نساء الشعراوي ..جسد من أجل الجنس

448


اقتربت زيارة الشهر الكريم، حاملًا معه طقوسه اليوميَّة، كشراء الفوانيس والياميش الرمضاني، وتعليق الزينة، وتجمُّع الأصدقاء والعائلات حتَّى وقت مُتأخِّر من الليل، ومع هذه الطقوس نجد أنفسنا أمام طقسًا خر لم ينتهِ بعد رُغم رحيل صاحبه منذ واحد وعشرين عامًا، فهو لا يزال حاضرًا في كُل منزل بقوَّة، خاصَّة أيام الجُمعَة مِن كُل اسبوع، أو طوال شهر رمضان قبيل موعد الإفطار بثلاثين دقيقة. ويحل اليوم مع اقتراب موعد هذا الطقس ذكرى مولد رائده، إمام الدعاة الشيخ (الشعراوي).  

انطلق الشعراي وعلا نجمَه في السماء، وكانت شُهرَته بشكل رئيسي نِتاِج التزواج بين نظام السادات مع الحركات الإسلاميَّة التي سعى لإعادة بناءها، وانطلق السادات معهم من أجل سحق التيار اليساري، وانطلق على الجانب الآخر الشعراي في كُل مِنزل يسحق المرأة حتى أصبحت بلا قيِمة في عقول أنصاره. 

اخزل الشيخ – الذي لم يرحل – أخلاق المرأة في ملابسها، قائلًا أن المرأة يجب أن تكون مستورة حتى لا يَشُك الزوج في ابناءه منها، وبالتالي إذا لم تَكُن كذلك فمن الطبيعي أن يكونوا موضع شَك، وأن ابناءها من المُحتَمَل ألا يكونوا من زوجها. بتعبير آخر يتهم الشيخ المؤمِن النِساء اللاتي اخترن ملابسهن بطريقة مُعيَّنة بعيدًا عن "الزي الإسلامي" – المُختلف شكله من تيَّار إسلامي إلى آخر – بتعدد علاقتهن بالرجال او بالزِنا، فتجد النساء أنفُسَهُن أمام تطاول واضح وصريح على أخلاقهن وحياتهن الخاصَّة وأمام صرا مرير مع مُجتَمعها الخاص والعام وتصير ضحيَّة آراء مسمومة مُغلَّفة بالدين الإسلامي. 

وأشارت أصابعه لإتهام المرأة في قضايا مُتعدِّدَة، كقضيَّة خروج المرأة إلى العمل، وأرجع علَّة خروجها مِن المنزل ألَّا يكون لها عائل، وأن الضرورة التي تقتضي خروجها مُتعلِّقَة بموتها إن لم تفعلها، وضرب أكبر مِثال على ذلك حينما كان مقيم بالسعوديَّة وتفاجئ برجل من المُفترض أنه من علية القوم حينها يأخذ قفصًا من العجين أمام منزل احدى السيدات ليذهب به إلى الفُرن ويعود به مرَّة أُخرى تاركًا إياه أمام نفس باب المنزل، فتعجَّب من الموقف وسأله عن سبب ذلك، فأجابه أن ترك المرأة لذل القفص خارج المنزل يعني أنه لا يوجد رجل به وهي في حاجة للمُساعدَة وواجب على أي رجل يمُر ويرى ذلك أن يُساعدها مثلما فعل، ليُعبِّر المحيطين بالشيخ عن مَدى إعجابهم بمروءة ذلك الرجل، وجمال تلك الثقافة التي تدُفِن النساء جميعًا. ثم يعود ويختزل خروج المرأة للعمل، بأنها ستخرج وتجلس بالكافيتريا و"نحط ايدينا في ايد بعض". فالشيخ المؤمِن بالله المؤمِن بفساد النساء يتناسى الاسباب الاجتماعيَّة والاقتصادية وراء خروج المرأة إلى العمل، وأن خروجها من المنزل بالضرورة يعني أنها ستُقابل رجلًا ما تتلامس معه جسديًا، وكان الله عليمًا بما يدور من سيناريو في عقل الشيخ حينها. 

"أن تكوني زوجة ثانية/ثالثة/رابعة خير من ألَّا تكوني زوجَة" كان الشيخ الجليل من أكبر المروجين لمبدأ تعدد الزوجات، ونفى تُهمة أن يكون الدين ضد المرأة، أو أن الرجل ضد المرأة، بل المرأة هي ضد المرأة، لماذا؟ لأنها تكره التعدُّد ولا تتقبله، بل وامتدد قوله إلى تحريم إبداء المُتزوِّجة لرأيها إذا تجرَّأ زوجها ليتزوج من أُخرَى لأنه من الطبيعي أنها ستكره وجود شريكة أُخرَى في زوجها. فأي مُجتمَع كان يسعى الشيخ بالمُساهمة في بناءه يقوم على الكذب، وتجاهل طرفًا في الحياة الزوجيَّة، ويقوم على تدمير الأُسَر معنويًا في المقام الأول؟ 

كُلَّما تحدَّثنا ورفضنا التعدد قي لنا أنه تكريم للنساء، فنتسائل وما هو شكل التكريم يا شيخنا الجليل؟ فيقول أ إباحة تعدد الزوجات بالنسبة للرجال يعود إلى أنه ستتم "مُعاشرة "النِساء" من نفس الرجل، وبالتالي لن تُنتَقل الأمراض الجنسيَّة، أما إذا تعدد الأزواج للمرأة، فذلك سيُساهم في نقل الأمراض الجنسيَّة بينهم، تغافل الشيخ التاريخ، والثقافة السائدِة في عصور من المفترض أنها وَلَت فيما يخص تعدد النساء بالنسبة للرجل، وتجاهل المرأة كإنسانة، وتعامل فقط مع عضوها، ومَدى صلاحيته واستعداده لإستقبال سائل الرجل، والحد الأقصى من الأعداد التي يستطيع استقبالها، وأنها مُجرَّد أرض صالحَة للتخصيب بواسطة الكر الواحد. 

"المرأة الكريمة في نفسها لا تُحب أن يتعدد عليها الرجال، ولن تكريمها وتعزيزها يكون بتعدد النساء على الرجل الواحد" هكذَّا هي مُحاولات أقناعه بتعدد الزوجات، ولكن تلك النظرة في الواقع هي امتهان للنساء والرجال سويًا. 

ونظرا للأهمية التي يحتلها عضو المرأة في نظر الشيخ، دعا إلى تشويه الأعضاء التناسلية للنساء مثلما فعل شيوخ عصره ومن قبلهم، ولكن تحت مُسمّى (الخفاض) وليس (الختان)، رافعين لواء تكريم المرأة. فالشيخ - وليس الطبيب - المؤمن رجحت كفة ميزانه نحو قطع جزء من عضو المرأة، حتى لا تُشبَع جنسيًا من علاقتها بزوجها، فإذا بقى هذا الجزء اتعبت رجلا، واتعبت نفسها لأنها ستكون (مستثارة) طوال الوقت. آراء تُعبر عن سطحية صاحبها جهله الشديد - مثل الكثيرين - بجسد المرأة وكيفية عمله، والنتائج المترتبة على الإخلال بأي جزء فيه، ولكن ما يهم، ان نُحطِّم المرأة معنويا، وماديًا ونحرمها من أبسط حقوقها في استمتاعها بالعلاقة التى كفلتها الأديان ورضى عنها المجتمع.

حينما سألته المذيعة في إحدى اللقاءات تطرَّق إلى ضرب الزوج لزوجته وأكَّاد أنه ليس أحن من الله على المرأة، وأن ذلك أمر من الله، ولكن اذا فعلها الزوج يجب أن يكون الضرب بحدود دون أن يُحدِث تشويه، وعاد مرَّة أُخرَّى موجِّهًا رسالته للنساء آمرهن بالسكوت إذا سبَّها أو ضربها الزوج لأنه الوحيد الذي اتطلَّع على عورتها، فبالتالي يحق له أن يفعل ما يشاء ولا يحق لها الشكوى.

هكذا تعالى صوت الشيخ المؤمِن على المنابر، وفي المنازل وانطلق مُكبِّلًا للمرأة في كل صوب، مُحقِّرًا من حقوقهن، مُنتزعًا وجودها كإنسانة تتساوى مع الرجل، مُختزلًا أيَّاها في جسد خُلِق من أجل مُتعَة الرجل، وغوايته، جسدًا يُخصَّب من أجل التكاثر، مُقنِّنًا لكل أشكال العُنف ضد المرأة مخاطبا اياها بعبارة أخرى قائلا: نعم، بتشويهك، وتحطيمك، وتكبيل بقاياكي لأننا نُكرم المرأة.

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك