بدأت الحركة المدنية الديمقراطية استعداداتها لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث عقدت لجنة الانتخابات خلال الفترة الماضية عدة اجتماعات لبحث آليات المشاركة، وبدأت بالفعل في تلقي طلبات الترشح سواء من أعضاء الأحزاب المنضوية تحت مظلة الحركة أو من المستقلين المنتمين إلى التيار المدني الديمقراطي.
تُعتبر هذه المرة هي الأولى التي لا يعلن فيها أيّ من أحزاب الحركة المدنية مقاطعته للانتخابات البرلمانية، على خلاف ما جرى في السنوات الماضية حين كان خيار المقاطعة حاضرًا في تجارب سابقة، ولجأت إليه بعض الأحزاب مثل التحالف الشعبي الاشتراكي.
بالتوازي، عقدت الحركة المدنية اجتماعات تنسيقية مع تيار الأمل بقيادة البرلماني السابق أحمد الطنطاوي، بهدف تشكيل تحالف انتخابي واسع في مواجهة التحالف الذي يضم أحزاب السلطة إلى جانب بعض الأحزاب المحسوبة على المعارضة. غير أن هذه الخطوة ما زالت تشوبها خلافات داخلية وتباينات في المواقف بين بعض أطراف الحركة المدنية.
من جهته يقول وليد العماري، المتحدث الإعلامي باسم الحركة المدنية الديمقراطية، في حديثه لـ زاوية ثالثة، إن الحركة استقبلت حتى الآن نحو 140 طلب ترشح من الراغبين في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويوضح أن لجنة الانتخابات بالحركة اتفقت على معايير للمفاضلة بين المرشحين في حال وجود أكثر من مرشح للحركة في نفس الدائرة، على أن تُعرض هذه المعايير على مجلس الأمناء في الاجتماع القادم لاتخاذ ما يلزم لوضعها موضع التنفيذ.
ويضيف أن الحركة قامت بتدشين عدد من اللجان النوعية لتقديم الدعم الإعلامي والسياسي والقانوني لمرشحيها، وتعمل على عقد مجموعة من المؤتمرات في المحافظات المختلفة بمشاركة قيادات الحركة والشخصيات العامة المنضوية تحت مظلتها.
ويشير المتحدث الإعلامي إلى أن الحركة المدنية تستهدف دعم أكبر عدد ممكن من المرشحين المنتمين للتيار المدني، حتى وإن لم يكونوا أعضاء في أحزاب الحركة، شرط أن يكونوا على صلة بأحزابها أو يشاركونها الأهداف والمواقف السياسية. وأكد أن جميع الطلبات سيتم فرزها بعناية، وسيتم اختيار المرشحين المستقلين الذين يستحقون الدعم بحسب معايير الحركة.
نوصي للقراءة: البرلمان المقبل… توزيع مسبق للمقاعد؟
هل يسعى الطنطاوي لقيادة المعارضة منفردًا
شهد الاجتماع الأخير للجنة الانتخابات بالحركة المدنية الديمقراطية خلافًا بين بعض أعضاء اللجنة وأحمد الطنطاوي، رئيس حزب تيار الأمل، عقب إعلانه اختيار أكثر من 60 مرشحًا عبر استمارات إلكترونية أطلقها التيار، من دون تحديد معايير واضحة للاختيار، الأمر الذي أثار اعتراض المشاركين في الاجتماع، وفق ما أفاد مصدر داخل الحركة فضّل عدم ذكر اسمه.
وأوضح المصدر في حديثه لزاوية ثالثة أن الخلاف يتمحور حول الأسلوب الذي يتبناه الطنطاوي في إطار التحالف، إذ يعتبر بعض الأعضاء أن محاولاته لاستقطاب شخصيات منتمية لأحزاب الحركة المدنية لخوض الانتخابات تحت مظلة تيار الأمل تعكس سعيه لتكريس نفسه كزعيم للمعارضة وفرض رؤيته على شركائه، وهو ما أثار استياءً داخل صفوف الحركة.
من جانبه، أعلن تيار الأمل عبر صفحته الرسمية على فيسبوك أنه يتلقى طلبات الترشح لكل من ينطبق عليه وصف “المعارضة الحقيقية الجادة”، دون وضع أية معايير إضافية أو محددة، وذلك عبر الاستمارات الإلكترونية المنشورة، على أن يكون آخر موعد لتقديم الطلبات 28 أغسطس الجاري.
أوضح تيار الأمل، عبر الاستمارة الإلكترونية الخاصة به، أن إطلاق طلبات الترشح يأتي في إطار سعيه إلى تقديم بديل مدني قادر على قيادة عملية التحول الديمقراطي، وبناء دولة تقوم على القانون والمؤسسات. وأشارت الافتتاحية التي جاءت في مقدمة الاستمارة الإلكترونية أن تلقي طلبات لترشح جاءت تنفيذًا لقرار أغلبية الأعضاء المؤسسين بالموافقة على المشاركة في انتخابات مجلس النواب 2025 على المقاعد الفردية.
وكلف التيار وكيل المؤسسين أحمد الطنطاوي بالسعي إلى تشكيل تحالف انتخابي يضم جميع من يقدم نفسه كبديل للسلطة وليس تابعًا لها. وأضاف التيار أن اللجنة التأسيسية قررت قبول ترشح المجموعة الأولى من أعضاء التيار الذين أعلنوا بالفعل الترشح باسم تيار الأمل، مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام كل من يشاركهم الرؤية في بناء وطن يحترم حقوق مواطنيه، للانضمام إلى قائمة مرشحي التيار في انتخابات مجلس النواب 2025.
نوصي للقراءة: استحقاق بلا أثر: انتخابات الشيوخ تقترب وسط صمت عام
تحالف انتخابي وليس سياسي
في السياق يقول أكرم إسماعيل، القيادي بحزب العيش والحرية -تحت التأسيس- والحركة المدنية الديمقراطية، إن الحركة تدرس حاليًا تشكيل تحالف انتخابي واسع لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، لا يقتصر على تيار الأمل فحسب، بل يشمل جميع الشخصيات المحسوبة على التيار المدني الديمقراطي، والذين تتوافق مواقفهم مع مواقف وأهداف الحركة، حتى وإن لم يكونوا أعضاء رسميين في أحزابها. ويضيف إسماعيل: “سنعتبر أي طرف معارض، ديمقراطي، أو مدني جزءًا من التحالف، شريطة قبوله، لأن بعض المرشحين قد يرفضون المشاركة ضمن التحالف.”
ويشير القيادي في الحركة المدنية إلى أن التركيز سيكون على المقاعد الفردية في مختلف المحافظات، مع إعطاء أولوية لمحافظات القناة، شمال الصعيد، والدلتا. وأضاف أن الحركة ستقدم الدعم الإعلامي لمرشحيها، فيما يتولى كل حزب أو طرف داخلي مسؤولية ترتيب الأمور المالية المتعلقة بالدعاية الانتخابية لمرشحيه.
ويوضح إسماعيل أن الهدف من المشاركة في الانتخابات رغم اعتراضنا على القانون المنظم، هو محاولة حقيقية لطرح البدائل السياسية والاجتماعية والتواصل مع جمهور الناخبين، حتى في ظل بيئة انتخابية مشبعة بالتحكم السياسي، إلى جانب محاولة إيصال رسالة سياسية مفادها أن هناك من يمثل مصالح المواطنين ويدافع عنها، والعمل على إعادة ترسيخ قوى المعارضة كفاعل سياسي حقيقي في المشهد السياسي.
نوصي للقراءة: 70 مليون للمقعد: من يشتري طريقه إلى برلمان مصر؟
الأحزاب تتلقى طلبات الترشح
من جهته يقول محمد أمين، القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وعضو لجنة الانتخابات في الحركة المدنية، إن هناك تكتلًا حزبيًا يعمل تحت مسمى “العدالة الاجتماعية”، ويضم عددًا من الأحزاب ذات التوجه الاشتراكي مثل: التحالف الشعبي، والاشتراكي المصري، والعيش والحرية، والكرامة، موضحًا أن هذا التكتل يحرص على صياغة برنامج يعبر عن توجهاته الاجتماعية والسياسية.
ويضيف أمين أن الحركة المدنية الديمقراطية أوسع من حيث التكوين، إذ تضم أحزابًا ليبرالية مثل الدستور والمحافظين، وتميل إلى تبني شعارات عامة عريضة أكثر من صياغة برنامج تفصيلي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما يجعلها أقرب إلى مظلة للمرشحين بمختلف انتماءاتهم.
وعن المشاركة في الانتخابات، يضح أمين أن أحزاب الجبهو الشعبية للعدالة الاجتماعية قررت خوض المنافسة على المقاعد الفردية فقط، رفضًا لنظام القوائم، وهو الموقف الذي اتخذوه أيضًا في انتخابات مجلس الشيوخ. مضيفًا أن التحالف الشعبي سيدفع بثلاثة مرشحين أساسيين وربما يصل العدد إلى خمسة أو ستة على أقصى تقدير وبالمثل يشارك حزب العيش والحرية بثلاثة مرشحين تقريبًأ، بينما يتراوح عدد مرشحي الكرامة بين ستة إلى عشرة، في حين يشارك حزب الدستور بما يقارب 30 مرشحًا، وتيار الأمل بحوالي 60 مرشحًا.
فيما يخص البرنامج الانتخابي، يقول أمين إن برنامج العدالة الاجتماعية لم يكتمل بعد، لكن شعاراته العامة واضحة، أبرزها تبني موقف رافض لقانون الإيجار القديم بشكل كامل. وأكد أن مواقف أحزاب التكتل متقاربة للغاية في هذه القضايا، خاصة بين التحالف الشعبي، العيش والحرية، والكرامة.
في السياق يستقبل حزب المحافظين طلبات الترشح من أعضائه، و يقول حبيب السنان عضو المجلس الرئاسي ورئيس المجلس التنفيذي بحزب المحافظين، أن الحزب تسلم حتى الآن 70 طلب ترشح لخوض انتخابات مجلس النواب المقبلة.
ويشير السنان في حديثه لزاوية ثالثة أن هذه الطلبات يتم فحصها ودراستها لعرضها على المجلس الرئاسي لمناقشتها، وتحديد ما إذا كان الحزب سيستقبل طلبات إضافية أم يكتفي بما تقدم بالفعل.
“وأوضح التيار أنه يعتزم خوض الانتخابات في نحو 14 محافظة، موزعة على ثلاث دوائر انتخابية، من بينها القاهرة الكبرى ومحافظات الصعيد.”
في الوقت الذي تسعى فيه الحركة المدنية إلى تشكيل تحالف انتخابي واسع يضم أغلب قوى المعارضة المتوافقة مع أهدافها ومواقفها، لخوض الانتخابات البرلمانية على المقاعد الفردية بعيدًا عن القوائم، تواصل أحزاب «المصري الديمقراطي» و«العدل» و«الإصلاح والتنمية» تحالفها الانتخابي مع قوائم الموالاة تحت شعار من أجل مصر، من أجل التنسيق على خوض الانتخابات البرلمانية وفق نظام القائمة المطلقة الذي أثار استياءً واسعًا بين قوى المعارضة.
وكانت الحركة قد عقدت في 26 مايو الماضي مؤتمرًا صحفيًا بمقر حزب المحافظين بوسط القاهرة، أعلنت خلاله اعتراضها على القانون الانتخابي الجديد الذي أقره البرلمان. ووجهت الأحزاب المنضوية تحت الحركة انتقادات حادة للقانون، معتبرة أنه يسعى إلى إعادة إنتاج تركيبة البرلمان الحالي ويقصي أي فرص حقيقية لقيام تعددية سياسية فعّالة. ورغم هذا الاعتراض، قررت الحركة المضي قدمًا في خوض الانتخابات.
ويقضي الدستور المصري بإجراء انتخابات البرلمان بغرفتيه قبل 60 يوماً من انتهاء مدة ولايته، وهو ما يعني إجراء انتخابات مجلس النواب في نوفمبر المقبل.
وستجري الانتخابات، وفق نظام مختلط يجمع بين «القائمة المطلقة» والنظام الفردي، ما أثار استياء أحزاب «الحركة المدنية الديمقراطية»، أكبر تجمع لأحزاب المعارضة، التي نظمت مؤتمراً صحافياً مساء الاثنين لإعلان موقفها من الانتخابات.
وبحسب التعديلات التي أقرها مجلس النواب، يجمع القانون الجديد بين نظامي القائمة المطلقة المغلقة والفردي، مع تقسيم البلاد إلى أربع دوائر انتخابية للقوائم و284 دائرة للفردي. كما أبقى القانون على عدد مقاعد مجلس النواب عند 568 مقعدًا بخلاف المعيّنين، موزعة بواقع قائمتين من 102 مقعد لكل منهما، وقائمتين من 40 مقعدًا، مقابل 284 مقعدًا مخصصة للنظام الفردي.