صباح ومسا

367

تخطو ببطء شديد وتتأكد أن الجميع نيام، تحاول جاهدة أن توقف نبضات قلبها المتسارعة، لكن المحاولات تبوء بالفشل،  تفتح باب الشقة بعناية شديدة وتغلقه ثانية بعد أن تدلف منه، تهرول حتى باب العمارة وتتنفس الصعداء بعدما تخرج من الشارع الذي تقطن به. 


تنتبه أن النور لم يشق السماء بعد، تمشي في طريقها غير عابئة بعم منادي الذي يعد تحويجته المخصوصة التي تجلب الأنوف صوب قدرته، تتحاشى نظراته اللائمة، وتفكر في قرارة نفسها فيما يقوله عنها، ثم لا تبالي. 


على بعد شارعين من مقصدها، تمد الخطاوي، تتسع حدقتاها  بعدما تتلاقى أعينها بذلك النهر الذي يمثل لها نبع الحرية، تدنو منه وقد أسدلت أشعة الشمس خطوطها الأولى عليه، فبدأ يتلألأ أمامها وكأنه الوحيد الذي يرحب بها على وجه الكره الأرضية. 


خلعت غطاء رأسها وتركت شعرها الغجري المجدول يداعبه الهواء البكر، وضعت سماعة اتليفون في أذنها وتركت صوت فيروز ينقي مسامعها من السباب والعويل: "صباح ومى، شي ما بيتنسى.. تركت الحب أخدت الأسى". 


انسابت دموعها على وجنتيها واستشعرت ذلك الأسى، وبينما هي غارقة في أشجانها تذكرت أنها نسيت إحضار المفاتيح، تسارعت نبضاتها ثانية من الخوف الذي تحيا به، هل سيصدق أحد أنها ذهبت خلسة في موعد مع الحياة، موعد مع ذلك االمتدفق الذي يشعرها بالتقبل، هل سيصدق أحد أنها على هذا العهد منذ زمن؟ 


تعيش بحضرة الجمال على أرض الذهب، أسوان التي يأتي الناس من مختلف بقاع العالم،  ليأنسوا بالبيعة الآسرة وهي ابنة البلدة محبوسة بين جدران المنزل، محرومة من الحياة ابة الثامنة عشر التي تخطت بهمومها الخمسين،  إهانة وسب وأحيانا ضرب من الأخ عائلها بعد وفاة والدها، يؤمن بمقولة اكسر للبنت ضلع يطلع لها 100 ضلع. 


هي واحدة من ضمن الكثيرات  اللاتي يتعرضن لعنف أسري، طبقًا لما أظهره مسح أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن حوالى 18% من النساء تعرضن لعنف من قبل أفراد العائلة!

تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك