close

بعد أزمتين قلبيتين وفشل كلوي.. أسرة هدى عبد المنعم تناشد الرئيس بالعفو عنها

رغم انتهاء مدة سجنها في أكتوبر 2023، لا تزال المحامية هدى عبد المنعم محتجزة وتعاني من تدهور صحي حاد، وسط مطالبات من أسرتها ومحاميها بالإفراج الفوري عنها بالعفو الصحي بعد إصابتها بأزمتين قلبيتين وفشل كلوي.
Picture of شيماء حمدي

شيماء حمدي

 

في مناشدة جديدة موجهة إلى رئيس الجمهورية، طالبت جهاد خالد، ابنة المحامية المعتقلة هدى عبد المنعم، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتدخل للإفراج عن والدتها بالعفو الصحي أو شمولها بالعفو الرئاسي، نظرًا لتدهور حالتها الصحية داخل محبسها.

وقالت جهاد، في نص خطاب حصلت زاوية ثالثة على نسخة منه، إنها تتوجه بالتماس إنساني إلى رئيس الجمهورية للنظر في حالة والدتها التي “تمر بأوضاع صحية حرجة للغاية”، مشيرةً إلى أنها تبلغ من العمر 66 عامًا وتعاني من أمراض مزمنة وخطيرة، بينها أزمات قلبية متكررة، وتدهور حاد في وظائف الكلى يهدد حياتها.

وأضافت في خطابها أن والدتها أنهت عقوبة السجن البالغة خمس سنوات في 31 أكتوبر 2023، والتي كانت على خلفية اتهامها بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، “ورغم ذلك استمر حبسها على ذمة قضيتين جديدتين بنفس الاتهامات، في مخالفةٍ لمبادئ العدالة ومضاعفةٍ لمعاناة الأسرة”.

وتابعت أن والدتها تعرضت لأزمتين قلبيتين متتاليتين في 23 و30 أغسطس 2025، وأُصيبت بجلطات في الرئة والوريد العميق، إلى جانب تدهور وظائف الكلى واقترابها من الفشل الكلوي، مؤكدة أن استمرار حبسها “يشكل خطرًا فوريًا على حياتها، وقد يؤدي، لا قدر الله، إلى نتائج لا يمكن تداركها”.

وأشارت جهاد إلى أن والدتها لم ترَ أحفادها منذ سنوات طويلة، وكل أملها “أن تنعم بما تبقّى من حياتها بين أبنائها وأحفادها بعيدًا عن المعاناة وآلام السجن”، مناشدةً الرئيس السيسي إصدار توجيهاته بإطلاق سراحها “بالعفو الصحي الفوري أو العفو الرئاسي”.

 

نوصي للقراءة: بعد انتهاء عقوبة 5 سنوات سجن.. “هدى عبد المنعم” تواجه نفس الاتهامات في قضية جديدة



انقضاء مدة العقوبة 

هدى عبد المنعم محامية وحقوقية شغلت سابقًا عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، ألقت قوات الأمن القبض عليها في نوفمبر 2018 على خلفية نشاطها الحقوقي، وأُدرج اسمها في القضية رقم 1552 لسنة 2018 أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميًا بـ”قضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”، ومنذ ذلك التاريخ، استمر حبسها الاحتياطي لأكثر من أربع سنوات، حتى 5 مارس 2023، حين أصدرت محكمة أمن الدولة طوارئ حكمًا بسجنها خمس سنوات في القضية رقم 1552 لسنة 2018 أمن دولة عليا، بتهم وُصفت من منظمات حقوقية بأنها ملفقة.

ورغم انتهاء مدة العقوبة في 31 أكتوبر 2023، لم يتم الإفراج عنها، إذ فوجئت بإعادة توجيه نفس الاتهامات لها في قضية جديدة حملت رقم 730 لسنة 2020، وفي 18 نوفمبر 2024، فوجئت أسرتها مجددًا بعرضها على نيابة أمن الدولة العليا على ذمة قضية ثالثة، هي القضية رقم 800 لسنة 2019، بتهم مطابقة لتلك التي وُجهت إليها سابقًا. وهو ما اعتبره فريق الدفاع عنها في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وفقًا لحديثهم لــ”زاوية ثالثة” انتهاكًا صريحًا لمبدأ “عدم جواز محاكمة الشخص عن التهمة ذاتها مرتين”.

 

إغلاق قضيّة منظّمات المجتمع المدنيّ بعد 13 عامًا: هل ودّعنا الملاحقة؟

 


تدهور حالتها الصحية 

في منتصف سبتمبر الماضي، طالبت 23 منظمة حقوقية بسرعة الإفراج عن المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، وذلك بسبب تدهور حالتها الصحية داخل محبسها، إذ تعرضت هدى عبد المنعم لأزمتين قلبيتين متتاليتين في 23 و30 أغسطس 2025، إلا أن أسرتها لم تُبلّغ بتدهور حالتها إلا خلال الزيارة التي جرت في 7 سبتمبر 2025.

وبحسب ما ذكره فريق الدفاع عن المحامية الحقوقية في حديثهم إلى زاوية ثالثة تعاني هدى منذ نوفمبر 2018 من ضيق في شرايين المخ، ما ألزمها الفراش لمدة 12 يومًا وأفقدها القدرة على الحركة، كذلك تعاني من جلطة مزمنة في الوريد العميق مصحوبة بجلطات ممتدة في الرئة، تستلزم انتظامًا دقيقًا في تلقي العلاج منعًا لتكرار الجلطات، الأمر الذي يشكل خطرًا داهمًا على حياتها.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه ارتفاع حاد في ضغط الدم، والتهابات شديدة في المفاصل والعمود الفقري، وتحتاج إلى جراحة عاجلة في الركبة، فضلًا عن تدهور خطير في وظائف الكلى، إذ توقفت الكلية اليسرى تمامًا عن العمل مع وجود ارتجاع في الكلية اليمنى. كما سبق أن تعرضت لذبحة صدرية داخل محبسها، فيما تتدهور حالتها الصحية باستمرار نتيجة ظروف احتجازها وفقًا لما أفاد به فريق الدفاع في المبادرة المصرية لزاوية ثالثة.

كذلك أوضح فريق الدفاع أنه في 9 سبتمبر الماضي، قدمت أسرة عبد المنعم طلبًا رسميًا جديدًا إلى السلطات المختصة للمطالبة بـالإفراج الصحي عنها، بعد سلسلة من الطلبات السابقة التي لم تلق أي استجابة. كما أرسلت الأسرة شكوى إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان بتاريخ 13 أغسطس 2025، التمست فيها التدخل العاجل لتوفير الرعاية الطبية اللازمة والإفراج عنها بشكل فوري- إلا أن هذه الطلبات دون جدوى. 

من جهتها، تقول جهاد خالد، ابنة المحامية والحقوقية هدى عبد المنعم، في حديثها إلى زاوية ثالثة: “آخر زيارة لوالدتي كانت في 7 سبتمبر، وخلالها علمنا بإصابتها بأزمتين قلبيتين متتاليتين يومي 23 و30 أغسطس، وهو ما دفعنا لتقديم بلاغات للنائب العام أثناء جلسات المحكمة، كما خاطبنا المجلس القومي لحقوق الإنسان لتجديد طلبات الإفراج الصحي عنها”.

وتضيف جهاد أن “والدتها تتلقى قدرًا محدودًا من المتابعة الطبية داخل المركز الطبي بسجن العاشر من رمضان، إلا أن الرعاية المتاحة “غير كافية لحالتها الخطيرة”، مؤكدة أن والدتها بحاجة إلى رعاية طبية متقدمة تتناسب مع وضعها الصحي المتدهور.”

وتوضح ابنة المحامية الحقوقية أن آخر ما تقوم به الأسرة في محاولة جديدة للإفراج عن والدتها هو تقديم التماس موجّه إلى رئيس الجمهورية، والمقرر تسليمه اليوم الأحد، مشيرةً إلى أن الأسرة “لم تترك جهة أو طريقًا إلا وسلكته، وهذا الالتماس هو آخر ما يمكننا فعله الآن، لعلّ وعسى”.

 

إشارات متضاربة.. بين العفو عن علاء عبد الفتاح وحبس إسماعيل الإسكندراني

 

مطالب حقوقية للإفراج الفوري عنها

أوضح فريق الدفاع من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في حديثه إلينا، أنه في عام 2024، قدّم زوج عبد المنعم والمحامي خالد بدوي، العريضة رقم 85546 لسنة 2024 إلى النائب العام المستشار محمد شوقي، استعرض فيها بالتفصيل التدهور الحاد في الحالة الصحية لزوجته وموكلته، مطالبًا بـإخلاء سبيلها نظرًا لانتفاء مبررات حبسها الاحتياطي، ومراعاةً لظروفها الصحية الخطيرة. ورغم وضوح العريضة وما تضمنته من تقارير طبية ووثائق رسمية، لم تتلق الأسرة أو الدفاع أي رد من النيابة العامة حتى الآن.

ويقول فريق الدفاع: “تُحاكم المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان هدى عبد المنعم أمام القضاء المصري بالاتهامات نفسها مرتين في الوقت ذاته، في قضيتين مختلفتين لا تزالان قيد النظر، رغم أن تلك الاتهامات سبق أن تم الفصل فيها نهائيًا ضمن قضية ثالثة، في مخالفةٍ واضحةٍ لمبدأ قانوني راسخ يقضي بعدم جواز محاكمة الشخص عن الجريمة ذاتها مرتين.”

في 11 ديسمبر الماضي، أحالت نيابة أمن الدولة العليا هدى عبد المنعم للمحاكمة للمرة الثانية على ذمة القضية رقم 800 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، وهي القضية التي تم التحقيق معها فيها أثناء فترة احتجازها، وذلك بعد أقل من شهر على استجوابها مجددًا في القضية نفسها، من دون تحديد موعد لبدء جلسات المحاكمة حتى الآن.

وبعد ذلك بأيام قليلة، وتحديدًا في 29 ديسمبر من العام ذاته، أحالت النيابة نفسها هدى عبد المنعم إلى المحاكمة على ذمة القضية رقم 730 لسنة 2020، والتي بدأت أولى جلسات نظرها اليوم، لتجد نفسها أمام محاكمتين متزامنتين عن الاتهامات ذاتها التي سبق أن صدر فيها حكم نهائي قضت مدته بالفعل وانتهت في أكتوبر 2023-بحسب فريق دفاعها.

وأوضح فريق الدفاع أن السبيل القانوني المتاح حاليًا للإفراج عن المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم يتمثل في منصة القضاء المنعقدة داخل مجمع سجون بدر، إذ تمتلك المحكمة السلطة القانونية لإخلاء سبيلها على ذمة القضية نظرًا لانتفاء مبررات استمرار حبسها الاحتياطي، خاصة في ظل تدهور حالتها الصحية وعدم وجود خطر من إخلاء سبيلها.

كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد أصدرت في مارس عام 2023، تقريرًا مفصلًا بعنوان “حقوقيون أمام الطوارئ“، تضمّن تحليلًا شاملًا للانتهاكات التي تعرّض لها المتهمون في القضية المعروفة بتأسيس “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات”، ومن بينهم المحامية هدى عبد المنعم، وذلك خلال مراحل الاعتقال والتحقيق والمحاكمة أمام قضاء استثنائي.

وقالت المبادرة المصرية إن هدى عبد المنعم قضت السنوات الخمس الماضية في ظروف احتجاز شديدة القسوة، حيث حُرمت خلال معظم هذه المدة من التواصل مع أسرتها أو تلقي أي زيارات، بالمخالفة لما ينص عليه قانون تنظيم السجون المصري.

وأضافت المبادرة أن عبد المنعم، وهي عضو سابقة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، كانت قد شكت مرارًا من الإهمال الطبي المتواصل داخل محبسها، إذ تعاني من ارتجاع في الكلية اليمنى وتوقف تام في الكلية اليسرى، في حين لم تُتح لها فرصة إجراء الفحوص والأشعة المطلوبة على القلب منذ أكثر من عامين، رغم مطالبات متكررة من أسرتها ومحاميها.

 

نساء في سجون مصر.. أجساد بلا حقوق

شيماء حمدي
صحفية مصرية، تغطي الملفات السياسية والحقوقية، وتهتم بقضايا المرأة. باحثة في حرية الصحافة والإعلام والحريات الرقمية.

Search