منظمات المجتمع المدني تستنجد بقانون "البرعي"

236


أصدر عدد من منظمات المجتمع المدني بياناً لرفض  مشروع قانون العمل الأهلي المعروض حاليًا على البرلمان تمهيدًا لإصداره كبديل عن القانون الحالي رقم 70 لسنة 2017.

وأوضجت تلك المنظمات في بيانها أن المشروع الجديد ما هو إلا إعادة تسويق القانون القمعي الذي يحمل الفلسفة العدائية لمنظمات المجتمع المدني بهدف إخضاعها للأجهزة الأمنية. 

وتحث المنظمات كافة الأطراف خلال البيان –بما في ذلك المجتمع الدولي– بعدم الترحيب بمشروع القانون الجديد، والضغط من أجل مزيد من الإصلاحات، كما تطالب المنظمات بالعودة لمشروع قانون د. أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي السابق، والذي شهد مشاورات ومشاركة واسعة ضمت أطياف مختلفة من مظمات المجتمع المدني، وبمشاركة عدة وزارات.


وجاءت أهم اعتراضات تلك المنظمات على مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد في النقاط التالية:

حظر مشروع القانون القيام بأي نشاط يدخل في عمل الجمعيات دون التسجيل كجمعية أهلية، وفي الوقت نفسه منح للجهة الإدارية صلاحيات بحل وغلق مقار أي “كيان” يمارس عمل الجمعيات الأهلية دون أن يكون مسجلًا كجمعية. كما أباح مصادرة أموالها لصندوق دعم مشروعات الجمعيات الأهلية بحكم محكمة القضاء الإداري (المادة الرابعة من مواد الإصدار).

كما حظر مشروع القانون على الجمعيات الأهلية إجراء استطلاعات للرأي والبحوث الميدانية، ونشر نتائجها إلا بعد موافقة جهاز التعبئة والإحصاء (مادة 16)، ومخالفة ذلك قد تؤدي إلى دفع غرامة قد تصل إلى خمسمائة ألف جنيه مادة (96).

كما جاء في مشروع القانون مصطلحات فضفاضة كمحظورات على عمل الجمعيات يتيح للحكومة التدخل ووقف أنشطة الجمعية وتسهيل عملية حلها أو رفض تسجيلها من البداية، مثل حظر ممارسة أنشطة تخل بالنظام العام أو الآداب العامة والوحدة الوطنية والأمن القومي (مادة 16).

بالإضافة إلى منح الجهة الإدارية حق الاعتراض على قرارات الجمعية واستبعاد المرشحين لمجالس إارتها دون تحديد مسببات ذلك، ودون إتاحة حق الاعتراض أمام الجهات القضائية (مادة 35، 39(.

وقصر أنشطة وأغراض الجمعيات على مجالات تنمية المجتمع فقط، ومراعاة خطة الدولة التنموية واحتياجات المجتمع (مادة 15).

كما أبقى على الحظر الوارد بالقانون بشأن التعاون مع منظمات أجنبية مشترطًا الحصول على ترخيص من الوزير المختص قبل الشروع في تنفيذه (مادة 20/فقرة 2)، بالإضافة إلى الإبقاء على شرط الحصول على ترخيص مسبق لفتح مقار خارج الجمهورية (مادة 21).

ويعطي مشروع القانون للجهة الإدارية –بعد موافقة النائب العام– حق الاطلاع على الحسابات البنكية للجمعيات المسجلة، فضلًا عن “الكيانات” التي تقوم بعمل أهلي، وذلك دون توافر مقتضيات الكشف عن جريمة قامت دلائل جدية على وقوعها، مغتصبًا في ذلك اختصاصات محكمة استئناف القاهرة كضمانة قضائية لسرية الحسابات (مادة 11/ فقرة أخيرة).

كما يتيح المشروع، للوزير المختص، توقيع عقوبة وقف الجمعية لمدة سنة وغلق مقارها على أفعال لا تتناسب مطلقًا مع المخالفة المرتكبة، منها على سبيل المثال ممارسة أنشطة لم ترد في النظام الأساسي أو لم يتم التصريح بها، تصرف مجلس الإدارة في أموالها أو تخصيصها لغير الأغراض التي أُنشئت من جلها، الانتقال إلى مقر جديد بالداخل دون إخطار الجهة الإدارية ويعرض الأمر على القضاء مع سريان قرار الغلق (مادة 46).

فيما أخضع المشروع عمل المنظمات الأجنبية لقيود كثيرة، فجعل عملية تسجيلها بموافقة مسبقة، إلا أن تلك الإجراءات غير واضحة، ومتروك أمر تنظيمها للائحة التنفيذية (مادة 66، 67)، بالإضافة إلى جواز سحب الترخيص لأسباب فضفاضة كالإخلال بالأمن القومي أو السلامة العامة أو الإخلال بالنظام العام.

واشترط مشروع القانون أن يكون نشاط المنظمة الأجنبية متفقًا مع أولويات المجتمع المصري وفقًا لخطط التنمية (مادة 69).

بالإضافة إلى تحرير المنظمات الأجنبية إقرارًا يمنح الهة الإدارية حق الاطلاع على حساباتها البنكية كلما دعت الحاجة لذلك (مادة 72).

واختمت المنظمات تلك النقاط بالإشارة إلى الإحالات المتكررة للائحة التنفيذية في تنظيم العديد من الأمور الهامة، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام السلطة التنفيذية، ممثلة في رئيس الوزراء، للتغول على الحق في حرية تكوين الجمعيات وإضافة عراقيل أخرى بخلاف التي آتى بها المشروع.

وأكدت تلك المنظات خلال بيانها على بأن مشروع القانون الجديد ألغى  حصول صندوق دعم الجمعيات الأهلية على نسبة ال1% من كل تمويل لأي جمعية أهلية والتي كانت مثار اعتراض عددًا من الجهات المانحة. 

كما استبدل مشروع القانون العقوبات السالبة للحرية، بغرامات مالية باهظة تصل إلى مليون جنيه. 

وأكدت المنظمات على أن تلك التعديلات توضح أن المشرع قد تحايل على أغلبها، فاستبدل إشراف المجلس “الأمني” بوحدة جديدة تدعى “الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي”، تتبع الوزير المختص، والتي ستحدد اللائحة التنفيذية علاقتها بأجهزة الدولة الأخرى (مادة 77).

 علاوةً على التزام الجهة الإدارية بوضع آلية للتبادل الفوري للمعلومات مع السلطات المختصة لإعمال شئونها في حالة توافر اشتباه بتورط أي من المنظمات في تمويل الإرهاب أو يجرى استغلالها لذلك الغرض(مادة 81)، ما يعني بدوره التحكم الكامل للسلطات الأمنية ولكن من وراء ستار.

الجدير بالذكر أن إلغاء العقوبات في قانون الجمعيات يستتبع بالضرورة تنقيح العديد من القوانين الأخرى، وعلى رأسها قانون العقوبات وقوانين الإرهاب والكيانات الإرهابية، والتي تجرم عمل المنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان، فعلى سبيل المثال يواجه المتهمون في القضية رقم 173 لسنة 2011 المعروفة بقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني اتهامات قد تؤدي إلى سجنهم مدى الحياة، وفقًا لمواد بقانون العقوبات.


وأشارت المنظات في بيانها إلأى أنه على خطى القانون الحالي، تحايل مشروع القانون على المادة 75 من الدستور التي تشترط تأسيس الجمعية بمجرد الإخطار، وحول عملية الإخطار إلى ترخيص من الناحية العملية. بأن علق شرط اكتساب الشخصية القانونية للجمعية على عدم اعتراض الجهة الإدارية، واشترط إصدار تلك الجهة خطابًا للبنوك يتيح للجمعية فتح حساب (مادة 11). 

كذا توافق القانون الحالي ومشروع القانون على استثناء الجمعيات بالمناطق الحدودية من شرط الإخطار لتأسيس الجمعية، وجعلها بالترخيص المسبق بعد استطلاع رأي المحافظ (مادة 15). 

الجدير بالذكر أن تحديد نطاق المناطق الحدودية لي أمرًا ثابتًا أو معروفًا، وإنما هو أمر متغير يخضع لقرار من الدولة، قد تتوسع يه إن رغبت.


في السياق نفسه احتفظ المشروع بباب خلفي لتقييد نشاط الجمعية ( وفقا لما جاء بالبيان) عن طريق الموافقة المسبقة على التمويل والمنح الدولية للجمعيات، فمن الممكن للدولة منع نشاط معين للجمعية عن طريق رفض المنحة المقدمة له، كما أن القانون لم يشترط على الدولة إبداء أسباب لهذا الرفض (مادة 28).


كما اعتبر مشروع القانون أن أموال الجمعيات في حكم الأموال العامة (مادة 24/ الفقرة الأخيرة)، وأخضعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. فرغم أن الجمعيات ليست من مؤسسات الدولة، وأموالها ليست أموال عامة –كما أقرت المحكمة الدستورية العليا في أحكام سابقة– فن اعتبار أموالها أموال عامة والقائمين على تلك الأموال في حكم الموظفين العموميين قد يؤدي إلى توقيع عقوبات قاسية على جرائم من قبيل إهدار المال العام وغيرها. ومن الممكن أن يعد فقد مبلغ 100 جنيه من حساب الجمعية جناية تصل عقوبتها إلى السجن خمسة عشر عامًا.


وأختتمت المنظمات بيانها بأن  مشروع القانون المعروض على البرلمان، لا يتعين مقارنته بالقانون الحالي 70 لسنة 2017، حيث أنه هو الأسوأ على الإطلاق، ولا يصلح للمقارنة. 

وأضافت المنظات في الختام أن مشروع القانون الحالي هو أسوأ من قانون الجمعيات السابق رقم 84 لسنة 2002، ويتعارض مع مواد الدستور والتزامات مصر الدولية بما في ذلك التوصيات التي استقبلتها مصر خلال الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر 2014.





تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك