أعلنت وزارة الداخلية المصرية تنفيذ حملة أمنية موسعة استهدفت عددًا من صانعي وصانعات المحتوى على تطبيق “تيك توك”، وأسفرت عن توقيف ثمانية أشخاص على الأقل خلال اليومين الماضيين، بحسب ما ورد في بيانات رسمية نُشرت عبر الصفحات التابعة للوزارة.
وقالت الداخلية إن التحرك يأتي “في إطار متابعة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وورود عدد من البلاغات ضد إحدى صانعات المحتوى”، مشيرة إلى أن المقاطع التي نُشرت “تتضمن ألفاظًا خارجة وإباحية، تتنافى مع قيم المجتمع وتشكل إساءة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي”. وأضافت أن بعض المقبوض عليهم يواجهون اتهامات إضافية تتعلق بـ”حيازة مواد مخدرة وأسلحة”.
وسبقت الحملة الأمنية بلاغات متعددة قُدِّمت إلى النيابة العامة الأسبوع الماضي من قبل عدد من المحامين ضد صانعي محتوى على “تيك توك”، من بينهم بلاغ جماعي وقّعه 32 محاميًا ضد عشرة أشخاص، بينهم ثماني نساء.
وتعود بداية القصة إلى يوليو الماضي، حين ظهرت فتاة تُدعى مروة يسري في مقاطع مصوّرة، ادّعت فيها انتسابها إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك، ووجّهت اتهامات إلى فنانة مصرية وعدد من صانعات المحتوى بالضلوع في تجارة الأعضاء البشرية.
وعلى إثر هذه التصريحات، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على مروة يسري، بعدما تقدّمت الفنانة المعنية ببلاغ رسمي تتّهمها فيه بالتشهير وبث شائعات تتعلق بجرائم خطيرة مثل الاتجار في الأعضاء البشرية، عبر مقاطع نشرتها على منصات التواصل الاجتماعي.
وأشارت الفنانة في بلاغها إلى أن الفتاة وجّهت إليها اتهامات جسيمة دون تقديم أي أدلة، ما ألحق بها أضرارًا مادية ومعنوية بالغة، وأسهم في تشويه سمعتها أمام الرأي العام.
الاتهامات الأخلاقية تتصدر المشهد
بعد أيام من توقيف مروة يسري، أطلقت وزارة الداخلية حملة أمنية استهدفت عددًا من الأسماء التي وردت في مقاطع الفيديو التي نشرتها الأخيرة، والتي زعمت خلالها ضلوع بعضهم في دعم فنانة شهيرة متهمة، حسب قولها، بالاتجار في الأعضاء البشرية.
مع ذلك، خلت بيانات الوزارة الرسمية من أي إشارة إلى هذه الادعاءات، واقتصرت الاتهامات على مخالفات شائعة، بينها “خدش الحياء العام”، و”تهديد القيم الأسرية”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” — وهي التهم نفسها التي تُستخدم غالبًا في ملاحقة صانعي المحتوى الرقمي في مصر.
في هذا السياق، تقول منى عزت، الكاتبة الصحفية والباحثة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إن فتاة تُدعى مروة ظهرت خلال الأسابيع الماضية بادعاءات وصفتها بالخطيرة، تضمنت نسب نفسها إلى شخصية سياسية معروفة، واتهام أفراد محددين بجرائم جسيمة، ما يستدعي، برأيها، تحقيقًا رسميًا شفافًا.
وتضيف عزت في حديثها إلى “زاوية ثالثة”: “ما حدث فعليًا كان صادمًا؛ فبدلًا من التحقيق في تلك الاتهامات غير المسبوقة، جاءت التهم الموجهة للمذكورين مقتصرة على (خدش الحياء) و(الآداب العامة) و(القيم الأسرية)، وهي اتهامات نمطية تكررت كثيرًا بحق صانعي المحتوى ولا تتعلق من قريب أو بعيد بما ورد في أقوال مروة.”
وتتابع: “نحن أمام موقف يثير القلق، إذ لم يتم التعامل مع الاتهامات الأصلية بجدية، وبدلًا من ذلك وجدنا أنفسنا في مسار تقليدي متكرر تُستخدم فيه قوالب اتهام جاهزة بحق من ينشرون محتوى غير تقليدي.”
وترى عزت أنه لو كانت الجهات الرسمية قد قررت التحقيق فعليًا في ما قالته مروة، لكان من الطبيعي أن تُجرى تحريات حول مصادر الدخل، ونمط الحياة، وربما شبكة العلاقات المحيطة بالمذكورين، لكنها تقول: “حتى اللحظة، لا نرى شيئًا من هذا القبيل.”
وتختتم تصريحها قائلة: “إذا كانت النيابة أو أي جهة مختصة قد خلصت إلى أن تصريحات مروة محض أكاذيب، كان ينبغي إصدار بيان يوضح ذلك. وإذا كانت صحيحة، فمن المفترض أن نشهد تحقيقات حقيقية. ما يحتاجه الرأي العام الآن هو الوضوح والمصارحة: هل تجري تحقيقات فعليًا في مزاعم مروة؟ أم أننا أمام تكرار لمسار قانوني نمطي يُستخدم كلما تعارض المحتوى الرقمي مع الأعراف السائدة؟”
نوصي للقراءة: بلقاس، الزقازيق، جرجا، إمبابة: الموت كأعراض جانبية للاحتجاز في أقسام الشرطة
نمط متجدد من ملاحقة صناع محتوى “تيك توك”
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في بيان صحفي، إن الحملة الأمنية الأخيرة ضد صانعي وصانعات المحتوى على منصة “تيك توك” تمثل ذروة لمسار طويل من القمع، بدأ قبل أكثر من خمس سنوات. ووصفت هذا المسار بأنه يعكس عداءً متأصلًا من الدولة وأجهزتها الأمنية والقانونية تجاه هذا النوع من التعبير، مستندًا إلى معايير طبقية وجندرية وأخلاقية لا يستند معظمها إلى تعريفات قانونية واضحة.
وسرد البيان بداية هذا المسار في أبريل 2020، حين ألقي القبض على حنين حسام، إحدى أبرز مستخدمات “تيك توك” آنذاك، بعد اتهامها بالانتماء إلى “عصابة دولية للاتجار بالبشر”. اعتُبرت تلك الواقعة — بحسب البيان — نقطة انطلاق لحملة متواصلة ضد المحتوى الرقمي والتعبير الشخصي، جرى فيها استخدام المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (رقم 175 لسنة 2018) لتوجيه اتهامات واسعة مثل “خدش الحياء العام” و”انتهاك القيم الأسرية”. ووصفت المبادرة هذه المادة بأنها تحولت إلى أداة رئيسية لتجريم حرية التعبير في مصر.
وأشار البيان إلى استمرار استخدام شعار “خليها تنضف”، الذي أُطلق مع بداية هذه الحملات عام 2020، في الترويج لموجات من الاعتقالات الجماعية، غالبًا ما تكون مدفوعة بحالات من “الذعر الأخلاقي”، تارة بدعوى الاتجار بالبشر، وتارة أخرى استنادًا إلى مزاعم عن تجارة الأعضاء، دون تحقيقات علنية أو أدلة منشورة.
وبحسب توثيق المبادرة، طالت هذه الحملة ما لا يقل عن 151 شخصًا في 109 قضايا مختلفة، وهي القضايا التي قدّمت المبادرة دعمًا قانونيًا لبعضها أو اطلعت على أوراقها مباشرة، مع التنبيه إلى أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
وأضاف البيان أن نطاق الاستهداف اتسع تدريجيًا، من التركيز على الفتيات ومنتجات المحتوى على “تيك توك”، إلى ملاحقة أفراد عبّروا عن آراء دينية تختلف عن الخطاب الرسمي للمؤسسات الدينية، أو يُشتبه في ميولهم الجنسية، وصولًا إلى أطفال وأفراد وُجّهت إليهم اتهامات استنادًا إلى محتوى خاص لم يُنشر علنًا.
وأشارت المبادرة إلى أن تطبيق المادة 25 لم يعد مقتصرًا على فئات بعينها، بل أصبح يشمل مواطنين من مختلف الخلفيات، في سياق قانوني يجرّم التعبير دون معايير واضحة أو إثبات لوجود جريمة.
وحمّلت المبادرة جانبًا من المسؤولية إلى الخطاب الرسمي للنيابة العامة، الذي دعا منذ عام 2020 المواطنين عبر منشورات على “فيسبوك” إلى الإبلاغ عن “المحتوى غير المقبول”، ما أسهم — حسب البيان — في تكريس ثقافة الرقابة المجتمعية، وشجع أفرادًا، بينهم محامون، على تتبع المحتوى الرقمي وتقديم بلاغات ممنهجة ضده.
في حديثه إلى “زاوية ثالثة”، يرى المحامي الحقوقي حليم حنيش أن الحملة الأخيرة تعكس أزمة أعمق في العقلية الأمنية والسياسية للدولة، قائلًا: “من يعبّر عن رأيه في مظاهرة يُحبس، من يشتكي من الأسعار على تيك توك يُحبس، من يقدم محتوى لا يروق للسلطة يُحبس. وكأن الحل الوحيد المطروح هو القبضة الأمنية، حتى في المساحات التي يُفترض أنها تعبير عن الرأي، لا جريمة.”
ويشير حنيش إلى أن كثيرًا من المحتوى المُصنّف باعتباره “غير أخلاقي” أو “مسيئًا لصورة المجتمع” لا يرقى إلى مستوى الجريمة، ويمكن التعامل معه بوسائل أقل تطرفًا، مثل التنبيه أو حذف المحتوى أو التواصل مع المنصة، بدلًا من القفز مباشرة إلى اتهامات جنائية.
ويتابع: “التحفظ الثاني لديّ يتعلق بالبلاغات التي يقدمها بعض المحامين. فالمفترض أن المحامي حارس للحقوق والحريات، لا أداة تحريض ضد أفراد بسبب محتوى ترفيهي أو تعبيري لا يحمل طابعًا إجراميًا.”
ويضيف أن غياب معيار قانوني واضح لمفهوم “الحياء” أو “القيم الأسرية” يؤدي إلى تباينات اجتماعية حادة، إذ قد يُعد المحتوى مسيئًا في مدينة بينما لا يُعد كذلك في أخرى، ما يعكس هشاشة الأساس القانوني لهذه الاتهامات.
ويختم حنيش تصريحه بالإشارة إلى أن حملات التحريض والبلاغات لا تجري في فراغ، بل غالبًا ما تنسقها المجموعات نفسها التي تهاجم اللاجئين والمعارضين السياسيين وتروج للخطاب الطائفي، مضيفًا: “المقلق هذه المرة هو انضمام بعض من يعرّفون أنفسهم كحقوقيين إلى هذه الحملات. فإذا كانت الحقوقية تعني الدفاع عن حرية التعبير، فكيف يتحول هؤلاء إلى أدوات للضغط الأخلاقي والقانوني على مواطنين لمجرد أن ما يقولونه لا ينسجم مع آرائهم؟ إنها مفارقة خطيرة.”
نوصي للقراءة: نساء في سجون مصر.. أجساد بلا حقوق
حملة يقودها محامين الحُسبة
شارك في الحملة الأخيرة التي أُطلق عليها اسم “التطهير” عدد من المحامين، الذين لعبوا دورًا بارزًا في تصعيد الحملة ضد صانعي وصانعات المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال شن هجوم موسع عبر المنصات الرقمية، وتقديم بلاغات رسمية إلى جهات التحقيق تطالب بالقبض على عليهم/ن ومحاسبتهم/ن بدعوى “الإساءة للقيم الأسرية” و”نشر محتوى خادش للحياء”.
ضمن قائمة المحامين المشاركين في حملة البلاغات الأخيرة ضد صناع وصانعات المحتوى، برز اسم أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين. وقد عُرف مهران بمواقفه المثيرة للجدل، سواء داخل ساحات المحاكم أو عبر ظهوره الإعلامي، حيث سبق له الدفاع عن محمد عادل، قاتل الطالبة نيرة أشرف، في قضية أثارت غضبًا واسعًا عام 2022. وكان مهران قد دعا لجمع تبرعات لدفع دية نيرة أشرف، في محاولة لإنقاذ القاتل محمد عادل من حكم الإعدام، وهي الخطوة التي أثارت انتقادات حادة من قبل الرأي العام.
ولم يكن ذلك الجدل الأول الذي أثاره مهران؛ ففي عام 2021، دعا إلى ما عُرف إعلاميًا بـ”زواج البار تايم”، وهو شكل من أشكال الزواج الجزئي المؤقت، ما دفع دار الإفتاء المصرية إلى رفضه بشكل قاطع، واعتباره “زعزعة للقيم وتسويقًا للشهرة تحت ستار مصطلحات حداثية فارغة”.
وقدم مهران نفسه خلال السنوات الماضية، كمدافع عن “القيم المجتمعية” و”هوية الأسرة المصرية”، من خلال بلاغات متكررة ضد من يرى أنهم يهددون “الأمن الأخلاقي” في البلاد.
ومن المحامي أحمد مهران إلى المستشار أشرف فرحات، المحامي بالنقض، الذي برز أيضًا أبرز الوجوه القانونية المرتبطة بالملاحقات القضائية التي طالت صناع وصانعات المحتوى في مصر، إذ كان من أوائل من تقدموا ببلاغات رسمية ضد عدد من “مشاهير تيك توك” في إطار حملة أطلق عليها اسم “تطهير المجتمع”. وقد شارك بشكل كبير في الحملة الأخيرة على صناع وصانعات المحتوى على التيك توك.
تمحورت بداية بلاغات فرحات حول قضايا ذات طابع سياسي وأمني، كدعوى حظر حركة 6 أبريل وتصنيفها كـ”كيان إرهابي”، ودعوى حظر روابط الألتراس، بالإضافة إلى بلاغات ضد شخصيات عامة مثل حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، إلا أن مساره لاحقًا تحول إلى ملاحقة فنية وأخلاقية، شملت فنانين ومؤثرين على السوشيال ميديا، بتهم تتعلق بـ”الفعل الفاضح” أو “خدش الحياء العام”. إذ قدم بلاغات متعددة طالت شخصيات معروفة، من بينها الفنانة رانيا يوسف بسبب فستان ارتدته في مهرجان القاهرة السينمائي، والمطرب أحمد سعد بعد فيديو انتقد فيه الأوضاع الاقتصادية، إلى جانب سلسلة من البلاغات ضد “فتيات تيك توك”، مثل حنين حسام ومودة الأدهم، اتهمهن فيها بـ”هدم قيم المجتمع” و”نشر الفجور”.
من جهتها، وصفت عزيزة الطويل، المحامية الحقوقية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ما يُعرف بـ”حملة التطهير” التي يقودها بعض المحامين عبر تقديم بلاغات جماعية ضد صانعي وصانعات المحتوى، بأنها “أمر مؤسف ومخجل في آنٍ معًا”.
وأضافت الطويل في حديثها لـ زاوية ثالثة:”من المؤلم أن يتحول بعض المحامين، المفترض أنهم حماة الحريات، إلى أدوات لتقييدها، تحت عناوين فضفاضة مثل “الحفاظ على الأخلاق” أو “حماية الأسرة”. المحامي دوره الأساسي هو حماية الحقوق، لا ملاحقة الأفراد بسبب اختياراتهم في التعبير.”
وتابعت الطويل: “المزعج أكثر، أن هذا التضييق لم يعد يأتي فقط من أجهزة الدولة، بل أصبح مدعومًا بموجة من الغضب المجتمعي، تطالب بـ”تطهير” المجتمع و”نبذ” فئات منه، تحت شعارات تدّعي الحفاظ على القيم. هذه اللغة، المليئة بالعبارات البراقة حول الأخلاق والنقاء، تُذكّرنا بمحاكم التفتيش في العصور الوسطى، أكثر مما تعبر عن دولة قانون حديثة.”
واعتبرت الطويل أن ما يجري يُشكل “تهديدًا مضاعفًا: قانونيًا واجتماعيًا”، محذّرة من أن “استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى نموذج عدالة انتقائية، يُستخدم فيه القانون كأداة للعقاب السياسي والأخلاقي، بدلًا من أن يكون وسيلة لحماية الحقوق وضمان العدالة”.
في السياق، قالت مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، في بيان صادر عنها، إن تساهل السلطات المصرية مع قضايا الحسبة تارة، واستخدامها كأداة تارة أخرى، أدى إلى تحويلها إلى “سيفٍ مُسلَّط على رقاب أصحاب الرأي وصناع المحتوى والمبدعين”، واستخدامها كوسيلة لترهيبهم وملاحقتهم، في مناخ تُستغل فيه القوانين كغطاء لتكميم الأفواه.
وأضاف البيان أن ما يزيد من خطورة هذا المشهد هو ما وصفه بـ”تحوّل الحسبة إلى مهنة لمن يبحثون عن الشهرة”، حيث “تفرّغ بعض المحامين لتتبّع المحتوى المنشور عبر الإنترنت، وتقديم البلاغات بالجملة، تحت شعارات أخلاقية، متقمصين دور أوصياء على المجتمع المصري، يحددون له ما يجوز وما لا يجوز مشاهدته أو تداوله”.
وتابع البيان:”بدلًا من الامتناع ببساطة عن مشاهدة المحتوى الذي لا يناسبهم، يلجأ هؤلاء إلى توظيف أدوات قانونية لقمع حرية التعبير والإبداع، في سلوك لا يليق بمجتمع ديمقراطي أو دولة تحترم التعددية.”
في المقابل علّقت المحامية الحقوقية هالة دومة، على موجة البلاغات والاتهامات الموجهة لصانعي وصانعات المحتوى في مصر، قائلة لـ زاوية ثالثة: “من حيث المبدأ القانوني، من حق أي شخص أن يتقدم ببلاغ ضد آخر، وعلى أجهزة الأمن جمع الاستدلالات، ثم عرضها على النيابة العامة، التي تقرر ما إذا كان هناك ما يستوجب اتخاذ إجراءات قانونية، مثل إصدار إذن بالضبط والإحضار، أو حفظ البلاغ.”
وأضافت دومة أن القضايا الأخيرة، المتعلقة بالحملة على صانعي المحتوى على المنصات الرقمية، لا تزال يكتنفها كثير من الغموض، موضحة:”حتى الآن، تفتقر المعلومات المتاحة — سواء من بيانات وزارة الداخلية أو التغطيات الإعلامية — إلى ما يكفي لإبداء رأي قانوني متكامل حول ملابسات الاتهامات. لا نعرف بشكل دقيق ماهية الأدلة المقدمة، ولا إن كانت أركان الجريمة مكتملة قانونيًا في الوقائع المنسوبة للمتهمين.”
وشددت دومة على خطورة ما يجري على منصات التواصل الاجتماعي، بقولها: “المؤسف أن كثيرًا من المتفاعلين ينتهكون مبدأ قرينة البراءة، وهو مبدأ راسخ في القانون، عبر ممارسات قد تندرج قانونًا تحت بند التحريض، أو السب والقذف، بحق متهمين لم تصدر بحقهم أحكام قضائية نهائية بعد. بل إن بعض المنشورات تتضمن نشر صور ومزاعم غير مثبتة، أو دعوات لإيذاء المتهمين داخل محبسهم، وهو أمر لا يهدد فقط حقوق المتهمين، بل يؤثر سلبًا على نزاهة العدالة.”
في المقابل، أعلن النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، في تصريح صحفي، أن اللجنة عقدت قبل انتهاء دور الانعقاد البرلماني الأخير عدة اجتماعات مع ممثلين عن منصة “تيك توك” في مصر، بهدف “تحسين المحتوى المنشور”، مؤكدًا في الوقت ذاته دعم الدولة للاستثمار في قطاع التكنولوجيا، لكنه لوّح بإمكانية حجب المنصة، وتطبيق قانون “جرائم تقنية المعلومات” عليها إذا لم يحدث ما وصفه بـ”تحسّن ملحوظ”. وذلك وفقًا للمادة 7 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتي تعطي الحق لجهة التحقيق المختصة، أن تأمر بحجب المواقع التي تضع أى عبارات أو صور أو أفلام أو ما فى حكمها مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومى أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر.
وبحسب المبادرة المصرية، فإن تصريحات بدوي أعادت إلى الأذهان ما جرى في عام 2020، حين عُقدت اجتماعات بين مسؤولين مصريين وممثلي شركة “بيجو” المالكة لتطبيق “لايكي”، بحضور السفير الصيني في القاهرة، وذلك بالتزامن مع حملة توقيف واسعة استهدفت صانعات محتوى على تلك المنصة.