وجع محمد محمود وبوصلة مينا .. والباشا الجدع

779

أصوات تتعالى من كل الشوارع المحيطة بميدان التحرير مزيج بين أصوات الطلقات الحيه والخرطوش وصراخ المصابين وكذلك أصوات الموتوسكلات التي سخرها متطوعين لنقل المصابين من المعركة إلى المستشفى الميداني وسط صراخ واستغاثة المسعفين لإحضار أكياس القطن والمواد اللازمة للعلاج ، هذا المشهد لا يغيب عن ذكرتي لحظة بكل تفاصيله، فقد ذهبت إلى الميدان ليلاً بعد ان اجتاحته قوات الأمن في الصباح واعتدت على مصابين الثورة والمعتصمين الرافضين لوثيقة السلمي، صوت الطلقات كان يحاوطنا في كل مكان وكذلك رائحة الغاز، وعندما حاولت الوصول إلى شارع محمد محمود بالفعل كانت معركة داميه رائحة الدماء في كل مكان حاولنا مواجهتها بلحجارة وكل من تواجد في محمد محمود بالتحديد كانت بوصلته الحقيقية التي يسمد منه قوته ليقف بعد الإصابة بالخرطوش أو من تأثير الغاز المسيل للدموع هو علم الشهيد مينا دانيال الذي طوال المعركة التي استمرت لأيام كان ثابت لا ينحني، وكأن مينا بروحه الطاهرة يطلب من المتواجدين عدم الاستسلام وبالفعل لبينا النداء ، في الحقيقة كانت أحدث محمد محمود بالنسبة لي هي الدليل القاطع على أن من نزلوا إلى الميدان هم فقط أصحاب الحق والقرار، وخلال هذه الأحداث سقطت الأقنعة عن التيارات السياسية صاحبة المصالح، وكذلك النخبة الذين جلسوا في مكاتبهم المكيفة يشجبون وينددون فقط.

وقد مارست قوات الأمن ضد المعتصمين والمتظاهرين كل أشكال العنف والإيذاء المحرم دوياً، ولكن للأسف النسيان بعد 6 سنوات هو سيد الموقف، وكانت من أبشع الأشياء التي استخدموها ضدنا هي الغازات التي اجتاحت الميدان عن طريق مراوح مترو الأنفاق، وقبل أن يحاول أحد أن يردد أكاذيب عن أن هذا الغاز هو فقط مسيل للدموع فقد شاهدت بأعيني أشخاص أصيبوا بحالات تشنج لم يستطع حتى أطباء المستشفى الميداني إنقاذهم، وكذلك أصبت أنا بحالة من النزيف لم تتوقف لمدة 11 يوم متواصل مما جعل الأطباء يعطونني بعض الأدوية القابضة للرحم وفي الحقيقة عندما سجلت شهادتي حول إصابتي خلال الأحداث اكتشفت أن هناك فتيات أخريات أصبن بنفس الحالة الغريبة.

وبعيداً عن الإصابات التي لحقت بكل م شارك في أحداث محمد محمود الأولى، هناك مشهد تاريخي يلخص ما حدث وما يحدث حتى اليوم وهو ( جدع ياباشا) الباشا جدع وجت في عينه، وهناك باشا أخر قام بسحل الفتيات وأخر شاهدنا وهو يلقي بالجثث في الزبالة المقابلة لمطعم كنتاكي، والمخلص أن الباشا الجدع هو اللي يخرص معارضيه بالحبس أو بفقدانهم نظرهم أو حتى بإلقاء غازات كيميائية محرمة دوليه، وطالما الباشا يجد من يقف وراءه ليشجعه على فعلته ويقول (جدع يا باشا خليهم يتربوا) فلن يتوقف أبداً عن أفعاله فدمنا أصحاب حق بالتأكيد سيعود يوم ، ودمتم واقفين خلف الباشا تصفقون وتهللون له لإيمانكم الداخلي بأنكم تدفعون عن الباطل، كنتم ومالتم تنتظرون الفتات التي ينعم بها الباشا عليكم، ودامت أنفسنا عزيزه وكرامتنا وحريتنا لا تقدر بمال


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك