فلسفة القدر .. الزمان .. البشر

353

أنا لم أكن يومًا هنا، لم أترك يومًا أثّرًا بأحد الأشخاص الذين مروا على مرأى حياتي، كنت طيفًا لم يلمحوا له ظلًا أبداً، كنت وجهًا شاردًا عبوسًا، لم تر ملامحه الضحك يومًا، لم يستطع القهقهة أو الصراخ ، كنت قاتمًا حكيمًا، يعلم اليوم والغد و لم يمتلك التأثير على أي منهما، فقيهًا في نصيحة من حولي، و أفشل خلق الله في نصيحة نفسي، لكنني تركت الأمور حولي للقدر و الزمن، فالزمن يستطيع أن يأكل كل شيء، الزمن يأكل الكره والمحبة و الأحداث جميعًا، لا يترك سوى الرماد مثل جثة تعفنت وأصبحت ترابًا بعد مرور أيام عليها.


 لم تك الأيام أوالقدر يومًا ملك البشر فهي ملك القدير وحده، القدير وحده يستطيع تغيير الأحداث، و لكن كيف لنا أن نعلم إذا كان بالفعل تم تغييرها؟ هل الأيام تترك بنا أثراً؟ التحول إلى الأسوأ أو العكس لا يهم، ما يهم حقيقةً هل تم تغيير الأمور فعلا؟ أم لا "أفلا تعقلون " 32 الأنعام ؟


 بلى نحن نعقل، بعض الأحيان فقط، لكن ليس دائماً، أو أحياناً نعقل بعد فوات الآوان، نعقل عندما ينتابنا الشعور باليأس والندم، نعقل عندما تفيض بنا الأمور إما إلى الفراغ أو إلى قعر زجاجة مغلقة، لم يقدر بشر على كسرها و استخراج هذه الروح التائهة بداخلها.



 هل كان من الممكن أن أفقد  اليوم حبيبًا ؟ و الله تراجع في ذلك اليوم لأنني لم أكن مؤهلة لاختبار مثل ذاك الشعور و رحمني و نعمني بالحياة إلى جانبه، أعطاني الفرصة يومًا آخر، وهل عندما أخذ مني قلبي غفلة و أخذ مني روحي و حرمني من الحبيب و فقدته، كان يعلم أنني اليوم مستعدة لذلك، يعلم إنني أتمتع بالقوة الكافية؟ يعلم إنني هنا متزنة ثابتة أري الهلع في أعين الجميع و الصبر والحكمة يسيطيران على عقلي، هذه القوة هل منحت لي من قبل لأجل هذا اليوم أم كانت بالفعل هنا وظهرت الآن؟


جميع من حولي يستطيعون التعبير عن مخاوفهم بطريقتهم الخاصة، وأوقاتًا بالقوة المفرطة وأحيانا بالبكاء والضعف و الوهن و الاعتراف بذلك والفيض به، لكن الحقيقة لا يهم طريقة التعبير والكلام عما بداخلك، ما يهم اليوم إلى أي مدي ستصمد أمام الأيام والقدر و لعبة الحياة وقبعتها المغلقة فقط فوق رأس الأعلى، الصمود أمام الأيام قوة منبعثة من الخالق وحده وإرادتك بالعيش هي مكافأتك الحقيقة بالحياة، كل منا ينتظر نجمة و النجم قدر.


متى 2 :10 " لما رأوا النجم فرحوا فرحًا عظيمًا جدًا" 

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك