ملهاش لازمة توفر

643



سنين عدت وأنا كل الي بسعي له هو النجاح والاستقرار المادي زيي م أي حد عايش في البلد دي بيسعى، كلنا بنحاول نثبت رجلنا في وظيفة تدخلنا دخل شهري مضمون، ونفتح حساب في البنك نحوش فيه فلوس تحسسنا بالأمان والراحة انه لو حصلنا أي ظرف هنكون مسنودين وواخدين احتياطياتنا المالية.


ووسط الزحمة والروتين واليوم الي كله ضايع في الشغل وبهدلة الموصلات، والمرتب الي يا بيضيع كله في أصغر حقوق الحياة (الأكل والشرب والسكن..)، يأما لو فضل منه جزء فا بدون تفكير بنحوشه وبنمنع نفسنا من أي سلع او خدمات ترفيهية، وبننسا تلقائياً حقنا في الانبساط والمتعة بأي شئ لأنه مبقاش ندنا لا فرصة ولا وقت ولا فلوس ولا مجهود نبذله في أي حاجة زيادة عن العادي الروتين اليومي..


مع الوقت رغبتك في الحياة بتقل، معندكش أي حماس اتجاه العيشة والأيام، وبيصبح الشئ الوحيد اللي بيمنعك من الانتحار هو الدين والحرام والخوف من الحساب، لكن من جواك مفيش حاجة بتحركك غير التعود والتأقلم مع الوضع البائس..


لكن الحقيقة (من تجربتي الشخصية) يمكننا ان نجعل من الوضع أفضل مما يبدو.. بعيداً عن اي شعارات وعظات التنمية البشرية، بس احنا كبني آدمين ومواطنين مصريين بذات نستحق الترفيهيه أكثر من غيرنا (نظراً لما نتعرض له يومياً من اهانات وسوء معاملة)، نستحق شكل حياة أفضل من الي البلد اقلمتنا عليه، نستحق ندلع نفسنا ونهتم بسعادتنا وعادة الي بنحبهم، وكده كده في النهاية مهما وفرنا وحاولنا نحوش برضه مش بيبقا كفايه وكده كده قيمة الفلوس في البلد دي مع مرور الوقت بتقل ومش بتفرق اوي محوش كام ووفرت كام..

لذلك بعد سنين من المعاناة والتقشف والبؤس قررت أفضل قرار، وهو اني لازم أتوقف عن غبائي واخصص أي جزء ولو بسيط من دخلي لانبساط وكسر الروتين كل فترة حتي لو علي فترات متباعدة، بس اياً كان الفعل الي هقدم عليه دا في سبيل سعادتي ومهما كان صغير فا بالتأكيد هيكون سبب في تخفيف من أعراض الاكتئاب وأفكار الانتحار المستمرة،  أكيد الفعل الترفيهي البسيط دا هيكون بمثابة إعادة شحن لـ روحي عشان أقدر ارجع أواجه العالم والحياة البائسة الروتينية من تاني، وبعد تجربة، النتيجة كانت محفزة وإيجابية جداً، ورغم عدم تعودي علي صرف المال في اشياء غير الأساسية، ودايماً كنت بحس انه هيكون عدم نضج وعدم تحمل للمسؤولية لو قررت أنفق الفلوس في اشياء تافهه، ولكن حتي لما عملت دا فا كان المقابل الي حصلت عليه من سعادة وتجديد نفسيتي يستحق فعلاً كل جنية.

الحياة بالفعل مزرية ومرهقة، والضغط والتعب يحيط بينا من جميع الجهات، والنتيجة في نهاية واحدة، مهما اجتهدت ووفرت مبقاش كفاية، والحياة طلعت أقصر بكتير من أننا نضيعها في الحزن والاكتئاب، والسعادة والخروجات والسفر والشقاوة طلعوا اشياء لطيفه ملهاش علاقة بعدم تحمل المسؤولية، وانا طلعت انسان أفضل وأكثر مرحً لما جربت اتحطت في بيئة ومكان ترفيهي مريح بعيداً عن ضغط الشغل والحياة المرهقة الظالمة الي كده كده العائد المادي بتاعها مش كفاية ومش عادل. فمادام النتيجة كده كده غير عادلة ومادام مش فارقة كتير ومادام الي هنحوشه في الغالب هنموت قبل ما هنلحق نصرفه لأنه الروتين والعمل بياكل من روحنا كل يوم، فا طول ما احنا لسه موجودين هنا نحاول علي قد ما نقدر وعلى قد ما تتاح لنا الفرص اننا نستغلها في سبيل إسعاد نفسنا بأكبر قدر ممكن.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك