السمكة "تُستعبد" من رأسها

742

خلفاء الله في الأرض، أم صور للشيطان، هذا الخاطر الذي يؤرقني كلما نظرت إلى حال البشرية فى أزمنة العبودية ، كيف استطاع "الإنسان" أن يكون بمثل هذه القسوة ؟ فيسوق أخوه الإنسان للسوق يبيعه ويشتريه ويغتصب نسائه ويقتل شيوخه ويعذب شبابه هكذا فقط ببساطه ليتربح أموالاً ؟!!   

كيف إستمر هذا الشر لقرابة قرن من الزمان نمارسه كحق مشروع لمجرد إختلاف لون البشرة!

بدأت سلسلة الأسئلة تربط رأسي بقدمي بأغلال ثُقال وأنا أعيد التفكير فى مقدرة الإسان على ممارسة شر خام إتجاه الآخر، حتى جائني رد ساخر من أعماق روحي متسائل "هل إنتهت العبودية؟"  


هل إنتقلنا من تلك المرحلة الوحشية لأخرى حضارية؟


وللجواب على هذا السؤال يجب تعريف كلمة "عبودية" وصفات "العبد" التى نتحدث عنها ، إذا كنا نَصفْ "العبد" بالصورة البدائية وهى" أسمر البشرة"  ، فحينها سنجيب بإننا لم ننتهى قطعا من تلك العبودية تماماً، لكنها أقل كثيراً مما مضي، على الأقل هي مجرمة قانونيا فى العالم كله .


 وإن كان تعريف العبودية في صورتها الأولية وهي التقييد بالأغلال وإستخدام السياط والقتل والإغتصاب والتسخير للعمل ألخ ألخ .. 


فأنا حتى لا أستطيع أن أقول أنها أضحت "قليلة" لا أظن أن وصف القلة يناسب الحالة التى يحياها العالم فى يومنا هذا ، ولكن دعونى أقرنها بكلمة "نسبية" فهى قليلة نسبيا عما كانت عليه من قبل ...


هذا كله لو فقط نظرنا للمصطلحات بمفاهيمها السطحية أو الأولية .. ولكن إذا توغلنا فنظرنا للعبد ، على إنه كل نفس بشرية ، لا تمتلك حرية رأيها أو لقمة عيشها أو أمنها أو تسخر للعمل كرها "أو كل ما سبق" 

أظن أن حينها سنحذف الدائرة التى أحطنا بها بعض الرؤوس السمراء وسنصنع دائرة أخرى كبيرة تحوى رأسي ورأسك أنت أيضا سيدى القاريء وكثيرين بعد وربما منهم من كان سيد على البعض كرئيس الجمهورية مثلا يحمل سياط  قادر على أن يلهب به ظهر أحقيتنا فى الحرية فى أية وقت ولكنه أليس هو نفسه عبد لأمريكا بشكل و بآخر ؟ أو للصهيونية ؟ أو للأموال ؟ أو للسلطة ؟ .. 


دعوني أسأل السؤال بشكل أوضح ، هل يملك السيد الرئيس حريته ؟ حرية قراراته ؟ أمنه؟ أو قوت يومه ؟ قطعاً "لا".. أما إن كنت تراه حُر فأذكرك أن الحرية يأتى معها تباعا تلقائيا المسؤولية ؟ وبالتالي حق المحاسبة .

على كل ليس هذا موضوعنا ، أنا فقط أردت أن أوضح أننا دائما لا نصل للحرية من خلال ثوراتنا ما دمنا لم نقطع رأس العبودية ، إنما نصل لتحسين شروط العبودية ، فالعبودية كالفساد تأتي من الرأس .. 


ولكننا حينما نشعر بضيق الأغلال وشدة الألم من الجوع نتمنى أن يرجع سيد الأمس الرحيم "نسبة" لما نحياه اليوم فيبلل ظهورنا بالماء بعد ضربنا أو يسقينا شربة ماء إذ شكونا الجوع ، وربما نعود لملك آخر أبعد ونظن أنه كان الأفضل إذا أن قيوده لم تكن من الحديد بل كانت من النحاس لا تصدأ !


فأنا لا أظن أننا تخلصنا من العبودية أبداً إنما من مظاهر الإستعباد التقليدية ، وأبدلناها أزياء أخرى ، فأصبح السيد يحمل نجوم على أكتافه فى بعض الأحيان ، أو شارات خضراء تمر كقطر الدائرة على صدره العالي ، أو غيرها من الأزياء ، وصرنا نحن عبيد بأثداء أو بلحي ملونين أو أطفلاً ، أشكال مختلفة وظواهر متعدده ويبقي جوهر الإستعباد والعبوديه موجود .


لسنا أحرار إذا ما دُمنا لا نملك حرية كلمتنا ولا قوت يومنا ولا أمننا ... لسنا أحرار ما دامت رأس السمكة المُستعبدة لم تُقطع ..

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك