25 يناير وأفكار كل سنة

315



ذكرى ثورة يناير أحيانا بتبقى صعبة، بتيجي حالة من الشجن والحزن واحنا بنتفرج على الصور والفيديوهات، يااااااه، كانت بجد ثورة عظيمة وكان ممكن تقود البلد لوضع احسن بكتير من كده، حد كان يتخيل وقتها إن ده هايبقى الوضع بعد الأحلام العظيمة بالإصلاح والتغيير؟

أيام لما نضفنا الشوارع وغسلناها بعد اعتصام التحرير ، وكانت الآمال كبيرة إننا ممكن أخيرا تبقى بلدنا بدون فساد واتبداد وفشل اداري، أيام ماكانت البلد مليانة مبادرات طيبة، وجمعيات ومجهدات للتنمية والتطوير والعمل التطوعي، طاقات الشباب اتفجرت والكل كان عايد يشارك، في ثورة يناير ٢٠١١ البلد رجعت تاني بقت بلد الشعب، الكل إيجابي، الكل بيدور على حقة، الكل عايز يعمل حاجة مفيدة وحاسس إن مردود ده هايبقى قريب على مستقبله ومستقبل أولاده

حلم اننا نعيش في وطن أحسن، يسع الجميع، بيتم فيه احترام آدميتنا, وكل شخص يقدر يحصل على حقوقه من غير وسايط أو اتصالات أو فلوس، الحقوق الطبيعية اللي موجودة في الدستور المصري والقانون والمعاهدات الدولية، ومايكونش فيه تعذيب ولا فساد، وشوية أحلام  بسيطة زي شوارع نضيفة وتعليم كويس وشفافية ومحاسبة للمخطئ.

 دا الحلم اللي كان هو المحرك لناس كتير في2004 و 2005, وفي ابريل 2008، وفي25يناير 2011


حلم جمع ناس كتير وراه، وبرضه جمع ناس كتير ضده، يمكن اللي اتجمعوا ورا الحلم كانوا أكتر، لكن اللي اجتمعوا ضد الحلم كانوا عارفين هم عايزين ايه بالظبط.

وزي ما الثورة والأمل في الإصلاح أظهر أجمل ما في الشعب وظهر النبل والتعاون والتضامن والأخوة والمساواة في آل ١٨ يوم وعدة احداث أخرى ، برضه ظهرت سلبيات كتير، ضروري بتكون مصاحبة لغياب القواعد أو غياب الانضباط، حالة السيولة اللي طبيعي تكون مصاحبة للثورات بيكون مصاحب لها لخبطة وسلبيات، احيانا بتكون حتمية، وأحيانا بتكون مفتعلة أو نتيجة لخططات ورغبات انتهازيين أو كارهين للثورة.


في رأيي اللي قولته كذا مرة وأحيانا مش بيعجب البعض ، ولهم كل الاحترام، إن الثورة لم تأخذ حقها من التمهيد الفكري والتنظيمي المناسب، وبرضه من رأيي إن قتل الحياة السياسية والمجتمع المدني  وإلغاء الأحزاب وتأميم كل أشكال العمل العام اللي بدأ بعد ١٩٥٢، كان له دور كبير في كل اللي بيحصل أيام مبارك ودلوقتي، وكذلك حالة البرود وتعليب الحياة السياسية في عهد السادات ثم مبارك كملوا على كده، الناس اللي اتجمعت ورا الحلم اكتشفوا بعد تنحي مبارك إن المشكلة مش فقط في الشخص، وإن تغيير الشخص لا يعني تغيير منظومة حكم شديدة المركزية والبيروقراطية والتعقيد، بالإضافة لوجود اكثر من مشروع ونقاط خلافية ماكانش حد متخيل انها ممكن تفجر أي نقاش ، بالإضافة لاختلافات كتير في الآراء, واختلافات تنظيمية، وصعوبة في العمل الجماعي لاننا ماتربيناش على فكرة ازاي نشتغل مع بعض رغم الاختلاف،وكثير مننا للأسف تربى على أو استخدم لغة وخطاب وأدوات الأجيال اللي قبل مننا،   وحصل صراعات مبكرة، كل فصيل كان شايف إن رؤيته هو بس هي الأصلح،  وإن لازم كل الباقيين يخرسوا ويسمعوا كلامه ويسيبوه ،كل مجموعة شايفة الأخرى مابتفهمش، كل مجموعة كانت بتشد في اتجاهها فقط

والفصيل الأكبر والأقوى قال نستغلها فرصة ونخلها خلافة إسلامية وإحنا على راسها علشان دي فرصه مش هاتتكرر تاني, خططوا مع المجلس العسكري لاستفتاء مارس 2019 اللي بيمكن المجلس العسكري من إدارة الامور بشكل دستوري أملا في التمكين بعد ذلك، واستغلوا الدين لحشد الناس وايهامهم ان اللي رافض تعديل الدستور علماني كافر عايز يحذف مادة الشريعة،وافقوا على كل القرارات والاملاءات، برروا كل القرارات والفرمانات العسكرية ،على أساس انهم أذكى من المجلس العسكري ومن كل الناس..


ولكن مش بس التيار الإسلامي اللي جري على المجلس العسكري يخطب وده ويتحالف معاه ضد الباقي،ومش بس التيار الإسلامي هو اللي برر الاحداث اللي حصلت، فيه برضه شخصيات وأحزاب بتصنف نفسها ليبرالية أو يسارية، قوى تقليدية وقوى محافظة، برضه كانت في سباق مع التيار الاسلامي لنيل رضا المجلس العسكري، كل طرف بيحاول يعرض نفسه إنه البديل لمبارك وأنه الأجدر،  لكن طبعا الأكثر تنظيما هو اللي قاد المرحلة، أو توهم  انه قاد المرحلة ، لإن اللعبة والخدعة كانت اكبر بكتير.


الطرف اللي ضد الثورة كان أكثر تحديدا لأهداف وأكثر تنظيما،بتربطهم مصالح عميقة ، أعمق من تخيل أي حد، وقدروا بمنتهى البراعة يستغلوا اخطاء وسلبيات معسكر الثورة.

اعتبروا إن لاب من إعادة الشئ لأصله ،والعودة لما قبل ٢٥ يناير،  خططوا كويس من أول يوم وعرفوا إزاي يخلوا كل الناس تبقى ضد بعض،  وازاي الناس تدخل في صراع مبكر ضد بعض .


دوامة أسئلة بدون اجابة حتى اليوم، زي: مش لو كان اتعمل دعوة لانتخاب جمعية تأسيسية للدستور أو لو كان حتى اتعدل دستور 71 بشكل توافقي حقيقي .... كان يبقى أحسن من الدخول في متاهات ربط الدستور بالاغلبية البرلمانية.


وليه دخلنا في صراعات مبكرة قبل ما نحسم إحنا (كلنا) عايزين ايه بالظبط؟


وليه دخلنا صراعات صفرية( كمجموعات وقوى ثورة يناير) في مواضيع كان ممكن تتحل بالنقاش أو التفاوض, لو كان فيه نوايا جادة للتفاوض؟


مش "الديمقراطية التوافقية " كانت ممكن تكون حل لفترة انتقالية قبل ما ندخل كلنا صراع ضد بعض؟

الديمقراطية التوافقية مش عيب وموجودة في نماذج كتير في الدول اللي فيها انقسامات عرقية أو مجتمعية حادة أو حروب أهلية, أو الدول اللي لسه حديثة على مفهوم الديمقراطية زينا كده.


اسئلة كتير لسه مالهاش إجابات واضحة.


وليه فشلت كل جهود التهدئة في العديد من الأحداث الساخنة؟ وهل كل هذا الدم كان ضروري؟

وليه كان الصوت العالي والتخوين هو اللي يقود؟


جزء كبير من تكتل ونجاح القوى المضادة للثورة, انهم كانوا خايفين على مصيرهم المجول، بجانب مصالحهم اللي تضررت.

رموز نظام مبارك وشبكات المصالح, رجال الحزب الوطني واعضاؤه, كل دول تحتهم مئات الآلاف,  وعندك ملايين الموظفين اللي مزاجهم محافظ وغير مرحبين بأي هزة أو تغيير أو فاتورة الاصلاح, أو حتى فترات انتقالية.

غير قطاع ضخم من الناس اللي اتعود يمشي حاله كده, مش عايز يوجع دماغه بفكرة نظام وقواعد عادلة لإن هو بيعرف يمشي حاله في وسط دواليب الحكومة عن طريق علبة سجاير أو شريط فياجرا أو كارت من باشا كبير من البشاوات اللي بيحكموا مصر.

هو بيعرف يمشي حاله ومش بيقف في طوابير طويلة زي باقي الناس, ليه يتعاطف مع الناس اللي هاتعطل حاله وتقول إصلاح تغيير.


القصاص والتطهير, دم الشهداء, فلوس البلد والمليارات اللي سرقها مبارك وعصابته ورجال أعماله وشلة جمال, مطالب الثورة أمام دعوات خافتة للعدالة الانتقالية وإن دا هو الحل الوحيد لإن الانتقام هايؤدي للانتقام , ازاي توازن بين مطالب الثورة /الأحلام الكبرى /الآمال العظيمة وبين الواقع الصعب والمعقد إن مفاتيح القرار مش في إيدك؟

وهناك أيضا عامل مهم يعتبر من أهم الخطايا أو الآفات اللي عندنا، كمجتمع مصري وكقوى ثورية هي جزء من المجتمع المصري، وهو التخوين والمزايدات والضرب تحت الحزام لمجرد الاختلاف في وجهات النظر، ودا عملته كل التيارات والمجموعات ضد بعض ، خصوصا المنتمين للفكر الناصري، بصوتهم العالي، وتخويفهم وتخوينهم لكل الناس المختلفين معاهم في أي تفصيلة، وللأسف لسه آفة التخوين والمزايدات متغلغلة في أوساط الناس المهتمين بالسياسة والعمل العام، رغم إن لسه فيه ناس كتير برضه بيحاولوا يكونوا عقلانيين في تقييمهم أو لا يعتمدوا على الشائعات  والنميمة كمصدر للمعلومة ،أو بيحاولوا يفصلوا الجانب الشخصي عن الموضوعي، ولكن خلينا نعترف إن دول أقلية في مصر عموما وفي الوسط المهتم بالسياسة والشأن العام بالطبع.

إزاي تقدر تعمل عدالة انتقالية وتشوف حلول وسط ، وسط أصوات عالية بتكفر وتخون كل اللي بيتكلم عن حاجة اسمها عالة انتقالية؟ وإزاي تحاول تقلل من تجمعات الثورة المضادة وتجذب قطاعات كبيرة للثورة اذا كان الخطاب مليان تهديد ووعيد بالانتقام من كل من كان في النظام السابق؟

هل كانت ثورة يناير راديكالية بزيادة لدرجة انها ساهمت في تكتل الموظفين والدولة العميقة وشبكات المصالح والجيش والشرطة والقضاء؟

ولا العكس هو اللي كان صحيح، إن الثورة كانت متسامحة وديمقراطية بزيادة لدرجة انها سمحت باعتصامات وتظاهرات مؤيدين مبارك في ميدا مصطفى محمود أو العباسية أو المنصة وسمحت بتجمعاتهم وتآمرهم على ثورة يناير بمنتهى الحرية والأريحية؟

هل الديمقراطية التوافقية كانت هي الحل، إن مثلا كان يتم الاتفاق على ٣ أو ٤ سنين حكم انتقالي ويتم تقسيم السلطات والمهام بكل متفق عليه وبمشاركة الجميع، لحين بناء كيانات سياسية تتنافس بعد كده.

وهل دا ممكن يكون حل في يوم من الأيام؟

أسئلة كل سنة وكل ذكرى، اللي لسه مفيش اجابة عليها، واللي بدون اشتراك الجميع في الإجابة عليها يبقى كل شوية هانرجع لنفس النقطة تاني



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك