close
مصر

المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر بحاجة إلى ضغط المجتمع الدولي على القاهرة من أجل الإصلاحات

16/04/2025

عندما انتهت القضية رقم 173 سيئة السمعة في مصر العام الماضي، علق المدافعون المحليون عن حقوق الإنسان آمالهم على أن يكون ذلك نهاية لأكثر من عقدٍ من استهداف منظمات حقوق الإنسان.

استهدفت القضية، التي رُفعت عام 2011 والمعروفة بقضية “التمويل الأجنبي”، منظمات غير حكومية ذات صلات خارجية، وجُمدت أصول عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان ومُنعوا من مغادرة البلاد. كان التأثير النفسي على المدافعين المحليين شديداً أيضاً، في إشارة واضحة إلى أنه على الرغم من ثورة 2011 التي أنهت دكتاتورية الرئيس حسني مبارك، فإن قمع منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية قد استمر.

كان المدير التنفيذي ومؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حسام بهجت (الصورة أعلاه)، أحد المستهدفين في القضية رقم 173، حيث مُنع من السفر وجُمدت أصوله. لكن في يناير/كانون الثاني من هذا العام، استُدعي للاستجواب مجدداً، ووُجهت إليه اتهامات تتعلق بالإرهاب. أُطلق سراح بهجت بكفالة، لكن التهديدات الموجهة إليه وإلى العاملين في مجال حقوق الإنسان لا تزال قائمة. في زيارة بحثية إلى مصر خلال شهر مارس/آذار 2025، التقى خبير حقوق الإنسان برايان دولي، عضو المجلس الاستشاري لمركز الخليج لحقوق الإنسان، بمجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان. لقد اشتكوا من تخلي الاتحاد الأوروبي عنهم إلى حدٍ كبير، ومن توقف كبار مسؤوليه عن لقائهم في القاهرة، ومن أن الاتحاد الأوروبي ينبغي عليه، بل ويستطيع، أن يستخدم نفوذه لدى حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل أكبر، لا سيما فيما يتعلق بمسألة القروض المالية لمصر.

لطالما فقدوا الأمل في أي دعم مفيد من الولايات المتحدة، لكنهم يتوقعون المزيد من دول الاتحاد الأوروبي التي لا تزال تدّعي دعم حقوق الإنسان.

قال العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان إن السقوط المفاجئ للديكتاتور السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول قد أثار هلع حكومة الرئيس السيسي، التي تشعر بالقلق من احتمال وقوع انتفاضة شعبية كهذه في مصر، ويتذكر الجميع عدوى الاحتجاجات الشعبية المؤيدة للديمقراطية في أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011 في جميع أنحاء المنطقة والتي أطاحت بمبارك.

بينما يواصل الرئيس السيسي قمع الأصوات المطالبة بالإصلاح، لا تزال أجزاء من الحكومة المصرية مهتمة بسمعة القاهرة الدولية.

في يناير من هذا العام، واجهت مصر الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، حيث – كغيرها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – يخضع سجلها في مجال حقوق الإنسان للتدقيق من قبل الدول الأخرى كل أربع سنوات ونصف.

بذلت الحكومة المصرية جهوداً حثيثة لمواجهة التقارير التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية المحلية والدولية والتي تفصّل سنوات من الانتهاكات.

أعرب مدافعون عن حقوق الإنسان محليون لمركز الخليج لحقوق الإنسان عن إحباطهم من عدم استغلال الحكومات الأخرى هذه الحساسية تجاه الصورة والسمعة للضغط من أجل الإصلاحات في مصر، بما في ذلك إطلاق سراح النشطاء من السجون، ووضع حد للإعدامات والتعذيب.

بدلًا من ذلك، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يُقنع نفسه بأن الرئيس السيسي يُوفر نوعاً من الاستقرار مقارنةً بسوريا. لكن الاتحاد الأوروبي ليس بحاجة إلى النظر إلى أبعد من ليبيا، جارة مصر، ليرى ما يحدث عندما تسقط حكومة يُفترض أنها مستقرة فجأةً ودون سابق إنذار، مما يُؤدي تحديداً إلى نوع الفوضى الذي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تجنبه.

 قد يكون استقرار الرئيس السيسي أكثر هشاشة مما يبدو، لا سيما مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. فقد ارتفعت تكلفة الغذاء في مصر بنسبة 6.60% في مارس/آذار 2025 مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وكان ارتفاع أسعار المواد الغذائية عاملاً رئيسياً في ثورة 2011، ويشهد تضخم أسعار الغذاء اليوم ارتفاعاً آخر بنسبة 18.60% منذ ذلك الحين.

من العوامل المحتملة الأخرى لانطلاق الاحتجاجات في الشوارع حالة الناشط المسجون علاء عبد الفتاح، الذي لا يزال في السجن رغم انتهاء عقوبته في سبتمبر/أيلول 2024. تتظاهر والدته، الدكتورة ليلى سويف، في لندن أمام مقر رئاسة الوزراء منذ أكثر من ستة أشهر، وصحتها هشة للغاية. يرى بعض المدافعين عن حقوق الإنسان أن وفاتها أثناء إضرابها عن الطعام قد يُشعل فتيل مظاهرات في القاهرة.

كما يشكو المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر من أن الاتحاد الأوروبي وجهات أخرى ساذجة للغاية بشأن الإصلاحات المصرية الزائفة، وقد جُرّت، بشكل غير حكيم، إلى دعم عملية تجميلية إلى حدٍ كبير. قال أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، “لقد فُقد زخم التغيير، واستُنزفت طاقة الضغط الدولي بفعل كل هذا الحديث عن حوار وطني واستراتيجية لحقوق الإنسان، وهما في جوهرهما عديما الجدوى.”

هذه الخطة الحكومية – التظاهر بأنها تسير على طريق الإصلاحات وتحتاج إلى تشجيع المجتمع الدولي، لا انتقاده – تُحاكي ما فعلته الحكومة البحرينية بعد الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في البلاد أوائل عام 2011. في السنوات القليلة التالية، صرفت الأسرة الحاكمة في البحرين الانتباه إلى حد كبير عن حملتها القمعية العنيفة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، متظاهرةً بأنها شرعت في إصلاحات شاملة في مجال حقوق الإنسان، وانتقل قدر كبير من الاهتمام الدولي إلى مكان آخر. لا يستطيع المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر تحمل تلاشي الرقابة الدولية تماماً. ما يحتاجونه من الاتحاد الأوروبي والحكومات الأخرى هو دعم علني أكبر بكثير، وانتقاد صريح أكثر بكثير لحكومة الرئيس السيسي.