مجموعات الالتراس بين الرياضة والسياس

693

جماعات الأولتراس كحركات إجتماعية ناجحة ومؤثرة كان لابد لها من وضع مجموعة من القواعد والأسس التنظيمية لضمان النجاح والإنتشار والإستمرار، وكان هذا التفكير هو أساس نجاح مجموعات الأولتراس علي مستوي العالم، فكثير من الحركات السياسية والأحزاب والدول أخذت هذه التجارب علي محمل الجد بل ودراستها والتعلم منها ومساندتها في كثير من البلدان الديمقراطية بل والتعاون معها في كثير من الأحيان.

لا يعنينا في هذا المقال كيف نشأت مجموعات الأولتراس أو تاريخها أو أين ظهرت، ولكن من الضروري فهم ما هي عقلية الأولتراس وهل تحولت فعلا من تشجيعها في  الملاعب لي الحياة السياسية؟ ولماذا تلاحقها الأنظمة الأمنية والسياسية في الدول السلطوية للمحاولة للحد من وجودها؟

مجموعات الأولتراس بالأساس هي جماعات كروية معنية بتشجيع فريقها من قبل بداية المباراة إلي صافرة النهاية بغض النظر عن النتيجة وسير المباراة، هي مجموعات ليس لها أي علاقة بالعنف أو التخريب، مجرد مجموعة من الشباب يختارون شعاراً لهم ورمزاً ومكان مخصص لهم للتشجيع ومجموعة من القةاعد المنظمة التي لايمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال، المنتمون للأولتراس يكون ما بينهم هو رابط العلاقة لإنسانية وتشجيع فريقهم في أي مكان والمشاركة في الرأي وإتخاذ القرارات. 

قبل ظهور مجموعات الأولتراس كان هناك ما يسمي روابط المشجعين، وكان من الممكن أن تري أكثر من رابطة لنفس النادي، إلي أن توحدوا أو أنشأوا كيان يسمي الأولتراس لا يهتم سوي بدعم الفريق ككل والنادي الذي ينتمون اليه فقط،  ولكن خوف الدول والانظمة القمعية من جماعات الأولتراس جاء لتفاجأهم بوجود مجموعة كبيرة من الأشخاص يتوحدون تحت شعار واحد وصوت واحد وقادرون علي الحشد والتنظيم خلال فترات صغيرة، لقد حاولت هذه الدول (من ضمنها مصر) أن تستغل هؤلاء الأشخاص وهذه الجماعات ومحاولة ضمهم إليهم للسيطرة عليهم وتصدير مشهد قدرة الدولة علي إختراق المجموعات وسيطرتهم الأمنية القية التي تخولهم تحويل مسار هذه المجموعات من الملاعب إلي السياسية (كما حدث مع كثير من الحركات السياسية والشبابية والأحزاب السياسية) ولكن مع رفض مجموعات الأولتراس التحول إلي الملعب السياسي وإكتفائهم بدورهم الذين يدافعون عنه بإستماتة وهو تشجيع (الكيان) أو النادي الذين ينتمون إليه، تغير الأسلوب الأمني معهم مع تنامي ظهور الحراك السياسي وخوفهم من إنضمام مجموعات الأولتراس إلي كيانات سياسية فيكون لها التأثير الشعبي والسياسي وتغيير مجريات الأمور، ففي باديء الأمر بدأ التضييق عليهم في حضور المباريات وبالطبع لم ينجح هذا فبدأوا في تشويه صورة المجموعات علي أنها تدعم صائل سياسية أيضاً لم ينجح هذا فقاموا بملاحقة أعضاء المجموعات المعروفين إعلاميا ظناً منهم أن هذه المجموعات تعتمد على المركزية وأن المتحكم بها أشخاص بعينهم، ولكن إكتشفوا أن مجموعات الأولتراس لم تتأثر وإكتشفوا أن هذه المجموعات لا تقوم ولا تعتمد علي أشخاص بل على الفكرة وإيمانهم وإقتناعهم بهذه الفكرة، وكانت هذه هي الصدمة الكبيرة للنظام الأمني الذي تعود علي المركزية في مؤسساته أو مع المؤسسات التي قام بإختراقها قبل ذلك فقاموا بتصدير الصورة للجميع أن هذه المجموعات إرهابية ليس لها علاقة بالرياضة أو الملاعب فقاموا بقتلهم وحبسهم ومطاردتهم علنا داخل المدرجات وداخل أسوار الملاعب، ولكنهم لا يفقهون أنهم مهما حدث ومهما فعلوا معهم لن يستطيعوا إختراقهم أو السيطرة عليهم وتحويلهم إلي الملعب السياسي بل الشيء الوحيد الذي يجعل مجموعات الأولتراس تختفي أو تندثر هو إختفاء النادي الذين ينتمون إليه !

فليس معني أن تقوم مجموعات الأولتراس بالإحتجاج علي القوانين التي تسنها الدولة لهم أنهم دخلوا الملعب السياسي، ولكن من حقهم مناقشة القوانين التي تتعلق بهم والتي تعتبرهم جماعات إرهابية ضد مصلحة وأمن الدولة والتي تنظم حتي دخولهم إلى الملاعب. إن عدم إحتواء مجموعت الأولتراس هو خطأ فادح يدفع النظام الأمني ثمنه إلي الآن، هؤلاء الشباب رأوا أخوتهم وأصدقائهم في القبور وفي المعتقلات، وعقليتهم السياسية كأفراد في أوج نضوجها، واجبرتهم هذه العقلية الأمنية علي البحث (كأفراد) عن كيانات سياسية تضمهم وتضيف إليهم ويضيفون إليها.

هناك طرق كثيرة للتعبير عن الهوية، ولكن ما يميز هؤلاء المجموعات هو تجنب الهويات النمطية الثقافية الجامدة التي تصدرها لهم الأنظمة الأمنية، والتحرك بديلا عن ذلك وفقا للتباين في هوياتهم الفردية طبقا لإيمانهم ومعتقداتهم.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك