على مدار يومي الرابع والخامس من أغسطس الجاري، جرت انتخابات مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، وسط مشهد مألوف: لافتات حزبية تسيطر على محيط اللجان، تصريحات رسمية عن “إقبال كثيف”، وتغطيات إعلامية تؤكد على “العرس الديمقراطي”، بينما تعكس الوقائع الميدانية صورة مغايرة، يتصدرها العزوف الشعبي والتكرار النمطي لسيناريوهات انتخابية فقدت زخمها منذ أعوام.
منذ الساعات الأولى لليوم الأول، انطلقت العملية الانتخابية في نحو 8 ألاف ومائتي لجنة فرعية تحت إشراف نحو 9 ألاف و500 ألف قاضٍ، فيما يحق لنحو 63 مليون مصري الإدلاء بصوته في الانتخابات، وبينما روجت الهيئة الوطنية للانتخابات لما وصفته بـ”شفافية كاملة” و”متابعة غير مسبوقة” من 86 منظمة محلية ودولية، لم تُخفِ الصور المتداولة والتقارير الميدانية خلو العديد من اللجان من الناخبين، مع تسجيل إقبال محدود حتى في مناطق كانت تعرف تقليديًا بنشاطها الانتخابي مثل الدقهلية والقاهرة الكبرى.
على النقيض، بدت تصريحات مسؤولي الأحزاب، خصوصًا “مستقبل وطن” و”حماة الوطن”، مصممة على تثبيت رواية المشاركة الجماهيرية، في الوقت الذي رصد فيه مراقبون ومؤسسات مجتمع مدني مخالفات ميدانية صريحة وممارسات انتخابية مألوفة.
ووفق الجدول الزمني المعلن من الهيئة الوطنية للانتخابات، سيتم الإعلان عن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات ونشرها في الجريدة الرسمية في 12 أغسطس الجاري. وفي حالة اللجوء إلى جولة إعادة، تُجرى انتخابات المصريين بالخارج في 25 و26 من نفس الشهر، يليها التصويت داخل مصر يومي 27 و28، على أن تعلن النتيجة النهائية وتنشر بالجريدة الرسمية في 4 سبتمبر المقبل.
ويتكون مجلس الشيوخ من 300 عضو، يجرى اختيار 200 منهم عبر الانتخابات، بنظام مختلط ما بين الفردي والقائمة المغلقة بالتساوي، فيما يعين رئيس الجمهورية 100 آخرين. ويتنافس على عضو المجلس الذي تستمر دورته لمدة 5 سنوات، 424 مرشحًا على المقعد الفردي موزعين ما بين 183 مرشحًا مستقلًا و241 آخرين ممثلين عن الأحزاب السياسية، فيما تقتصر المنافسة في نظام القائمة على قائمة واحدة فقط تسمى “القائمة الوطنية من أجل مصر” تضم تحالف لأكثر من 20 حزبًا مختلف التوجهات السياسية.
نوصي للقراءة: استحقاق بلا أثر: انتخابات الشيوخ تقترب وسط صمت عام

مخالفات وضعف إقبال
رصد فريق زاوية ثالثة من خلال المتابعة الميدانية عدد من المخالفات على مدار اليومين، تمثل أبرزها في مشاهد شراء أصوات الناخبين نظير مبالغ متفاوتة بداية من 100 وحتى 500 جنيهًا في بعض اللجان أو توزيع كراتين سلع غذائية. كذلك رصدنا ضعفًا عامًا في الإقبال في الساعات الأولى من اليوم الأول بينما ارتفعت في النصف الثاني من اليوم، وسط استمرار مظاهر الحشد المنظم من قبل رجال الأعمال المرتبط أسمائهم بأسماء بعض أحزاب الموالاة، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد الانتخابات النمطية في العقد الأخير.
في محافظة سوهاج رصدنا في عدد من اللجان قيان مندوبين مسؤولين عن مرشحين على المقاعد الفردية، توزيع كوبونات أمام اللجان، ومصادرة بطاقة الرقم القومي للناخبين، وإعطاءه صورة منها لاستخدامها في عملية الاقتراع، وبعد خروجه يتم استلام (كوبون بمبلغ مالي محدد)، وبعد الرابعة عصرًا يذهب الناخب لاستلام كرتونة من منزل المندوب أو أحد المكاتب التابعة للمرشح، وتحتوي على: (كيس سكر وكيس أرز و2 كيس و2 كيس مكرونة وزجاجة زيت متوسطة، وبعض البقوليات).
من سوهاج إلى الإسكندرية، كان المال السياسي وشراء أصوات الناخبين المشهد الأبرز، إذ أفاد العديد من المواطنين بتوزيع “كوبونات” للشراء من أحد سلاسل السوبر ماركت الشهيرة، تتراوح قيمتها بين 100 إلى 200 جنيه لكل ناخب، وتوزيع وجبات في محيط بعض اللجان، وسط حضور لعدد من سماسرة الانتخابات الذين قاموا بحشد أعداد كبيرة من الناخبين والناخبات، خاصة في منطقتي المنشية وبحري، ووجود سيارات ميكروباص، ملصقًا عليها شعار حزب مستقبل وطن، تقوم بنقل المواطنين إلى اللجان الانتخابية.
ومن بين المشاهد التي أثارت جدلاً واسعًا في انتخابات مجلس الشيوخ هذا العام، ما جرى غالبية محافظات الجمهورية، حيث تحولت بعض المؤسسات الحكومية إلى أداة لتعبئة “مشاركة انتخابية”، في العاصمة، نقلت جهات رسمية مثل شركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة والهيئة العامة للسلع التموينية موظفيها عبر حافلات إلى لجان الاقتراع، مع الاكتفاء بتوثيق حضورهم ميدانيًا قبل إعادتهم إلى مقار العمل، وهو ما أكده بعض الموظفين الذين أقروا بعدم التصويت فعليًا.
وفي الإسكندرية، نظّمت شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء خروجًا جماعيًا لآلاف العاملين نحو اللجان، وقدّم المشهد إعلاميًا باعتباره تعبيرًا عن وعي سياسي، بينما بدا أقرب إلى التزام إداري مفروض بغطاء “وطني”، وفي الدقهلية، أعلنت مديرية التربية والتعليم رسميًا حث موظفيها على التصويت بكثافة مع تغطية إعلامية للحشد
شهدت محافظة البحر الأحمر، عمليات حشد للناخبين والناخبات العاملين في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الأوقاف، كما حشدت الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر، موظفيها، عبر حافلات تابعة لها نقلتهم إلى مقر اللجان، أما في محافظة بورسعيد فقد دخلت الكنيسة الأرثوذكسية على خط حشد الناخبين؛ إذ شاركت مدارس مطرانية الأقباط الأرثوذكس ببورسعيد وحشد من شعب كنائس بورسعيد في انتخابات مجلس الشيوخ. كما حشدت جامعة بورسعيد العشرات من أبناء الجامعة من أعضاء هيئة التدريس والجهاز الإداري والطلاب، للمشاركة في انتخابات
مجلس الشيوخ، عبر حافلات أحضرتها الجامعة لإيصالهم إلى اللجان الانتخابية.
وشهدت محافظة المنوفية حشدًا واضحًا أمام اللجان التي يُسمح فيها بالتصوير، بينما بدت بقية اللجان شبه خالية. وأفاد شهود عيان بأن الحشد يجري عن طريق المصالح الحكومية والمصانع والشركات التي يمتلكها أو يديرها رجال أعمال، بعضهم مرشحون في الانتخابات أو تربطهم علاقة بحزب “مستقبل وطن”.
كذلك شهدت مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية مشاركة إيجابية من العمال الذين حضروا بأعداد ملحوظة إلى لجان الاقتراع، في مشهد يشير إلى وجود درجة من التعبئة والحشد داخل الأوساط العمالية – وفقًا لشهود عيان.
في المقابل، بدت محافظة الشرقية شبه خالية من مظاهر الحراك الانتخابي، حيث رصدت زاوية ثالثة من خلال شهود عيان ضعفًا واضحًا في الإقبال، وسط غياب تام للدعاية الانتخابية أو أي إشارات على وجود منافسة فعلية. وأكد عدد من المواطنين أنهم لم يكونوا على علم بوجود انتخابات جارية، ما يعكس اتساع فجوة الثقة والانخراط الشعبي في العملية السياسية.
وفي بعض اللجان في المنصورة، تم تأجيل فتح باب التصويت لما يقارب الساعة، في انتظار استكمال الحشود. كما تم رصد انتشار منظم لتوزيع الأعلام، مع حضور كثيف للنساء مرتديات العباءات السوداء، في مشهد شبه موحد بين الناخبات. كما جرى رصد توجيه من الإدارات التعليمية للمعلمين والموظفين للذهاب إلى لجان بعينها، فضلًا عن خروج مسيرات تصويتية من المدن الجامعية في المنصورة. اللافت هو الغياب شبه التام لفئة الشباب، مقابل ظهور مجموعات من الصبية بالكاد بلغوا سن التصويت، وسط تواجد أمني مكثف- وفقا لشهود عيان تواصلت معهم زاوية ثالثة.
ومن جهته، رصد الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تجاوزات واسعة في اليوم الأول، شملت تأخر فتح اللجان، وتوزيع رشاوي انتخابية عبر بونات مالية بقيمة 200–300 جنيه، وفق بيان حصلت زاوية ثالثة على نسخة منه. كما اتهم بعض الجمعيات الخيرية بحشد الناخبين، خاصة النساء، وتوثيق طوابير وهمية لإظهار مشاركة جماهيرية زائفة. واعتبر الحزب أن هذه التجاوزات تشكك في نزاهة العملية الانتخابية.
ومن جانبه، أعرب حزب الوعي في بيان رسمي عن قلقه من تجاوزات انتخابية واسعة، أبرزها شراء أصوات علني، ودعاية مخالفة داخل محيط اللجان، وتأخر فتح بعضها، مع غياب الحبر الفسفوري وسوء التنظيم. وأشار الحزب إلى أن بعض القوى الحزبية الكبرى توسعت في الخروقات مع اقتراب نهاية التصويت، مستهدفة التأثير غير المشروع على الناخبين بعد تراجع فرص مرشحيها أمام منافسين من أحزاب أصغر ومستقلين. وحذّر من خطورة استمرار هذه الممارسات، داعيًا الجهات المعنية للتحرك الفوري وتطبيق القانون لحماية نزاهة الانتخابات وصون إرادة الناخبين.
كذلك، رصدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان مخالفات، شملت دعاية انتخابية مخالفة، شراء أصوات، وتواجد عناصر حزبية داخل بعض المقار، مع ضعف نسبي في الإقبال ببعض المحافظات.
نوصي للقراءة: 70 مليون للمقعد: من يشتري طريقه إلى برلمان مصر؟


مطروح مقاطعة من أجل العدالة
في محافظة مطروح بدت استجابة واسعة لدعوات المقاطعة التي أطلقها نشطاء، اعتراضًا على تأخر إجراءات العدالة فيما يتعلق بقضية مقتل الشابين يوسف سرحاني وفرج الفرازي.
وفي حديث إلى زاوية ثالثة يقول نقيب محامي مطروح السابق، ممدوح راغب دربالي، إن موقفهم بمقاطعة الانتخابات ليس موجهاً ضد المرشحين، الذين وصفهم بأنهم “أناس محترمون”، وإنما هو رسالة احتجاجية للنظام الحاكم الذي ـ بحسب قوله ـ “تغوّل على حقوق أبناء مطروح، واعتدى على أمنهم وأرضهم وأرواحهم، في ظل خضوع جهات إنفاذ القانون لتعليماته، ضارباً بالقانون والدستور عرض الحائط”.
ويوضح دربالي أنهم، بصفتهم رجال قانون، يواجهون ما وصفه بـ”خطايا الحكم” بحق أهالي مطروح من خلال المسار القانوني واللجوء للقضاء الوطني، مع استعدادهم للجوء إلى القضاء الدولي إذا عجز القضاء المحلي عن تحقيق العدالة. مشيرًا إلى أنه “حين تختنق مسارب العدالة وتتعرقل إجراءات التقاضي، نلجأ إلى أدوات الضغط السياسية لفتح الطريق أمام العدالة القضائية، والمقاطعة أداة قانونية وسياسية في آن واحد، هدفها تنبيه الدولة إلى أن مطروح قادرة على التوحد في مواجهة الظلم”.
نوصي للقراءة: حادثة النجيلة: ضابط الأمن الوطني المتهم بقتل شابين لم يخضع للتحقيق بعد

انتخابات هزلية
يتفق الدكتور عمرو هاشم ربيع، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ورئيس مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية، وزهدي الشامي، عضو المكتب السياسي لحزب التحالف، على أن انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025 تجري في سياق يفتقر للمضمون الديمقراطي الحقيقي، وأنها تمثل مشهدًا انتخابيًا شكليًا يخدم استيفاء الشكل لا الجوهر، ويعيد إنتاج مؤسسات بلا صلاحيات حقيقية، فيما تظل نتائجها محسومة مسبقًا، مع اعتماد ممارسات انتخابية مشوبة بانحيازات فجّة وتجاوزات صارخة، وهو ما يرونه مؤشرًا على استمرار السلطة في تفريغ أي عملية سياسية من معناها وتحويلها إلى مجرد واجهة.
يؤكد الدكتور عمرو هاشم ربيع أن مشاهد “الدعاية الصاخبة” أمام اللجان ليست سوى تكرار عبثي لمشهد انتخابي شكلي يخلو من أي مضمون ديمقراطي حقيقي. ويشير إلى أن “السلطة تصدق روايتها الخاصة عن وجود انتخابات، رغم أن العملية برمتها تفتقد الحد الأدنى من النزاهة أو التنافسية أو الحياد”، لافتًا إلى أن “المشهد برمته يعكس غياب المجال العام، فلا برلمان يراقب الحكومة أو يسائل الرئيس، ولا إعلام مستقل خارج قبضة الدولة، بل إن المشهد الإعلامي نفسه مؤمم من خلال شركة واحدة تابعة للدولة تدير وتوجّه الخطاب الإعلامي”.
ويوضح في تصريحات خاصة إلى زاوية ثالثة أن “الديمقراطية ليست مجرد صناديق اقتراع، بل منظومة متكاملة من تداول السلطة وحرية الإعلام وشفافية الإجراءات، وكل هذه الأركان غائبة”. وينتقد أداء الهيئة الوطنية للانتخابات، مشددًا على أن ترتيب أسماء الأحزاب في القوائم بشكل موحّد يضع “مستقبل وطن” في الصدارة بكل المحافظات يثير تساؤلات حول الحياد، خاصة مع ظهور مرشحي هذه الأحزاب في مقار الترشح قبل الموعد بليلة واحدة، وكأن الأدوار موزعة سلفًا.
كذلك ينتقد ربيع رفع بنرات الدعاية قبل موعدها الرسمي بأسابيع، وإدارة القوائم المغلقة وكأنها تعيين مباشر، معتبرًا أن من يدخل القائمة يصبح نائبًا فعليًا قبل التصويت. ويختم بالقول: “حين تُعرف النتائج مسبقًا، لا يمكننا أن نسميها انتخابات”.
من جانبه، يرى مدحت الزاهد أن مجلس الشيوخ يمثل “زائدة تشريعية لا لزوم لها” وعبئًا على الدولة سياسيًا واقتصاديًا، ويُستخدم كأداة لترضية من لم يحصلوا على نصيبهم من المناصب وتوسيع دائرة الموالاة.
ويؤكد في تصريحات خاصة مع زاوية ثالثة اعتراضه على تعيين رئيس الجمهورية لثلث الأعضاء، معتبرًا ذلك انتقاصًا من الاستقلالية. ويضيف أن وجوده تكرار غير ضروري لمجلس النواب، الذي يفتقر بدوره إلى اختصاصات تشريعية واضحة، وأن الغرفة الثانية تستهلك موارد ضخمة من دون مبرر، وتُضعف فرص تداول السلطة وتجديد النخب والتمثيل العادل.
أما زهدي الشامي فيصف المشهد الانتخابي لمجلس الشيوخ بأنه “هزلي تمامًا وواضح النتائج مسبقًا”، موضحًا أن النظام يعيّن ثلث الأعضاء، ويختار الثلث الآخر عبر قائمة مغلقة وواسعة لا يعرف 99% من المواطنين أسماء مرشحيها، فيما تُطرح مقاعد محدودة كنظام فردي شكلي قائم فعليًا على قوائم مستترة.
ويشير في حديث مع زاوية ثالثة إلى أن غياب معرفة الناخبين بالمرشحين أو فهم مغزى الانتخابات يدفع السلطة للسعي إلى “اصطناع نسبة حضور” تمنح شرعية ولو مزيفة، مع اشتراط القانون نسبة معينة لإعلان فوز القائمة الوحيدة.
ويضيف أن الممارسات الانتخابية تدهورت من شراء الأصوات إلى التصويت القسري، عبر استدعاء الموظفين بالأوامر أو إرسال رجال الإدارة للأسواق والأحياء لتوجيه المواطنين، والتحقق من تصويتهم عبر الحبر الفسفوري. ويؤكد أن هذه الممارسات تجبر البعض على التصويت لمرشحين لا يعرفونهم فقط لرفع نسبة المشاركة، التي تظل “هزيلة بالمعايير العالمية”، معتبرًا أن السلطة تثبت مرة بعد أخرى قدرتها على إفراغ أي ممارسة إيجابية من مضمونها وتحويلها إلى شكل بلا محتوى، بل محمّل بدلالات سلبية تثير السخرية والازدراء والسخط.
منذ عام 2015، بدأت مصر بتنظيم الانتخابات البرلمانية وفق نظام “القائمة المغلقة المطلقة”، المثير للجدل، والذي ترفضه أحزاب المعارضة بشدة فيما تصر عليه الحكومة وأحزاب الموالاة، وفقًا لهذا القانون تُقسم فيه البلاد إلى دوائر انتخابية يُخصص لكل منها عدد محدد من المقاعد تُملأ بقوائم حزبية أو ائتلافية مغلقة، بحيث يصوّت الناخب للقائمة ككل وليس لأفراد بعينهم داخلها. وتُعد القائمة مغلقة “مطلقة” لأن الناخب لا يستطيع تغيير ترتيب الأسماء داخل القائمة أو اختيار مرشحين منها، كما أن الفوز يكون للقائمة التي تحصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات (50% +1) لتحصد جميع مقاعد الدائرة، دون توزيع نسبي على باقي القوائم المتنافسة.
تخوض “القائمة الوطنية من أجل مصر” الانتخابات منفردة، دون أي قوائم منافسة في الدوائر الأربع المخصصة لنظام القوائم المغلقة، وفقًا لما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، الخميس الماضي، بالتزامن مع غلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ بعد ستة أيام من تلقي طلبات المرشحين بنظام القوائم والفردي.
وفيما يتعلق بالمقاعد الفردية، البالغ عددها 100 مقعد، دفعت أحزاب مستقبل وطن، وحماة الوطن، والجبهة الوطنية مجتمعين بأكثر من 40 مرشحًا، فيما تقدم حزب الشعب الجمهوري بـ21 مرشحًا، وسجّل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي حضورًا لافتًا بـ35 مرشحًا، بينما خاض حزب إرادة جيل المنافسة بـ33 مرشحًا، وحزب الاتحاد بـ30 مرشحًا، والأحرار بـ 28 مرشحًا، والتجمع بـ27 مرشحًا. كما شارك حزب الجيل بـ25 مرشحًا، والحرية بـ24، والعدل بـ19، والعربي الناصري بـ18، والمؤتمر بـ17، والمستقلين الجدد بـ15، والنور السلفي بـ12 مرشحًا، وحزب الوعي بـ11، في حين اكتفى حزب الوفد بتقديم 10 مرشحين فقط.
في المقابل، أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية، وهي تكتل يضم عددًا من الأحزاب الليبرالية واليسارية، مقاطعتها الكاملة لانتخابات مجلس الشيوخ، احتجاجًا على ما وصفته بـ انعدام ضمانات النزاهة، خاصة بعد إلغاء الإشراف القضائي الكامل على مجريات التصويت، فضلاً عن اعتماد نظام القائمة المغلقة المطلقة، الذي يؤدي إلى إهدار قرابة 49% من أصوات الناخبين، ويتيح لجهة واحدة الاستحواذ على جميع المقاعد إذا حصلت على (50% +1) من الأصوات، وهو ما اعتبرته الحركة تكريسًا للإقصاء السياسي وغلقًا للمجال العام.