السياسة والقانون في تعديل الدستور (5)

256


وهانحن قد وصلنا إلى النهاية ولم يتبقى لنا سوي شهر ونصف تقريبا على الإستفتاء على التعديلات المقترحة والمزمع له بداية مايو المقبل. وقد حان الإجابة على السؤال الأهم كيف يمكن مواجهة تلك التعديات الدستوري ؟ - إذا كانت الأغلبية رافضة لها بالفعل كما نعتقد –

الحقيقة أن كفاح الأجداد فى ثورة 1919 والتى كانت أستكمال لمفهوم الدولة الحديثة التى أنشأها محمد على،كان قائم بعد الإستقلال على بناء دولة دستورية ديمقراطية حديثة ،وهو ما تحقق بالفعل فكانت أول مشاركة سياسية للمرأه من خلال صفية زغلول وهدى شعراوى، وكان تأسيس أول إقتصاد مصرى ببنك مصرى وشركات فى كافة المجالات على يد طلعت حرب ،وكان الدستور المصرى عام 1923 من خلال لجنة الثلاثين والتى ترأسها عبدالخالق باشا ثروت وما تبع ذلك من قوانين لبناء منظومة قيم تستعيد من خلالها حضارة هذا البلد العظيم والتى تنوعت بين قوانين التعليم المجانى ودعم الفلاحين ونظافة وإنارة الشوارع ...الخ وبالطبع لن يكون ما سبق ذو جدوي إلا بالحريات فسادت الحريات السياسية والصحافية والفنية.

ومن مفارقات القدر أن تتزامن مئوية تلك الثورة العظيمة مع رده على ما قامت به من بناء دستورى ومجتمعى وإقتصادى،وتلك الرده لم تبدأ الأن ولكنها إمتداد لما بدأ من خمسينيات القرن الماضى حيث تم تعطيل الدستور وغلق الصحف والسيطرة على ماتبقى منها  وتأميم الأقتصاد الوطنى وحل الأحزاب والرقابة على الفنون وسجن المعارضين وتقسيم وفرز المجتمع مما قطع نسيجه ولم يعد للأختلاف مكان والأختلاف هو دماء الدول ومجتمعاتها فالدول المختلفة نمو وتتقدم والدولة صاحبة الرأى الواحد تتقزم وتتخلف وتنهار. وهو بالطبع ما كانت نتيجته متوقعه وهى هزائم عسكرية أمتدت إلى هزائم نفسية مجتمعية أستتبعها إنهيار إقتصادى وهو ما أنتهى إلى إنهيار منظومة القيم الوطنية التى عضدتها ثورة 1919 .

مرت الأزمان والسنوات إلى أن تغيرت الأجيال وتغير العالم وتغيرت المفاهيم وتشوهت القيم اكثر وفاض الكيل إلى أن قامت ثورة يناير 2011 وما استتبعها من إسهال سياسى وفكرى وحزبى فتم إشهار أكثر من ستون حزب تقريبا بعد الثورة لم يمثل فى البرلمان منها سوى سبعة وخلال تلك الترة عدنا إلى الفرز المجتمعى والتقسيم مرة أخرى وأصبحت الحرية من منظور واد لا يعرف الاخر فلا صوت يعلو فوق صوت الثورة وهى صاحبة الحق والأصح دائما ممثلة فى كل من مر بالميدان لم نربط على القانون بل أهدرناه وعلقت المشانق فى الميدان لكل ما يعارض وصدرت قوائم سوداء لكل مختلف عن الثورة ، كان كل هذا من ميراثنا فى يوليو 1952 فتلك الممارسات ما هى إلا إعادة لما كان ،كل ما سبق ما هو إلا نتيجة الجهل والفقر وغياب الثقافة والديمقراطية وغلق المجال العام .

لم يلبث أن يمر ثلاثة أعوام حتى تبدأ الموجه الثانية فى صيف 2013 ضد الجماعة الدينية الفاشية والتى لا تؤمن بمفهوم الدولة والوطن فقا لمعتقداتها فالوطن ما هو إلا حفنه من تراب وهو ما يعنى بالتبعية رفضها لا يسمى بالدستور و الديمقراطية والمساواه والمواطنة ..الخ . فهم جماعة قادمون من عفن التاريخ وسيذهبون إليه أيضا ، ونظرا لجهلم وجهلنا وإفتقارنا للمفهوم الإنسانى نتيجة قتله عمدا على مدار أكثر من نصف قرن  فلم نعد نعلم قيمة الإنسان وحقه فى الحياه ومسئوليتنا جميعا عن هذا الحق فأهدرنا هذا الحق .

لن تكون المواجهة هذه المرة سهلة هؤلاء ينتمون إلى أقذر فترات التاريخ والتى تمتلئ بالدماء لمواجهة المختلفين والمعارضين ، وهو ما يتطلب التكاتف فلنتنازل عن الحريات فى سبيل المواجهة وأستتبع التنازل تازلات وفى كل مرة لا تنتهى المواجهة إلى أن أنتهت التنازلات وأنتهينا معها .

إن تمرير تلك التعديلات لن يكون نهاية المطاف ، فهذه التعديلات المقترحة ما هى إلا نصوص كاشفة للواقع السياسى والأجتماعى وليست منشئة له ولن تغنى عن تغيير حتمى مطلوب . أما بخصوص الإجابة على السؤال الأول كيف نواجه تلك التعديلات ؟ فى الحقيقة لا أعرف وأعترف أن الخوف يسيطر علينا جميعا خوف من ردة الفعل ومن جدوى العمل العام وخوف من مواجهات اكثر لم يعد أحد لديه القدره عليها .

ليس لدى غير أنى سوف أتجه للصناديق للتصويت بلا على هذه المقترحات وعلى كل من يرفض تلك التعديلات أن يذهب للتصويت ويرفضها ،فالسلبية لم تجدى مسبقا وطريق المشاركة هو الطريق الوحيد الذى لم نختبره من قل فى الأعتراض وهو طريق قانونى دستورى نحمد الله أنه لم ينزع منا حتى الان فلنجربه لعله ينجح هذه المرة .

أنتهت ,,,

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك