ماذا فعلت بنا الكراهية والتشوه النفسي ؟؟

2547

مضت السنوات وغابت الفرحة وحل الأسى وساد الإحباط محل الأمل ، تكاثرت الشعرات البيض فى رؤوسنا لتنبىء عن شيب مبكر صنعه الألم ومرارة الأيام ، راجعنا أنفسنا كثيرا وراجعنا مواقفنا السياسية وأدركنا كم حماقتنا وسذاجتنا وغياب الأولويات الذى ضيع فرصة غالية على هذا الوطن ليخرج من جب الماضى لأفاق المستقبل

لكن لم نفكر يوما فى مشاعرنا الشخصية التى كانت سببا بالغ الأهمية فى تحديد شكل علاقاتنا وتحالفاتنا طوال رحلتنا القصيرة ،كانت الدوائر حولنا مليئة بهؤلاء البشر المشوهين نفسيا والذن يبذلون جل وقتهم فى بث الكراهية وإثارة الشقاق والإيقاع بين الناس وخلق الضغائن

كنت أتعجب من بعضهم حين أجدهم يحملون لى عداءا شخصيا غير مبرر لا علاقة له بالاختلاف السياسى أوالتنظيمى أو القيمى ، وحين كنت أبحث عن أصل الموضوع وسبب ذلك ، أصل إلى هذا الشخص الكاره لنفسه والذى يبث الكراهية وينسج الأكاذيب ويقوم بإيغار الصدور تجاه شخصى وأشخاص أخرين لا يحبهم ،كنت أحتار فى أمره ، وكيفية التعامل معه ، لم يكن هذا شخصا واحدا بل أشخاص يغلب عليهم هذا السلوك ، كنت أسأل نفسى هل المشكلة فيهم أم فى من ينساقون لهم ؟ لا يوجد بيننا ملائكة ولسنا مجردون من الأخطاء والنقائص لكن من يرد الخير ويحمل نية صالحة يبادر بالنصح وشتان بين مصلح وهادم

قابلت فى رحلتى لاف التشوهات النفسية حتى شعرت أن المجال العام والوسط السياسى ما هو إلا مستنقع نفسى ملىء بالتشوه والأمراض التى لا أمل فى شفاءها ، كنت أتفهم بعض الدوافع النفسية للبعض ما بين غيرة شخصية وما بين طموح شخصى لا يتحقق فيتحول لطاقة كراهية للزملاء بدلا من بذل الجهد للتعلم والتطوير ورفع القدرات

قابلت من فشلوا فى حياتهم المهنية فقرروا امتهان السياسة لتعويض هذا الفشل اعتقادا منهم أن السياسة تصلح كمهنة حياتية رغم أننى كنت دوما أراها عملا تطوعيا بحتا ، قابلت من ليس لهم مهنة من الأساس فقرروا ووج بحر السياسة واعتبارها وظيفة ، قابلت بعض من يمتهنون التسول فيتجولون بين الأحزاب والأشخاص يحكون عن مآسى شخصية للحصول على مساعدة مادية غير مستحقة ،وحين كنت أعرض عليهم مساعدة لتوفير فرصة عمل براتب جيد كانوا يفرون ولا يعودون !

تبدل المشهد السياسى فى مصر لأجد أغلب هؤلاء المتشوهين يتصدرون المشهد ويعيدون تقديم أنفسهم للناس ولكن  ككلاب حراسة للسلطة التى أغدقت عليهم بالمال والمناصب ويستطيع القارىء أن يكتب قائمة طويلة من أسماء هؤلاء يتراقصون الأن ويتقافزون هاتفين بحياة الاستبداد

ربما أنا الأن أكثر راحة نفسية وأنا أجلس فى عيادتى أمارس مهنتى الحياتية كطبيب ، لكننى ما زلت أشعر بأن هناك واجب ومسئولية تمنعنى من الاستمتاع بحياتى التى مكننى أن أنعزل بها عن كل المؤثرات السلبية التى تحيط بنا فى بلادنا ، الأنانية واختيار راحة الفرد مساحة آمنة ومطمئنة ، لكننى أعترف أننى فشلت فى الحصول على هذه الراحة لأن الحلم الذى مات رفاقنا من أجله بين أيدينا لم يتحقق بعد 

هم أسعد حظا منا فقد ارتاحوا وارتقوا لجنة الخلد وبقينا نحن على قيد الحياة نتعذب ونشقى باستمرارنا فيها ، رغما عنا ، دين الشهداء والمظلومين فى رقابنا يؤرق حياتنا ويفسد لحظاتها ، سنعود يوما مجبرين بنداء الواجب لننقذ ما يمكن إنقاذه ونحيى الأمل فى قلوب الناس بغد شرق ، لكن أتمنى أن يكون الماضى درسا بليغا لأنفسنا بتنقية صفوفنا من التشوه النفى والكراهية الحمقاء ، مهما أظلمت الأيام وضاقت الصدور ، غدا لنا ، هذا يقين !

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك