مينا دانيال .. الحلم في مواجهة الدبابة

709

6سنوات مروا على فراق عريس السماء « مينا دانيال» أعز الأصدقاء في مذبحة إهتز لها الوجدان بينما لم يهتز شعره في رأس أحد من رجال الدولة التي أطلقت دبابات جيشها رصاصات لتقتل مينا ومعه 27 أخرين  إلى جانب إصابة العشرات ردا على قرارهم بالخروج عن حواجز الكنيسة وجدرانها والمطالبة بحقوقهم والت كانت على رأسها قانون لبناء دور عبادة موحد.

إذ يعتبر هذا القرار الأول من نوعه للأقباط بعد أن إستطاع النظام المصري منذ سنوات ومع تحول مصر من الملكية إلى لجمهورية من  تحجيم المسيحين داخل أسوار كنيستهم وجعلهم كدولة صغيرة صديقة  موجودة داخل الدولة الأم وهي مصر، وبالتالي شأن المواطن القبطي  أصبح لا يهتم به سوى المسئوولين بالكنيسة بعيدة عن الدولة ونظامها ومن هنا نشأ أجيال من المسيحين لا يعرفون عن المشاركة الإجتماعية شيء ولا يعرفون عن مدى أهمية الخروج خارج أسوار الكنيسة.

لكن مع تفجير كنيسة القديسين عام 2011 بدأت الأصوات تتعالى بالغضب وخصوصا أن هناك بعض أعمال العنف والطائفية كانت قد وقعت في حق المسيحيين قبل واقعة الكنيسة ليلة عام 2011، الأمر الذي جعل شباب المسيحيين يخرجون لأول مرة بتظاهرات خارج أسوار الكنيسة للمطالبة بمحاسبة الجناه.

ومن هنا رأيت صديقي مينا دانيال يعمل بجهد في توحيد صفوف الشباب الأقباط وحثهم على عدم التخلي عن حقوقهم وضرورة إستكمال المشوار الذي بدأوه، الأمر الذي لم يكن محبب أبدًا لربان الكنائس وكانت النتيجة هو منع مينا من دخول الكنائس أثناء قداس عيد الميلاد 7 يناير من عام 2011 هذا ما رواه لي صديقي عندما سألته في وقت القدا اثناء " مروحتش القداس ليه يا مينا .. قال لي: الأمن منعني بيعاقبوني "، ثم ذهب مينا وإبتسامته البريئة على وجهه.

مينا كان ينظر دائمًأ ويؤكد على أن المسيحين ووضعهم داخل البلاد وإنحصارهم داخل أسوار الكنائس سبب من الأسباب الرئيسية في سوء أوضاعم ، وكان يرى أن هناك فئة بعينها تعاني من مدى الإضطهاد الذي تمارسه الدول ضدهم كان المسيحين وخصوصا الفقير منهم كان على قائمة هؤلاء الفئة .

في حلقة نقاشية جمعت بيني وبين صديقي مينا وكان هو اللقاء الأول بيني وبينه في منتصف عام 2010، وكانت حركة شباب من أجل العدالة والحرية قد نظمت تل الحلقة بعنوان هلالمسيحين في مصر مضطهدين، وكانتم تلك الحلقة من أجمل حلقات النقاش التي إستمتعت بأراء الشباب فيها.

لكن إختلفت بشدة في الرأي مع مينا الذي رأي أن هناك إضطهاد مباشر يمارس من السلطة الحاكمة على المسيحيين في مصر وخصوصا إذا كان هذا المسيحي فقير، لكني رفضت تلك الفكرة وأثناء كلمتي كنت مصره على إن الفقراء في مصر جميعهم مضطهدون سواء مسيحيون ومسلمون، وقتها نظر لي مينا وسألني سؤال لم أستطع على إجابته حينها وهو " إنتوا كمسلمين أوقات بترفعوا المصاحف في المظاهرة ،،، تفتكري لو مسيحين نزلوا مظاهرة ورفعوا الإنجيل والصليب فيها تفتكري إيه هيكون رد الفعل".

هذا السؤال الذي لم أعرف إجابته سوى يوم مذبحة ماسيرو نفسها بعدما نزل بعض ممن يطلقون على أنفسهم إسلاميين، للتصدي لتظاهرة اأقباط أمام مبنى ماسبيرو التي لم تكون أكثر من تظاهر تطلب بحقوق مشروعة جدا لفئة من الناس داخل المجتمع المصري

عرفت الإجابة على هذا السؤال عندما وجدت الإعلامية رشا مجدي تؤكد على إن المسيحيين بيتظاهروا أمام مبنى ماسبيرو وتدعو لضرورة نزول المسلميين والتصدي لهم .

عرفت إجابة هذا السؤال عندما وجدت أن هناك من يبرر للجيش فعلته الوقحه في دهس عدد من الأقباط أمام ماسبيرو بحجة " أنهم كانوا مسلحين ".

عرفت إجابة السؤال لكنني لم إستطع إخبار مينا بتلك الإجابة فقد رحل عن عالمنا وترك سيرة وبصمة ودر هام في الحراك السياسي الإجتماعي داخل هذه البلاد التي لا تستحق شاب بقلب وب وبرائه مينا.

مينا لم يكن المثقف الكفء الذي يلتهم الكتب ولم يكن من أكبر المحللين السياسيين ولم يكن سوى شاب رافض للظلم والقهر والإستبداد ، رافض لوضع المسيحين ويرى ان التغير في يد المحكوم وليس الحاكم والأمر ليس إلا مطالبة ، فلم يضع حق وراءه مطالب، لكن رصاص العسكر كانت أقوى من أحلام مينا وبرائته.

وأخيرًا سلام على روحك يا مينا فقد كنت نسمة صيف ذهبت رياح الدولة العسكرية التي لم تترك أخضر ولا يابس، سلام يا مينا على أمل أن نلتقي بالجنة يا صديقي.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك