ازدواجي الوعاظ
والغريب ان الواعظين أنفسهم لا يتبعون النصائح التي ينادون بها - فهم يقولون للناس : نظفوا قلوبكم من ادران الحسد والشهوة والانانية ، بينما نجدهم احياناً من اكثر الناس حسداً وشهوة وانانية .
مقتبس من كتاب وعاظ السلاطين - للدكتور علي الوردي - صفحة ٩ .
تلك بداية لمقال كتب لنقد الدعاة ورجال الدين الذين يعيشون على وعظ الآخر ومراقبته .
فعلى سبيل المثال - زواج معز مسعود الداعية الاسلامي من شيري عادل الممثلة - فلا خطأ هنا يقع على الزيجة نفسها ! ولا اقتحام في شئون حياتية خاصة - حاشا لله !! بل هو محاولة مني لأثارة السؤال وهو ( كيف لا يستطيع الواعظون ورجال الدين في اتباع مواعظهم ونصائحهم الت يتشدقون بها ليلاً ونهاراً ؟!) .
لا خطآ يقع على المحب ولا المحبوب !! بل نبارك لهما بأن قلوبهما لازالت قادرة على الحب والحياة رغم قسوة العالم .
لكن المأساة هنا هي وعظه المستمر بأن الحجاب يجعل المرأة اكثر قرباَ من الله وتديناَ - ويعظ الشباب بأن يظفروا بذات الدين .
فإذا فجأةَ نجده تزوج من فتاة غير محجبة !
هل اقتنع معز مسعود بأن الحجاب ليس سوى قماشة يختبيء ورائها صفات غير اخلاقية ؟
هل اقتنع معز مسعود بأن الغير محجبات يستطعن ان يكونوا ذوات دين وخلق ايضاً ؟
هل أقتنع بأن الحجاب ليس من الدين في شيء !؟ ولا توجد علاقة طردية بين طول القماش و اخلاق النساء ؟
أم وقع معز مسعود في خطأ الازدواجية والتناقض !؟ يعظ الشباب بشيء ويفعل عكه !
أم شهوة ؟ لكن الشهوة ليست كارثة أخلاقية - فالشهوة والأنانية والغيرة جميعها صفات إنسانية لا مفر منها ، وليست المشكلة هي شهوانية معز مسعود فجميعنا نملك تلك الصفات بدرجات متفاوتة - بل الازدواجية التي يعاني منها الدعاة ورجال الدين هي المشكلة .
فوعظ معز مسعود المستمر بأن الحجاب رمز العفة وجزء من الدين - خلق نظرة دونية للمرآة الغير محجبة .
فتسابقت الفتيات لأرتداء الحجاب لجذب الشباب للزواج - وتسابق الشباب في التحرش بالغير محجبات إيماناً منهم بأنهن يستحقن ذلك .
وتم تكريس نظرية (سليع المرأة) - فالمحجبة أكثر قيمة وخلقاً من الغير محجبة.
وتهافت المتدنون بتشبيه الفتيات المحجبات بالحلوى المغلفة والتي لا يستطيع الذباب ان يقترب منها - والذباب هنا اشارة إلى الرجال !
و تشبيه الفتيات الغير محجبات بالحلوى المكشوفة التي يقترب منها الذباب !
فوصف النساء بالحلوى ليس وصفاً انسانياً أخلاقياً - فهم بشر احراراً .
ووصف الرجال بالذباب ليس وصفاً أنسانياً أخلاقياً أيضاً !! فهم بشر أحراراً قادرون على التحكم في غرائزهم .
لكن معز مسعود - الداعية الأسلامي - الذي دعى الشباب بأن يتزوج المحجبات - وذهب ليتزوج هو فتاة غير محجبة - اصيب بأزدواج في الشخصة !
إذ قال غاردنر مورفي في كتابه personality : أما الباقون من الناس من الذين لا يستطيعون الأعتدال - فنراهم يلجؤون في سبيل التوفيق بين مباديء الوعظ وقيم المجتمع - إلى حيلة أخرى وهي ما نسميها بأزدواج الشخصية .
أما دكتور علي الوردي فيحلل هؤلاء الشخصيات من الدعاة ورجال الدين ( إن مزدوج الشخصية لا يدري بأزدواجه ولايريد أن يدري أن له في الواقع وجهين - يداري الواعظين بأحدهما ويداري بقية الناس بالآخر ).
زواج معز مسعود خلق التساؤلات عند مريديه !! ولكنه آكد الاجابة عند معارضي سلطة رجال الدين - وهي ان الحقيقة لا يمتلكها أحد - وأن الحجاب ليس سوى قطعة قماش لموروث ثقافي فقط ، و طول قطعة القماش او قصرها لا ترمز لخلق المرأة في شيء ! بل يرمز للطقس .
يساقط رجال الدين واحداً تلو الآخر - ما بين الأدعاء و التطبيل للسلطة و الازدواجية وغيره - ولازالوا يتساقطون .