هل الانحياز لادعاءات التحرش منطقي؟

495


من يومين، في برنامج ما علي احدى القنوات المصرية، عرضوا فيديو لمدرس بيتحرش بطفلة عمرها 11 سنه في محافظة الشرقية. والفيديو اتنشر الي حد ما علي مواقع التواصل الاجتماعي.

الحكاية كالآتي: بنت جميلة صغيرة بتاخد درس خصوصي في البيت زي أغلبية طلاب مصر.

 المدرس بدأ يتحرش بيها في الدرس، البنت بكل تلقائية لجأت للقوة الأكبر في حياتها وفي نظرها، هما أبوها وأمها، لكنهم رفضوا تصديقها وكدبوا كلامها بدون حتي محاولة منهم انهم المرة جاية يرقبوا المدرس ويشوفوا يمكن يكون كلامها حقيقي. 

فالبنت قررت انها هتثبتلهم اتهاماتها وأتفقت مع أختها الكبيرة انها تقف من بعيد بالموبايل وتصور المدرس وهو بيحط أيده عليها خلال الدرس, وبالفعل عملوا دا وفرجوا أهلها الفيديو، والمدرس أتحبس وتوته توته خلصت الحدوتة.

بس الحقيقة الموضوع يستحق اننا  ناخد وقت ونفكر في حجم الكارثة والأزمة النفسية اللي توصل طفلة مكملتش 12 سنه أنها تضطر تخطط وتستحمل كل مره حصة زيادة عارفة انها هتتلمس فيها وتتعرض لأصعب حاجة ممكن يتعرض ليها طفل أو ست، وتعمل كل الترتيبات والتخطيط دا عشان بس تثبت لأهلها انها بيم "تحرش" بيها!!

الأهل اللي المفروض يكونوا الداعم والحارس الأكبر لأطفلهم, هما أول ناس مصدقوش بنتهم، -الطفلة- الي معندهاش أي دافع من الشر يخليها تدعي وتتهم المدرس كذب بحاجة زيي دي في بلد زيي دي (اللي فيها اكبر نسبة تحرش).

أعتقد دا يخلينا منستغربش أما نلاقي كلام من ناس مثقفة وكبيرة من نوعية انه التحرش لا يتم اثباته الا بدليل مادي، وكأن المتحرش دا هيجي قدام الناس يقولهم اتفرجوا انا بتحرش اهو، الغريبة انه حتي اما دا بيحصل وبيكون التحرش قدام عينيهم في الشارع، الناس ساعتها برضه مبتتدخلش وبتتجاهل التحرش كأنه فعل عادي يمارس في الشارع بحرية، وحتي اما بنت بتقرر تاخد موقف وتدافع عن حقها الناس ساعتها بتدخل فعلاً بس بيدخلوا عشان يحموا التحرش من انه يروح القسم، ويقولوا للبنت "معلش يا بنتي صغير وميقصدش وبعدين شوفي برضه انتي لابسه ايه".

وماحدش برضه بيسأل نفسه ساعتها لو اللبس هو الدافع، فأيه الدافع الغير أدمي اللي يخلي مدرس يتحرش بطفلة!!

طب ايه الي وصل الاهالي انهم يكونوا بشكل دا من الإهمال وعدم الوعي الي خليهم ميصدقوش بنتهم غير بدليل قاطع زيي الفيديو!

أو حتي لو في نظرهم دي فضيحة وخايفين منها وبيحاولوا ينكروها بكل طرق، كان ممكن ياخدوا احتياطهم ويغيروا المدرس او يلغوا الدرس علي الاقل!

لكن التجاهل الغريب وعدم الاهتمام بأتهام البنت للمدرس بشكل المهمل دا شئ مخيف!

والسؤال الاهم والاتعس، هو في كام طفلة تاني في بلد دي بتتعرض لتحرش من مدارسين واقارب ومعرفتش تثبت دا بفيديو وحكت لأهلها ورفضوا تصدقيها!

حتي لو هنفترض انه السبب الي بيدفع ناس متصدقش هو العقل والحكمة وانه مينفعش نظلم المتحرش بدون اثبات مادي..الخ، فالبديهي والاكثر منطقية في المواقف الغير مثبتة الي زيي دي هو اننا ننحاز للضحية ونصدقها بشكل تلقائي، لانه ببساطة حال البلد والاحصائيات والمواقف والشارع وكل شئ بيحصل واضح وصريح انه التحرش فعل وجريمة بقت متكررة كل دقيقة من أشخاص كتير جداً بمختلف مكانتهم الاجتماعية والثقافية!



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك