الأوقاف وخطبة الجمعة.. أغسطس شهر المال العام ورؤية الدولة

468

في يوليو 2016، خرج وزير الأوقاف محمد مختا جمعة في تصريحات صحفية ليؤكد تطبيق الخطبة الموحدة ليوم الجمعة، قائلا: "ننا ماضون في تطبيق خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة لما فيها من مصلحة شرعية ووطنية معتبرة، حيث تسن قراءة خطبة الجمعة من الصحيفة عند الحنابلة، وأن تكون الخطبة أقصر من الصلاة عند الشافعية".

ونشرت الوزارة بموقعها على الانترنت قبل أسبوعين خطبة موحدة عن المال الحرام وسط تقارير عن إلزام الخطباء بقراءة الخطبة من ورقة مكتوبة.

بعد جدل استمر لعامين عن الخطبة الموحدة المكتوبة تستمر وزارة الأوقاف في نشر الخطب عبر موقعها على الإنترنت، ويلقيها وزير الأوقاف على جمع المصليين، ومثله يفعل أئمة الأوقاف الملتزمون، فيما يخرج بعض الأئمة الآخرين عن النص الملزم للأوقاف.

آخر هذه الخطب،  ألقاها وزير الأوقاف في مسجد القائد إبراهيم بمحطة الرمل في محافظة الإسكندرية، وزير الأوقاف تعرض فيها لحرمة المال العام، وكون من يتلاعب به أشد جرمًا ممن يسرق مالًا خاصًا، رغم الإشارة في النص الأصلي للخطبة لقتل النفس الواحدة الذي يتساوى مع قتل الناس جميعًا، وقال جمعة أيضًا: إن من يعتدي على المال العام ويأكل مال الشعب، لا تجوز له صلاة ولا زكاة، وهو مالم يكن مكتوبًا في نص الخطبة الموضوع على الموقع.

الخطبة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما خلق معارضين ومؤيدين  لتصريحات جمة، فالبعض وافق على كلام جمعة وأكد أن عدم دفع المستحقات المالية من رسوم وضرائب وجمارك فيه مخالفة شرعية وخروج على طاعة ولى الأمر.

بينما اعتبر الآخرون أن هذه التصريحات حول التهرب من الضرائب والجمارك، "تطبيلاً" و"اتجاراً بالدين"، واستقبلوها بالسخرية والنقد، وأن  ما يقوله وزير الأوقاف فمن لا يدفع الضرائب لن يقبل منه لا صلاة ولا صوم ولا حج،  يسمى تألي على الله قائلين: "العبادة تقتصر كلام على شروط الصحة إنما قبول دي بتاعت ربنا وحده"، متسائلين : "من سيدفع ضرائب في بلد باعتراف رئيسها لا فيها تعليم ولا صحة ولا وظائف ولا طرق ولا قطارات".

سخرية البعض ذهبت لأبعد من ذلك كـ : "هام وعاجل: تعديل أركان الإسلام من خمسة إلى ستة بعد إضافة الضرائب كركن سادس،  الركن السادس الجديد يطبق على المسلمين المصريين فقط،  باقي الكوكب خمسة بس،  والشكر للعارف والمتصل بالملكوت الأعلى الصحابي الحادي عشر المبشر بالجنة وزير الأوقاف مختار جمعة".

وكانت الخطبة جاءت تحت عنوان: الوفاء بالحقوق والالتزامات وتحري الحلال شرط أساسي لقبول الطاعات،  وربطت فيها وزراة الأوقاف بين الوفاء بالحقوق والالتزامات المتعلقة بالمال العام، قبول الأعمال في الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، ووصفت الخطبة أن المتهر من سداد واجباته تجاه الدولة، يعطل حركة التنمية، ولا يحرص على الضرورات الشرعية والوطنية.

الخطبة السابقة لهذه الخطبة حملت هي الأخرى اتجاهًا حكوميًا عن جوهر الإسلام ورسالته السمحة، وهو الأمر الذي لا يمكن فصله عن تصريحات رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر القومي للشباب عن ضرورة تجديد الخطاب الديني، وأن ما نحن فيه الآن يعتبر تضييعًا للدين، وهي الجملة التي تستخدمها وسائل الإعلام المقربة من النظام، بمثابة فواصل وتبث عليها مقاطع مصورة لتظاهرات الإخوان المسلمين، أو استعراضات لتنظيم داعش.

في السياق نفسه ستكون طبة الجمعة القادمة الموحدة  بعنوان الجوانب الإنسانية في حجة الوداع، وحرمة قتل نفس والذي هو بمقتضى النص القرآني كقتل الناس جميعًا، ووصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة، وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة.



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك