إضرابات عمالية
رصدت “زاوية ثالثة” خلال الشهر المنقضي تنظيم أكثر من 8 وقفات احتجاجية عمالية في القاهرة وعدة محافظات، أبرزها في قطاعات الغزل والنسيج، المقاولات، الأمن الخاص، والنقل البري.
ففي شركة “مصر للغزل والنسيج” بالمحلة الكبرى، نظم العشرات من العمال وقفة احتجاجية داخل أسوار المصنع، اعتراضًا على تأخر صرف الحوافز الشهرية وبدل الورادي، وغياب الشفافية في توزيع الأرباح السنوية.
كما شهدت شركة مقاولات خاصة بمنطقة أكتوبر إضرابًا عن العمل لمدة يومين، بعد رفض الإدارة تثبيت نحو 60 عاملًا بنظام اليومية رغم وعود سابقة، ما دفع البعض لتقديم شكاوى جماعية لمكتب العمل دون رد رسمي حتى تاريخ نشر التقرير.
عمال “سيراميكا إينوفا” يواجهون البطالة والحرمان من التأمين الصحي
يواجه قرابة 1800 عامل بمصنع “سيراميكا إينوفا” في الفيوم أوضاعًا معيشية وإنسانية صعبة، بعد توقف الإنتاج الكامل منذ عام، وتراكم ديون الشركة لأكثر من 80 مليون جنيه. المصنع، المعروف سابقًا بـ”سيراميكا الفراعنة”، كان أحد أبرز المصانع العاملة في المنطقة الصناعية بكوم أوشيم، قبل أن تتفاقم أزماته المالية والإدارية وتنعكس مباشرة على العمال.
وتفيد شهادات عمال تحدثت معهم “زاوية ثالثة” معاناتهم من تأخر صرف الرواتب، وحرمانهم من التأمين الصحي رغم استمرار الخصم من مرتباتهم، ما أدى إلى توقف علاج مرضى الضغط والسكر والسرطان، في ظل غياب تام لأي تحرك حكومي. كما تكرر تسريح العمال، وشملت عمليات الفصل 350 عاملاً بينهم نساء وذوو إعاقة، دون توفير بدائل.
يروي خالد محمد (اسم مستعار)، أحد أقدم العاملين بالمصنع، أن الازمة بدأت تدريجيًا، إذ تأخر صرف الحوافز، ثم تأخر صرف الرواتب، حتى أصبحت تُصرف في اليوم السابع، وأحيانًا في الخامس عشر من الشهر التالي، بعد ذلك تم تسريح 57 عاملة، ويبدو أن ذلك تم بعلم المحافظ، لافتًا إلى أن الأمور لم تتوقف عند حد الرواتب المتأخرة، بل وصلت إلى ملف العلاج والتأمين الصحي، حيث فوجئ العمال بحرمانهم من الحصول على الخدمات الصحية رغم استمرار خصم اشتراكات التأمين من رواتبهم.
وتوقفت تغطية التأمين الصحي للعاملين بشكل تام، بحسب ما أكده العامل: “أنا مريض بالسكر، وبطاقة التأمين الخاصة بي سارية لثلاث سنوات قادمة، ومعي إثبات مرضي، ورغم ذلك لا أستطيع صرف علاجي. آخر مرة تمكنت من الصرف كانت قبل شهر، ثم توقف كل شيء فجأة”.
ورغم تنظيم العمال لإضراب شارك فيه الآلاف بداية العام، وتقديم مطالب واضحة بتحسين الأجور وظروف العمل، فإن استجابة الإدارة كانت محدودة، فيما اكتفت الجهات الرسمية بالصمت، وفقًا لشهادات العاملين، وذلك رغم عام مكتب العمل ومحافظة الفيوم ووزارة القوى العاملة بالأزمة، منتقدين “انهيار الحماية القانونية للعامل المصري”، وسط تجاهل لمواد قانون العمل التي تكفل الحق في الأجر والعلاج.
وتجسد أزمة “سيراميكا إينوفا” نموذجًا صارخًا لأزمات القطاع الصناعي الخاص في مصر، حيث يظل العمال هم الحلقة الأضعف، ويدفعون ثمن سوء الإدارة وغياب الرقابة.
تعديلات التعليم تكرس التمييز الطبقي
أثارت موافقة مجلس النواب، في الـ8 من يوليو الجاري، بشكل نهائي على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، حالة من الجدل داخل الأوساط التعليمية والبرلمانية ومخاوف واسعة بين أولياء أمور التلاميذ، المقبلون على مرحلة الثانوية العامة ونظام البكالوريا الذي استحدثته تعديلات القانون، كما واجت التعديلات انتقادات لجعلها نسبة النجاح في مادة التربية الدينية تبدأ من نسبة 70%، وفرض رسوم مالية في حال رسوب الطالب وقيامه بإعادة اختبار المادة أو إعادة السنة الدراسية، الأمر الذي قد يثقل كاهل أولياء الأمور محدودي الدخل.
وعلى الرغم من وجود تحفظات واعتراضات برلمانية أبداها عدد من نواب الأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة كالمصري الديموقراطي الاجتماعي والوفد والتجمع، وبرلمانيون أعضاء في تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بسبب منح وزير التعليم صلاحية إقرار برامج موازية للثانوية العامة وفرض رسوم عليها دون الرجوع إلى البرلمان، الأمر الذي اعتبروه تغولًا من السلطة التنفيذية على سلطة مجلس النواب في التشريع وإقرار نظام التعليم، منتقدين غياب أي مخصصات مالية واضحة في مشروع الموازنة لدعم البرامج الجديدة، بجانب اشتراط القانون نسبة 70% للنجاح في مادة التربية الدينية، رغم عدم توافر معلمين متخصصين، خاصة في الدين المسيحي، معتبرين أن مشروع القانون بصيغته الحالية قد يكون بداية لخصخصة التعليم، مبدين تخوفاتهم من تحويل الطلاب إلى حقل تجارب لأي نظام تعليمي مستحدث، إلاّ أن البرلمان سرعان ما وافق على مشروع القانون.
وجاءت الموافقة عقب إعادة صياغة عدد من مواد مشروع القانون، وحذف مواد أخرى، وإدخال مواد جديدة خاصة بشهادة البكالوريا المصرية، لتكون بذلك نظامًا تعليميًا اختياريًا، بشكل مجاني، دون أن يكون النظام الجديد بديلًا للثانوية العامة، كما أجريت تعديلات برلمانية على نظام التحسين، بحيث تكون إعادة المادة في أول مرة مجانية تمامًا، وفي حالة إعادة الطالب لاختبار المادة يسدد رسوم قدرها 200 جنيه فقط للمادة الواحدة، مع إمكانية زيادة المبلغ تدريجيًا بقرار من مجلس الوزراء، لكن بشرط أن لا تتعدى الزيادة 400 جنيه للمرة الواحدة في نفس المادة، وهو ما ينطبق كذلك على التعليم الفني والتقني، بما فيه الثانوي التكنولوجي.
من ناحيتها أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن رفضها لمشروع تعديل قانون التعليم، الذي أُحيل إلى مجلس النواب قبل أيام من انتهاء دور الانعقاد الحالي، معتبرة أن تمريره يتم “دون أي حوار مجتمعي جاد أو دراسة لتداعياته على ملايين الأسر المصرية”.
ووصفت المبادرة، في بيان لها، أن التعديلات المقترحة بأنها “تُكرّس للا مساواة والتمييز الطبقي، وتضاعف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على كاهل الأسر المصرية”.
للإطلاع على تقرير نشرته زاوية ثالثة، بعنوان: قانون التعليم الجديد: هكذا تتآكل مجانية التعليم في مصر
قانون الإيجار القديم يهدد الفئات الأكثر هشاشة
أثارت موافقة مجلس النواب المصري على مشروع قانون الإيجار القديم، انتقادات واسعة في الأوساط الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، والتي اعتبرته تحولًا جوهريًا في تصور الدولة لمسؤوليتها تجاه الحق في السكن.
من ناحيتها انتقدت مؤسسة المرأة الجديدة، القانون لأنه لا يكتفي بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، بل يعكس انسحابًا من دور الدولة في حماية الفئات الأكثر هشاشة، في سياق أوسع من تفكيك سياسات الرعاية ورفع الدعم، محذرة من أن التعديلات تمثل تهديدًا مباشرًا لأشكال السكن المستقرة التي طالما شكلت ملاذًا للفئات منخفضة الدخل، خاصة النساء، بمن فيهن المطلقات والأرامل والمسنات والمعيلات.
واعتبرت المؤسسة، في بيان لها، أن القانون يؤسس لنموذج إعادة توزيع قسري قد يطال أكثر من 6 ملايين شخص، عبر نقل السكان من مساكن مستقرة إلى أوضاع غير آمنة أو عقود مجحفة. كما يُخشى أن يؤدي إلى أزمة سكن متفاقمة بسبب ارتفاع الإيجارات وأسعار التملك. ويرى معارضو القانون أنه يكرّس السكن كسلعة لا كحق اجتماعي، ويعيد إنتاج التهميش والفقر، وخاصة بين النساء.
فيما أعربت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، عن رفضها التام لقانون الإيجار القديم بعد موافقة البرلمان المصري عليه، معتبرة أنه يهدد حقوق الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، خاصة المستأجرين من ذوي الدخل المحدود والنساء المعيلات وكبار السن والأسر ذات الدخل المحدود، مؤكدة أن القانون لا يعكس الواقع المعيشي للمواطنين الذين يعتمدون على الحماية التي يوفرها قانون الإيجار القديم لضمان السكن اللائق، بل يزيد من أعبائهم المالية ويعرضهم لخطر فقدان مساكنهم.
وقال بيان صادر عن المؤسسة، إن موافقة البرلمان على القانون لا تعني القبول به أو التنازل عن المطالب العادلة التي تحمي الفئات الضعيفة، مؤكدً استمرار مطالبة الجهات المختصة لتوفير آليات حماية حقيقية للمستأجرين، تشمل دعم الإسكان الاجتماعي، وضمان حماية قانونية فعالة من الإخلاء التعسفي، وتوفير بدائل عادلة ومستدامة، مشددًا على رفض المؤسسة أن تكون حقوق الإنسان، وخاصة الحق في السكن، محل مساومة أو تضحية، داعيًا كل الأطراف المعنية إلى الالتزام بحماية الفئات الأكثر ضعفًا، والعمل على إصلاح التشريعات بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ كرامة المواطنين والمواطنات.
من جهته، ينتقد الباحث في سياسات الإسكان والعمران يحيى شوكت إقرار مشروع قانون الإيجار القديم من البرلمان، واصفًا إياه بأنه “غير عادل للسكان”، ومحذرًا من أنه “سيفضي إلى أزمة سكن جديدة تهدد مئات الآلاف من الأسر خلال السنوات القليلة المقبلة”، وهي المخاوف التي سبق أن عبّرت عنها أحزاب معارضة ومنظمات حقوقية وخبراء مستقلون.
ويوضح شوكت في حديثه لزاوية ثالثة، أن القانون “تجاوز حكم المحكمة الدستورية العليا الذي أقر بجواز رفع القيمة الإيجارية بشكل تدريجي دون أن يمس حق السكان في الاستقرار”، مضيفًا أن المشروع الحالي “يقترح حلولًا غير واقعية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، تقوم على إخلاء وتهجير المستأجرين إلى مساكن بديلة قد لا تناسب قدراتهم المادية أو احتياجاتهم النفسية، بما يحمل في طياته خطر التشريد والإفقار”.
ويضيف أن الأفضل كان الوصول إلى “حل مربح للطرفين”، يقوم على توجيه مخصصات بناء المساكن البديلة لدعم الإيجارات الأعلى لغير القادرين، بما يضمن الحفاظ على مساكنهم ودفع مقابل عادل للملاك، وهو ما طالب به كثير من المالكين أنفسهم.
كما يحذر شوكت من التأثيرات الأوسع للقانون، مشيرًا إلى أنه “سيفضي إلى زعزعة آلاف الأنشطة التجارية والاجتماعية الصغيرة”، ما سينعكس على إعادة تشكيل التركيبة الاجتماعية لعدد كبير من الأحياء داخل المدن، وقد يؤدي – بحسب قوله – إلى “اندثار نسبة غير قليلة من هذه الأنشطة الصغيرة التي تُعد عصب الحياة في الأحياء الشعبية والقديمة”.
معاناة مرضى السرطان في جوستاف روسيه
أثارت خصخصة مستشفى “دار السلام للأورام” (هرمل سابقًا)، بعد تسليم إدارته إلى شركة “إليفات برايفت أكويتي” بالشراكة مع معهد “جوستاف روسيه” الفرنسي، موجة من الشكاوى بين المرضى، على خلفية تراجع حاد في مستوى الخدمة، ونقص بالأدوية، ووقوع وفيات بين الأطفال المصابين بالسرطان.
وبحسب شهادات جمعتها “زاوية ثالثة”، فقد توقفت المستشفى عن استقبال الحالات الجديدة من الأطفال، بينما اشتكى ذوو المرضى من إهمال طبي وسوء معاملة، أبرزها وفاة الطفل ياسين نبيل بعد تعثر علاجه، إلى جانب وفيات أخرى بينهم ياسمين، نور، وأمل. وتحدثت أسر المرضى عن شراء الأدوية من السوق السوداء بأسعار باهظة، بعد توقف الصيدلية عن صرفها، إلى جانب تعقيدات بيروقراطية حالت دون استكمال العلاج.
وفي السياق ذاته، اتهم مرضى بالسرطان المستشفى بفرض شروط إدارية مجحفة لصرف أدوية حيوية، ورفض استقبال قرارات العلاج القديمة. كما اشتكت مريضات من اعتداءات لفظية وتهديدات حال تقدمهن بشكاوى، وسط دعوات لتنظيم وقفة احتجاجية ضد الإدارة الجديدة.
من جانبها، أكدت وزارة الصحة تلقيها شكاوى رسمية، وأعلن الوزير خالد عبدالغفار عن إجراءات عاجلة، تشمل إنشاء وحدة شكاوى وتسريع قرارات العلاج، كما أصدرت إدارة “جوستاف روسي – مصر” بيانًا نفت فيه توقف تقديم الخدمات، وأكدت استمرار العمل وتوسيع ساعات الخدمة، زاعمة تحقيق إنجازات خلال فترة قصيرة، لكنها لم تقدم حلولًا ملموسة للأزمات التي أبلغ عنها المرضى.
وعلى النقيض من ذلك حذر حقوقيون، أبرزهم محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، من تأثير الخصخصة على الحق الدستوري في العلاج، متهمًا الحكومة بالتنازل عن دورها لصالح نموذج ربحي.
وأوضح فؤاد لـ”زاوية ثالثة”، أن المستشفى كان يخدم مرضى الأورام كافة، وليس فقط سرطان الثدي كما زعمت الحكومة، ويضم وحدات زراعة نخاع ووحدة قلب، وقد تم إنشاؤه بأموال الشعب، ولا يجوز خصخصته تحت أي ذريعة، محذرًا من أن خصخصة 18 مستشفى حكوميًا إضافيًا سيكون كارثة صحية.
كما وجّه نواب برلمانيون، من بينهم الدكتور فريدي البياضي، انتقادات للتوجه الحكومي نحو خصخصة مستشفيات كبرى، معتبرين أنه يهدد العدالة في تقديم الخدمة الصحية للفئات الأكثر احتياجًا.
للاطلاع على تقرير نشرته زاوية ثالثة، بعنوان:
جوستاف روسيه بعد الخصخصة: دواء أقل، ألم أكثر
استمرار أزمة وحدات خفض الضرر
في سياق آخر كشف تحقيق نشرته “زاوية ثالثة” في يوليو الجاري، بعنوان: “أزمة الميثادون: ما سر ظهور الكيتامين في دماء مرضى خفض الضرر؟“، عن أزمة صحية وأخلاقية تهدد حق مرضى الإدمان في العلاج الآمن، نتيجة خفض جرعات الميثادون، التحول المفاجئ إلى دواء محلي غير معتمد، نتائج تحاليل مشكوك فيها، وقرارات إدارية دون شفافية أو استناد علمي.
المرضى وجدوا أنفسهم في مواجهة انتكاسات، وطرد من البرامج، وسط غياب آليات الرقابة والإنصاف، ما يتطلب تدخلاً عاجلًا من الجهات الطبية والحقوقية لضمان استمرار برامج خفض الضرر بمعايير تحترم حياة الإنسان وكرامته.
وفي مارس 2023، كانت قد دشنت وزارة الصحة المصرية بالتعاون مع الأمانة العامة للصحة النفسية أولى وحدات “خفض الضرر” لعلاج الإدمان، معتمدة على دواء الميثادون كبديل علاجي آمن للأفيونات.
غير أن هذا الأمل سرعان ما تلاشى في ربيع 2025، بعد أزمة حادة في توفير الدواء، وتحول العلاج إلى دواء مصري بديل غير معتمد دوليًا، ما أدى إلى انتكاسات جماعية، وطرد مرضى من البرنامج، واتهامات بانتهاك المعايير الطبية والأخلاقية.
أزمة أخرى فجّرت شكوك المرضى، حين بدأت نتائج تحاليل البول الجماعية في الظهور إيجابية لمخدر “الكيتامين”، رغم نفي الجميع لتعاطيه، يقول مازن: لا يمكن أن تظهر 200 نتيجة إيجابية للكيتامين دفعة واحدة بسبب شرائط تالفة! الشرائط إذا كانت معيبة، لظهرت نتائج متفرقة لمواد مختلفة، وليس كلها لمادة واحدة”.
المرضى أشاروا إلى تغير لون محلول الميثادون الذي تلقوه من شفاف أو أصفر باهت إلى أزرق، وأثار ذلك شكوكًا حول تركيبته الجديدة.
أفاد المرضى بأن من أظهرت تحاليله الكيتامين فقط، سُمح له بالبقاء في البرنامج، بينما فُصل آخرون ظهرت لديهم مواد مخدرة أخرى، دون اعتبار لاحتمالية الانتكاس أو أعراض الانسحاب نتيجة تغير الدواء.
وأعيد بعض المرضى لاحقًا بعد وصول شحنة جديدة من الميثادون المستورد، لكن بجرعات موحدة منخفضة جدًا (1–3 سم يوميًا)، وصفها المرضى بأنها غير فعالة ولا تخفف الأعراض.
ووثق تقرير طارئ وُجّه إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) في فيينا، ـ حصلت زاوية ثالثة على نسخة منه ـ، انتهاكات جسيمة في برنامج العلاج بالميثادون، منها التحول المفاجئ إلى دواء محلي غير معتمد دوليًا، خفض جرعات المرضى دون تقييم سريري، فصل المرضى دون تحذير، وحرمانهم من العلاج رغم كون الانتكاسة أمرًا شائعًا في العلاج، ظهور الكيتامين في جميع تحاليل البول، ما أثار الشكوك حول الدواء نفسه.
وأفاد التقرير أن الميثادون المستورد انتهت صلاحيته فجأة دون إعلان مسبق أو خطة بديلة، ما ترك آلاف المرضى دون علاج. وعند عودة الدواء، كان مختلفًا عن المعتاد، وجرعاته موحدة بلا مرونة سريرية.
كما حمّل التقرير الدكتورة غادة والي، المدير التنفيذي السابق لمكتب UNODC، مسؤولية الفشل في الرقابة على البرنامج، خاصة أنها كانت قد أثنت على نجاحه خلال الدورة 68 للجنة المخدرات بالأمم المتحدة في 14 مارس 2025، أي قبل أسبوعين من الانهيار.
الإخفاء القسري في سيناء
أصدرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في 21 يوليو 2025 تقريرًا بعنوان “في غياهب الجُب: قصص غير مروية لمدنيين ابتلعتهم المعتقلات السرية في سيناء”، وثّقت فيه 82 حالة اختفاء قسري مستمرة حتى وقت النشر، ضمن ما وصفته بنمط ممنهج من الإخفاء غير المعترف به رسميًا، في سياق العمليات الأمنية الممتدة في محافظة شمال سيناء.
يستعرض التقرير شهادات أسر مدنيين اختفوا قسريًا بعد توقيفهم في كمائن أمنية أو خلال مداهمات لمنازلهم. وبحسب المؤسسة، فإن بعض هذه الحالات يعود إلى أكثر من عشر سنوات دون ظهور أي معلومات عن مصيرهم. ويشير التقرير إلى أن أغلب المحتجزين اختفوا بعد اعتقالهم من قبل قوات تابعة للجيش أو قطاع الأمن الوطني، دون تقديمهم للنيابة أو السماح لأسرهم بالتواصل معهم.


تُعد محافظة شمال سيناء واحدة من أكثر المناطق تقييدًا فيما يتعلق بحرية الوصول إلى المعلومات، حيث تفرض السلطات قيودًا مشددة على تحركات الصحفيين والمنظمات الحقوقية، ما يزيد من صعوبة التوثيق ويُضعف إمكانية المراجعة المستقلة للأحداث.
اعتمدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في إعداد التقرير على مقابلات مع أسر المختفين، إلى جانب مراجعة شكاوى قُدمت إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومتابعة منشورات محلية ووثائق غير رسمية. وبحسب ما أورده التقرير، فإن العدد الحقيقي للمختفين قد يكون أكبر بكثير من الحالات المؤكدة، إذ تشير تقديرات محلية جمعتها المؤسسة إلى وجود ما بين 3000 إلى 3500 حالة اختفاء قسري خلال العقدين الماضيين في شمال سيناء، لم تُعلن الجهات الرسمية عن أي منها.
يُدرج التقرير شهادات لذوي المختفين، منها شهادة والد أحد المختفين الذي قال إنه تلقى معلومات غير رسمية تؤكد أن ابنه لا يزال على قيد الحياة داخل أحد مقار الاحتجاز العسكرية، دون أن يتمكن من معرفة موقعه أو التواصل معه. كما ورد في التقرير أن بعض العائلات رصدت أسماء أبنائها ضمن قوائم غير رسمية لجمعيات أهلية توثق الغائبين، فيما لا تزال السلطات تنكر وجودهم.
ويربط التقرير بين نمط الإخفاء القسري الحالي وممارسات أمنية تعود إلى ما بعد تفجيرات طابا عام 2004، حين شنت الأجهزة الأمنية حملات واسعة النطاق في سيناء طالت آلاف المواطنين، واحتُجز بعضهم لفترات طويلة دون محاكمة. وتعتبر المؤسسة أن هذه الممارسات رسّخت نمطًا من التجاوزات الأمنية شمل الاحتجاز خارج القانون، والإخفاء في أماكن غير معلنة، واستمرار حرمان الأسر من الحق في معرفة مصير ذويهم.
ويشير التقرير إلى أن سياسات مكافحة الإرهاب في سيناء، لا سيما في أعقاب تصاعد نشاط تنظيم ولاية سيناء، ترافقت مع تصعيد أمني واسع، كان له أثر مباشر على السكان المدنيين، الذين وجدوا أنفسهم عرضة لتدابير أمنية قاسية دون ضمانات قانونية كافية.
اختُتم التقرير بمجموعة من التوصيات، أبرزها الدعوة إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين الذين لم يُحالوا إلى القضاء أو لم تصدر بحقهم أحكام قضائية. كما دعت المؤسسة إلى نشر قوائم رسمية بأسماء المحتجزين والمختفين قسريًا، والسماح لأسرهم ومحاميهم بالتواصل معهم، وفتح تحقيقات مستقلة في الحالات التي تم توثيقها، بمشاركة جهات قضائية مستقلة أو بعثات أممية متخصصة.
وأكد التقرير على أهمية تمكين المنظمات الحقوقية المحلية والدولية من دخول شمال سيناء، وتوفير ضمانات لحماية عملها من أية ضغوط أمنية، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لضمان الشفافية والمساءلة.
موقف الدولة
لم تصدر السلطات المصرية أي تعليق رسمي على ما ورد فيه، كما لم تُعلّق على الأرقام أو الشهادات التي وثقتها المؤسسة. وتستند الدولة عادة إلى اعتبارات “الأمن القومي” في فرض القيود على المعلومات المتعلقة بسيناء، فيما تُنكر بشكل متكرر وجود حالات اختفاء قسري، معتبرة أن كثيرًا من المبلغين عن حالات غياب لا يُبلّغون عن تفاصيل دقيقة أو لا يقدمون بلاغات رسمية موثقة.
معضلة التوثيق في منطقة مغلقة
يبرز التقرير ما يصفه بصعوبة الحصول على بيانات دقيقة بسبب الطبيعة الأمنية المغلقة للمنطقة. ويضيف أن حالة الخوف التي تسود بين السكان تمنع كثيرًا من الأسر من تقديم بلاغات رسمية خشية الانتقام أو التهديد. ويؤكد أن الأرقام الواردة لا تمثل سوى جزء من الصورة الكاملة، في ظل غياب أي دور رقابي مستقل داخل شمال سيناء.
ويرى معدّو التقرير أن استمرار الإخفاء القسري في منطقة خاضعة لحملة أمنية واسعة يثير تساؤلات حول مدى التزام الدولة المصرية بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، ومن بينها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويُعد هذا التقرير استمرارًا لجهود سابقة بذلتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان لتوثيق انتهاكات طالت المدنيين خلال العمليات الأمنية، ومن بينها تقارير تناولت الاعتقال التعسفي، التهجير القسري، واستخدام العنف المفرط، في ظل غياب آلية تحقيق رسمية مستقلة.
جرافات التنمية تقتحم حي الريسة في العريش
تتواصل في حي الريسة بمدينة العريش، شمال سيناء، أعمال الإزالة التي تنفذها السلطات المحلية ضمن مشروع تطوير ميناء العريش، ما تسبب في تهجير مئات الأسر من منازلها دون إنذار مسبق، وسط شكاوى من تعويضات لا تواكب أسعار السوق الحالية وغياب بدائل سكنية مناسبة.
ويأتي ذلك تنفيذًا للقرار الجمهوري رقم 330 لسنة 2019، الذي نص على اعتبار ميناء العريش ومحيطه من أعمال المنفعة العامة، ونقل تبعيته إلى القوات المسلحة، ثم القرار رقم 465 لسنة 2021 الذي قضى بإعادة تخصيص 541 فدانًا لصالحها.
فيما تجمّع عشرات من سكان منطقة ميناء العريش، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، الـ29 من يوليو، أمام مقر الكتيبة 101 بالعريش، للمطالبة بالإفراج عن 8 من ذويهم على الأقل، كانت قوات الشرطة وجهاز الأمن الوطني قد اعتقلتهم في وقت سابق من مساء الإثنين، واحتجزتهم في قسم ثان العريش.
ونقلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، عن شهود عيان، قولهم إن الاعتقالات جاءت أثناء مسيرة بالسيارات نفّذها أهالي الحي مساء الإثنين، احتجاجًا على قرارات التهجير القسري وهدم منازلهم، وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها المؤسسة مشاهد لعشرات المواطنين، بينهم نساء وأطفال، وهم يهتفون مطالبين بالإفراج عن المعتقلين ووقف الهدم. وردّد المحتجون هتافات من بينها، “مهما أخدتوا منّا.. مش هنسيب بيوتنا”.
وأعربت المؤسسة، في بيان لها، عن قلقها إزاء التصعيد الأمني ضد السكان المدنيين في حي ميناء العريش، وتؤكد على أن ما يجري من عمليات تهجير قسري وهدم لمنازل المدنيين دون توفير بدائل سكنية كريمة يمثل انتهاكًا صارخًا للحق في السكن، وتطالب السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن المعتقلين، ووقف عمليات الهدم والتشاور مع السكان وتعويضهم بشكل لائق وعادل.
وكان عدد من سكان الحي، الذين يمتلكون عقودًا قانونية وسندات ملكية، قد أفادوا لـ”زاوية ثالثة”، بأن الإزالات تتم بشكل مفاجئ، دون مهلة كافية لإخلاء المنازل، وبلا شفافية في صرف التعويضات، مؤكدين أن بعضهم أُجبر على مغادرة منازلهم بعد الإزالة، دون حصولهم على المبالغ المتفق عليها أو سكن بديل.
فيما أعرب النائب البرلماني رحمي بكير، خلال تصريحات لزاوية ثالثة، عن تضامنه مع السكان، مؤكدًا أن التعويضات الحالية “لا تكفي لبناء مسكن بديل”، مطالبًا بتطبيق قانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، والذي يشترط منح تعويض عادل وصرفه قبل تنفيذ الإزالات، وسرعة تنفيذ وعود الحكومة بتوفير بدائل عادلة.
يقول: “المشكلة الرئيسية تكمن في غياب عدالة التعويضات مقارنة بالأسعار الحالية، مشيرًا إلى أن تسعير المتر بدأ بـ1200 جنيه ثم ارتفع إلى 3500 جنيه، بينما يبلغ سعره الحقيقي حاليًا نحو 8000 إلى 9000 جنيه”.
ومن جهتها أكدت إيمان جاد، مسؤولة التوثيق في مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أن عمليات الإزالة الجارية في حي الميناء بالعريش هي كارثية، خاصة في ظل عدم توفر بدائل سكنية مناسبة أو تعويضات عادلة قبل تنفيذ قرارات الإخلاء والهدم، أو حتى ضمان الحصول عليها بعد الإزالة، لافتة إلى أن الإزالات تتم دون تشاور حقيقي مع السكان أو احترام كرامتهم، فمثلا بعد تشكيل لجنة السنة الماضية اتفقت مع الأهالي بالفعل على شكل تعويض مناسب وعادل، لم يتم تنفيذ أيًا من هذه الاتفاقات وتم تعيين لجنة جديدة عند بدء تنفيذ الإزالات.
تمثل الازالات الحالية انتهاكا لمبادئ العدالة الإجرائية وحق الإنسان في السكن الآمن والمستقر، كما نصت عليه المواثيق الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي وقعت مصر عليها منذ عام 1967.
وتوضح جاد أنه بحسب المعايير الدولية، فإن التهجير القسري عملية نقل للأشخاص من مساكنهم دون موافقتهم الحرة والمستنيرة، ودون توفير بدائل عادلة وامنة، وبالنظر للشهادات والحديث مع الأهالي، تؤكد أن الإخلاء يتم تحت ضغط أمني، دون وجود سكن بديل جاهز، أو تعويض فعلي، يمكن الأسر من العيش الكريم، فإن ما يجري في حي الميناء يندرج قانونا ضمن أشكال التهجير القسري، وهي ممارسة محظورة وفق القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان التي قامت مصر أيضا بالتوقيع والمصادقة عليه منذ 1949.
وتقول لـ”زاوية ثالثة”: “مطالب المواطنين في حي الميناء مشروعة تمامًا، ولا يجوز الالتفاف عليها بأي شكل، المطالب منطقية وقانونية، وتقتصر على حصولهم على تعويض مالي يكفي لشرائهم بدائل سكنية، أو حصولهم على عقار يطابق مواصفات المستحوذ عليه من الدولة.. كل ما يطالب به أهالي حي الميناء هي حقوق أصيلة يكفلها الدستور المصري نفسه، كما تكفلها الاتفاقيات الدولية.. من حق أي مواطن ألا ينتزع من بيته دون ضمانات قانونية وإنسانية واضحة، خاصة في منطقة تعاني من ظروف استثنائية مثل شمال سيناء”.
وتضيف: “بعد توقف الإزالات في 2023، إثر لجوء الأهالي للمحكمة للمطالبة بتأجيل الإخلاء لحين توفير بدائل عادلة، لم تسعي الدولة وجهاتها لإيجاد حلول فعلية أو بإشراك السكان في عملية التخطيط للتطوير”.
وترى مسؤولة التوثيق أن حل الأزمة في منطقة ميناء العريش، يبدأ باعتراف الدولة بحق السكان في السكن، وفي المشاركة في القرارات التي تمس حياتهم، مقترحة أن يتم التجميد الفوري للإزالات إلى حين إجراء حوار مجتمعي شامل، وتشكيل لجنة مستقلة تضم ممثلين عن السكان، والمجتمع المدني، والسلطات المحلية، لتقييم الوضع وتقديم توصيات عملية لضمان الشفافية في معايير التعويضات، وتوفير مساكن بديلة مناسبة قبل الإخلاء، وليس وعودًا مستقبلية.
في حين اعتبر محمود شلبي، الباحث المعني بالشؤون المصرية والليبية في منظمة العفو الدولية، أن الأخبار حول إخلاءات قسرية وهدم للمنازل حي الميناء بالعريش، تمثل جزءًا من نمط متكرر شهدته مصر في السنوات الأخيرة، يتمثل في تغييب المشاركة المجتمعية وتحويل قضايا التنمية إلى مسائل أمنية، على حساب حقوق السكان.
وفي سياق حديثه لـ”زاوية ثالثة”، أكد أن عمليات الإخلاء يجب أن تخضع لضوابط واضحة وفقا لمعايير القانون الدولي، تنصّ أولًا على ضرورة إجراء مشاورات جادة وذات مغزى مع السكان المتأثرين، قبل اتخاذ أي قرار بالإزالة أو الإخلاء، وذلك احترامًا لحقهم في السكن وسبل العيش المرتبطة به، مشيرًا إلى أن المفترض، في حال ثبوت عدم وجود بدائل لتنفيذ خطط التنمية سوى الإخلاء، أن يُمنح السكان إشعارًا مسبقًا بوقت كافٍ قبل تنفيذ الهدم، حتى يتسنى لهم اتخاذ الترتيبات اللازمة لحياتهم.
ويشدد على أهمية أن تكون التعويضات عادلة ومتناسبة مع الظروف الاقتصادية الحالية، معتبرًا أن التعويض العادل ينبغي أن يتم تحديده بالتشاور مع الأهالي، ويأخذ بعين الاعتبار طبيعة حياتهم وأعمالهم ومصادر دخلهم، مثل الزراعة أو الصيد، والتي يمكن أن ترتبط بالمكان نفسه.
للاطلاع على تقرير نشرته زاوية ثالثة، بعنوان: جرافات التنمية تقتحم حي الريسة في العريش
دعوات لربط الدعم الأوروبي لمصر بإصلاحات في حقوق الإنسان

طالبت 24 منظمة حقوقية محلية وإقليمية ودولية، بربط الحزمة المالية الأوروبية المقترحة لمصر بخطوات ملموسة في ملفات حقوق الإنسان والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية. جاء ذلك في بيان مشترك صدر في 1 يوليو 2025، قبيل انطلاق جولة المفاوضات بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي حول مذكرة التفاهم الخاصة بالمساعدات الاقتصادية.
دعت المنظمات الاتحاد الأوروبي إلى الامتناع عن تقديم أي دعم مالي جديد للحكومة المصرية ما لم تُرفق الاتفاقية بتعهدات قابلة للقياس وآليات مراجعة فعلية، معتبرة أن منح تمويل بهذا الحجم دون شروط تنفيذية واضحة قد يُستخدم لترسيخ السياسات القائمة بدلًا من الدفع نحو إصلاح حقيقي.
استند البيان إلى الإطار التشريعي الأوروبي الخاص بالمساعدات الكلية، وتحديدًا المادة (2)(1)، التي تشترط ربط الدعم الاقتصادي بإحراز “تقدم موثوق نحو احترام الآليات الديمقراطية الفاعلة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان”. لكن بحسب المنظمات الموقعة، فإن المسودة الحالية لمذكرة التفاهم تفتقر إلى أي ضمانات حقيقية تُلزم الحكومة المصرية بتحقيق هذا التقدم، كما أنها تخلو من آلية مستقلة للمراجعة الدورية أو لربط صرف المساعدات بمؤشرات أداء واضحة.
ورأت المنظمات أن هذا الغياب للمساءلة يهدد بتحويل الحزمة المالية إلى دعم غير مشروط لحكومة تتهمها تقارير دولية متواترة بتقويض الحريات الأساسية، وتقليص المساحة المدنية، وإضعاف مؤسسات العدالة.
سلّط البيان الضوء على ما اعتبره خللًا بنيويًا في أولويات السياسة المالية في مصر، مستشهدًا بأرقام رسمية تُظهر تدني مخصصات الإنفاق على قطاعات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية. ففي السنة المالية 2023–2024، لم يتجاوز الإنفاق الحكومي على التعليم نسبة 1.72% من الناتج المحلي الإجمالي، رغم أن الدستور المصري ينص على حد أدنى يبلغ 6%. أما قطاع الصحة، فقد تلقى 1.17% فقط من الناتج، مقابل نسبة دستورية إلزامية تبلغ 3%. وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، اعتبر البيان أن برنامج “تكافل وكرامة” لا يلبّي الاحتياجات الأساسية، سواء من حيث التغطية الجغرافية أو مستوى الدعم، مقارنة بخط الفقر الوطني.
وحذّرت المنظمات من أن الاستمرار في تقديم الدعم الخارجي دون اشتراط توجيه موارد كافية لهذه القطاعات يعمّق التفاوت الاجتماعي، ويُضعف فرص التنمية المتوازنة، لا سيما مع اتساع رقعة الفقر وتآكل أدوات الحماية المؤسسية.
طرحت المنظمات في بيانها مجموعة من الإجراءات التي ترى ضرورة إدراجها ضمن نص الاتفاقية، بما يضمن التزامًا متبادلًا لا مجرد وعود سياسية. من بين هذه الإجراءات، نشر تقييم سنوي مشترك بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي حول مدى التقدم المحقق في تنفيذ الإصلاحات، على أن يُنجز بشفافية ويُتاح للرأي العام.
كما طالبت بإشراك منظمات المجتمع المدني والهيئات الأممية ذات الصلة في عملية المراجعة، بما يُعزز من استقلالية التقييمات ويوفّر أدوات رقابية خارج الأطر الرسمية. ودعت إلى تضمين مؤشرات كمية قابلة للقياس، لمراقبة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، وتحسين بيئة العمل الحقوقي، وضمان حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
وأكدت المنظمات على ضرورة أن يُصرف الدعم الأوروبي على مراحل، ترتبط كل منها بمستوى التقدم المُحرز، بدلًا من تحويله دفعة واحدة دون ارتباط بالأداء أو الإصلاحات الفعلية.
4 مليارات يورو بلا ضمانات؟
تأتي هذه المطالبات في وقت تتسارع فيه تحركات الاتحاد الأوروبي لتوقيع مذكرات تفاهم مع دول شمال أفريقيا، في ظل أولويات أمنية تتعلق بالهجرة والطاقة، وغالبًا ما يتم ذلك على حساب المعايير الحقوقية. وسبق أن تعرّضت اتفاقيات مشابهة مع دول مثل تونس والمغرب لانتقادات من أعضاء في البرلمان الأوروبي، بسبب غياب الشفافية وضعف آليات الرقابة المستقلة.
وفي حالة مصر، تُقدّر قيمة الحزمة المقترحة بأكثر من 4 مليارات يورو، ما يجعلها من بين أكبر برامج الدعم المالي الأوروبي في المنطقة. وترى المنظمات الموقعة أن تجاهل الجوانب الحقوقية والاجتماعية في هذه الاتفاقية لا يُضعف فقط مصداقية الاتحاد الأوروبي، بل يفوّت عليه فرصة حقيقية لاستخدام أدواته المالية لدفع شركائه نحو إصلاحات هيكلية تضمن استقرارًا طويل الأمد، بدلًا من تعزيز أنماط حكم تقصي الفئات الأضعف وتُبقي مؤسسات الدولة خارج دائرة المحاسبة.
المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان
في سياق آخر اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التقرير النهائي للمراجعة الدورية الشاملة (UPR) لسجل حقوق الإنسان في مصر. وخلال الجلسة، التي عقدت في يوم الأربعاء، الموافق 2 يوليو 2025، فيما أعلن ممثل الحكومة المصرية قبول مصر 281 توصية من أصل 343 توصية قدمتها الدول الأعضاء، مشيرًا إلى أن 45 توصية منها نُفذت بالفعل.
فيما اعتبر حسام بهجت، مدير “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، في مداخلة خلال الجلسة، أن الرواية الرسمية تعكس “واقعًا موازيًا”، في إشارة إلى التباين بين ما أعلنته الحكومة والممارسات الفعلية على الأرض.
وكانت 137 دولة قد قدمت أكثر من 370 توصية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، خلال جلسة المراجعة التي انعقدت في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، وتم دمج التوصيات المتكررة أو المتشابهة ليصبح عددها النهائي 343 توصية.
وشملت التوصيات طيفًا واسعًا من القضايا الحقوقية، من بينها مكافحة التعذيب، وإنهاء ظاهرة تدوير المحبوسين، ووقف الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، بالإضافة إلى مراجعة القوانين المقيدة للحريات مثل قانون الإجراءات الجنائية، وقوانين الجمعيات واللجوء، فضلاً عن انتهاكات ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتضييق على النساء، وتراجع الإنفاق على الخدمات الاجتماعية.
نوصي للقراءة: كيف واجهت الحكومة المصرية توصيات المراجعة الدورية الشاملة؟
عقوبات أمريكية على مقررة أممية بسبب تقرير عن جرائم الحرب في فلسطين

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، عن فرض عقوبات على فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك ردًا على جهودها الرامية إلى دفع المحكمة الجنائية الدولية بحظر السلاح ووقف التعاون التجاري مع دولة الاحتلال، وبسبب كلمتها أمام مجلس حقوق الإنسان لعرض تقريرها الأخير، والذي دعت فيه إلى التحقيق مع مسؤولين لأكثر من 60 شركة كبرى بتهم تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، معتبرة أن الإبادة الجماعية مستمرة لأنها مربحة.
وجاء القرار عقب اتهام وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لألبانيز بقيادة “حملة خبيثة وغير مشروعة” ضد بلاده وحليفتها إسرائيل، معتبرًا أن تحركاتها تستغل الآليات الدولية للإضرار بسيادة الولايات المتحدة.
من ناحيتها أكدت ألبانيز على مضيها قدمًا في أداء مهامها والتزاماتها التي تستند إلى قرارات مجلس حقوق الإنسان والقانون الدولي، مشددة على تصميمها مواصلة توثيق الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني وإيصال أصوات الضحايا إلى المجتمع الدولي دون الرضوخ لأي ضغوط سياسية.
ويمثل استهداف مقررة أممية، تحمل تفويضًا دوليًا رسميًا، من خلال فرض عقوبات رسمية تطورًا لافتًا وغير مألوف، من شأنه أن يخلق سابقة خطيرة في طريقة تعامل الدول الكبرى مع المقررات.
وفي سياق متصل أطلق الهلال الأحمر المصري في 27 يوليو الجاري، قافلة « زاد العزة .. من مصر إلى غزة» التي تضم شاحنات مساعدات في اتجاه جنوب القطاع، عبر معبر كرم أبو سالم، وتضم أكثر من 100 شاحنة تحمل ما يزيد عن 1200 طن من المواد الغذائية، تحمل نحو 840 طن دقيق، و 450 طن سلال غذائية متنوعة، ويأتي ذلك في إطار الجهود المصرية لتقديم الدعم الغذائي لأهالي القطاع.
وفي بيان له أكد الهلال الأحمر المصري، أنه يتواجد على الحدود منذ بدء الأزمة؛ حيث لم يتم غلق معبر رفح من الجانب المصري نهائيًا، وواصل تأهبه وجهوده لدخول المساعدات بجهود 35 ألف متطوع بالجمعية، مشيرًا إلى أن حجم المساعدات الإغاثية التي تم إدخالها إلى غزة، منذ بدء الأزمة، أكثر من 35 ألف شاحنة تحمل أكثر من 500 ألف طن مساعدات تنوعت بين الغذاء، الماء، المستلزمات الطبية والأدوية، المواد الإغاثية و الايوائية ومستلزمات النظافة الشخصية، ألبان وحفاضات أطفال، إلى جانب سيارات الإسعاف، وشاحنات الوقود.
الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب
أصدرت حملة “لا تسقط بالتقادم – خريطة التعذيب” التابعة للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، تقريرها السنوي تحت عنوان: “توثيق ممنوع وتقاضي معطل: تواطؤ ممنهج يرسخ الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب”، ويغطي الفترة الممتدة من يناير 2024 حتى يونيو 2025.
ويُسلّط التقرير الضوء على واقع انتهاكات التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز بمصر، في ظل بيئة سياسية وأمنية مغلقة تعوق التوثيق والمساءلة، مؤكداً استمرار غياب العدالة، وارتفاع معدلات الإفلات من العقاب رغم تعدد البلاغات والشهادات عن حالات الوفاة تحت التعذيب، وتكرار أنماط حجب الأدلة وتهديد الشهود وتضليل الرأي العام عبر الروايات الرسمية.
وبحسب التقرير، فقد تم توثيق 75 حالة تعذيب خلال فترة الرصد، منها 50.6% وقعت في عام 2024، و49.3% في النصف الأول من 2025، ما يشير إلى استمرار وتيرة الانتهاكات بشكل شبه ثابت، وغياب أي مؤشرات جدية على الحد من هذه الجرائم.
ولفت التقرير إلى أن 91% من هذه الانتهاكات وقعت داخل أماكن احتجاز رسمية مثل السجون وأقسام الشرطة، مما يُحمّل المسؤولية القانونية المباشرة للسلطات الأمنية والرقابية في الدولة. ويشدد التقرير على أن آليات التبليغ والتقاضي في جرائم التعذيب لا تزال شبه معطلة نتيجة تراكمات قانونية ومؤسسية، داعياً إلى إصلاح شامل في منظومة العدالة الجنائية، وضمان تمكين الضحايا وأسرهم من آليات التبليغ وتوفير الدعم القانوني الفعال.
وفي ختام التقرير، دعت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إلى:إجراء تعديلات تشريعية جوهرية لتعريف وتجريم التعذيب بلا قيود أو استثناءات، إصدار تعليمات ملزمة للنيابة العامة بشأن آليات التحقيق الفوري والجدي في بلاغات التعذيب، تعزيز الإشراف القضائي على أماكن الاحتجاز، بما في ذلك مقار الأمن الوطني، توفير الدعم القانوني المجاني وتسهيل إجراءات التقاضي للضحايا وأسرهم، الوفاء بالتزامات مصر الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بها، توسيع أدوار المجتمع المدني في التوثيق والتقاضي الاستراتيجي، وتعميم النجاحات الحقوقية لدعم الثقة في العدالة.
وفي سياق متصل أصدرت مجموعة من أسر السجناء السياسيين وسجناء الرأي في مصر بيانًا إنسانيًا حاشدًا، ناشدت فيه الشعب المصري، والقوى المدنية، والنقابات، والمؤسسات الحقوقية، بالوقوف إلى جانبهم في مطالبهم بالإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة السجناء السياسيين وسجناء الرأي، محذرين من استمرار الصمت أمام ما وصفوه بـ”الظلم المتواصل منذ أكثر من عقد”.
269 حكمًا بالإعدام في مصر خلال النصف الأول من 2025
أصدرت المحاكم المصرية خلال النصف الأول من عام 2025 أحكامًا بالإعدام بحق 269 متهمًا في 194 قضية، من بينهم 17 متهمًا صدرت بحقهم أحكام نهائية غير قابلة للطعن، وذلك بحسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وأشار التقرير الإحصائي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إلى أن أوراق 197 متهمًا في 137 قضية أُحيلت إلى المفتي تمهيدًا للحكم عليهم بالإعدام، كما تم تنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة أشخاص فقط خلال نفس الفترة.
وأكدت المبادرة أن هذه الأرقام تمثل الحد الأدنى الذي تمكن الباحثون من الوصول إليه، استنادًا إلى شهادات الأهالي وما تداولته وسائل الإعلام، في ظل غياب الشفافية الرسمية بشأن عدد المحكوم عليهم بالإعدام أو المنفذ بحقهم الأحكام.
قرار قضائي برفع اسم علاء عبدالفتاح من قوائم الإرهاب
نشرت الجريدة الرسمية، الأربعاء 30 يوليو، قرار محكمة جنايات القاهرة برفع اسم الناشط السياسي علاء عبدالفتاح من قوائم الإرهاب، وذلك بعد قبول الطعن المقدم ضد قرار سابق بإدراجه بموجب قانون الكيانات الإرهابية. صدر القرار عن الدائرة الأولى إرهاب برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني، ونص على إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال والتضييق على الحياة العامة.
أعلن المحامي خالد علي، عضو فريق الدفاع، أن القرار أصبح نافذًا بعد نشره رسميًا في الجريدة.
وخلال السنوات الماضية، تابعت أسرة عبدالفتاح، وفي مقدمتها والدته الأكاديمية ليلى سويف وشقيقتاه منى سيف وسناء سيف، مسار الطعن القانوني، مؤكدة أن قرار الإدراج كان إجراءً تعسفيًا. وبحسب مقربين من الأسرة، مرّ الطعن بمراحل متعددة، واجه فيها الفريق القانوني تعقيدات عديدة، لكنه واصل تقديم المذكرات والدفوع حتى صدر الحكم الجديد.
وكان قرار الإدراج قد استند إلى اتهامات بانضمام عبدالفتاح إلى “جماعة مؤسسة على خلاف أحكام القانون”، وهي التهمة التي نفاها محاموه مرارًا، مؤكدين عدم وجود أدلة قانونية كافية لدعمها.
إخلاء سبيل أحمد دومة بكفالة
قررت النيابة العامة إخلاء سبيل الناشط السياسي والشاعر أحمد دومة، مساء الثلاثاء، بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه، على خلفية تحقيقات استمرت لأكثر من خمس ساعات، وذلك على ذمة محضر تحريات قدمه جهاز أمن الدولة، اتهم فيه دومة بنشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام وإثارة البلبلة والفزع بين المواطنين، والتشكيك في مؤسسات الدولة.
وقال دومة، في تدوينة له عبر صفحته الشخصية، إن الواقعة تأتي للمرة الثالثة خلال الأشهر الأخيرة، مشيرًا إلى أن الاتهامات الموجهة له استندت إلى أربعة منشورات نشرها عبر موقع فيسبوك، واصفًا محضر التحريات بـ”الهزلي”، مشيرًا إلى أنه طلب من النيابة إلغاء الكفالة أو تخفيضها لعدم قدرته على سدادها، دون أن تستجيب النيابة لهذا الطلب.
ويأتي استدعاء دومة في سياق متكرر من التضييق على النشطاء السياسيين والمعارضين، في وقت تزايدت فيه الانتقادات الحقوقية بشأن حرية التعبير وملاحقة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية منشوراتهم.
الإفراج عن محامي المستأجرين
أمرت نيابة أمن الدولة العليا بإخلاء سبيل المحامي أيمن عصام، المعروف إعلاميًا بـ”محامي المستأجرين”، بعد نحو ساعة واحدة فقط من انتهاء الجلسة العامة لمجلس النواب التي أُقرّت خلالها تعديلات قانون الإيجار القديم في 2 يوليو 2025.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على عصام في مدينة الإسكندرية يوم الخميس 19 يونيو، أثناء توجهه للمشاركة في مؤتمر نظّمته «رابطة الدفاع عن المستأجرين» بمقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.
وعقب القبض عليه، اختفى عصام قسريًا لمدة يومين قبل أن يُعرض على نيابة أمن الدولة بالقاهرة الجديدة مساء 21 يونيو، حيث تقرر حبسه احتياطيًا لمدة 14 يومًا على ذمة التحقيقات. ووجّهت إليه النيابة اتهامات بـ«الانضمام إلى جماعة إرهابية» و«نشر أخبار كاذبة». لكن بعد أيام قليلة من قرار حبسه، تم الإفراج عنه بشكل مفاجئ، في سياق اعتبره مراقبون مرتبطًا مباشرة بإقرار تعديلات القانون محل الجدل.
محاكمة مروة عرفة بعد أكثر من 5 سنوات من الحبس الاحتياطي
جددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مطالبتها بإخلاء سبيل موكلتها، المترجمة مروة عرفة (32 عامًا)، التي بدأت أولى جلسات محاكمتها يوم الأحد 6 يوليو، بعد أكثر من خمس سنوات من الحبس الاحتياطي.
وتُحاكم مروة على ذمة القضية رقم 570 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، أمام الدائرة الأولى إرهاب برئاسة المستشار محمد الشربيني. وقد حضرت المتهمة الجلسة بنفسها، فيما رفضت المحكمة طلب محامي المبادرة بإخلاء سبيلها، متجاهلة حقيقة تجاوز فترة حبسها الاحتياطي للحد الأقصى المنصوص عليه قانونًا. وقررت المحكمة تأجيل المحاكمة إلى جلسة 18 أكتوبر المقبل، لإتاحة الفرصة لدفاع المتهمين للاطلاع على أوراق القضية، وذلك للمرة الأولى منذ توجيه الاتهام.
كانت قوات الأمن قد ألقت القبض على مروة عرفة يوم 20 أبريل 2020، بعد اقتحام منزلها واحتجازها في مكان غير معلوم. وظهرت بعد أسبوعين أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي وجهت لها اتهامات بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”ارتكاب جريمة من جرائم التمويل”، وأمرت بحبسها احتياطيًا. إلا أن النيابة لم تفتح أي تحقيق في بلاغات أسرتها حول تعرضها للاختفاء القسري لمدة أسبوعين.
ووفقًا لبيان المبادرة، فإن جلسة التحقيق الوحيدة التي خضعت لها مروة عُقدت يوم ظهورها أمام النيابة، في حين تم تجديد حبسها تلقائيًا على مدار خمس سنوات دون تحقيقات فعلية، وهو ما اعتبرته المبادرة مخالفة جسيمة لقانون الإجراءات الجنائية والدستور المصري. وأكدت أن إحالة مروة إلى المحاكمة جاءت بعد أكثر من خمس سنوات من الاحتجاز غير المبرر، ودون وجود حكم قضائي يدينها حتى الآن.
17 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن صلاح سلطان
أعربت 17 منظمة حقوقية دولية ومصرية، في بيان مشترك صدر الجمعة 11 يوليو، عن قلقها العميق إزاء تدهور الحالة الصحية للأكاديمي صلاح سلطان، المحتجز في سجن بدر 1، مطالبة بالإفراج الفوري عنه وتوفير الرعاية الطبية اللازمة بشكل عاجل، محذّرة من خطر تعرضه لـ”موت مفاجئ” نتيجة ما وصفته بـ”الإهمال الطبي المتعمد”.
وانتقدت المنظمات الموقعة ما اعتبرته نهجًا منهجيًا من السلطات المصرية في استهداف أفراد عائلة سلطان، على خلفية نشاطهم في مجال حقوق الإنسان، مشيرة إلى الحكم الغيابي بالسجن المؤبد الصادر الشهر الماضي ضد نجله محمد سلطان، الناشط الحقوقي المقيم في الولايات المتحدة، والذي سبق أن تنازل عن جنسيته المصرية قبل نحو عشر سنوات كشرط للإفراج عنه وترحيله باعتباره مواطنًا أمريكيًا.
وألقي القبض على صلاح سلطان في سبتمبر 2013، وصدر بحقه حكمان بالسجن المؤبد في قضية “مسجد الفتح”، وبالسجن خمس سنوات في قضية “غرفة عمليات رابعة”، على خلفية اتهامات بالتحريض على العنف، والانضمام إلى جماعة إرهابية، والتخطيط لإثارة الفوضى، ونشر معلومات كاذبة.
وأشار البيان إلى أن سلطان، الحاصل على إقامة قانونية دائمة في الولايات المتحدة، تعرّض لأزمة صحية حادة في 18 يونيو الماضي أثناء احتجازه في الحبس الانفرادي، حيث فقد وعيه وتم نقله إلى المركز الطبي في السجن لإجراء فحص بالرنين المغناطيسي. لكن، وفقًا لأفراد من عائلته، لم يتلقَ أي تشخيص أو متابعة طبية رغم تحذيرات الأطباء من احتمالية إصابته بسكتة دماغية أو نزيف داخلي في المخ.
وأكدت المنظمات أن ما يتعرض له سلطان يأتي في سياق القضية رقم 1766 لسنة 2022، والتي صدر فيها حكم غيابي بالسجن المؤبد في يونيو 2025 ضد نجله محمد سلطان، معتبرة ذلك “عملًا انتقاميًا” نتيجة نشاطه الحقوقي وجهوده المتواصلة للمطالبة بالإفراج عن والده.
المبادرة المصرية تطالب بالإفراج عن نرمين حسين
طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالإفراج الفوري عن الناشطة نرمين حسين، والتي تجاوزت مدة احتجازها أكثر من 1900 يوم من الحبس الاحتياطي والتدوير، معتبرة استمرار احتجازها انتهاكًا صارخًا للقانون والدستور، وتجاوزًا للحد الأقصى الذي حدده قانون الإجراءات الجنائية للحبس الاحتياطي.
وجاء في بيان صادر عن المبادرة أن دائرة الإرهاب بمجمع محاكم بدر، قررت في 12 يوليو، تجديد حبس نرمين 45 يومًا إضافية على ذمة القضية رقم 65 لسنة 2021 أمن دولة عليا، رغم عدم وجود مبررات قانونية لاستمرار حبسها، ودون الاستجابة لأي من دفوع فريق الدفاع المطالبة بإخلاء سبيلها.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على نرمين في مارس 2020، ووجهت لها نيابة أمن الدولة اتهامات بالانضمام إلى جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية منشورات تناولت الوضع الصحي في بداية تفشي جائحة كورونا، وذلك في القضية رقم 535 لسنة 2020.
وأكدت المبادرة أن نرمين، التي كانت العائل الوحيد لوالديها، لم تتمكن من وداع والدها الذي توفي بعد أسابيع من اعتقالها إثر معاناته مع مرض السرطان. كما تدهورت حالتها الصحية والنفسية على مدار خمس سنوات من الاحتجاز، حيث تعاني من مشاكل مزمنة في العظام والمفاصل، في وقت تعاني فيه والدتها المسنّة من مشقة الزيارات المتكررة ما بين سجني القناطر والعاشر من رمضان.
المفوضية المصرية: انتهاكات جسيمة بحق المحتجزين ومحاميهم
أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن استنكارها لما جرى من ما وصفته بالانتهاكات الخطيرة بحق المحتجزين ومحاميهم، أثناء جلسات تجديد الحبس أمام الدائرة الثانية بمحكمة جنايات إرهاب القاهرة المنعقدة داخل مجمع سجون بدر، السبت 13 يوليو 2025.
ووفقًا لما وثقته المفوضية من شهادات لعدد من المحامين الحاضرين، فقد تم احتجاز العشرات من المحتجزين لأكثر من سبع ساعات داخل أقفاص حديدية مزدوجة مغلقة ومحاطة بطبقات زجاجية وعوازل بصرية وصوتية، ما حرمهم من التهوية ومن استخدام الحمامات أو الحصول على المياه، رغم الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، ما تسبب في حالات من الإعياء والإغماء، وسط صراخ متصاعد وطرق هستيري على الأبواب الزجاجية، مما أثار الذعر في القاعة.
كما وثقت المبادرة من خلال شهود عيان من المحامين أن محاولات الاستفسار عن الأوضاع داخل الأقفاص قوبلت بالمراوغة والتهرب من قبل المسؤولين الأمنيين، فيما واجهت إحدى المحاميات تهديدًا مباشرًا من ضابط برتبة عقيد، اتهمها بالتحريض لمجرد مطالبتها بالاطمئنان على المحتجزين، في ما وصفته المؤسسة بتعدٍّ واضح على حرية المحاماة، ومخالفة صريحة للمادة 198 من الدستور المصري، التي تنص على استقلال المحاماة ودورها في تحقيق العدالة.
وطالب المحامون والمفوضية المصرية للحقوق والحريات بفتح تحقيق عاجل ومستقل في الانتهاكات الواقعة داخل قاعة المحكمة، بحق المحتجزين والمحامين على السواء، مساءلة الضابط المسؤول عن تهديد المحامية، وضمان احترام حرية الدفاع واستقلال مهنة المحاماة، محاسبة المسؤولين عن ظروف الاحتجاز غير الإنسانية، وتجاوز مدد الحبس الاحتياطي بالمخالفة للدستور والقانون، دعوة نقابة المحامين والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل وتوثيق الحدث.
واختتمت المفوضية بيانها بالتأكيد على أن ما جرى يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة، ويستدعي مساءلة ومراجعة شاملة لممارسات الاحتجاز والمحاكمة في مصر.
منظمات حقوقية تطالب بوقف استهداف مدير حرية الفكر والتعبير
دعت منظمات حقوقية مصرية ودولية السلطات المصرية إلى الوقف الفوري لجميع أشكال المضايقة والترهيب بحق المدافع عن حقوق الإنسان محمد عبد السلام، المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، مؤكدة أن ما يتعرض له عبد السلام يمثل نمطًا ممنهجًا من الانتقام من العمل الحقوقي المشروع في مصر، ويتعارض مع الدستور المصري والمواثيق الدولية التي التزمت بها الدولة.
وأفادت المنظمات، في بيان مشترك صدر الأربعاء 23 يوليو، أن عبد السلام احتُجز في 20 مايو2025 بمطار القاهرة الدولي لمدة ساعة تقريبًا دون مبرر قانوني، وتمت مصادرة جواز سفره، قبل أن يخضع لاستجواب حول سفره ونشاطه الحقوقي. وأُبلغ لاحقًا بضرورة التوجه إلى أحد مقار الأمن الوطني بالقاهرة لـ”استكمال الاستجواب” دون سند قانوني. وفي 23 مايو، تلقى عبد السلام اتصالًا من أحد ضباط الأمن الوطني يطلب منه الحضور لاستلام جواز سفره.
وسجّل البيان أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها عبد السلام أو مؤسسته للاستهداف، فقد سبق وصودِر جواز سفره في 2018، وتم استدعاؤه للتحقيق دون أمر قانوني، كما خضعت مكاتب المؤسسة في نوفمبر 2022 لمراقبة أمنية مكثفة من قبل عناصر بملابس مدنية لمدة أسبوعين.
وفي سياق التضييق الإداري، أشار البيان إلى أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقدمت في مايو الماضي لأول مرة بطلب للحصول على تمويل عبر وزارة التضامن الاجتماعي وفقًا لقانون الجمعيات رقم 149 لسنة 2019. وعلى الرغم من استيفاء كافة المستندات المطلوبة، لم تُصدر الوزارة موافقتها بعد، مما يعطل حصول المؤسسة على مواردها المالية اللازمة لمواصلة عملها الحقوقي.
كما واجهت المؤسسة صعوبات كبيرة في فتح حساب بنكي رسمي رغم تسجيلها القانوني عام 2023، إذ استغرق الأمر أحد عشر شهرًا للحصول على موافقة من أحد البنوك الخاصة، وسط تلميحات غير رسمية بوجود “موافقات من جهات أخرى” يُعتقد أنها أمنية.
غرق قارب مهاجرين مصريين قبالة سواحل ليبيا
في 25 يوليو 2025، وقع حادث مأساوي حين انقلب قارب يحمل مهاجرين مصريين أثناء محاولتهم بلوغ أوروبا من الساحل الليبي قرب مدينة طبرق، مما أسفر عن وفاة 15 شخصًا من الجنسية المصرية، بينما نجا 10 آخرون وأُعلن أن طاقم القارب يضم مواطنين سودانيين نُقِذوا لاحقًا. تبقى أسباب انقلاب القارب غامضة، رغم تحذيرات محلية من خطورة الملاحة وقتها.
كما أشار عدد من المنظمات الدولية مثل المنظمة الدولية للهجرة إلى أن عدد الوفيات والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط بلغ في النصف الأول من 2025 ما يقارب 434 وفاة و611 مفقودًا، بينما تم اعتراض أكثر من 14,100 مهاجر وإعادتهم إلى ليبيا.
أزمة تمويل حادة تهدد حياة اللاجئين في مصر
يشهد مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في مصر أزمة تمويل غير مسبوقة خلال عام 2025، أدت إلى تقليص واسع في البرامج والخدمات الأساسية المقدمة لنحو مليون لاجئ، غالبيتهم من الفارين من الحرب في السودان. فحتى نهاية أبريل، لم تحصل المفوضية إلا على 26% من تمويلها المستهدف، ما يعادل 35.8 مليون دولار فقط من أصل 137.7 مليون دولار، ما خلّف فجوة تمويلية تفوق 100 مليون دولار.
شملت آثار الأزمة تعليق العلاج الطبي غير الطارئ لنحو 20 ألف لاجئ، وتقليص برامج المساعدات النقدية، واستبعاد 2000 أسرة من الدعم الشهري، إضافة إلى إغلاق مركز تسجيل الزمالك، ما زاد الضغط على المركز الوحيد المتبقي في مدينة 6 أكتوبر.
وترجع الأزمة بشكل رئيسي إلى تقليص حاد في التمويل الأمريكي، إذ انخفضت مساهمات الولايات المتحدة – أكبر ممولي المفوضية – بنسبة 80% مقارنة بعام 2024. ووفقًا للمفوضية، يبلغ متوسط الدعم السنوي للاجئ الواحد في مصر هذا العام نحو 37 دولارًا فقط، أي ما يعادل 3 دولارات شهريًا، رغم ارتفاع عدد اللاجئين من 288 ألفًا في 2022 إلى أكثر من 966 ألفًا في 2025.
وحذرت المفوضية من تداعيات إنسانية وأمنية واسعة تشمل تفشي الأمراض، تصاعد الفقر، وزيادة الهجرة غير النظامية، داعية المجتمع الدولي لتقديم تمويل فوري ومستدام للحيلولة دون تفاقم الأزمة.
ترحيل قسري من شرق ليبيا: 77 مصريًا أُعيدوا في ظروف غير إنسانية
أعربت منصة اللاجئين في مصر عن رفضها وإدانتها لعملية الترحيل القسري التي نفّذها ما يُعرف بـ”جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية” التابع لحكومة شرق ليبيا، يوم 8 يوليو 2025، عبر منفذ أمساعد الحدودي. وشملت العملية ترحيل 77 مهاجرًا من الجنسية المصرية، في إطار ما وصفته المنصة بسلسلة انتهاكات متصاعدة تستهدف المهاجرين المصريين في شرق ليبيا.
وبحسب المعلومات التي وثّقتها المنصة، نُقل المُرحّلون في شاحنات مغلقة تفتقر لأبسط شروط السلامة والكرامة، مما عرض حياتهم وسلامتهم لخطر بالغ، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة الحدودية خلال الصيف. وترى المنصة أن هذا الأسلوب في الترحيل يُشكّل انتهاكًا صريحًا للكرامة الإنسانية والمعايير الدولية المتعلقة بمعاملة المهاجرين.
كما تؤكد المنصة أن الترحيل الجماعي دون إجراء تقييم فردي لكل حالة يُخالف مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. ويعرّض هذا الإجراء أفرادًا قد يكونون بحاجة إلى حماية دولية – بمن فيهم ضحايا محتملون للاتجار بالبشر أو طالبو لجوء – لخطر الإخفاء أو الانتهاك في بلدهم الأصلي.