يعاني مزارعو الطماطم في مصر خلال الموسم الحالي من خسائر فادحة، عقب انهيار الأسعار نتيجة وفرة المعروض. تعود هذه الوفرة إلى توسّع غير متوقّع في مساحات الزراعة، تزامنًا مع موجة حر شديدة عجّلت بنضج الثمار وزادت الإنتاج، ما أدى إلى فائض ضخم لم تستطع الأسواق المحلية أو مصانع الصلصة استيعابه. ونتيجة لذلك، تلف جزء كبير من المحصول، سواء في الحقول بسبب تأخر الجني، أو أثناء النقل بفعل تكدّس الشاحنات أمام المصانع، في ظل استمرار المزارعين في دفع تكاليف النقل والعمالة دون عائد.
تترافق هذه الخسائر مع تحذيرات من امتناع عدد كبير من المزارعين عن زراعة الطماطم في المواسم المقبلة، ما قد يهدد المعروض المحلي ويفتح الباب أمام تقلبات سعرية حادة.
يقول شريف أبو حبارة، مزارع طماطم وتاجر مستلزمات زراعية من برج العرب بمحافظة الإسكندرية، لـ”زاوية ثالثة”، إن تكاليف الزراعة تضاعفت، بينما تراجعت أسعار البيع إلى مستويات غير مسبوقة، ما أدّى إلى خسائر قاسية. ويُوضّح أن زراعة الطماطم الصيفية تبدأ عادة في فبراير أو أبريل، ويستمر موسم الحصاد حتى منتصف سبتمبر. وعلى مدار سنوات عمله، كان الفدان يحقق أرباحًا تصل إلى 50 ألف جنيه، غير أن الوضع تغيّر؛ إذ بلغت تكلفة زراعة الفدان هذا العام ما بين 130 و150 ألف جنيه، بفعل ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات بنسبة تصل إلى الثلثين.
ويشير أبو حبارة إلى أن السوق بات خاضعًا لسيطرة كبار التجار والشركات، في ظل توسّع شركات مستلزمات الإنتاج في البيع الآجل، ما دفع العديد من المزارعين إلى التوسع في مساحات تفوق قدرتهم المالية. وكشف عن خسائر شخصية بلغت نحو 15 مليون جنيه بعد زراعة 115 فدانًا، مرجعًا ذلك إلى دخول مزارعين غير ذوي خبرة يمثلون نحو 60% من إجمالي المنتجين، ما أدى إلى إغراق السوق بالمحصول.
ويضيف: “شركات البذور طرحت أصنافًا عالية الإنتاجية، في وقت توقف فيه التصدير، فانهارت الأسعار ليباع الكيلو بجنيه واحد فقط، بينما لا تتجاوز قيمة الفدان المباع 10 آلاف جنيه”.
وينتقد غياب وزارة الزراعة، مؤكدًا أن الدعم الحكومي لا يتجاوز 5% على هيئة كيماويات محدودة الفاعلية، دون توفير بذور أو أسمدة، ما يترك المزارعين تحت رحمة الشركات الخاصة. ويقترح فرض رقابة حكومية صارمة على السوق وتنظيم المساحات المزروعة، كما هو الحال مع محصول الأرز، إلى جانب ضبط نشاط شركات البذور والأسمدة.
من جهته، يشرح طلعت عنوس، مزارع من كفر الشيخ، أن تكلفة زراعة فدان الطماطم في العروة الصيفية تتراوح بين 100 و120 ألف جنيه، بسبب الحاجة إلى عناية خاصة في ظل شدة الحرارة. ويضيف أن أغلب المزارعين يعملون في أراضٍ مستأجرة، ما يرفع التكلفة أكثر، حيث يتراوح الإيجار بين 30 و50 ألف جنيه للفدان.
يقول عنوس لـ”زاوية ثالثة”: “ارتفعت تكاليف الإنتاج هذا العام بنحو 30% عن العام الماضي، مع زيادة أسعار الأسمدة والمبيدات، وقفز سعر كيلو البذور المستوردة إلى 8500 جنيه، بعد أن كان يتراوح سابقًا بين 2000 و3000 جنيه”.
وبخصوص الأسعار الحالية، يُوضح أن قفص الطماطم يُباع بين 50 و65 جنيهًا، فيما تصل كلفة الجمع والنقل إلى 30 أو 40 جنيهًا، ما يترك هامش ربح ضئيلًا أو معدومًا. ويشير إلى أن الفدان قد لا يُباع بأكثر من 20 ألف جنيه، ما يعني خسائر صافية قد تبلغ 80 إلى 90 ألف جنيه للفدان الواحد.
ويرى عنوس أن سبب الأزمة هو وفرة الإنتاج الناتجة عن إقبال عدد كبير من المزارعين على زراعة الطماطم بعد ارتفاع أسعارها العام الماضي. واعتبر أن تصريحات نقيب الفلاحين حول الأرباح المرتفعة شجعت غير المتخصصين على دخول المجال، وأسهمت في تفاقم الأزمة.
ويبيّن أن مسارات الحل مثل التصنيع أو التصدير لم تُسهم في امتصاص الفائض، إذ تعجز المصانع عن استيعاب الكميات وتؤخر أحيانًا تفريغ الشحنات لعدة أيام، ما يؤدي إلى التلف. كما أن التصدير لا يشمل أكثر من 3 إلى 5% من الإنتاج، ويقتصر على فترات محدودة. أما التجفيف، فيحتاج إلى أصناف غير مزروعة في العروة الصيفية.
ويؤكد عنوس أن الخسائر مستمرة منذ ديسمبر 2024، وأن كثيرين مضطرون للاستمرار في الزراعة باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد، مطالبًا وزارة الزراعة بالتدخل العاجل لتسويق الفائض وتخفيف الخسائر، ووضع سياسة توجيهية تساعد الفلاحين على اختيار المحاصيل المطلوبة في السوق المحلي والتصديري.
وفي السياق ذاته، يقول عمر العباسي، مزارع من منطقة بنجر السكر، إن تكاليف زراعة فدان الطماطم تصل إلى نحو 180 ألف جنيه، تشمل 25 ألفًا للشتلات، و20 ألفًا للسباخ، و20 ألفًا لشبكة ري حديث، و50 ألفًا لإيجار الأرض، إلى جانب 65 ألفًا لمصاريف العمالة والسولار والأسمدة والمبيدات.
ويشير العباسي إلى أن الفدان بالكاد يُنتج ألف قفص، وإذا بيع القفص بـ100 جنيه، فإن العائد يصل إلى 100 ألف جنيه، يُخصم منها نحو 50 ألفًا تكاليف الجمع والنقل والعمولات، ليبقى للمزارع 50 ألف جنيه فقط مقابل تكلفة بلغت 180 ألفًا، أي بخسارة مؤكدة.
يقول لـ”زاوية ثالثة”: “الحوشة، أي قطعة أرض مكوّنة من ستة أفدنة، تُنفق 600 ألف جنيه، ولا تُباع الآن بأكثر من 200 ألف فقط، بخسارة تصل إلى 400 ألف، وقد يعجز المزارع عن البيع حتى بهذا السعر”.
ويُوضّح أن هذه الحسابات تخص حالة مثالية لمحصول سليم، بينما في حال إصابته بآفة كالدودة أو السوسة، قد لا يتجاوز العائد 20 ألف جنيه، ما يزيد من حجم الخسارة. ويشير إلى أن حتى مالكي الأراضي، الذين لا يدفعون إيجارًا، يتكبدون خسائر فادحة في ظل هذا الوضع.
نوصي للقراءة: “الحصاد القاتل” أطفال العمالة الزراعية في مصر ضحايا سماسرة الأنفار والتشريعات
زيادة المعروض عن الطلب
يُرجع نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، في حديثه لـ”زاوية ثالثة”، أسباب الأزمة الحالية التي يعاني منها مزارعو الطماطم إلى ثلاثة عوامل رئيسية: أولها التوسع غير المسبوق في المساحات المزروعة بالطماطم هذا العام، وثانيها ارتفاع معدلات الإنتاج بما يفوق احتياجات السوق المحلي، وثالثها موجات الحرارة التي سرّعت من نضج المحصول. ونتيجة لذلك، تجاوز المعروض حجم الطلب، ما أدى إلى تراجع أسعار الطماطم في أسواق الجملة والتجزئة.
ويُشير أبو صدام إلى أن هناك توسعًا كبيرًا في زراعة الطماطم، ليس فقط في الأراضي الزراعية، بل أيضًا على المصاطب والأسطح، لافتًا إلى أن إقبال المزارعين على زراعة هذا المحصول هو العامل الأهم في تحديد سعره. ويتوقع أن تشهد الأسعار ارتفاعًا طفيفًا بين العروات، لكنه يحذّر من أن عزوف عدد كبير من المزارعين عن الزراعة قد يؤدي إلى قفزات سعرية غير متوقعة في السوق.
ويُشدّد نقيب الفلاحين على أن حجم صادرات مصر من الطماطم لا يتجاوز نسبة ضئيلة من إجمالي الإنتاج، ما يُبرز الحاجة إلى فتح أسواق تصديرية جديدة، والتوسع في إنشاء مصانع صلصة قادرة على استيعاب الفائض. كما دعا إلى اعتماد وزارة الزراعة نظام “الزراعة التعاقدية” مع منتجي الطماطم لتأمين تسويق المحصول قبل زراعته.
من جانبه، أوضح حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات، لـ”زاوية ثالثة”، أن مزارعي العروة الصيفية لم يحققوا أرباحًا هذا العام، في ظل وفرة الإنتاج واعتماد السوق على آليات العرض والطلب التي تسببت في انهيار الأسعار.
يقول النجيب: “ما حصده المزارعون بعد الجني لم يُغطِّ تكاليف الإنتاج، وهو أمر يتكرر بين حين وآخر. لكن يمكن تعويض هذه الخسائر في مواسم لاحقة. الأهم أن يستمر الفلاحون في الزراعة، وأن نضمن التوازن بين مصالح المنتج والمستهلك”.
ويضيف أن أسعار الطماطم في سوق الجملة تتراوح حاليًا بين 3.5 إلى 4 جنيهات للكيلو، بينما تُباع للمستهلك في أسواق التجزئة بسعر يتراوح بين 6 و7 جنيهات، متوقعًا استمرار هذا الانخفاض حتى نهاية الصيف، على أن تظل الأسعار خاضعة لتقلبات العرض والطلب خلال الشتاء.
وبحسب بيانات مركز البحوث الزراعية، تبلغ المساحة المزروعة بالطماطم في مصر نحو 367 ألف فدان، بإنتاج سنوي يصل إلى 6.7 مليون طن. في المقابل، لم تتجاوز صادرات الطماطم في عام 2024 حاجز 52 ألف طن، بينما تم تصدير أكثر من 80 ألف طن خلال النصف الأول من عام 2025، وهو ما يبرز الهوة الكبيرة بين حجم الإنتاج والإمكانات التصديرية الحالية.
نوصي للقراءة: المرأة الريفية في مصر: من البطالة إلى السوق العالمي عبر المنتجات المُجففة
تغيير الخريطة الزراعية
يُوضح الدكتور طارق أبو موسى، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن مصر تزرع ما يقارب 400 ألف فدان طماطم موزعة على ثلاث عروات: الصيفية والشتوية والنيلية، وتنتج حوالي 6 ملايين طن سنويًا، ما يجعلها تحتل المرتبة الأولى عربيًا وإفريقيًا، والسادسة عالميًا في إنتاج الطماطم.
ويقول لـ”زاوية ثالثة”: “هذه الأزمة ليست جديدة، فقد تكررت مع محاصيل استراتيجية أخرى مثل البطاطس والبصل والقطن والقمح والذرة وفول الصويا”. ويعزو الأزمة إلى غياب خريطة زراعية واضحة، وافتقار السياسات التسعيرية التي تضمن للفلاح حدًا أدنى من الدخل يحميه من تقلبات السوق. كما يشير إلى ضعف استغلال الفائض من محاصيل الخضر، نتيجة عدم وجود مصانع كافية بالقرب من مناطق الإنتاج، ما يعجّل بتلف المحاصيل.
ويُضيف أن زيادة المعروض تعود أساسًا إلى توسّع غير مدروس في المساحات المزروعة، إلى جانب ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج. كما تأثر المحصول سلبًا بالتغيرات المناخية وانتشار الآفات والأمراض الفطرية، فضلاً عن تراجع الصادرات إلى دول عربية وأوروبية بفعل الأوضاع السياسية خلال الفترات الماضية.
ويقترح أبو موسى حلًا يتمثل في إنشاء خريطة زراعية دقيقة، وسياسة تسعيرية عادلة، وتعزيز دور الجمعيات التسويقية، إلى جانب إقامة مصانع قريبة من مناطق الزراعة، وتفعيل نظام الزراعة التعاقدية لضمان تسويق آمن للمزارعين.
بدوره، يؤكد الدكتور أحمد محمود عبد الدايم، الأستاذ المتفرغ بمعهد بحوث البساتين، أن خسائر مزارعي الطماطم هذا الموسم تعود بشكل رئيسي إلى زيادة الإنتاج وتعرض المحاصيل للإجهاد الحراري الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى فائض كبير وانهيار في الأسعار.
ويشير إلى أن درجات الحرارة المرتفعة تُضعف إنتاجية النباتات وتُعرضها للإجهاد، لافتًا إلى أن من الحلول العلمية لهذه الظاهرة إقامة مصدات رياح مصممة بشكل صحيح، قادرة على خفض درجات الحرارة بين 5 إلى 10 درجات مئوية، بما يحمي المحاصيل من الضرر المباشر.
ويرى عبد الدايم أن التوسع في التصنيع الزراعي هو الحل الأمثل لاستغلال الفائض، من خلال تحويل الطماطم إلى عصائر أو منتجات مصنعة، بدلاً من طرحها طازجة بالكامل في الأسواق، وهو ما سيسهم في الحد من انهيار الأسعار.
ويقول لـ”زاوية ثالثة”: “لا يمكن الاعتماد فقط على القطاع الخاص في هذا المجال، فالدولة مطالبة بالتدخل، سواء عبر توفير الميزانيات أو من خلال تكليف المصانع بإنتاج الصلصة لصالح جهات حكومية مثل وزارة التموين، كما هو الحال مع محصول القمح، ما يضمن للمزارع آلية تسويق عادلة”.
ويؤكد عبد الدايم أن الخريطة الزراعية تحتاج إلى مراجعة شاملة، مشيرًا إلى أن مركز البحوث الزراعية هو الجهة المعنية بإعدادها لتشمل جميع أنواع المحاصيل. ويشدّد على ضرورة أن تكون هذه الخريطة قائمة على بيانات موسمية دقيقة، تُحلّل بشكل علمي لتفادي تكرار الأزمات.
ويضيف أن التخطيط الزراعي ينبغي أن يبدأ من تقدير احتياجات السوق الفعلية من كل محصول، ثم تحديد المساحات المزروعة بناءً على هذه التقديرات، داعيًا إلى إعادة العمل بنظام “الدورة الزراعية” الذي يوزّع المحاصيل بشكل مدروس على مدار العام، ويمنع حدوث فائض عشوائي.
وفي السياق ذاته، يُوضح الدكتور محمد عبد التواب، نائب وزير الزراعة السابق لقطاع استصلاح الأراضي، لـ”زاوية ثالثة”، أن إنتاج الطماطم يتأثر مباشرة بعوامل الطقس، مؤكداً أن وفرة الإنتاج تحدث حين تكون الظروف المناخية مواتية، غير أن السوق المصري يعتمد على استهلاك الطماطم الطازجة بدرجة أكبر من اعتماده على المنتجات المصنّعة.
ويشير إلى أن التوسع في التصنيع الزراعي هو ضرورة لتصريف الفائض، إلى جانب تنظيم الزراعة بما يمنع العشوائية، إذ لا ينبغي لكل مزارع أن يزرع ما يريده دون دراسة لحاجة السوق.
ويقترح عبد التواب إنشاء جمعيات نوعية لكل محصول، يُسجل فيها المزارع، وتقوم هذه الجمعيات بتوفير مستلزمات الإنتاج وتسويق المحاصيل مقابل نسبة من الأرباح، بما يضمن استدامة العملية الزراعية. كما يدعو إلى إنشاء وحدات تصنيع صغيرة لإنتاج الصلصة في المناطق الزراعية، مع دعم مسارات التصدير.
ويُلفت إلى أن تجفيف الطماطم بات منتشرًا في صعيد مصر، حيث تُجفف على مناشر في ضوء الشمس. كما يمكن استخدام تقنية “التجفيد” أو “التجفيف بالتجميد”، وهي تقنية متقدمة لإزالة الماء من الطماطم عبر تجميدها ثم تعريضها لضغط منخفض، يسمح للجليد بالتحول مباشرة إلى بخار دون المرور بالحالة السائلة، ما يحافظ على شكلها وقيمتها الغذائية لفترة أطول.
ويعد محصول الطماطم، من أهم محاصيل الخضر الاستراتيجية إذ تقدر مساحته على مستوى الجمهورية بأكثر من 367 ألف فدان بإنتاج يتجاوز 6.7 مليون طن سنويًا، وتحتل الطماطم المركز التاسع بين الصادرات الزراعية المصرية الطازجة بكمية بلغت نحو 52 ألف طن في 2024 وأكثر من 80 ألف طن خلال النصف الأول من 2025.
نوصي للقراءة: ما بين رفع أسعار الأسمدة والتقاوي.. لماذا يغادر الفلاحون الأرض في صمت؟
تحرك برلماني
في سياق الأزمة، تقدم النائب محمود عصام، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس البرلمان، موجّه إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بشأن الخسائر الفادحة التي لحقت بمزارعي الطماطم خلال الموسم الحالي، مشددًا على أهمية وضع “خريطة زراعية صناعية” تربط بين الإنتاج الزراعي والاحتياجات التصنيعية.
وطالب النائب الحكومة بتوضيح أسباب الفجوة بين تكاليف الإنتاج والأسعار المتداولة في السوق، وبيان مدى وجود استراتيجية واضحة لحصر المساحات المزروعة، وربطها بخطط التصنيع الزراعي بما يضمن الحفاظ على استقرار الأسعار، وتحقيق عائد مجزٍ للفلاحين. كما تساءل عن خطوات الحكومة لتوسيع مشروعات التصنيع الزراعي بما يعزز من استدامة الإنتاج ويرفع القيمة المضافة للمحاصيل.
تُجسد أزمة الطماطم الحالية نموذجًا مصغرًا للمشكلات البنيوية التي تواجه القطاع الزراعي في مصر، حيث يتكبد الفلاحون خسائر جسيمة وسط مزيج من ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتقلبات المناخية، وغياب التخطيط المحكم. ومع تعدد الحلول المقترحة، من ضبط المساحات المزروعة، إلى تطوير منظومات التصنيع والتصدير، تظل الحاجة ملحّة إلى تدخل حكومي شامل يضمن التوازن بين مصلحة المنتج والمستهلك، ويحفظ استمرارية زراعة أحد أهم المحاصيل الغذائية في البلاد.
إذ لم تعد الأزمة مجرد خلل موسمي أو فائض مؤقت، بل إن استمرارها في ظل التغيرات المناخية وتحديات السوق المفتوح، يفرض تساؤلاً جوهريًا حول مستقبل الزراعة في مصر، وأي سياسات نحتاجها لضمان أمن غذائي عادل ومستدام.