اتحاد ملاك الثورة

451

التعبير السابق قرأته في تعليق على "بوست" خاص بصديق أحترم فكره كثيرا، وبعد مناقشة متوترة ككل أحداث تلك الأيام مع صديق آخر أعتز أيضا كثيرا بفكره، وبرغم أني تبسمت حينما قرأت تعبير "اتحاد ملاك الثورة" الساخر من غضب البعض على دعوات التظاهر السابقة، وشيء من الشماته يشوب حديثهم لفشلها في التصعيد، إلا أني في الوقت نفسه "حسست على بطحة".

جيل يناير الأول وجيل سبتمبر الحالي، هل هما منفصلان إلى هذا الحد؟ سأحاول أن أطرح عد أسئلة وأجيبها بعيدا عن نرجسية العارف التي خلقت بطحة على رأسي لمستها مع العبير الساخر.

لا أظن أن الجيلين منفصلين، لكن كأنهما جسد وظل مسحور، رغم انه يشبه صاحبها في الهيئة، إلا أنه مختلف عنه في بعض التفاصيل التي تميزه، كما أنه ظل لا يتبع صاحبه، هكذا يرى بعضنا البعض،  اقصد أن جيل يناير الأول يرى الشباب الصغير كظله، وكذلك يرى الشباب الصغير " عواجيز يناير" ظل له.

في الواقع كلانا جسدين  لا ظل، ومتشابهين لا منفصلين في الوجهة والهدف، وربما كان تراكم الخبرات السياسية هو ما ينقصنا من سبع سنوات، واكتسبنا شيء منها برغم أن المناخ لم يسمح بالطبع بنضج حقيقي، إلا ن الجيل الأصغر هو الآخر اكتسب مهارات وصفات مغايرة لما كنا نملكه حينما كنا ف مثل عمرهم.

لذلك لا أظن أن طليعة حراك مظاهرات 20 سبتمبر من تحمسوا للنزول للشارع وأغلب اعتقالات 20 سبتمبر منهم "حوالي 70℅ من حوالي ألفين معتقل تحت سن ال25"، اقصد أن جيل سبتمبر إن جاز التعبير ليس منفصل عن جيل يناير، بالعكس هو جزء ونتيجة طبيعية لحراك يناير، لذلك أنا أفضل أن أسميه جيل يناير الأول والثاني.


السؤال الثاني، هل جيل يناير الأول واصي على الثاني؟

بالقطع لا، واعتذر أني فكرت لوهلة أني واصي بشكل ما عليهم بدافع شعور بالشفقة ممزوج بأمومه نحو الشباب الأصغر مني، أغلبنا شعر بنوع من الوصاية عليهم ونحن نطالع حراكهم من دكة المجلودون الأوائل، كمصلوب ينظر لشاب يشبهه على وشك أن يواجه نفس الجلاد، فكان الشعور بالشفقة من أن يواجه نفس الشعور الأليم من جهة، ومن جهة أخرى خوف لأن الجلاد كلما ضرب ضحية جديدة عاد فجلد نفس الضحية الأولى مرة أخرى.

لكن الجيل الثاني ليناير له الحق بالكامل أن يواجه مصيره بقراراته وحريته كاملة، فإن شاء واجه على الأرض أو تحزب أو خلق تجمعات بشكل جديد، لا نفرض عليهم رؤية، ولا يجب أن نسقط عليهم كافة مقدماتنا، فلسنا متماثلون وإن كنا لسنا منفصلين كما اتفقنا سابقا، لكن هناك اختلافات في الفكر والسن والمستوى الاقتصادي والثافي الحالي، تجعل شكل الحراك مختلف حال سقطت عليه نفس أسباب الماضي.


اسؤال الثالث، هل يجب أن نتنحى جانبا بالكامل، اقصد جيل يناير الأول؟

"لقد تحولتم لنخبة حقيرة تماما مثل النخبة التي كنتم تعانوا منها"، تلك الكلمات تفوهت بها شابه صغيرة لم تصل للعشرين من العمر بعد، وكانت موجهة نحو " عواجيز يناير" وفيها شيء من الصحة، ليس مطلوب تنحينا، بل بالعكس، قرأت في أعين كثير من الشباب الصغير شعور بالحاجة لوجودنا بجانبهم لمساندتهم، سواء بأقلامنا أو أفكارنا أو بخبرتنا في الحراك في الشارع، أو حتى بالدعم لما يقدموه من مقترحات، لكن وجودنا يجب أن يكون أكثر مرونة وتواضع أن ننظر للأمور من زاوية مختلقة ونترك التنظير جانبا، أغلبنا أحترف الكلام للأسف بعد إجازة إجبارية من الفاعلية السياسية والثورية منذ ست سنوات تقريبا إلا بضع أشهر خلالهما، وعليه فلقد احترفنا الجدالات والتنظير والكلام بأنواعه، والذي نحن في حاجة إليه جميعا، لكنها حاجة تأتي في مرحلة ثانية بعد الفعل.


السؤال الرابع، والأخير..

هل هناك أمل في القادم؟

سألني هذا السؤال مذيع فرنسي في حوار إذاعي قصير، ووجدت نفسي أؤكد بكل ثقة أنه "نعم"، هناك أمل بالطبع، أثق في روح يناير الموجودة بعنفوانها وبرائتها كاملة في نفوس من هم أصغر من سن ال25 بالإضافة لتجذرها في نفوس من شاهدوها رؤية العين وعاشوا معاركها وهزائمها وانتصاراتها وعلمت بجروحها فيهم من " عواجيز يناير" تلك الخبرة من التجارب المؤلمة ممزوجة مع عنفوان التجرية الأولى هي ما ستعيد خلق ممر آمن للحرية والعدالة والكرامة مرة أخرى.


تلك الأسئلة الأربعة، ومحاولتي للرد، موجهة لنفسي قبل أي شخص، كدعوة هادئة لتقليل الاندفاع واحترام وجود مقاتلين جدد بإستراتيجيات جديدة، قد تنقذنا جميعا حال تعاونا معا، لنا هدف واحد، وأمامنا عائق واحد، والعائق هو كل نظام يقف ضد الحرية والعلم باسم الدين أو الأمان، وما دون هذا خلافات يجب أن نحترف القفز عليها حتى نتقدم بحلول ونوجد بدائل للنظام الديكتاتوري القائم.

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك