ماتفعله الموسيقى بنا

444

((ماتفعله الموسيقى بنا)) 


هي لحظاتِ التحوُّل من السكونِ إلى انفجار الشعور في كل مافيك. 

تختارُ الأغنية/المقطوعة الموسيقية التي تضجُّ بالحماسِ والطاقة

تقومُ بتشغيلها وتبدأ في التخدر شيئًا فشيئًا إلى أن تأتي اللحظات الحاسمة.. القوية.. لحظات الضربِ بلا رحمة! 

الإنفجار الشعوري في جميعِ خلاياك وإصابتك بالذهولِ بجانبِ النشوة

أنت لاتعلم كيف استطاعوا صنع ألحان بذلك الجمال والبهجة.. لا تعرف أسماء الحركات.. لاتقدرُ على التعبيرِ عن ماتشعرُ به لأن ما من كلمات تصفُه، لكنك تشعرُ بهِ كليًا

أو هو الذي يشعرُ بك! 

هو غمرك بالكامل بالحد الذي يجعلك غير قادر على التصديق، أأغنية أو مقطوعة موسيقية بمدة الأربعةِ دقائق تفعلُ كل ذلك؟ 

نعم! 

هي خُلِقت لأجل ذلك! 

خالِقيها يشبهون ملائكة الرحمة الذين من رحمِ المآسي استطاعوا استخراج أعمالًا فنية تضربُ ببهجتها بداخلنا.. تجعلنا يتبدل حالنا في دقائق. 


أعيشُ مع الأغاني منذ كنت في العاشرة من عمري، وفي كل عام تأتي فترة أكونُ فيها مبتعدة تمامًا عنها ويكونُ في نظري اقترابي منها بمثابةِ تعذيب لا أقوى على مقاومته، لكن كيف؟ 

كيف يمكن أن تكون أعمالًا فنية عظيمة تبهج جميع خلايانا أن تتحول لعذاب وتكون مصدر خوف لن؟ 

لأنك تكون بداخل حالة عظيمة محددة، ومهما استمريتَ فيها لدقائق، ساعات، سيأتي الوقت الذي توقف فيه ابتهاجِ خلاياك (بسبب إصابتك بالصداعِ من شدة المجهود الصارخ الضارب داخل أذنيك) فتكونُ قد صدمتها! 


تخيل المشهد الآن 

خلايا جسدك كالأطفالِ تتراقص جميعها فرحة في إنسجام وسطِ الأضواء والزينة والبهجة تشعُّ المكان

ثم تقومُ أنت فجأة بالصراخِ في وجهها "كفى"! وتطفئ الأنوات وتطردها، تُعيد المكان معتمًا مثلما كان! 

تصدمها، توقظها من شدةِ انسجامها بالنشوة لتجد نفسها وقد لقي بها على شطِ الواقعِ الكئيب.. الخالِ

بعدما كانت تتراقص في القلعة وط الزينة والأنوار! أتخيلت مدى صعوبةِ المشهد؟ 

هذا مانفعله بمشاعرنا عندما نتلاعب فيها ونقوم بدحرجتِها بحسبِ أهوائنا غير عابئين بما يمكن أن ينتج عن ذلك. 


تكونُ الأنغام متمازجة مع الكلمات مع صوتِ مُلقيها وكل شيء ينساب بعظمة داخل نفوسنا مما يجعل انتشار السعادة يدبُّ في خلايانا كانتشارِ الورود الملونة في جميع أنحاء شجرة في يوم ربيعي. 


وما أن نقوم بوضع يدنا على فمِ العمل الفني الأسطوري حتى تنصدم خلايانا متوقفة سريعًا عن الرقص فيكون الأمر أشبه باستنادك على حائط ونعم براحةِ البال - لكن ينهدم الحائط وتسقط فينكسر ظهرك فجأة؛ لأنه - وللأسف - كانَ وهميًا مصنوعًا من القش وقد انهدم سريعًا بتركِ مسبب السعادة الوهمية لعدة ثوانٍ فقط! 


هذا مايحدثُ لي يوميًا، وتكونُ الفترة التي دون موسيقى هي بمثابةِ انفكاك من قيد - وياللعجب - أكون أثناء اختناقي به مستشعرة أن وجوده أعظم. 

ثمانية سنوات مرَّت على إدماني للمخدرات التي ترفعني إلى أقصى السماء بولعِ البهجة، ثم تسقطني أرضًا فجأة! 

أرض الواقع حيث لاوجود لِمَ كانَ يحدث داخلي سوى في المخدراتِ لا أكثر، مما يؤذيني نفسيًا. 

والآن ياقارئي أنتَ شاهدٌ على إدماني، وكثيرا ما أحب تعرية شعوري أمامك؛ كي تستطيع تنبيهي إذا ضللتُ الطريق يومًا.

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك