الفضيحة للنساء والستر للرجال

454


أن تجلس ليلًا، وتُقرِّر الإنعزال تمامًا داخِل حُجرَتَك؛ لتُمارِس العادَة السريَّة فهذه حُريَّة شخصيَّة، لكن أن تُسجِّل لنفسك مقطًا بذلك وتُرسِله لإحدى الفتيات فذلك يضعَك تحت قائمة المُتحرشين بدون جدال.


لن نتحدَّث اليوم عن سوابق المُتحرِّش الطموح، يكفينا البحث بكلمات بسيطة عنهالنجد العديد من الأخبار التي تتناولها بالتفصيل، ولن نخوض جِدالًا،فأمره محسوم يضعنا بين قرارين أبيض او اسود، مُتحرِّش أم لا، فلا توجد منطقة رمادية بخصوص وصف أو عدم وصف الرجل بالمُتحرِّش، ما يهمنا ردود الأفعال من حيث اعتذار المُتحرِّش الطموح، مُساندة لاعبوا المنتخب المصري لزميلهم المتحرش، واستخدام قرار استبعاده من المُنتخب المصري في بطولة كأس الامم الافريقيَّة المُنعقَد حاليًا كُمُسكِّن مؤقَّت لحين الوصول إلى قرار نهائي، أو انشغال الجمهور بصفور آخر، وعلاقة كُل ذلِك بأسماء. 


نطرح سؤالًا منطقيًا، لماذا يعتذر شخصًا لم يرتكب خطأ؟ 

بعد واقعة تسريب الفيديو الذي يظهر عضو الللاعب، انتشرت تعليقات مُدافِعة عنه أبسطها (مش هو يا جماعة)، وأُعيد نشر سوابقه في التحرّش كما حدث في تونس عام 2013، وتحرَّشه بزوجات لاعبي فريق إحدى الأندية البُرتغالية المتُعاقِد معها، بخلاف المُحادثه مع احدى العارضات المصريات والتي كان مضمونها لا يخرُج عن نطاق التحرُّش الذييملأ رسائل الـ Others  الخاصَّة بمعظم الفتيات والنساء المصريَّات. 


أصابع اليد تتجه إلى اللاعب، كُلٍ يحمل تُهمة تحُّرش، لا يوُجَد رابِط بين المُعتدي عليهُن، لكن المُجرِم واحد، إن كان هذا المُجرم بريئًا كمَّا يدًّعي ألم يكن من الأفضل أن يُدافِع عن نفسه وعن كرامته ومبادئه بدلًا من وضع نفسه في قفص المُتحرِّشين؟ لماذا تُدافعون عن مُتحرِّش يعترف ضمنيًا بجريمته؟ 




إعتذار لغير المُتضررين


شاهدت اليوم اعتذار المُتحرَّش الطموح، وأسعدتني جِدًا تلك النظرة المُنكَسِرَة، وعدم تلاقي عينيه بالكاميرا التي تُسجِّل له، ُبَّما تكون نظرة واجبه لتتماشى مع الموقف، ورُبما يشعر بإنكسار حقيقي، ولكن لنضع ايدينا على الأطراف المعنيين من الاعتذار، المُعتذر معروف للجميع، والاعتذار شاهدناه، ولكن لمن كان الاعتذار؟ للأهل، وللأصدقاء، و (اللي زعلانين منِّي) ... أين موقِع الفتيات المُعتدَى عليهم من ذلك؟ اعتذار دون جَدَوى غير مقبول، فقط يتسبب في مزيد من السخط على اللاعب. 



لاعبوا المُنتَخب كجزء من الشارِع المصري


في أي حادثة حرُّش، ينقسم المجتمعين حول الحادثة إلى ثلاث فِرَق، الفريق المُتفرِّج، ولمُسانِد للفتاة المُعتدَى عليها وغالبًا ما يكونون قِلَّة في مواجهة الفريق الثالث المُدعِّم للمُجرِم الراغب في ستره، وفي واقِع الأمر أُرددها دائمًا وأبدا، أن المُتحرِّش والمُسانِد له تحت مُبررات استفزاز الفتيات له، وعدم تضييع مستقبله سواء، وأن مَنْ ستر مُتحرِّشًا فهو مشروع مُتحرِّش صغير ينشُر سرطانه في المُجتَمَع، أما الفريق المُتفرِّج أتمنَّى من الله توفيقهم حتَّى يتخذوا موقفهم. 


نعود مرَّة أُخرَى الى مُنتخبنا العظيم الذي يُسانِد بعضًا منه الطفل الذي أخطأ، والواجب علينا أن نُسامِحه من باب الفُرصَة الثانيَة، بالطبع نؤمِن بالفُرصَة الثانية ولكن متى نُعطي فُرصَة ثانيَة؟ 


أتذكَّر في العام الأول على تخرُّجي من الجامعة وأثناء ذهابي إلى المترو، صادفني طفلًا صغيرًا يبدو عليه أن الشارع ملجأه الدائم، واقترب مِنِّي وهو يتحرَّش بي لفظيًا بما يليق بطفل لم يتجاوز السابعة ووبَّخته بشكل عنيف دون أن تمتد يدي عليه ناهية الحديث بأن ذلك الفعل خطأ، وانتهى الموقف، في اليوم الثاني لهذه الحادثة، وفي نفس التوقيت تقريبًا صادفني الوَلَد، لم أُركِّز في ملامحه ولكنَّه تعرَّف عليَّ، واقترب مني وهو يعتذر عن فعله في يوم الأمس واعِدًا بعدم تكراره مرَّة أُخرَى، أذكُر أنني بعدها بدقائق كتبت الموقف بشكل كاِمل على الـ Face-Book  خاتمه إيَّاه بجُملة (قلّ عدد المتحرشين المُستقبليين واحِدًا). 




الفُرصَة الثانية تكون لمن لم يتبيَّن الصواب من الخطأ؛ لصِغر عُمره، وقِصَر تفكيرَه، تكون لمن افتقر وجود مَنْ يوجَّهه في هذه الحياة، لمن اجبرته الظروف على سلك دربٍ جعله ينتزع بقوة ما بيد الغير كسرقة خُبز، أو مال حتى لا يموت جوعًا، ليس لشخص أوشك أن يُكمِل عامه الـ 27 حظى بالتربيَّة، والمال، والسفر والانفتاح على مجتمعات اُخرى، ولكنه مازال حبيسًا مرحلة ُراهقته، ليس لشخص مضى اقل من 48 ساعة على فضائحه مُجمَّعه، ولم تُطبَّق عليه العقوبة بعد! فأي فُرصَة ثانيَة تتحدَّثون عنها ولمن؟! 


جميع المساندون للمُتحرِّشين يطالبون بالفُرصَة الثانية حتَّى تصير الضحيَة واحِدة منهم فيطالبون بتطبيق العقوبة، والتي في بعض المجتمعات تتحملَّها الضحية فقط. فهل كان سيصير ذلك الدعم موجودًا إن تم ضبط اللاعب وهو يكشف عضوه لفتاة صغيرة ابنة احد لاعبوا المُنتخَب؟ أو أن يقول لاحدى زوجات، أو اخوات اللاعبين التي تعمل كعارضة (بتجي اليونان؟)

بالطبع لا. 


قرصة وِدن أم استبعاد نهائي


رُبَّما كان قرار الاستبعاد من المُنتخَب أبسَط ما يستحقَّه اللاعب كعقوبة على أفعاله، ولكن لماذا تنتشر قرارات مُحتَمَلة على ألسنة بعض المصادر بعودة اللاعب مرَّة أُخرَى؟ وأن ما حدث يوم مُباراة مصر مع الكونغو مُجرَّد (قرصة ودن) ولماذا نقرِص الاذن إن كُنَّا قادرين على مُعاقبة الشخص نظير جريمته؟ إن كان ذلك رد الفعل مُجرَّد مُسكِّنًا وقتيًا، فعُذرًا لا نريد ذلِك فابسط ما تستحقه نِساء مصر من إتحاد الكُرَة هو استبعاد اللاب المُتحرش بشكل تام من جميع الأندية المصريَّة ومن المنتخب المصري. تشاوركم في قرار الاستبعاد يعني التشاور في إلى حَد تتقبَّلون التحرش الجنسي. 


من هي أسماء؟


اسماء كناية عن كُل فتاة وكل امرأة في المُجتَمَع المصري، تُعاني من حوادث التحرُّش بشكل يوميَّ في الأماكن العامَّة وفي أماكِن العَمل، أسماء هي الصحفيَّة التي تحرَّش بِها مُديرها في احدى الصُحُف الخاصَّة المصريَّة، وحينما تحدَّثت بشكل عالٍ، مُنعَت من الدخول فيها، وهو مازال موجودًا دون أن يخسر عمله، أسماء هي فتاة تعمل في احدى البنوك المصريَّة يتحرَّش بِها مديرها عن طريق النظر إلى مؤخِّرتها ومقارنتها بشكل يومي مع مؤخِّرات الفتيات الأُخريات ولا تتحدَّث خوفًا من خسارة وظيفتها، أسماء هي طالبة في احدى الجامعات المصريَّة يتحرَّش بها استاذها، فتخاف أن تحكي ذلك خوفًا من السقوط في مادته نتيجة لذلك وتصير ضيفة شرف الدُفعات القادِمة.



أسماء هي كُل فتاة تُعاني من عدم وجود سياسات واضحة لمُكافحة التحرُّش في كُل مكان تذهب إليه، أسماء هي الفتاة التي تُعاني من استغلال نفوذ الرجال للافلات من جرائمهم. 


أسماء هي فتاة تقترف الخطأ فتُفضَح هي وأهلها ومقترفوا الخطأ معها، ويصير البحث في ماضيها مُهمِّة كل منشغل بقضيتها، ويُندَّد بتشويه سُمعتها عقابًا على خطئها, وعمرو وردة هو كل مُتحرِّش أخرج فأره من جُحرُه، وتباهى به أمام احدى الفتيات، ومارس معها أي نوعا من انواع التحرُّش فنادت أغلبية المُجتمع بستره، واعطاءه فرصة ثانية؛ لأنه بشر، والبشر خطَّائين. 


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك