مأساة كارما

413

قبل ساعات قليلة من حفل انطلاق "كارما" صدر قرار بلمنع مع سبق الإصرار والترصد، دون إبداء أسباب، بعد التجهيزات ووصول الدعوات للسادة الضيوف، فوجئ الجميع بصدور قرار بمنع "كارما" من ذات الجهة التي سمحت مسبقا، أسئلة كثيرة لكل المعنيين سواء المسؤولين عن المنع أو المسؤولين عن "كارما" ولا أحد يجيب.

فوضى من التصريحات والقرارات والفيديوهات التي انتشرت على مواقع السوشيال ميديا، البعض يؤكد على أن الاحتفال - المعد مسبقا - والمدعو له أهم الشخصيات سيتم في موعده والبعض الآخر يؤكد عدم جدوى الحفل  بعد قرار المنع، ثم أغلق كل منهم هاتفه لأن لا أحدًا يمتلك إجابة على السؤال الأهم: لماذا منع ولم الآن قبل 24 ساعة من الحفل؟

انقسم المصريون إلى مؤيدين للمنع حفاظا على أخلاق المجتمع - الذي لا يمتلك حد أدنى منها - والبعض تضامن مع حرية "كارما"، لإيمانهم بالدور الذي يقدمه هو وأمثاله في تغيير حياة المجتمعات للأفضل، ويقينهم أنه جزء من حريتهم التي يفتقدونها، والبعض غير معنيين بالأمر فلديهم "كارما" آخر يخصهم -عرض مستمر - ويصعب عليهم الحياة يوما بعد آخر، ويمتلكون من الهموم الحالية والمتوقعة ما يغنيهم عن التفكير في تلك الأمور، وآخرون شامتون في صاحب الحفل، رغم إيمانهم بحرية الرأي ودفاعهم عنها!

وقبل مرور 24 ساعة استيقظنا على يديو جديد، يعلن قرارًا آخر بإلغاء قرار المنع الذي صدر من نفس الجهة، وأيضًا دون إبداء أسباب، والتأكيد على إقامة الحفل في موعده.

ليست أزمة فيلم - مخرجه أحد أعضاء مجلس نواب الشعب - وصدر قرار بمنعه قبل العرض الخاص بساعات، إنما هي أزمة شعب يسمع يوميا عن قرارات منع وحظر وقرارات أخرى بالموافقة، ولا يعلم لماذا منعت هذه ولماذا تم السماح لغيرها!

بالأمس حضر العرض الخاص لفيلم "كارما" كوكبة من الشخصيات الهامة في مجتمعا، سياسية وفنية وإعلامية وصحفية وأدبية، في احتفالية ضمت فريق العمل، دون ن يجيب أحدهم عما جرى قبل ساعات، واستمتع الجميع بالفيلم الذي لا يحوي في أحداثه أي مشهد يستدعي منعه بغض النظر عن أن الفن يجب أن لا يمنع أو يصادر مهما كان يحمل من أفكار.

وتلك هى مأساة "مصر" التي يحيا أبناؤها طيلة أعمارهم، دون أن يعلموا لماذا يسمح لهم بأمر أو يمنع عنهم آخر، أقصد مأساة فيلم "كارما" الذي لم يعلم صناعه سبب المنع وسبب الموافقة، ف "كارما" و"مصر" تعيشان في أجواء ضبابية دون وضع معايير تسري على الجميع ولا تخضع لأهواء الأشخاص، معايير تحكمها أطر أعمدتها احترام قيمة الفن والحرية في المجتمعات.

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك