close

الاحتلال يوسع عملياته.. قصف في الدوحة.. لا في غزة

أدانت مصر بأشد العبارات ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي السافر” على دولة قطر، والذي استهدف المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة الدوحة
Picture of آية ياسر

آية ياسر

شهدت العاصمة القطرية الدوحة، عصر التاسع من سبتمبر الجاري، ضربة جوية إسرائيلية استهدفت اجتماعًا لوفد قيادي من حركة حماس كان يناقش اقتراحًا أمريكيًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة، قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأسفر الهجوم عن سقوط عدد من القتلى، دون أن يصيب الوفد المفاوض.

ووفقًا لوسائل إعلام قطرية، تعرض الوفد لمحاولة استهداف في العاصمة، لكنه نجا دون إصابات. وأكدت وكالة “رويترز”، نقلًا عن مصدرين في حركة حماس، أن أعضاء الوفد المشارك في مفاوضات الدوحة خرجوا سالمين من الهجوم.

من جهتها، كشفت وزارة الداخلية القطرية مساء الثلاثاء عن أسماء الضحايا الذين سقطوا نتيجة الضربة، مشيرة إلى استشهاد ثلاثة أشخاص، هم: مؤمن جواد حسونة، وهمام خليل الحية (نجل القيادي البارز خليل الحية)، والوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من منتسبي قوة الأمن الداخلي (لخويا)، الذي استشهد أثناء تأديته مهامه في موقع الاستهداف. كما أُصيب عدد من المدنيين والعناصر الأمنية بجروح متفاوتة، في حين تواصل الجهات المختصة عمليات التحقق الميداني باستخدام تقنيات تحديد هوية ضحايا الكوارث (DVI)، للتعرّف على المفقودين، مع وعد بالإعلان عن المستجدات فور توفرها.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن العملية، التي نُفذت بالتعاون بين سلاح الجو وجهاز الأمن الداخلي “الشاباك”، حملت اسم “قمة النار”، واستهدفت قيادات عليا في حماس. وادّعى الجيش أنه اتخذ تدابير للحد من إصابة المدنيين، من بينها استخدام ذخائر دقيقة ومعلومات استخبارية محدثة لتحديد الأهداف. كما توعّد بمواصلة عملياته العسكرية، محمّلًا الحركة مسؤولية ما وصفه بـ”مجزرة السابع من أكتوبر”.

وفي بيان صادر عن مكتبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن العملية “كانت إسرائيلية خالصة من حيث التخطيط والتنفيذ والمسؤولية”، مضيفًا: “إسرائيل بادرت إليها، ونفذتها، وتتحمّل كامل تبعاتها”. بينما اعتبر رئيس الكنيست، أمير أوحانا، في منشور على منصة “إكس”، أن العملية تمثل “رسالة لكل الشرق الأوسط”.

ونقلت شبكة “CNN” عن مصدرين إسرائيليين أن الهجوم خضع للتخطيط لمدة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، وتسارع تنفيذه خلال الأسابيع الأخيرة حتى حصل على موافقة القيادة السياسية. وأوضحت الشبكة أن العملية نُفذت باستخدام ضربة دقيقة، بالتنسيق مع “الشاباك”، واستهدفت قيادات رفيعة في الحركة.

بدورها، أدانت دولة قطر بأشد العبارات الهجوم الإسرائيلي، ووصفت استهداف المقرات السكنية في الدوحة بأنه “اعتداء جبان”. وأكدت وزارة الداخلية القطرية أن دوي الانفجارات الذي سُمع في أنحاء متفرقة من المدينة نجم عن القصف الإسرائيلي على المباني التي يقطنها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس.

 

نوصي للقراءة: صفقة الغاز كورقة ضغط.. كيف سترد القاهرة على تهديدات نتنياهو؟

 تداعيات

في سياق متصل، أوضح بيان صادر عن البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، أن الرئيس دونالد ترامب لم يوافق على موقع الضربة الإسرائيلية، وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بذلك. وأكد البيان أن الولايات المتحدة تنظر إلى دولة قطر كحليف وثيق، وأن الرئيس “مستاء للغاية” من مكان تنفيذ الهجوم، معتبرًا أن “هذه الحادثة المؤسفة قد تشكل فرصة لتحقيق السلام”.

من جانبه، يرى السفير بركات الفرا، سفير فلسطين الأسبق لدى مصر ونائب الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أن استهداف وفد حماس في الدوحة يكشف أن إسرائيل لا تكترث بأي طرف عربي. يقول لـ”زاوية ثالثة”: “إسرائيل لا تريد السلام، ولا تسعى لوقف الحرب، وكل ما تجريه من مفاوضات ليس إلا فقاعات في الهواء بلا معنى”.
ويضيف: “نتنياهو، ومعه بن غفير وسموتريتش، مصرّون على استمرار الحرب، دون اكتراث بالمعتقلين أو الأسرى، لأن استمرارها هو وسيلته الوحيدة للبقاء في الحكم، إذ يعلم أنه في حال توقفت الحرب، سيواجه السجن”.

ويعتبر الفرا أن الضربة الجوية تمثّل اعتداءً سافرًا على دولة عربية جديدة، بعد لبنان وسوريا، وهو ما يُعبّر عن غطرسة إسرائيلية واضحة، ويفرض على الدول العربية اتخاذ موقف حازم تجاه ما وصفه بـ”الدولة المارقة”. ويشير إلى أن هذا الاعتداء، رغم خطورته، قد يدفع حركة حماس إلى مزيد من الليونة في مفاوضات وقف إطلاق النار، إذا قررت المضي فيها، خصوصًا أن الغارة وقعت أثناء مناقشتهم لمقترح أمريكي.

كما يشدد على أن العملية تمثّل إنذارًا لبقية الدول العربية، مضيفًا: “قطر، التي تربطها علاقات بإسرائيل وتؤدي دور الوسيط بينها وبين حماس، تعرضت لعملية عسكرية استهدفت مدنييها على أراضيها، وهو اعتداء مباشر على سيادتها”.
ويرى أن ما جرى يؤكد أن إسرائيل لا تقيم وزنًا لأحد، ويضيف: “تنفيذ هذه العملية جاء بضوء أخضر أمريكي، وألم يعلن مكتب نتنياهو أنهم نفذوا الهجوم ويتحمّلون مسؤوليته؟ ماذا نحتاج أكثر من هذا؟”.
ويختتم: “ينبغي على جامعة الدول العربية أن تتجاوز مرحلة البيانات الشكلية والتصريحات اللفظية التي لا تسمن ولا تغني من جوع”.

من جهته، يرى زيد الأيوبي، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن استهداف قيادات حماس في قطر لم يكن مفاجئًا. ويقول لـ”زاوية ثالثة” إن الضربة تؤكد أن إسرائيل لا تبحث عن أي مسار تفاوضي لإنهاء الحرب، بل تسعى إلى إشغال حماس داخليًا، وإضعاف قدرتها على الانخراط في العملية السياسية.

ويوضح أن العملية ستعقّد قنوات التواصل بين الوسطاء وحماس، وتُضعف الدور القطري الوسيط، مشيرًا إلى أن استهداف قيادات الحركة في الدولة المضيفة يضع علامات استفهام حول قدرة قطر على الاستمرار كوسيط محايد وآمن.
ويضيف: “لا أعتقد أن الهجوم تم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بل يحمل رسالة موجهة إلى الداخل الإسرائيلي، في ظل الضغوط التي يواجهها نتنياهو من المعارضة. أراد من خلال هذه العملية أن يظهر للإسرائيليين أنه مستمر في الانتقام من حماس، ولن يتهاون مع من يقف وراء هجمات السابع من أكتوبر”.

ويختم الأيوبي بالقول إن هذا الاستهداف سيقضي على ما تبقى من آمال لدى الفلسطينيين في غزة بإمكانية التوصل إلى اتفاق ينهي العدوان، ويفتح الباب أمام حرب طويلة دون أفق سياسي واضح.

 

نوصي للقراءة: الحرب تتوسع في كل شبر من غزة.. والمناطق الآمنة “تحت القصف”

مصر تدين الهجوم وتتضامن مع قطر

أدانت مصر بأشد العبارات ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي السافر” على دولة قطر، والذي استهدف المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة الدوحة. واعتبرت رئاسة الجمهورية في بيان رسمي أن الهجوم يمثّل سابقة خطيرة وخرقًا فاضحًا لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويُعد اعتداءً مباشرًا على سيادة دولة عربية تضطلع بدور محوري في جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة.

وأكد البيان تضامن مصر الكامل مع قطر، قيادةً وحكومةً وشعبًا، في مواجهة ما وصفه بـ”الاعتداء المشين”، محذرًا من أن هذا التصعيد يُقوّض المساعي الدولية للتهدئة ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي. ودعا البيان المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والعمل على وقف العدوان ومحاسبة المسؤولين عنه، حتى لا يُضاف إلى سلسلة إفلات إسرائيل من العقاب.

وفي بيان منفصل، شددت وزارة الخارجية المصرية على أن النهج الإسرائيلي العدواني يعكس نية مبيّتة لتقويض أي فرصة للتهدئة أو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وأكدت أن غياب الإرادة السياسية لدى إسرائيل يُظهر تماديًا في انتهاك القانون الدولي، ورفضًا لأي مسار سياسي جاد نحو السلام.

وأكدت الخارجية رفض مصر القاطع لأي اعتداء على أراضي الدول العربية، معتبرة أن أمن قطر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وأن المساس به تطور بالغ الخطورة لا يمكن القبول به تحت أي مبرر. كما حذّرت من تداعيات التصعيد الإسرائيلي “غير المسبوق”، وما ينطوي عليه من مخاطر على استقرار المنطقة وتوسيع رقعة المواجهة على حساب المدنيين.

ويرى إبراهيم الدراوي، الباحث المتخصص في الشؤون الفلسطينية الإسرائيلية، أن الضربة الجوية على الدوحة تحمل في جوهرها رسالة أمريكية أكثر من كونها إسرائيلية، موضحًا أن واشنطن منحت الضوء الأخضر لتنفيذ العملية، رغم تضارب الأنباء حول مصير الوفد المستهدف. ويقول لـ”زاوية ثالثة”: “وقوع الهجوم أثناء مناقشة مبادرة أمريكية يمثّل صفعة للمجتمع الدولي، ويؤكد أن إسرائيل لا تبحث عن سلام، بل تنفذ مشروعها التوسعي والتهجيري دون أي اعتبار للشرعية الدولية”.

ويشير الدراوي إلى أن قطر، رغم كونها من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات اقتصادية مع إسرائيل في التسعينيات، لم تحظَ بأي احترام من الجانب الإسرائيلي، الذي وجّه ضربة عسكرية على أراضيها، في انتهاك واضح لتلك العلاقات. ويرى أن هذا الحدث يجب أن يكون رسالة للدول التي اندفعت نحو “اتفاقيات إبراهيم”، دون ضمانات حقيقية.

ويتابع الخبير أن إسرائيل “تعيث في الأرض فسادًا”، لكنها لا تجرؤ على المساس بدول كبرى كـمصر، التي تمتلك جيشًا قويًا ومستقلًا عن المنظومة الأمريكية. ويذكّر بتجربة حرب أكتوبر 1973، معتبرًا أن إسرائيل تركز اليوم على الأراضي التي تسيطر عليها عسكريًا، مثل لبنان وسوريا والجولان، بينما تبقى مصر في موقع محصن بفعل قوتها العسكرية وقيادتها السياسية.

وحول تداعيات الضربة على العلاقات المصرية الإسرائيلية، يوضح الدراوي أن القاهرة سبق أن اتخذت مواقف سياسية ودبلوماسية حاسمة تجاه إسرائيل بسبب سياساتها في غزة، وترفض بشكل قاطع أي سيناريوهات تهجير للفلسطينيين. ويضيف: “الرد المصري على استهداف الدوحة سيكون في إطار بيانات الإدانة، لكنه يحمل دلالات مهمة باعتباره موقفًا من اعتداء على دولة عربية لا يمكن التغاضي عنه، سواء من قبل مصر أو جامعة الدول العربية”.

ويختم الدراوي بالتأكيد على أن موقف مصر “ثابت واستراتيجي”، ولا يرتبط فقط بقطر أو الحادث الأخير، بل ينبع من التزامها التاريخي بالقضية الفلسطينية ورفض المساس بالحقوق الفلسطينية تحت أي ظرف.

 

نوصي للقراءة: وسط الركام والقصف والجوع.. مصريون عالقون في غزة منذ عام ونصف

رسالة إسرائيلية واضحة

يؤكد السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن استهداف وفد حركة حماس في الدوحة ستكون له تداعيات مباشرة على مسار المفاوضات. ويقول لـ”زاوية ثالثة” إن “الموقف النهائي سيتوقف على الدور الأمريكي، في ظل رفض إسرائيل المعلن للانسحاب من غزة أو السماح بإعادة الإعمار قبل تنفيذ شروطها، وأبرزها تهجير الفلسطينيين”، مشيرًا إلى أن هذه الأهداف تتقاطع مع الرؤية الأمريكية في بعض الجوانب.

ويطرح السفير تساؤلًا حول احتمال تلقي الطائرات الإسرائيلية التي نفذت الهجوم دعمًا لوجستيًا أو تسهيلات من القاعدة الأمريكية في قطر، معتبرًا أن هذا الاحتمال وارد في ضوء التفاهمات الاستراتيجية بين الجانبين.

ويضيف: “العملية تعكس سلوكًا أقرب إلى ممارسات الجريمة المنظمة وإرهاب الدولة، حيث جرى استهداف الوفد فور اجتماعه لمناقشة مقترحات أمريكية رفضها، في محاولة لتصفية القيادات الفلسطينية، سواء من حماس أو السلطة، بما يعرقل جهود التهدئة وإعادة الإعمار”.
ويؤكد أن اغتيال القيادات لن يُنهي المقاومة، مشيرًا إلى وقوع عمليات فدائية ضد جنود إسرائيليين في القدس وغزة خلال الأيام الأخيرة.

ويرى حسن أن الرسالة الإسرائيلية واضحة: ملاحقة كل من يرفض شروطها، أيًا كان موقعه، خاصة في ظل الضغوط الدولية قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة التي قد تشهد تحركات لبحث الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتزامنًا مع تلويح بريطانيا بالاعتراف الرسمي حال استمرار الحرب.

وعن الأنباء التي تحدثت عن تحليق طيران أمريكي وبريطاني فوق الدوحة قبيل العملية، يشير إلى أن “تنفيذ هجوم من هذا النوع لا يمكن أن يتم دون تنسيق أو على الأقل غضّ طرف أمريكي، بالنظر إلى العلاقة الوثيقة بين واشنطن والدوحة”.

ويؤكد أن “استمرار إفلات إسرائيل من العقاب سيجعلها تهديدًا دائمًا لاستقرار الشرق الأوسط بأكمله”، لافتًا إلى أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تمرّ بحالة توتر شديدة، خاصة بعد وقف ضخ الغاز، وتدمير معبر رفح، واحتلال ممر فيلادلفيا، في خرق مباشر لاتفاقية السلام.

ويتابع: “الرد العربي قد يتأرجح بين بيانات الإدانة الشكلية أو اتخاذ خطوات عملية، إن أدركت الدول أن الخطر الحقيقي هو إسرائيل، لا إيران”. ويقترح أن تبدأ الإجراءات بالمقاطعة الاقتصادية والتجارية، على غرار الموقف التركي، متسائلًا: “هل سيتخذ مجلس التعاون الخليجي موقفًا عمليًا بعد استهداف دولة عضو؟ أم يكتفي ببيان استنكار؟”.

من جهته، يرى السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق وعضو مجلس النواب، أن الضربة تحمل “رسالة إسرائيلية واضحة” مفادها أن لا مجال للوساطة أو التفاوض، وأن إسرائيل ماضية في عمليتها العسكرية داخل غزة لحسم الموقف بالقوة. ويقول لـ”زاوية ثالثة”: “ما جرى يمثل استمرارًا لمسلسل الحماقات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر، وهي حماقات تتجاوز كل المسارات السياسية والدبلوماسية”.

ويؤكد العرابي أن إسرائيل انتقلت إلى مرحلة جديدة من المواجهة تعتمد بشكل كامل على الحل العسكري، دون أي نية حقيقية للتهدئة أو التوصل إلى اتفاق، معتبرًا أن مستقبل قطاع غزة بات اليوم رهينة للتنسيق بين تل أبيب وواشنطن، بعد انهيار كل المبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار.

ويضيف: “رغم أن إسرائيل نفذت عمليات خارج حدودها سابقًا، إلا أنها لا تملك القدرة الكاملة على توسيع نطاق المواجهة بشكل شامل. واستهداف قيادات حماس لم يحقق الهدف الذي أعلنته تل أبيب، لكنه أكد توقف المفاوضات واعتماد إسرائيل على الخيار العسكري فقط”.

ويشير العرابي إلى أن صدور بيان رسمي من رئاسة الجمهورية، وليس فقط من وزارة الخارجية، يعكس خطورة الحدث وتداعياته الإقليمية، داعيًا إلى عقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية، خاصة في ظل انتهاك المجال الجوي لدولة قطر. ويختم بالتأكيد على أن المعطيات الراهنة تُنذر باستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال المرحلة المقبلة، ما يستدعي ردًا عربيًا موحدًا يتجاوز الإدانة اللفظية.

 

نوصي للقراءة: حصد الأرواح يبدأ في رفح: الاحتلال لا يبالي بتهديد أمن مصر

 غطاء سياسي للمذبحة

وفي السياق نفسه يعتقد أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، أن المفاوضات الجارية بشأن غزة لم تكن تهدف إلى إنهاء المذبحة وإنما لإضفاء غطاء سياسي يسمح باستمرارها، موضحًا أن آخر المقترحات، الذي أُعلن تحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لم يكن سوى “خدعة أمريكية” لجمع قيادات حماس من أجل استهدافهم.

يقول لـ”زاوية ثالثة”: “إسرائيل لا تعبأ بالوسطاء أو بالدول الراعية للمفاوضات، إذ لا تسعى إلى سلام أو تفاوض، بل ماضية في مخطط التهجير، الرسالة الموجهة إلى المنطقة العربية واضحة هي أن هذا كيان لا يؤمن بالتعايش، ويرى أن القوة المفرطة هي الوسيلة الوحيدة لإخضاع الجميع، ولن تستقر المنطقة بوجوده”.

 ويؤكد أن الضربة التي وقعت في الدوحة تقف خلفها الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى نسّقت معها، معتبرًا أن واشنطن شريك رئيسي في هذه العملية وأن ترامب تعامل مع الملف باعتباره “صفقة اقتصادية جديدة” على غرار مشاريعه العقارية الفاشلة.

وحول مدى وجود علاقة بين استهداف وفد حماس في الدوحة والهجوم بطائرة مسيرة على سفينة كانت ضمن أسطول كسر الحصار عن غزة قرب السواحل التونسية، يوضح الباحث أن هذه الضربات جزء من استراتيجية إسرائيلية قائمة على “التوحش بالقوة”، تقوم على استهداف أي دولة تُقدّر أنها لن ترد، مشيرًا إلى أن تونس تعرضت سابقًا لعمليات اغتيال لقيادات فلسطينية من “فتح” و”الجهاد”، والآن يأتي الاستهداف البحري ضمن نفس النهج، مثلما حدث في قطر.

وحول مستقبل الصراع، يعتبر سلطان أن الحرب إقليمية منذ السابع من أكتوبر، وأن المفاوضات لن تنهيها، متوقعًا أن “الحرب ستتوسع حتمًا، لكن ليس في اللحظة الحالية”، وأن تصاعدها في الإقليم أمر محتوم مع استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية.

ختامًا يمكن القول إن العدوان الإسرائيلي على الدوحة والذي استهدف قيادات في حركة حماس، يكشف عن منعطف خطير اتخذته حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، إذ لم يعد الصراع محصورًا داخل حدود القطاع، بل امتد ليصيب قلب عاصمة العربية، بما يحمله ذلك من رسائل سياسية وأمنية تتجاوز حماس والوسطاء إلى مستقبل المنطقة بأكملها.

 وبينما تتوالى الإدانات العربية والدولية، وتتصاعد التحذيرات من تداعيات العملية على جهود الوساطة وفرص التهدئة، يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات أكثر تعقيدًا، وسط إصرار إسرائيلي على الحسم العسكري، وانقسام دولي حيال آليات وقف شلال الدم الفلسطيني. وفي ظل هذا التصعيد، تبدو الأسئلة أكبر من الإجابات: هل ستدفع هذه الضربة الأطراف نحو مفاوضات جادة، أم أنها تمهد لحرب ممتدة بلا أفق سياسي؟

آية ياسر
صحافية وكاتبة وروائية مصرية حاصلة على بكالوريوس الإعلام- جامعة القاهرة.

Search