أحداث "دمشاو هاشم" تضع القانون في مواجهة الجلسات العرفية

471


حالة من الجدل والرفض أثيرت على موقع التواصل الإجتماعي ، بعد نشر خطاب يتضمن محاولات البعض لعقد جلسة صلح في قرية ” دمشاو هاشم ” بمحافظة المنيا ، بعد الأحداث التي تعرض لها أقباط القرية من اعتداءات لرفض حقهم الصلاة في القرية ، وجاء ذلك بعد محاولة جمعية أهلية بأسم ” جمعية المصالحة والسلام بقرية دمشاو هاشم ” لدعوة بيت العائلة بالمنيا لترميم الصدع الذي وقع بالقرية حسب ما جاء في خطاب رسمي لها .

وقالت الجمعية في خطابها ” حفااظا على وحدة ونسيج الوطن الواحد والمحافظة على المن وحرصا على دوام المودة الموجودة بين أبناء الوطن الواحد وتعاونا مع رجل الأمن المسئولين عن امن الوطن ، تتشرف الجمعية وتقدم دعوة مسئولي بيت العائلة بالمنيا بمحافظة المنيا للتعاون مع اللجنة فى ترميم الصدع الحاصل بين اهالى القرية ولم الشمل .


أسقف المنيا ... نرفض الجلسات العرفية:

من ناحيته رفض الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابوقرقاص، هذه المبادره قائلًا" إننا نرفض رفضاً قطعياً أي جلسات عرفية".

وأضاف "مكاريوس"، في تغريدة له علي حسابه الشخصي بمواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بأنه لا يعترف بنتائجها ونشجب الضغط علي بعض البسطاء للجلوس إليها فهي تهدر الحقوق وغالباً ما تتم الترضية فيها علي حساب الأقباط.

وأكد "أسقف المنيا" في تغريدته، قائلاً: نحن مع دولة القانون التي ينادي بها الرئيس عبد الفتاح السيسي .

 


عن الجلسات العرفية:

تمتلك مصر تاريخًا حافلًا من الجلسات العرفية التي إنعقدت مراراً وتكراراً لحل عدد من الأزمات وخاصة الطائفية منها، ويتم هذا بحضور عدد من رجال الأمن كشهود على الجلسة دون التدخل فيها، وعلى الرغم من أن  تلك الجلسات غير قانونية وأشبه بالقضاء الموازي في مصر، إلا إنها فرضت  نفسها على الساحة ليُسلب المجني عليه حقه ويظل الجاني حر طليق.

رصدت "المبادرة المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" منذ 25 يناير 2011 حتى نهاية العام 2014، 45 حادثة اعتداء طائفي، تم التعامل مع كل حادثة وتداعياتها عن طريق جلسات الصلح العرفية، هذا بغير حساب لأعمال النهب والحرق التي أعقبت فض اعتصامي رابعة والنهضة، والتي طالت ما يزيد على مائة منشأة دينية مسيحية.

كما تطرقت الدراسة أيضًا إلى دور النيابة العامة في تفعيل هذه الجلسات، حيث أنه في أغلب وقائع الاعتداءات على متلكات الأقباط لم يتم إحالة المتهمين إلى المحاكمة، بينما كانت تصدر قرارات بالحبس إذا كان الطرف المعتدي مسيحيًّا، حيث اعتمدت النيابة العامة على التصالح العرفي كمسوغ لإعاقة تحريك الدعوى الجنائية، وذلك بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية الذي حدد الجرائم التي يجوز فيها قبول التصالح حصريًا، وما عدا ذلك فقد أوجب فيه استمرار الدعوى الجنائية.

وأضافت المبادرة في دراستها أن  الجلسات العرفية تحولت في حالات النزاع الطائفي إلى نوع من القضاء العرفي المتعارف عليه، وهو القضاء الذي ينتظم وفقًا لما يشبه الدوائر الثابتة، التي تحكم بما هو متوارث ومتعارف عليه من قواد مقبولة من مختلف أطراف النزاع. 

وتابعت الدراسة عقد هذه الجلسات يتعارض بشكل واضح مع ما نصت عليه المواثيق الدولية الموقعة عليها مصر، والدستور المصري أيضًا، بالحق في المحاكمة العادلة.

وأردفت الراسة أن بمرور الوقت تحولت هذه الجلسات إلى ما يشبه النظام القضائي الذي يصارع نظام العدالة الرسمي، وأصبح الصلح العرفي بوابة للهروب من تنفيذ القانون، وذلك لما تتضمنه هذه الجلسات من فرض الجانب صاحب الحضور القبلي والعشائري القوي لشروطه، وهي الشروط التي وصلت في بعض الأحيان إلى النص صراحة على عقوبات لمن يستخدم حقه الدستوري والقانوني في اللجوء إلى القضاء لجبر الضرر.


بيت العيلة أحد رعاة الجلسات العرفية :

ومن المتعارف عليه أن  "بيت العيلة" كان أحد أهم المؤسسات التي رعت تلك الجلسات وعملت دومًا على تنفيذها في كل الحوادث الطائفية، لكن الكنيسة مؤخرًا  كان لها رد فعل رافض لتلك الجلسات ومطالب بتفعيل القانون ومعاقبة الجاني بتطبيق الشق الجنائي أولاً ثم الاتجاه للدور والمعالجة المجتمعية.

"بيت العائلة المصرية" هو كيان  أسسه شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى مع البابا شنودة الثالث عام 2010 وعقب أحداث الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة فى بغداد. وتم اعتماده كهيئة وطنية مستقلة بسم "بيت العائلة المصرى" تعمل على نشر ثقافة التعايش السلمى والمحبة فى المجتمع المصرى بالحضر والريف، وتجدد طرح هذه الفكرة بعد أحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية فى مطلع عام 2011. وفى أكتوبر 2011 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1279 لسنة 2011 بالنظام الأساسى لبيت العائلة. 

مع مرور الوقت، بدأ "بيت العائلة المصرية" يتدخل فى الأحداث الطائفية التى تقع فى ربوع البلاد، حيث يعمل الشيوخ والقساوسة على احتوائها بمعرفة أجهزة الأمن فى جلسات عرفية يغيب فيها القانون لصالح العرف وهو الأمر الذى صار ضاغطًا عى الأقباط أكثر من أى وقت مضى، حتى وقعت أحداث "سيدة الكرم" التى تعرت فى المنيا العام الماضى ورفض الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وساطة بيت العائلة فى القضية معليًا من شأن القانون على حساب العرف والتقاليد.


وقد قامت قوات الأمن يوم الجمعة الماضي بالقبض على ثلاثون شخصا ، بعد أحداث عنف شهدتها قرية دمشاو هاشم ، بعد صلاة الجمعة ،مستهدفة كنيسة وعدد من بيوت مواطنين مسيحيين بالقرية ،اعتراضا منهم على بناء كنيسة خاصة بالقرية.



تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابت تدوينتك