العفو الدولية تلاحق السلطات المصرية بانتهاكات فض اعتصام رابعة

214


أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً عن اللحظات الأخيرة والإجراءات الأمنية اللاحقة لمجزرة فض رابعة التي وقعت عام 2013 عقب عزل جماعة الأخوان من سدة الحكم في أحداث يوليو من العام نفسه.

وذكر التقرير أن قوات الأمن المصرية قتلت ما لا يقل عن 900 شخص وأصابت ما يزيد عن آلف آخرين، خلال فض اعتصامين في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة بالقاهرة الكبرى. وأفادت الإحصاءات الرسمية  التي ذكرتها التقرير بأن ثمانية من أفراد الأمن قُتلوا أيضاً في ذلك اليوم.

كما أشار التقرير إلى  أحكام الإعدام التي صدرت  على 75 شخصاً بتهمة مشاركتهم في اعتصام رابعة. ومنذ صدور الأحكام، تقدم المسجونون من المحكوم عليهم بطعون في الأحكام، ولكن محكمة النقض لم تفصل بعد في هذه الطعون. وإذا ما تأييد الحكم، فسوف يكونون عرضةً لخطر الإعدام. 

ويُذكر أن السلطات المصرية قد نفذت بعض أحكام الإعدام وأعدمت عشرات الأشخاص الذين أُدينوا إثر محاكمات جائرة.

كما صدرت أحكام بالسجن لمدد أقصاها 25 سنة على ما يزيد عن 650 شخصاً، بسبب مشاركتهم في اعتصام رابعة. وصدرت الحكام بعد محاكمة جماعية فادحة الجور، لم تقدم خلالها النيابة أدلة كافية، ولم تثبت المسؤولية الجنائية لكل فرد. وقد أُدين المتهمون، وبينهم متظاهرون وصحفيون، بتهمة المشاركة في "مظاهرات  غير مصرّح بها"، وبتهم أخرى تتراوح ما بين القتل العمد، والتحريض على العنف، و"الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون" = وفقاً لما جاء بالتقرير. 

وأضاف التقرير أن الذين سجنوا بتلك الإتهامات قد أجبروا على العيش في ظروف احتجاز غير إنسانية في السجون المصرية. فكثيرون من المحكوم عليهم يُحتجزون رهن الحبس الانفرادي لفترات طويلة، وهو ما ييرقى في بعض الأحيان إلى حد التعذيب. ويقول هؤلاء السجناء إنهم يتعرضون للضرب مراراً ويُحرمون من الاتصال بالمحامين، أو الحصول على الرعاية الطبية، أو تلقي زيارات الأهل.

وأشار التقرير إلى  المحام ونائب سابق في مجلس الشعب (البرلمان) وقيادي في "حزب الوسط" عصام سلطان ،  الذي هو رهن الحبس الانفرادي في سجن العقرب منذ يناير2014. وقد قُبض عليه في 29 يوليو2013، وفيما بعد حُكم عليه بالسجن 25 سنة فيما يتصل باعتصام رابعة العدوية. وفي بادئ الأمر، كان عصام سلطان يُحتجز في زنزانته لما لا يقل عن 23 ساعة يومياً، حيث لم يكن يُسمح له إلا بالخروج إلى رده العنبر لنحو ساعة كل يوم. إلا أن سلطات السجن توقفت، منذ مارس 2015، عن السما له بالخروج، وأبلغت إحدى المحاكم، في مايو2017، أنه يُحتجز في زنزانته لمدة 24 ساعة يومياً. ومن الواضح أن معاملة عصام سلطان ترقى إلى حد التعذيب بموجب القانون الدولي.

وأردف التقرير أن الذين أفرج عنهم ، بعد قضاء أحكام بالسجن لمدة خمس سنوات ونصف السنة، يواجهون قيوداً مشدَّدة على حريتهم بسبب إجراءات المراقبة القمعية المعمول بها في مصر. وتستخدم السلطات هذه الإجراءات البالغة القسوة لإنزال مزيد من العقاب بعشرات الأشخاص الذين حُكم عليهم في المحاكمة المتعلقة بفض اعتصام رابعة العدوية. 

فبع الإفراج عن أولئك المحكوم عليهم، يتعين أن يقضي كل منهم 12 ساعة يومياً، من المساء حتى صباح اليوم التالي، في أحد أقسام الشرطة. وخلال هذه الفترة، يُحتجز الأشخاص في أماكن شديدة الاكتظاظ وسيئة التهوية، ولا يُسمح له باستخدام المرافق الصحية إلا في حدود ضيقة، ولا يمكنه تلقي زيارات أو الاتصال بالعالم الخارجي. وتمثل هذه الإجراءات العقابية انتهاكاً لحق أولئك الأشخاص في الحرية، والعمل، والتعليم، والتجمع السلمي، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، كما يمكن أن تؤدي إلى انتهاكات أخرى، بما في ذلك المعاملة السيئة، والعمل القسري، والاستغلال.

كما اضطُر بعض الذين حُوكموا غيابياً إلى مغادرة مصر خوفاً من التعرض للاعتقال، وللتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وللمحاكمات الجائرة، والاختفاء القسري. وسعى هؤلاء إلى طلب اللجوء في بلدان أوروبا أو أمريكا الشمالية أو آسيا وغيرها.

 وأشار التقرير إلى نه  لا يزال تحقيق العدالة حلماً بعيد المنال بالنسبة لمن قُتلوا ولأهاليهم. فحتى اليوم، لم يُحاسب أي مسؤول حكومي عن قتل حوالي 900 شخص. وفي عام 2018، أقر مجلس النواب (البرلمان) قانوناً يعطي رئيس الجمهورية صلاحية منح كبار قادة القوات المسلحة حصانة من المحاكمة عن أية أعمال ارتُكبت خلال أداء مهامهم في الفترة من 3 يوليو 2013 وحتى 10 يناير2016. ولا يزال كثير من الأهالي يعانون أيضاً بسبب عدم اليقين بشأن مصير أحبائهم الذي لا يزالون ضحايا للاختفاء القسري.

وفي خاتمة التقرير أكدت منظمة العفو الدولية أن إعتصام رابعة نقطة تحول جوهرية في مصر. فمنذ ذلك الحين، تواصل السلطات الانقضاض على حقوق الانسان، وبخاصة حقوق من ينتقدون الحكومة، حتى أصبحت مصر بمثابة سجن مفتوح للمنتقدين. ويتعيَّن على السلطات المصرية أن تعالج تركة فض اعتصام رابعة، التي لا تزال مخيِّمة، إذا كانت هناك أية نية لأن تتجاوز مصر أزمة حقوق الإنسان المستمرة التي تواجهها.




تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك