الشحاتة بتكسب حلو
في رحلتي اليومية من العمل للبيت ومن البيت للعمل بقابل شحاتين بقصص واشكال مختلفة ولكنهم متكررين، كل يوم، حفظتهم وحفظت نبرة صوتهم وترتيب كلامهم وقصصهم المتفبركة الي بقالهم 3 سنين بيشحتوا بيها، ولو كانت حقيقة فعلاً كان زمنهم يا ماتوا من المرض الي بيحكوا عنه يا خفوا من كتر الفلوس الي خدوها من الناس علي حس المرض الي بيشحتوا بيه..
المشكلة انه نفس المجهود الي شحاتين بيبذلوا في الشحاته ممكن يبذلوا في اي شغل - اياً كان اكيد هيبقا اقل اهانه من فعل الشحاته- وساعتها هيكسبوا فلوس بأحترام وبدون ما يستغل ويلعب علي مشاعر ناس شقيانه وتعبانه اكتر منه، وبيجيبوا فلوس بالعافية (ما اللي بيستخدم وسيلة موصلات زيي المترو دا غالباً طالع عينه ومش مليونير يعني (
بس طبعاً الشحاته بتسب اكتر من أي وظيفة ممكن الشحات يشتغلها..
لكن في نفس الوقت مش مطلوب مني ومنك كطبقة كادحة بنشتغل اقل حاجة 10 ساعات يومياً اننا ندفع جنيه لشخص اختار بمزاجة ميشتغلش عشان يجي يستغفلنا ويستغل فلوسنا اللي احنا اختارنا نجبها بشغل ومهنة بنمارسها كل يوم في بهدله وشقا وتعب..
بيلفت نظري دايماً الأمهات والبنات الي بتلف علي جمعيات خيرية ومنظمات وكنايس وجوامع ويطلبوا مساعدة عشان جوازهم او عيشتهم عموماً، دايماً بيبقا سؤالي "هي بنات/الامهات دي مش بتشتغل ليه؟" بتكون الاجابة عادةً انهم جايين من صعيد او انهم فلاحين .. واخواتهم الرجاله او ابوها او جوزها او اياً كان الراجل الي في حياتها رافض انها تشتغل عشان عيب! يأما الاجابة التانية انه مفيش شغل ومش لاقيين شغل وماحدش راضي يجبلهم شغل..
الاجابتين بنسبالي مش منطقين اطلاقاً، أن مكنش الجوع والفقر دافع يخلي الستات دي تفكر وتشغل مخها للحظه انه الشغل مش عيب وانها محتاجة تثور بشكل حتي لو بدائي وبسيط علي قدها ضد الراجل عشان تقدر تشتغل وتأكل عايلها، امال ايه الي ممكن يكون دافع في يوم الايام ليها انها تعيش حياه كريمة اكتر من انها مش لاقيه تأكل عايلها!!
ثانياً الاجابة الخايبه بتاعة مفيش شغل، يمكن اه مفيش فرص شغل كتيره، بس لو مفيش نخلق احنا أي فرصه، نحفر في الصخر زيي ما بيقولو عشان نجيب شغل..
بشوف ستات في المترو شايله ابنها علي كتفها والكتف تاني شايله شنطه فيها منتجات اشترتها من العتبة وحارة اليهود ونازلة تلف تبيعها في عربيات السيدات، دي واحدة اهو لا عندها فرصة شغل ووظيفة مريحة، ولا عندها حتي حد في حياتها يساعدها ويشيل عنها ابنها وقت ما هي بتنزل تلف تبيع وتسترزق..
ليه بقا ست زيي دي أو راجل.. بيشتغلوا وبيلفوا علي رجلهم طول النهار مطلوب منهم يتبرعوا بجنيه حتي لست تانيه مش بتشتغل وقاعدة في البيت مرتاحة وكل الي بتعمله انها بتلف برضه بس ساعه كل كام يوم علي جمعيات الخيرية والاماكن الي بتقدم مساعدات مالية للمحتاجين عشان تاخد فلوس الناس الشقيانه والتعبانه!
ان كان الدين بيأمرنا بالذكاة والعشور والترعات، وان كانت الانسانية بتقول نساعد بعضنا عشان نقدر نعيش في الارض دي سوا، فمظنش انه دا كان قصد الدين والانسانية عن العطاء والعدل، لو هقرر اديي فعلا من تعبي وفلوسي الي غالباً بتكفيني بالعافية فا اديها لشخص فعلاً بيعاني ومحتاج، شخص مريض جسمه مانعه انه يتحرك او يشتغل، طفل مش هينفع ولا امفروض يشتغل، شخص من ذو الاحتياجات الخاصة..الخ
ولو ان كل الامثلة الي فاتت دي انا شخصياً اعرف وشفت منهم كتير بيتغلبوا علي العواقب الي عندهم سواء مرض او اعاقة وبيشتغلوا عادي وبيضغطوا علي نفسهم عشان لقمة العيش. بس علي الاقل ساعتها هيكون في ظروف وحجج منطقية تخليني اقدم مساعدة وانا مرتاح..
أرجو من الجميع ان يعيد تفكير قبل ما يقدم أي مساعدة مالية لاي شخص اياً كان، وان كان الجهل والتخلف هو الي بيخلي الناس دي تشحت ويخلفوا عشرين عيل مش معاهم يصرفوا عليهم، فلازم ناخد موقف جاد اتجاة الجهل والاستهتار دا يمكن يتوقف يوماً ما !
