بين ماض يضيع وحاضر ينتهك

502

كثيرًا ما نتفاخر بماضينا هروبًا من الفشل الذي نعيشه في حاضرنا ويتنظره مستقبلنا،  عندما يحدثنا أحد عن نهضة بعض الدول التي كانت في وقتًا ما من دول العالم الثالث، نخبره أننا أصحاب السبعة آلاف سنة حضارة، وعندما يحدثنا أحد عن قوة الجيوش الأوروبية نحدثه عن عزيمة جنودنا في حرب أكتوبر، وكأن ماضينا المشرف أصبح عبئًا على مستقبلنا، الشعب المصري من الشعوب القديمة على هذه الأرض يمتلك حضارة عظيمة تفقدها الكثير من الدول في عصرنا هذا، ولكنني أتسائل ماذا لو كنا لا نملك تلك الحضارة ماذا لو كنا من الدول الحديثة بماذا كنا سنتفاخر في أوقات فشلنا؟

حضارتنا  إن لم تكن دافعًا لنا من أجل مستقبل مشرق فهي حتمًا ستكون عبئًا علينا. 

تمتلك مصر ما يقارب من ثلث آثار العالم وهو رقمًا كبير جدًا، ولذلك تعد تلك الآثار في عصرنا هذا إحدى مصادر الدخل القومي للدولة  إن لم تكن المصدر الأول، ولكنني منذ أيام تفاجئت بخبر عابر في بعض الصحف وهو " بيع رأس توت عنخ آمون بلندن"، جاء ذلك الخبر في الصفحات الثانية أو الثالثة من الصحف القومية وعرض في الشريط السفلي من القنوات المصرية لمدة 24 ساعة كاملة، باعتباره ليس من الأخبار المهمة التي تدار حولها حلقات النقاش في برامج "التوك شو"، تاريخنا وحضارتنا تُباع في مزاد لمن يدفع أكثر  على مرأى ومسمع من الجميع!

وكان رد الخارجية المصرية الأكثر غرابة، حيث "أعربت عن استيائها من التصرف غير المهني لبيع الآثار المصرية دون إظهار سندات الملكية وما يثبت شرعية خروجها من مصر"، فماذا بعد الاستياء المعتاد فهذه ليست أول مرة تباع فيها الآثار المصرية، مرت ثلاثة أسابيع على بيان الخارجية المصرية الذي استائت فيه ولم يحدث اي شئ، فتجاهلت السلطات البريطانية الأمر  تمامًا وترك الأعلام تلك الجريمة كالعادة حيث نها من الممكن أن تُحرج السلطات.  

في الوقت الذي أصبحنا نفقد فيه حضارتنا التي نتفاخر بها، لا أعرف شعور المصريين الذين يعيشون في دول تعرض متاحفها حضارتنا وتاريخنا أعتقد أنهم يودون القول للسائحين المندهشون بتلك الحضارة أن هذه حضارة أجدادنا وتاريخنا التي تروها، ولكن من يمتلكون زمام الأمور في بلادنا لم يستطيعو الحفاظ عليها لم يكونو على قدرًا من المسئولية.

على الرغم من تفاجئنا كل مرة بوجود قطع آثرية مصرية في أماكن بالخارج فتارة في فرنسا وتارة في لندن وغيرها من الدول التي تتفنن في سرقة الحضارات، لماذا لم يحاسب أي مسئول حتى الآن؟ كيف خرجت تلك الآثار من مصر؟.. لا أحد يعرف، المسئولون في بلادنا لا يحاسبون مطلقًا، ولكن إذ كانت الجرمة كبيرة يقال من منصبه من أجل تهدأت الرأي العام فقط ثم يذهب إلى منصبًا آخر، دعونا نترك لندن لنرجع إلى الأوضاع في مصر مرة أخرى، لو تحدثنا عن الحياة السياسية في وقتنا الراهن، فلا يوجد أي مناخ يسمح بحياة سياسية، الرأي والصوت الواحد هما السائدان، فالسياسة محظورة إلا على الموالين للنظام السياسي، فأخر من كان يسعى للتغير بطريقة سياسية يكفلها الدستور والقانون هم مجموعة من الشباب تم القبض عليهم مؤخرًا، بتهمة الأستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، وتم إتهامهم بالانضمام والمشاركة والتموي لجماعة إرهابية أُسست على خلاف أحكام القانون ، مع العلم أن هؤولاء الشباب منم ناصريون ويساريون وليبراليون، وهم اكثر من هاجم الأخوان في فترة حكمهك، وفي ناحية أخرى هناك حزب "مستقبل وطن"، الذي استطاع أن يجذب الناخبين بالرشاوي وكراتين المواد الغذائية في الإستفتاء على التعديلات الدستورية،واستغل الجهل السياسي والأمية والفقر الذين لازمو الشعب المصري في السنوات الأخيرة، وأظهر مصر وشعبها بشكل مخزي في الصحف العالمية، ولكنه من الأحزاب الموالية للنظام فلا يمكن المساس به، أعتقد بعد الذي ذكرته من غير المنطقي أن نكمل حديثنا عن الحياة السياسية في مصر فهؤلاء لم يتركو لنا ماضيًا نتفاخر به ولا مستقبل نسعى إليه

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك