محمد محمود .. المجد لكل شمروخ نور الظلمة

771

«يمر اليوم ست اعوام علي مجزرة محمد محمود ، ففي نفس هذا اليوم ،19|11|2011  قام النظام الحاكم متمثلا في المجلس العسكري بتوجيه أسلحته من قنابل الغاز الفاسدة والرصاص لقتل وتصفية عيون الثوار الذين انتفضوا للدفاع عن أهالي الشهداء والذين كان كل ذنبهم اعتصامهم في ميدان التحرير للمطالبة بالقصاص لأبنائهم ، وكانت النتيجه عشرات القتلي ومئات المصبين وسط صمت أحزاب الاغلبية وعلي رأسها تنظيم جماعة الاخوان المسلمين الارهابية الذين كانوا مشغولين بتقسيم غنيمة البرلمان ، اليوم يمر ستة اعوام كامله بدون أي محاسبة ولا قصاص ، بل مازال يدفع بعضهم ثمن الانتماء والتضحية من عمره بالسجون ، وقد شهدنا طوال هذة الاعوام الست  مهرجانات البراءة للجميع بداية من كل الضباط المسئولين عن قتل الثوار في أحداث الثورة مرورا بالحكم الهزلي ضد الفاسد مبارك والعادلي وانتهاءا بالبراءة لكل المتهمين في موقعة الجمل ، وباقى العصابة ،  لم ننس مطلب القصاص الذي نريده كبديل عن الدماء التى سالت بشارع محمد محمود سواء وقت الأحداث التى اندلعت عقب ثورة يناير بعام 2011 أو الأحداث التى إندلعت فى الذكرى الأولى للأداث بعهد الخائن الارهابى " محمد مرسى " ، أو أحداث عام 2014 التى بدأت بعد نهاية فاعليات اليوم وانتهت بسقوط ثلاثة شهداء أخرين أصغرهم الطفل " عبد المقصود " الذى لم يتم عامه الخامسة عشر .  


ان ملحمة “محمد محمود” ، كشفت وبشكل غاية في الوضوح عن اتجاهين منفصلين تماماً بين القوى المشاركة في “ثورة 25 يناير”، فالتوقيت الذي وقعت فيه الأحداث كان خلال سير معركة الانتخابات البرلمانية ، وكانت تلك الانتخابات الأولى التي تجري عقب خلع الفاسد مبارك ، وحل “الحزب الوطني” ، الذي كانت يهيمن على البرلمان عبر التزوير الممنهج.


وكانت الانتخابات البرلمانية تعني بالنسبة إلى القوى السياسية التقليدية ، الفرصة الأولى للمشاركة في السلطة السياسية، في المقابل ، فإن إصرارنا على استكمال المواجهة مع أجهزة القمع والحفاظ على مكاسب الثورة الديموقراطية على الأقل ، ورفض عودة آليات الاستبداد وعنف الدولة.


كان يمثل إعاقة مشروع جني ثمار الثورة الذي تتطلع له تلك القوى ، الثورة التي تعلقت بأثوابها كل القوى السياسية في مصر ، وحتى تلك التي لم تكن ثورية في يوم من الأيام – حتى وصل الأمر إلى حد ادعاء قطاع من الحزب الوطني تأييده للثورة والتقرب منها – باتت بعد أحداث ملحمة “محمد محمود” عبئا على من يسعون للمشاركة في السلطة السياسية.


بدت يومها الثورة غريبة بدعوة لم تدعمها القوى السياسية التقليدية، حتى أنها تنم عن سخرية المعارضة المستأنسة ، التي وقفت دون تحقيق هدف تغيير النظام بشكل جدي.


الملفت بعد أحداث “محمد محمود” أن وضع القوات المسلحة في “وثيقة السلمي”، والذي احتجت عليه تلك القوى ، جرى إقراره في الدستور من دون تغيير جوهري ، وذلك بعد تشكيل البرلمان وإجراء الانتخابات الرئاسية ، وهيمنة قوى الإسلام السياسي، ممثلة بـ”التنظيم الارهابى ” والسلفيين “داعش مصر” على الحكم ، أما القوى الثورية التي أصرت لى استكمال الثورة، فقد خاضت معركتها بكل بطولة، وقدمت تضحيات ضخمة في ميدن التحرير وشارع “محمد محمود”.


لكنها ظلت بعيدة عن المدن والأحياء والقرى ، في المقابل ، فإن القوى التي انصرفت من الميدان لجني الثمار، توجهت إلى المدن والأحياء والقرى مطلقة حملتها الانتخابية بعيداً عن الثوار ، هكذا استدرجت القوى الثورية إلى الانعزال في الميدان ، بينما كانت القوى التي تخلت عن الثورة تتوغل بين الجماهير، وهو ما كان له تأثير كبير على مجريات الانتخابات ، وصولاً إلى ما صارت عليه الحال اليوم.


علاوة على ذلك ، فإن القوى الثورية التي ناضلت بإخلاص لم يظهر أفق نضالها واضحاً طوال هذه الفترة ، ولم تقدم رؤية واضحة لما سيحدث في اليوم التالي. كانت تقاوم ببسالة آلة القمع التي بدت تستعيد لياقتها بعد الثورة، وكانت ترفع الشعارات الرافضة لعودة النظام وعدم تحقيق أهداف الثورة ، لكنها لم تطرح طريقاً واضحا وخطوات ملموسة.


صحيح أنها حصلت بالفعل على تعاطف كبير من قبل الشعب ، ولكنها لم تنجح في حشد الجماهير وراءها كما حدث أيام “ثورة 25 يناير” ، كذلك، لم تتنبّه القوى الثورية للنضال الاجتماعي الذي انطلق قبل الثورة، والذي تصاعد بعدها بقوة. فقد حفزت الثورة مطالب القطاعات الفقيرة في مصر بالعدالة الاجتماعية.


وتحركت القطاعا المختلفة للمطالبة بحقوقها المهدورة، وهو ما شهرت به أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة، ووصفته بأنه “مطالب فئوية” ، في محاولة لعزلها عن مسار الثورة ،هذه التحركات الاجتماعية لم تجد دعماً حقيقياً وتأييدا من القوى الثورية التي كان نضالها منصباً في المسار الديموقراطي دون الاجتماعي ، وحين سعت إلى ردم تلك الفجوة عبر الدعوة إلى الإضراب العام في العام 2012 للمطالبة بإنهاء سلطة المجلس العسكري، بدا ان تلك الفجوة كانت قد تعمّقت.


وفشلت الدعوة الى الاضراب ، كان مسار الثورة المصرية معقدا ووعرا، وربما يمكن اليوم النظر في الكثير من أحداثها لمعرفة كيف تطورت الأمور عل هذا النحو، وكيف وصل الأمر إلى تمزيق أثواب الثورة والتشهير بها ممن تعلقوا ها من قبل ، وربما استرجاع الزاكرة بصفتى كنت جزء من الملحمة اليوم في تبيان إحدى أهم المحطات في طريق الثورة التي بدأت غريبة ثم عادت غريبة ، بينما مستقبلها ما زالت ترسمه أحداث اليوم .


 ستظل أحداث محمد محمود علامة فارقة في تاريخ حراك 25 يناير  وسيظل التاريخ شاهدا على أن الدماء الذكية التي سالت في هذا اليوم هي التي أنهت الفترة الانتقالية وعجلت بإجراء الانتخابات الرئاسية وفرضت أجندة الثورة على كل من خانها أو تواطأ عليها».

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك