في مصر..سلامة الأطفال في المجتمع مسؤولية من؟

219

صدقت مصر علي أتفاقية حقوق الطفل 20تشرين الثاني/نوفمبر 1989م، والتي دخلت حيز النفاذ 2أيلول/سبتمبر1990م، كما قننت أيضاً حقوق الطفل في قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996م، والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008م.

للوهلة الأولى؛ من خلال النصوص القانونية التي تتسق مع المبادئ الإنسانية، يبدو أكتراث الحكومات المصرية المتواترة برعاية حقوق الأطفال وإدراجها في قائمة الأولويات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الن، هل هذه النصوص يتم تفعيلها على أرض الواقع بصورة تحفظ حقوق هؤلاء الأطفال أم أن الأستخفاف بهذه الحقوق بالتذرع بأن الحكومات المصرية المتواترة يشغلها مايكفيها من مهام تمت بالأمن القومي تحول بينها وبين تفعيل هذه القوانين؛ فيتمخض على ذلك إحالة هذه النصوص القانونية من صورتها المنمقة إلي هباءاً منبثا؟ 

رغم مشاركة الكثير من المواطنين والمواطنات في أنتهاك هذه النصوص بصورة سافره، سواء أكانوا من طائفة المعلمين والمعلمات، أو كانوا من طائفة الآباء والأمهات، إلا أنه لا تثريب على الطائفتين السابقتين؛ لأن تورطهم في مثل هذه الأنتهاكات تارة يبررها عدم التأهيل الأكاديمي والعملي للطائفة الأولى المتمثلة في المعلمين والمعلمات للتعامل مع هؤلاء الأطفال؛ مما يترتب على ذلك تقويض دورالمنظومة التعليمية الرئيسى في إرساء قيم تربوية سديدة في ألباب وأفئدة هؤلاء الأطفال ودحض دورها التعليمي أيضاً، وتارة أخرى يبررها تردي الأوضاع الأقتصادية والتعامل القاصرعلى فرض قيم مجتمعية زائفة على كواهل هؤلاء الأطفال للطائفة الثانية المتمثلة في الآباء والأمهات؛ مما يسفرعلى ذلك  حرمان هؤلاء الأطفال من حقوقهم في التعليم والدفع بهم إلى سوق العمل، وهم في باكورة عمرهم، وغرس في نفوسهم معضلات نفسية لا سبيل لتضميدها سوى إعادة تأهيلهم من جديد.

مما لاشك فيه أن الحكومات المصرية المتواترة؛ هي التي تتحمل الجزء الأكبر ي المسؤولية التي تقع على المجتمع بأسره إزاء انتهاك حقوق هؤلاء الأطفال المنبثقة من المبادئ الأنسانية والدينية والقانونية؛ لأنه من المفترض أن المسؤول الأول على تفعيل هذه القوانيين وتطبيق الجزاء المقترن بها هي السلطة التنفيذية: 

فمن ناحية أولى لم تضطلع السلطات المركزية في الدولة عن ممارسة دورها في الرقابة والوصاية علي السلطات اللامركزية (المحلية ـ المرفقية) بصورة دقيقة؛ مما أدى إطلاق العنان للموظفين العموميين في الهيئات المرفقية (المدارس) إلي تجاوزات عاتية تتبلور في توجيه الإهانات البدنية التي تتمثل في الأعتداءات الجسدية أو الإهانات المعنوية التي تمثل في التثبيط والتوبيخ لأسباب لا تمت بالدورالتربوي والتعليمي تعصف بحق أساسى من حقوق هؤلاء الأطفال المتمثل في الحق في التعليم ، والمشار إليه في المادة 28 من أتفاقية حقوق الطفل، والإخلال بالدورالتربوي والتعليمي الذي يتجلى في تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلي أقصى إمكاناتها، والمشار إليه أيضاً في المادة 29 من أتفاقية حقوق الطفل (فها هو طفل لم يكمل عامه الرابع عشر لا يجيد القراءة والكتابة ولكنه يعمل في حرفه وعندما سألته عن المدرسة قال لي أنه غادر المدرسة ريثما يستري المعلمين منه لأنهم كانوا يوجهون له عبارات من قبيل أذهب لتعلم حرفه مكانك لس هنا أنت غبي ..وإلخ من عبارات الإهانة التي تمزق قلب أي طفل وتقتل أي رغبة ولو بسيطة في التعلم وتجعل المدرسة ألد أعدائه)، وأيضاً يتخلف دورالهيئات المحلية الرقابي علي سلوكيات الآباء في تعاملهم إزاء أبنائهم، فكثير من الآباء يسلب من أبنه حقه من التعليم  تعسفاً، وهو لم يتجاوز العقد الأول من عمره؛ بهدف الأستغلال الأقتصادي له، فلم تستطع المادة 32 من أتفاقية حقوق الطفل أن تحيطه بالحماية من هذا الأستغلال، كما أنصرف العاملون في الهيئات المحلية إلي التملق للعاملون في السلطات المركزية صاحبة الوصاية والرقابة عليهم، وللنائب البرلماني الذي يمثل الدائرة المعنية والذي يملك أختصاصات رقابية أيضاً عليهم، عن طريق إقامة الندوات الرائجة للأنجازات المزعومة علي أنقاض دورها الهام في الأضطلاع بالتوعية ومحاولة وضع القوانين التي تكفل الحماية اللازمة لهؤلاء الأطفال موضع النفاذ.

ومن ناحية ثانية أنصرفت الدولة السلطوية إلى مجابهة الحراك السياسي، مما تمخض على ذلك إغلاق الفضاء العام، لقناعاتها أن دور المجتمع المدني ينحصر في الحياة السياسية وليس له أدوار مجتمعية؛ فانكشف عن ذلك فراغ كان يشغله المجتمع المدنى بمؤسساته، مما أدى إلي أفتقاد دوره الهام في التوعية، ورصد الأنتهاكات التي يتعرض إليها هؤلاء الأطفال، ومحاولة تأهيلهم، بالإضافة إلي دوره الرقابي علي السلطات المركزية وما يندرج تحتها من سلطات لامركزية.

تسجيل الايميل

شارك وفكر عانا وابعت تدوينتك