفة لوموند الفرنسية اليومية.

التـوصيات

يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في تونس على ما يلي: 

  1. مراقبة احترام القضاة لإجراءات المحاكمة العادلة ولحق فريق الدفاع في اتخاذ قراراتهم المستقلة خلال دراسته الملفات القضائية المرتبطة بالقضايا المرفوعة ضد سجناء الراي؛
  2. التسريع في النظر بمقترح التعديل المرسوم 54 المتعلق بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال الذي يتم مناقشته داخل مجلس نواب الشعب وإيقاف العمل به حين اكتساب التعديلات المنتظرة مرحلة التنفيذ؛
  3. إطلاق سراح جميع سجناء الراي في تونس وبضمنهم مدافعي حقوق الإنسان والصحفيين والناشطين السياسيين؛
  4. ضمان أن جميع الصحفيين والمصورين والناشطين عبر الإنترنت والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس، في جميع الظروف، يستطيعون القيام بأنشطتهم المشروعة دون خوف من الانتقام وبدون أي قيود بما في ذلك المضايقة القضائية.