الطريق الى الاتحادية .. كواليس المشهد الأول

718

مع اقتراب موعد سباق الانتخابات الرئاسية تعود من جديد الحالة الجدلية بين القوى والتيارات السياسية والشبابية بين مؤيد للإشتباك مع تلك الانتخابات وبين معارض لها، تلك الحالة التى ازدات وتيرتها بعد قيام ثورة 25 ينايرفجميع الاستحقاقات الانتخابا التى تمت بعد 25 يناير مثل الاستفتاء على بعض التعديلات الدستورية فى مارس 2011  والانتخابات البرلمانية  2011 والانتخابات الرئاسية 2012 والاستفتاء على دستور 2012 ، كذلك الانتخابات الرئاسية 2013 والتصويت على دستور 2014 والانتخابات البرلمانية الاخيرة 2014 ، شهدتنفس الصراع السياسيى بين مؤيد للمشاركة فيها وبين معارض لها واختلفت وتبدلت المواقف بين القوى والتيارات السياسية المتصارعة فى هذة الفترة كلا على حسب الظرف السياسى فتيار الاسلام السياسيى الذى كان يشارك بقوة فى كل الاستحقاقات التى تمت فترة حكم المجلس العسكرى انعزل تماما عن المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابة التى تمت بعد 30 يونيو 2013 ، كذا الحال القوى الديمقراطية والمدنية والشبابية والتى انقسمت فيما بينها بشكل واضح منذ الانتخابات الرئاسية الاخيرة وما اعقبها من إستحقاقات ( الانتخابات البرلمانية والاستفتاء على دستور 2014 )ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية القادمة يعود الجدل من جديدفيرى أصحاب الرأى المؤيد للدخل فى السبق الانتخابى أن الدفع بمرشح يعبرعن أهداف ومبادىء ثورة 25 يناير (العيش .... الحرية ...... العدالة الاجتماعية) من شأنه أن يخلق محاولة الحفاظ على بعض الامتيازات المكتسبة بعد 25 يناير وتجديد الامال من جديد للمواطنين المصريين فى محاولة تحسين اوضاعهم المعيشية ، 

خاصة أن تلك الامال والاهداف مع وجود النظام الحالى أصبحت تتلاشى شيئا فشىء فى ظل حملات القبض التعسفي بشكل جماعي لقمع المظاهرات المعارضة، فتم القبض على صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومتظاهرين، وفرض قيوداً على أنشطة المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. وكان "قطاع الأمن الوطني" مسؤولاً عن تعريض مئات المعتقلين للاختفاء القسري، كما تعرض معتقلون للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي ضباط من "قطاع الأمن الوطني"، وغيره من أجهزة الأمن. واستخدمت قوات الأمن القوة المفرطة المميتة خلال العمليات الشرطية العادية، وفي حوادث يُحتمل أن تكون بمثابة عمليات إعدام خارج نطاق القضاء. واستمرت المحاكمات الجماعية الجائرة أمام محاكم مدنية وعسكرية. وتقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات وافية في انتهاكات حقوق الإنسان، وعن تقديم مرتكبيها إلى ساحة العدالة ، كما يعزز أنصار هذا الفريق وجهة نظره بتراجع شعبية الرئيس الحالى للبلاد  بعد المستوى الاقتصادى المتدنى الذى يعيشه المواطن المصرى خاصة بعد حزمة القرارات والقوانين الاقتصادية الصعبة التى اتخذها هذا النظام فى حق جموع المصريين، من إصدار قرار تعويم العملة الوطنية، وسياسية الاستدانة الخطرة، وقانون القيمة المضافة القانون رقم 67 لسنة 2016 الأمر الذى أدى إلى مضاعفة أسعار السلع والخدمات، وهو ما انعكس على الأحوال المعيشية للمواطنين المصريين.

ويرى الفريق الآخر المتبنى فكرةمقاطعة هذه الانتخابات، وعدم المشاركة فيها، أن الدخول فى السباق الانتخابى يعد جريمة سياسية، وإعتراف ضمنى بشرعية هذا النظام، والذى انقلب على مبادىء وأهداف ثورة يناير، وأن هذة الانتخابات لن يتوفر بها الحد الأدنى من المعاييرالعامة المتعارف عليها دوليا لإجراء إنتخابات تتمتع بقدر ولو قليل من النزاهة والشفافية،ويرى هذا الفريق أن وسائل الإعلام المختلفة تشكل حجراً أساسيًا فى تشكيل وعى الناخبين، وأن الجهاز الإعلامى سواء الحكومى أو الخاص أصبح فى قبضة وسيطرةالأجهزة الأمنية،وأن غلب القنوات الإعلامية الفضائية الخاصة يمتلكها عدد من رجال الأعمال المحسبين والمؤيدين لهذا النظام ، كما يروا أنإعادة قانون الطوارىء من جديد بالإضافة إلى القوانين المكبلة للحريات التى صدرت منذ عام 2013 مثل قانون التظاهر القانون رقم 103 لسنة 2013 والقرار بقانون 136 لسنة 2014 بشأن محاكمة المدنين أمام القضاء العسكرى بالإضافة إلى ذلك تفعيل قانون التجمهر والصادرعام 1914 من جديد ومحاكمة عدد كبير من الشباب المعارض، من شأنها أن تؤثر على سير إجراءات الانتخابات القادمة،كذلك التوغل الأخير فى أعمال السلطة القضائية بتعديل قانون السلطة القضائية بالقانون رقم 17 لسنة 2017 والذى سمح لرئيس الجمهورية بأحقيته فى  اختيار ممثلى الهيئات والمحاكم القضائية، وذلك الدعوات الصادر من قضاة مجلس الدولة والخاصة بمقاطعة الإنتخابات الرئاسية مما يهدد بعدم تطبيق الاشراف القضائى الكامل على العملية الانتخابية.

وبالنظر إلى وجهتى النظرالمشاركة أم المقاطعة فى الانتخابات الرئاسية القادمة، فإننا نجد أن الفريقينجانبهم الصواب فى أطروحتهما، إلى أن الفريق الثانى، والذى يحمل فكرة المقاطعة لم يقدم حلاً عملياً لفكرة المقاطعة،  ولم يُجيب على سؤال ثم ماذا بعد المقاطعة؟  وهل يملك أنصار هذا الفريق الأليات والمقاومة لفرض قرار المقاطعة الإيجابية بمعنى هل يستطيع هذا الفريق أن يصل إلى نتائج عملية تضمن مشاركة جموع المصريين والإلفاف حول هذة الفكرة ويتنهى الأمر بعصيان مدنى، وحالة غضب عامة،وتوصيل رسالة واضحة وغاضبة إلى هذا النظام، إذا كانت الإجابة ب ( لا ) على هذه الأسئلة القصيرة، فيعد قرار المقاطعة فى هذهالحالةأشبه بإنتحارًا سياسيًا ليس فقط للكيانات والأحزاب السياسية وإنما أيضا لكل أطياف المجتمع المدنى والمتهمين بالعمل العام، وفى هذا الإتجاه، يرى ليندبرج في دراسته لمقاطعة الإنتخابات في الدول الأفريقية بين الأعوام ١٩٩٠-٢٠٠٣ أن لمقاطعة المعارضة للإنتخابات أثراً سلبياً يتمثل في تمكن النظام من تعميق حالة الإسبداد إذ أن دراسته توضح أنه في حالة الأنظمة الإستبدادية التي لم يتم إصلاحها وصلت نسبة مشاركة المعارضة في الإنتخابات التي سبقت تعميق حالة الإستبداد إلى ٥٤% فقط. في المقابل تصل نسبة مشاركة المعارضة في الإنتخابات التي سبقت تحول النظام إلى نظام ديمقراطي إلى ٩٢%. و يعود منطق ليندبرج إلا أن فشل المعارضة في تقديم نفسها كبديل للنظام من خلال حراك خارج المنظمة الإنتخابية غالبا ما يشجع النظام على إغلاق مجال الحرية بشكل أكبر، وتعميق حالةالإستبداد لمنع أي تحرك مستقبلي للمعارضة السياسية والحزبية، بل كل من يعمل بالعمل العام، 

ولم تشير الدلائل الرقمية من قبل على نجاح فكرة المقاطعة فمع تدنى نسبة المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية قبل 2011 والى وصلت نسبة المشاركة فيها فى الانتخابات العامة مثل الانتخابات البرلمانية والمحليات والرئاسية الى نسبة لم تتجاوز ال 10 % بحسب تقارير منظمات المجتمع المدنى المشرفة على مراقبة الانتخابات فى هذا الوقت الا انه لم تنجح مقاطعة الانتخابات والعزوف عنها فى تغير منهجية النظام السابق ومع ارتفاع نسبة المشاركة فى الانتخابات التى أعقبت ثورة يناير والتى وصلت فى الانتخابات الرئاسية 2012 الى نسبة 60 %  لم تؤثر اطلاقا المقاطعة فى التعبير عن وجودها بل على العكس كان من الممكن وفى ظل وجود انتخابات تتمتع بد ليس بالقيل من النزاهة المشاركة فيها أن يؤثر فى نتائج بعض الانتخابات مثل اانتخابات الرئاسية التى تمت عام 2012 فالفوراق والنسب كانت متقاربة بين المتنافسين سواء فى الجولة الاولى أو الاعادة التى تمت بين أحمد شفيق والرئيس السابق محمد مرسى ،

إذًدعونا نلتفت لوجهة نظر الفريق الأول وهى المشاركة والتى أعتقدفى ظل الظروف الراهنة هى الحل الأمثل، بالتأكيد الإنتخابات القادمة لن تتم فى بيئة تشريعية وأمنية واقتصادية وإعلامية ملائمة، وبالتأكيد سيقاوم هذا النظام بكل ما أوتى من قوة لفرض مرشحه فى الإنتخابات القادمة،ولكن تبقى دائما وأبدا حضور القوى الديمقراطية والشبابة فى هذا المحفل الإنتخابى، والذى سيتابعه بشغف المجتمع الاقليمى والدولى كالشوكة فى حلق هذا النظام، وسيغلق الباب أمامهلإخراج مسرحية هزلية، الى جانبالمزاج الشعبى فى تأييد الرئيس الحالى تراجع بنسبة كبيرةعن الإنتخابات الأخيرة، والتى أقيمت فى مايو 2014  فالحالة المعيشية للمصريين أصبحت أكثر بؤساً،وزادت الأصوات المعارضة لهذا النظام، وأضيف إليها الأصوات المؤيدة له من قبل،

ويأتى ذلك، وهناك تجربة أكثر إلهاما لتلك القوى الديمقراطية والشبابية المعارضة لهذا النظام وهى تجربة الوقوف ضد الاتفاقية المبرمة بين النظام الحالى والمملكة العربية السعودية،والتى بموجبا تنازل هذا النظام عن جزيرتى تيران وصنافير إلى الجانب السعودية، المقاومة والوحد لتلك القوى المعارضة بمختلف ايدلوجيتها ضد هذه الاتفاقية، كانت من أهم العوامل الرئيسية لتصدى لتلك الاتفاقية حتى الان ، فاستطاعت تلك القوى فى تنظيم نفسها قانونيا وإعلاميا فتم تشكيل جبهة واسعة من المحامين المنتمين لتلك القوى فى الدفاع عن المعارضين المحبوسين على خلفية الاعتراض على تلك الاتفاقية كذلك التصدى للاتفاقية أمام القضاء الادارى بالاضافة الى اطلاق حملة واسعة تحت مسمى مصر مش للبيع توج هذا المجهود بالحصول على حكم تاريخى من امام محكمة القضاء الادارى بتاريخ 21/6/2016ببطلان تلك لاتفاقية وهو الامر الذى عززته المحكمة الادارية العليا وأيدته بتاريخ 26/1/2017، هذ النجاحات فرضت على النظام الحالى حالة من التخبط والعشوائية فى إدارة هذا الملف وأصبح هذا النظام فى خانة لا يحسد عليها حتى هذه اللحظة فمازال يحاول الالتفاف حول تلك الاحكام عن طريق الحصول على احكام مغايرة من محاكم أخرى غير مختصة مثل محكمة القاهرة للامور المستعجلة يأتى ذلك حفاظا على ماء وجه وخلق حالة من الجدل القانونى ومما لاشك فيه أن مدى هذا النظام  قدما فى العودة من جديد لتفيذ بنود الاتفاقية مخاطرة ومجازفة فى مستقبل هذا النظام فى إستمراره فى سدة الحكم .

وأخيرا نود أن نشير أن المزاج العام لكثير من الموطنين المصرين الراغبين فى عملية التغير لديهم قناعة كبيرة فى التغير السلمى عن طريق صناديق الإقتراع دون الدخول فى أعمال احتجاجية واسعة قد تؤدى إلى زيادة تدهور أوضاعهم المعيشية والأمنية،  وفى حالة تصميم وإصرار هذا النظام فى بتر تلك الآمال  فستكون العواقب أكبر مما يتخيل البعض، ولكم فى ثورة ينايرعظة يا أولى الألباب.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك