عشريناتي عاق
زي اللي قبلي، حلمت اني اخلص ثانوية عامة وأدخل الكلية واقابل الواد الامور ونعمل مشروع والزهر يلعب ونتجوز ونجيب عيال والعيال تكبر وتكبر احلامي معاهم ونعيش في هدوء نفسي وبعدين نجوزهم ونموت أنا والراجل في سلام.. الحياة السهلة البسيطة دي.
بس حضرتك.. أنا خلصت الثانوية والكلية وبشتغل اهو ومفيش اي حاجة من اللي فوق دي حصلت، غير أنى بقيت مصنفة بـ"عشريناتي عاق" عشان بقول لأ كتير وعشان ما بقولش أمي برضو، وعشان مش عارفة أعمل أي حاجة ولا حتى أى إنجاز يذكر و لا أمشي أموري زي ما بيقولولي، وشكلى اضحك عليا وطلع عيني علي الفاضي، وللاسف جيل العشرينات كله اضحك عليه ضحكة رقيعة لامؤاخذة يعني.
ثواني بس! بلاش تنمية بشرية ونبي واسطوانة أنتم الأمل، لأننا مبقناش عارفين اية العمل والله خلاص، وكل واحد فينا بقي ماشي مضروب علي دماغة وعمال يجري يجري يلحق يلملم اي حاجة قبل ما يدخل الثلاثين المجيد، وبعد الثلاثين العمر بيجري هوبا.. اخواتنا اللي فيه ماكدين.
سمعتك على فكرة، بتقول هو انتي لسه شوفتي حاجه يا بتاعة العشرينات أنتي.. ما تعيشي حياتك! لا ياخويا شوفت كتير ويمكن اكتر من اللي شافة السيد الوالد، يابني كفايا اني عشت ثورتين.. متخيل، قولي اعيش حياتي ازاي بقي؟ هسمع نصحتك والله لا تقلق، بس قبل ما تقول المقولة الشهيرة (احنا احسن من غيرنا) تعال اقولك علي كم الضياع اللى أنا وجيل العشرينات فيه، عشان تديني نصيحة تمام في الجول.
بمناسبة الجول.. شفت دموع وقهر محمد صلاح قدام روسيا والسعودية؟ هو جيل العشرينات مقهور كدا، مقهور على نفسه وعلى حلمه اللى بيعافر عشان يوصله وفي الأخر اكتشف أنه مينفعش يحلم أصلا! ورغم النتيجة اللى وصل ليها قرر يجري ويكمل ومايبصش وراه ولا للى حواليه، فاتهم أنه جيل عاق!.. عشان مش مجاري الموحة.
ماقولتش علينا كده؟ عمتا كله متسجل بالصوت والصورة ولو التاريخ ما كتبش عن العشريناتي العاق احنا هنكتب، وربنا يخلي فكر تاني وكل المدونات ويبعد عننا الحجب.. ونبي ماتدخلني في السياسة وسبني احكي..
عارف لما بتلقي ناس شبهك، نفس تفكيرك، اسلوبك، مزيكتك، مبادئك، تفاهتك، حتى المواقف الصعبة والسهلة عشتوها شبه بعض، تحس أنها اتعشت كدا خلاص وجبرت الحياة بيهم.. الناس دي فجاءة مابقتش تشبهلك!.. فاهم حاجة؟، الاحساس دا صدمة خدها العشريناتي، صدمة تغيير المبادئ و أسلوب الحياة، صدمة الاس مابقتش هي، الهلاس بقي سياسي، السياسي راح للفن، اللي كان رافض الجواز اتجوز، واللى كان نفسه يشتغل ويعمر ساب البلد وهاجر، اللي بحجاب قلعته واللي مكنش فلاتي بقي جنرال، هما احرار ياسيدي والله وليهم ظروفهم، بس انا كا عشريناتي اتخضيت.. مبقتش عارفة هو انا صح ولا هما، للاسف ماحدش علمنا حاجة وسيبنا في الدنيا تعلم فينا وعلينا كدا.
يا اخي.. دا الواحد نفسه حد يعلمه حاجة مش عشان يتعلم أكثر من أنه يحس أن في حد علمه ولما يكبر يتفشخر بيه ويقول (فلان الفلانى علمنى كذا) بدل ما احنا رافعين شعار(احنا جيل محدش عليه لينا جميل).. بس علينا ديون "ايموشن بيلطم هنا ونبي".
اه ديون، أحسن تكون فاكر أن المرتب بيقضي مثلا!، يقضي إزاي لا بدفع 15 جنية مترو و8 جنيه أجرة ميكروباص رايح جاي.. يعني لو دلعت نفسي واشتريت ساندوتش لسد احتياجي الفسيولوجي يبقى 30 جنية في اليوم! بتعرف تحسب؟ 900 يامعلم المرتب بقي فيه كام 900؟، ولسه حضرتك ما دفعتش أى حاجة فى أى حاجة تاني أهو.. يعني و لا أكل وشرب ولا دكاترة ولا ايجار ولا هدوم ولا خروجه عدلة، حتي ولا جمعية للأيام السوداء اللى هنشوفها… شكلك كنت عارف أنه مش بيقضى بس عامل أنك مش عارف كعادتك!.
أه كعادتك.. الكلمة وجعتك أوي، يأخي دا أنا لما بكلمك عن مستقبلي اللى معرفوش بتسمعني كلام الإنجيل والقرآن وكام كلمة تنمية بشرية كدا.. هو صحيح إيه العلاقة؟، يعني لما أقولك أنا معملتش حاجة وخايفة للعمر يعدي وأنا مكاني تقولي :"سبيها على الله"، لما أقولك أنا غضبانة وهسيب حلمي وادور على شغلانة تانية تجيب فلوس تعيش تقولي :"اللى فيه الخير يعمله ربنا".. أنا مؤمنة والله وعارفة كل دا بس مش دا اللي محتاجة أسمعه!؟.. صحيح هتقولي إيه كنت نفعت نفسك مثلا!.
طبعا نزلت باسطوانة (مابتسمعوش كلام حد، مالكوش كبير، مابتشروش حد.. إلخ) معلش يعني اسمعلك ليه لما انتي شايفني طول الوقت"عاق، عاق عشان مابقولش نعم، عاق عشان قررت افكر واكتشف واتخيل،عاق عشان رافض أكون نسخة مكررة، عاق عشان بحاول أكون أنا، وبعدين ما احنا سبنا ليكم الدنيا خالص أهو وفي الأخر لبسنا الحمدالله ومحدش ناوي يخرج أصلا.
يمكن والله، يمكن المشكلة تكون فيا وفي جيل العشرينات العاق؟ أنه مش قادرة يقبل الخسارة، مش عارف يعيش متأقلم، مش لايق عليه قناع الرضا والستر، مش عارف يعيش زي ما كل الناس عايشة، مش عارف يكرر جملة :"بكرة تتعدل".. بس لو المشكلة حقيقي فينا حاولوا ماتكرروش اللي عملتوا معانا في الجيل اللي بعدنا.. بلاش تكسروا نفسهم، بلاش تضحكوا عليهم وتعشموهم، بلاش جو خليك جنب الحيط وإحنا غلابة، بلاش تقولوا ليهم ارضوا وعيشوا.
