لينا بن مهني.. المبتسمة دائمًا

267

قبل شهور من الآن انتقلت للمعيشة في تونس لفترة اعتبرتها قد تطول أو تقصر، قبل سفري مباشرة كنت أعد قائمة بأصدقائي الذين توجود بيني و بينهم علاقة صداقة بالأساس والأصدقاء الذي عرفتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكان من بينهم لينا بن مهني. لينا لم يجمعني بها أي حديث بشكل مباشر لكننا أصبحنا أصدقاء فيما لم تكن العلاقة تتجاوز متابعة أحوال الوضع والشأن التونسي وأخبار الحراك التوانسي. بعد عدة أيام جمعتني الصدفة بها فقمت بإلقاء التحية بشكل سريع و لفت انتبهي ضحكتها المستمرة التي لم تفارق وجهها طول الوقت.

لينا بن مهني لمن لا يعرفها  هي ناشطة تونسية مهتمة بأوضاع حقوق الإنسان و مدونة و أستاذة جامعية تونسية سابقًا عرفت بمعارضتها لسياسة حجب المواقع على شبكة الانترنت، زمن نظام الديكتاتور زين العابدين بن علي. تكتب لينا في مدونتها بنية تونسية ،التي تم حجبها عدة مرات قبل الثورة التونسية، وفي موقع الأصوات العالمية وقد ساهمت في التغطية الإعلامية عبر الإنترنت لثورة تونس ومن خلال إرسال فيديوهات الاحتجاجات الشعبية للعديد من المنصات الإعلامية.

في عام 2011 تم ترشحيها لنيل جائرة نوب هي والناشطة المصرية إسراء عبد الفتاح والناشط وائل غنيم وقد حازت لينا على عدة جوائز أخرى منها جائزة شون ماك برايد، المكتب الدولي للسلام والعديد من الجوائز الأخرى. 

كان للينا عده مبادرات منها إدخال الكتب إلى السجون التونسية بعد الثورة باعتبار أن القراءة من أهم الأشياء وباعتبار أن والدها سجين سابق ويعلم أهمية إدخال الكتب وأهمية الكتب بالنسبة للمسجونين.

 في أغسطس 2017 تحدثت لينا في تدوينة عبر حسابها على فيس بوك عن مرضها وكيف بدأت رحلة مرضها وكيف ساعدها والدها على تخطيه والتعايش معه وفي نفس التدوينة لم تنس لينا المرضى الآخرن ومعاناتهم اليومية مع المستشفيات الحكومية بتونس وكيف أن الخطاب الرسمي التونسي عن الأوضاع الصحية في البلاد مختلف تماما عن الواقع.

منذ  أيام قليلة كنت سعيدا  بمصاحبة لينا لزيارتها لمستشفى شارل نيكول في أحد زيارات علاجها. كانت لينا قد وصلت قبلي بدقائق قليلة فانتظرتني حتى لا أتوه داخل المستشفى بضحكة عريضة لم تتغير حني في ذلك المكان الذي يكرهه الجميع، المكان الذي دائما ما نسمع فيه أوجاع و معاناة الناس سواء مع المرض أو مع نقص الإمكانيات.

في ذلك  اليوم كنت أرقب لينا وكيفية تعاملها في المستشفى، فكل شخص يقابل لينا تبتسم له وضحك وتتحدث معه دون أي امتعاض  حتى عندما كانت تختبر وزنها لمعرفة هل نقص بسب المرض  كانت مبتسمة! عند دخولها لجلسة العلاج سألتني إحدى العاملات بالمستشفى هل أنت صديق لينا فأجبت بنعم فدعت لها بالشفاء و قالت إن ضحكتها جميلة و لا تفارق وجهها.

في كل المواقف التي جمعتني بصديقتي لينا كانت مبتسمة قوية. وأنا أكتب هذا المقال لم أجد كلمات تعبر عن  لينا وقوتها، ولكنني تذكرت كلمات الشاعر محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، فلينا ليست ناشطة و مهتمة بالعمل العام فحسب لكنها ايضا إنسانة بكل ما في الكلمة من معنى، في مرضها تفكر في الآخرين الذين يعانون من قلة الأمكانيات في المستشفيات التونسية.

عزيزتي لينا، في ختام مقالتي أتمنى أن تظلي كما أنت مهما كانت الظروف، مبتسمة قوية،  وتذكري دائما قول رضوى عاشور في كتابها أثقل من رضوى: “هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا ..”.

على هذه الأرض من يستحق الحياة ، لينا بن مهني وكل من حملوا هموم الناس وكانوا دائما مدافعين عنهم.


تسجيل الايميل

شارك وفكر معانا وابعت تدوينتك