رؤيتي..بين مصر والمغرب

388

أعيش في مصر منذ سنة و نصف، أي منذ زواجي من مصري. غير أنني عايشت المجتمع المصري قبل هذه الفترة من خلال صداقات ربطتني بمصريين و مصريات على مختلف الأعمار و الثقافات و الديانات. حيث أن المجتمع المغربي عامة من أشد المتابعين للدراما التلفزيونية و الأفلام المصرية، فضلا عن أنني كنت دائما أهوى قراءة الأدب المصري و الذي كونت من خلاله نظرة عن المجتمع المصري و المرأة المصرية على وجه الخصوص. 

شخصيات إحسان عبد القدوس و بطلات أفلام الستينات التي كنت أحبها بشغف جعتلني أرسم تصورا خياليا للفتاة الصرية؛ تلك الفتاة الجميلة الحالمة الأنيقة و الطموحة لمستقبل زاهر. غير أن منذ عشت هنا اصطدمت بواقع مخالف لكلما ما كنت أتخيله. ما الذي يجعلني اليوم أفكر على هذا النحو؟ نقاط كثيرة أبرزها حرية المرأة المصرية، نظرة المجتمع لها و تقبلها هي نفسها لما يفرضه هذا المجتمع من اعتبارات و قيود.

من أبرز الأمور التي أثارت انتباهي في المجتمع المصري هو قبول المرأة المصرية لقضية تعدد الزوجات، و التي تشكل بالنسبة لي كامرأة مغربية ظاهرة في طريقها للاندثار. فالتعدد في المغرب ليس ممنوعا بنص قانوني غير أن مدونة الأسرة الصادرة سنة 2004 جعلت شروط عقد الزواج المتعدد شبه مستحيلة التحقيق و وضعت معايير لإيجازه، أولها قدرة الزوج المادية، ثم اقتناع محكمة الأسرة بوجود دوافع جادة للزواج الثاني، و علم الزوجة الأولى و في بعض الأحيان موافقتها، خلاف ما يحدث في مصر فالزواج الثاني بل و الثالث و الرابع أمر متاح و غير مقيد بأي معايير. و والأدهى بالنسبة لي أنه في كثير من الأحيان ترتضي نساء من نخبة المجتمع أن تكون زوجة ثانية فما بالك بأنصاف المثقفات و أشباه الأميات

و في نفس السياق المجتمعي توجد أعراف أخرى أستغرب لها على نفس النحو. كتشبث المرأة المصرية عند الزواج ببعض العادات التي أجد أنها لا تمث للحاضر بأي صلة و لا علاقة لها بالشرع الإسلامي أساسا. كأن تصر و في غالب الأحيان بإيعاز من أهلها على وضع ما يسمى بقائمة العفش، و الت تشكل في قرار نفس الزوجة سلاحا تستطيع إشهاره في وجه الزوج عند أي خلاف، الأمر الذي يشكل تناقضا غريبا فكيف للمرأة أن تنتظر عيشة طيبة و هنية مع زوجها و سوء الظن كان سباقا في حياتهما

و إن كنت قد تحدثت عن بعض الأمور التي استغربتها في المجتمع المصري و من نظرة المرأة حيالها، فإن أكثر مة ضايقني هو ظاهرة ختان الفتيات. الظاهرة المنتشرة في بعض الدول العربية و الإفريقية و التي لم تصل قط إلى المغرب. و في الواقع فختان البنات ليس عرفا يجب التخلص منه فحسب إنما هو جريمة تتعرض لها الفتاة المصرية و تجردها ن آدميتها أولا و من حقها في ممارسة حياة طبيعية و لها بالغ الأثر على نفسيتها. و قد خصص الكثير من الأطباء و الأخصائيين النفسيين حيزا من كتاباتهم لهذه القضية. و قد أثبت الدكتور محمد فياض من خلال كتابه: البتر التناسلي للإناث ما يلي هذه العملية من أضرار صحية و نفسية. أما أكثر ما يهولني أنا حياز هذا الجرم هو إصرار بعض الأمهات اللاتي عانين أنفسهن جراء هذا البتر من تلاقي بناتهن نفس المصير، متعللات بأسباب عرفية لا تمث لروح الشريعة بصلة.

و ختاما قد يبدو من خلال رؤيتي هذه أن نظرتي للمجتمع المصري و المرأة على وجه التحديد مبالغ فيها، و لكنني مازلت مؤمنة أن المرأة المصرية قادرة على تغيير واقعها. فمصر قدمت نساءا رائدات علميا و ثقافيا و سياسيا و فيا. غير أنني أعتقد كذلك أن هذا التغيير مرهون بحد كبير بإصلاح المجتمع المصري ككل لما تعرض له من انتهاك لفترات طويلة

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك