عن معركة التوكيلات

474

من ٢٠٠٥ وأنا مش بميل لفكرة المقاطعة في الاستفتاءات والانتخابات ، لما مبارك قرر يغير مواد في الدستور علشان يمتص الضغوط الخارجية ويعمل "تول ليبرالي صوري" ، وقتها طرح المادة ٧٦ للاستفتاء وتم التعديل فيها بحيث يعمل انتخابات رئاسية محكومة ولا تؤدي إلا لفوز مبارك، وقتها المعارضة متمثلة -في حركة كفاية- دعت لمقاطعة الاستفتاء بسبب عيوب المادة ٧٦ وعدم جدية الانتخابات الرئاسية و أسباب اخري كتير.


وقتها كنت عضو في حركة شباب من أجل التغيير(شباب كفاية) ، أخلص شغلي كل يوم وأوزع ورق في الأتوبيسات يدعوا للمقاطعة وأشارك في أنشطة كفاية الداعية للاستفتاء، وندوات ووقفات ومؤتمرات، وكلام علي المنتديات الإيميلات وغرف الشات عن المقاطعة(أيامها ماكانش فيه فيسبوك وتوتير)، لكن اللي قاطع الاستفتاء فعلا هم النطاء والمعارضين فقط، الشعب يا إما مش مهتم أصلا ومقاطع بطبعه، يا إما ملايين بتروح تشارك علشان العشرين جنيه(وقتها) أو الزيت والسكر.


وفي مسرحية الانتخابات الرئاسية في ٢٠٠٥ قررت حركة كفاية مقاطعة الانتخابات، ولأني في نفس الوقت كنت في حزب الغد وقتها فشاركت في المؤتمرات الانتخابية لأيمن نور، وكانت وجهة نظرى إن المشاركة واستغلال مسرحية الانتخابات من أجل فضح اكاذيب مبارك أفضل من الدعوة للمقاطعة، وأحيانا كنت بشارك الصبح في أنشطة سرية ومفاجأة ضد مبارك بشكل عام وتندد بمسرحية الانتخابات، وأشارك بالليل في أنشطة مسموح بيها قانونا، في الشارع والمحافظات والقري والارياف ، في الحملة الانتخابية لأيمن نور وبرضه أشتم في مبارك و أتكلم مع الناس في الشارع عن كوارث حكمه وانه لازم يرحل وإن استمرار حكم مبارك فيه خراب لمصر.


معسكرات المشاركة والمقاطعة بتتغير كل فترة لأسباب كتير، منها الأيدلوجيات ومنها الحسابات والتقديرات، ومنها العصبوية السياسية، ومن حق أي حد طبعا يميل لخيار المقاطعة طالما شايف إن دا اللي يجنبه التورط في خيار سئ أو حتي لو شايف فعلا إن المقاطعة هي الحل، كل واحد حد في اختياراته.


لكن أنا عن نفسي  للأسف مش بقدر أفهم مزاعم لمقاطعة من أجل نزع الشرعية وتعرية النظام وفضحه أمام العالم وإلي آخره ، نظام مثل مبارك أو السيسي لا يهمهم الفضح أمام العالم ولا التعرية ، يمكن مثلا ممكن نقول مبارك كان بيعمل بعض الاعتبارات للشكليات، بيقلق علي صورة التحول الليبرالي المزعوم ، فكان الانتهاكات ليها بعض الحدود، لكن كان بيمر الاستفتاءات والانتخابات بمنطق الدفاتر دفاترنا والورق ورقنا، لكن برضه كان فيه حدود للانتهاكات.

أما النظام الحالي ف مايهموش أي فضح ولا تعرية ولا أي شئ، والغرب والعالم بيتعامل مع الامر الواقع، وبيتعامل مع الاقوي واللي في إيده السلطة بالفعل، والعلاقات بين الحكومات هي علاقات مصالح مش مبادئ.

ةفالمقاطعة لن تفضح المفضوح ولن تنزع شرعية الامر الواق.


فأما داخليا، فالناس فاهمين كل حاجة، لكن مش بتدقق في تفاصيل زي دي، ممكن أه تكون المقاطعة مؤثرة وموجعة وحاسمة لو فيه معارضة منظمة تقدر تحشد الجماهير والعمال والطلبة، أو لو فيه مجتمع مدني قوى متغلغل زي النقابات والحركات الاجتماعية والطلابية والمنظمات والجمعيات الدفاعية، أو فيه نٍصاب لنسبة المشاركة، أو فيه وزن ضخم لقوى المعارضة وصوت يعتد به، أو فيه مقاطعة إيجابية بخطة موحدة وردود فعل محسوبة وخطة ب وخطة ج.


 لكن فكرة أنا هشارك احيانا واقاطع لوحدي احيانا ، أو هقاطع في لمرحلة الثانية لما مرشحي يخسر في المرحلة الاولي وأزايد علي المشاركين..او هشارك لو فيه مرشح بينتمي لتياري ومقاطع واشتم في المشاركين لو مفيش مرشح من تياري… ولا ليها أي لازمة، بالعكس، خسرنا كتير بسبب كده، وبسبب المزايدات والتخوين والمراهقة.






أما بالنسبة لجدوي المشاركة في الانتخابات ولو كانت مسرحية فلها فوايد اكثر من المقاطعة،من وجهة نظري


أولا  مفيش ثورة بتيجي لوحدها من السما، ولو عزيز تقعد عالنت تشتم في كل الناس وتزايد علي كل الناس وفاكر انك كده تمام ولما الثورة تيجي لوحدها تنزل فيها… يبقي بتشتغل نفسك.


واسياسة مش مظاهرات فقط، الاكتفاء بالوسائل الاحتجاجية فقط-اللي احنا اتعودنا عليها- كان اكبر غلط عملناه، وطالما ماتعرفش في السياسة غير مظاهرات فقط، يبقي نحاول نتعلم.



والمسار الثورى مش متعارض مع المسار السياسي، الثورة أصلا هي حدث سياسي وفعل سياسي من أجل تغيير سياسي، مفيش ثورة من أجل الثورة، وبعد الثورة لازم مسار سياسي، والطرق الثورية/ الراديكالية/المسارات الساخنة أوالطرق الإصلاحية/السياسية/ المسارات الباردة هي مجرد وسائل وليس هدف.


والثورة مش حدف طوب ومولتوف... وخلّينا نرجع بذاكرتنا تاني ونراجع بعض الاحداث.


والراديكالية المفرطة مش دايما صح. وكثيرا بيكون اضرارها اكثر، وأحيانا فيه مواقف كان عدم المرونة يها بيخسر أرواح ومجهود بدون هدف واضح.




والدمج والتنوع بين الاصلاحي والثورى أو بين الساخن والبارد أفضل بكتير وبيراكم الخبرات وبيسمح بحلول وسط وبيفتح مخارج كتير. بدلا من المعارك الصفرية طول الوقت، هانتعلم سياسة وانتخابات امتي اذا كان المقاطعة هي الحاجة الاسهل اللي بنعرف نعملها


حتي التجارب اللي حصل فيها تغيير بعد ثورة أو بعد تفاوض أو بعد ثورة وتفاوض... كان فيها احزاب سياسية وحركات اجتماعية بتدخل انتخابات وتتزور وتدخل تاني وتالت ورابع. وتبني تنظيمات وتاخد برات.


فيه تجارب كتير تم استخدام الانتخابات المعيبة والمزورة و المحولة والفشل،من اجل تراكم الخبرات وبناء التيارات، فيه تجارب كتير نجح فيها المسارات الباردة والتفاوضية عن المسارات الساخنة أو العنيفة.


خلينا نفتكر ان من أسباب الإخفاق بعد 25 يناير هو إن التيارات المدنية والثورية واحزابهم وحركاتهم ماعندهاش خبرات وقدرات تنظيمية للعمل السياسي .. عدا طرفي الصراع علي السلطة اللي عندهم ماكينات إنتخابية وشبكات قوية، ازاي عايزين نبني بديل ممكن في يوم من الايام يكون جاهز اذا كنّا بنستسهل المقاطعة أو بنلجأ للوسائل الاحتجاجية فقط؟


بدون المسرات الباردة والمحاولات الاصلاحية/السياسية/من داخل القواعد الدستورية والقانونية المفروضة. لن يحدث التراكم والخبرات المطلوبة.

الدمج بين الوسائل الباردة والساخنة أفضل من الاسلوب الأحادي/الراديكالي فقط.


وحتي لو شايف إن الانتخابات محسومة.. ايه المشكلة لما تروح تعمل توكيل لخالد علي رغم إن الكل عارف انها خلصانة؟


وهانخسر ايه يعني. هاتخسر انك روحت عملت توكيل؟

ما لو مش عارفين نجمع حتي ٢٥ألف توكيل يبقي نبطل نتكلم ونسيهم يعملوا اللي عايزين يعملوه واحنا ساكتين.



وجهة نظرى من أيام 2005 . إن المشاركة في مسارات قانونية وانتخابات واستفتاءات ولو معيوبة.. نتائجها أفضل من المقاطعة والفرجة والشتيمة من بره.


أخيرا ....الإرهاب والعنف  هو اللي بيدي شرعية داخلية ودولية للاستبداد ويبرر وجوده. وليس المشاركة.


وبالطبع كل واحد حر في قناعاته واختياراته وانحيازاته. واللي مصمم يقاطع له كل الاحترام


واللي شايف ان العكس هو الصحيح أوحتي اللي شايف كل اللي فوق دا كله كلام فارغ... له كذلك كل الاحترام.

لكن التخوين خسرنا كتير



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك